الإمام الباقر (ع).. التّراث الغنيّ الواسع

الإمام الباقر (ع).. التّراث الغنيّ الواسع

نلتقي بذكرى مولد الإمام محمد بن علي الباقر (ع)، ونحن عندما نلتقي أيّ إمام من أئمّة أهل البيت(ع) في التاريخ، فإننا نلتقي بالفكر الذي يريد أن يشيع السّلام في العالم من خلال الإسلام، وأن يحرِّك السلام في عقل الإنسان وفي روحه وفي حركته، من خلال علاقة الإنسان بالله فيما شرّع الله من شرائع، وفيما ركّز من قيم، وفيما أنزل من وحي، وفيما أطلق من مفاهيم، حتى يتحسّس الإنسان الحياة على أساس أنها ليست الحياة التي يتحرّك فيها الهوى، وتنطلق فيها نقاط الضّعف، ولكنّها الحياة التي يتحرّك فيها الخطّ الإسلامي في العقيدة والشّريعة والمنهج والحركة والمفاهيم.

وعندما نلتقي بالإمام محمّد الباقر (ع)، نطلّ على المرحلة الواسعة التي عاش فيها، فملأ الواقع الإسلامي في عقله بما أعطاه من ثمرات العقل، وفي روحه بما انفتح عليه من سموّ الروح، وفي حركته من خلال كلّ الخطوط التي تتحرّك بالإنسان نحو الحياة المثلى، وفي منهجه من خلال ما خطّط له من المناهج التي تتحرّك مع منهج الإسلام في كلّ مواقعه.

عندما ندرس هذا التراث الكبير الواسع الذي تركه الإمام الباقر (ع) وولده الإمام الصّادق (ع)، فإننا نجد أننا نلتقي بالآفاق الفلسفيّة في حركة العقيدة الإسلاميّة، ونلتقي بالآفاق الفقهيّة في كلّ ما انفتح عليه في الشّريعة الإسلاميّة، ونلتقي بالقيم الإسلاميّة المتحرّكة في السلوك وفي العلاقات وفي المواقف وفي الأوضاع الداخليّة التي يعيشها الإنسان مع ربّه ومع الإنسان الآخر.

إننا نستطيع من خلال هذه الثّروة، أن نرى في عقل هذا الإمام ثقافة واسعة منفتحة على الله من خلال الألطاف التي أغدقها الله عليه، ونرى فيه ثقافة واسعة منفتحة على كل الواقع الإسلامي في كلّ المشاكل التي أحاطت بالواقع، وفي كلّ التحدّيات التي قفزت لتطبق على الواقع الإسلامي.

لقد كانت كلمته متحرّكة في كلّ المجالات، ومن هنا، نأخذ الدّرس من حياة هؤلاء الأئمّة (ع)، أنهم كانوا يحدّقون بكلّ ما يحدث في واقع الإسلام والمسلمين من قضايا تتّصل بالسياسة وتتّصل بالثقافة وتتّصل بالاجتماع وتتّصل بحركة الإنسان في كلّ قضاياه الخاصّة والعامّة، لنعرف أنّ علينا أن نسير في هذا الخطّ، وأن لا نكون معزولين عن الواقع كلّه، فأن تكون الإنسان المسلم، يعني أن يكون همّك العقلي والعاطفي والروحي والحركي همّ الإسلام والمسلمين.

عن أبي عبدالله (ع) قال: "من لم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم"، هذه هي الملامح العامة لما نتمثّله من حياة هذا الإمام فيما نستنطقه من مفردات هذه الحياة.

ونريد أن ندخل في بعض التفاصيل، فلنستمع إليه وهو يتحدث في مواعظه، ويخطّط لمنهج إيمان المؤمن وإسلام المسلم، والعلاقات بين المسلمين مع بعضهم البعض. فنلتقي في البداية بالحديث الذي جرى بينه وبين "عمر بن عبد العزيز"، أحد الخلفاء الأمويّين، وكان الإمام فيه واعظاً وموجِّهاً.

فلنقرأ تاريخ هذه القصة، ينقل (الصدوق) في (الخصال) بسند مفصَّل في الحديث عن "هشام بن معاذ" قال: "كنت جالساً لعمر بن عبد العزيز، حيث دخل المدينة، فأمر مناديه فنادى: من كانت له مظلمة أو ظلامة فليأتِ الباب، فأتى محمد بن عليّ، يعني الباقر (ع)، فدخل إليه مولاه (مزاحم) فقال: إنّ محمد بن عليّ بالباب، فقال له: أدخله يا مزاحم، قال: فدخل، وعمر يمسح عينيه من الدموع، فقال له محمد بن عليّ (ع): ما أبكاك يا عمر؟ فقال: أبكاني كذا وكذا يابن رسول الله، فقال محمّد بن عليّ ـ وكأنه سمع منه أنّ ما أبكاه هو شأن من شؤون الدنيا التي تبعث الألم في النفس ـ يا عمر، إنما الدنيا ـ وهذا الحديث لنا أيضاً ـ سوق من الأسواق ـ ولكننا دخلنا هذه السوق كما ندخل السّوق العاديّة ـ منها خرج قوم بما ينفعهم، ومنها خرجوا بما يضرّهم ـ كمن يشتري الأشياء التي تتصل بها عاداته، ولكنها تضرّه في صحته أو التي تضرّه في عقله، كمن يدخل السوق ليشتري الخمر أو ما إلى ذلك ـ وكم من قوم قد غرّتهم ـ بمثل الذي أصبحنا فيه من الغفلة ـ حتى أتاهم الموت، فاستوعبوا فخرجوا من الدنيا ملومين، لما لم يأخذوا مما أحبوا من الآخرة عدّةً ولا مما كرهوا جُنةً ـ درعاً يقيهم من النار ـ قسّم ما جمعوا من لا يحمدهم ـ قد جمعوا المال وقسمه الورثة الذين لا يحمدونهم، لأنهم لم يتركوا لهم شيئاً كبيراً وما إلى ذلك ـ وصاروا إلى مَن لا يعذرهم ـ صاروا إلى الله الذي أقام عليهم الحجّة وكانت له الحجّة عليهم ـ فنحن والله محقوقون ـ يعني أنّ الحقّ علينا ـ أن ننظر إلى تلك الأعمال التي كنا نغبطهم بها فنوافقهم فيها ـ أي عندما يموتون ويذهبون، فعلينا أن ندرس واقعهم، فنوافقهم في الصالحات من الأعمال ـ وننظر إلى تلك الأعمال التي كنا نتخوَّف عليهم منها فنكفّ عنها".

*من كتاب النّدوة / ج 4.

نلتقي بذكرى مولد الإمام محمد بن علي الباقر (ع)، ونحن عندما نلتقي أيّ إمام من أئمّة أهل البيت(ع) في التاريخ، فإننا نلتقي بالفكر الذي يريد أن يشيع السّلام في العالم من خلال الإسلام، وأن يحرِّك السلام في عقل الإنسان وفي روحه وفي حركته، من خلال علاقة الإنسان بالله فيما شرّع الله من شرائع، وفيما ركّز من قيم، وفيما أنزل من وحي، وفيما أطلق من مفاهيم، حتى يتحسّس الإنسان الحياة على أساس أنها ليست الحياة التي يتحرّك فيها الهوى، وتنطلق فيها نقاط الضّعف، ولكنّها الحياة التي يتحرّك فيها الخطّ الإسلامي في العقيدة والشّريعة والمنهج والحركة والمفاهيم.

وعندما نلتقي بالإمام محمّد الباقر (ع)، نطلّ على المرحلة الواسعة التي عاش فيها، فملأ الواقع الإسلامي في عقله بما أعطاه من ثمرات العقل، وفي روحه بما انفتح عليه من سموّ الروح، وفي حركته من خلال كلّ الخطوط التي تتحرّك بالإنسان نحو الحياة المثلى، وفي منهجه من خلال ما خطّط له من المناهج التي تتحرّك مع منهج الإسلام في كلّ مواقعه.

عندما ندرس هذا التراث الكبير الواسع الذي تركه الإمام الباقر (ع) وولده الإمام الصّادق (ع)، فإننا نجد أننا نلتقي بالآفاق الفلسفيّة في حركة العقيدة الإسلاميّة، ونلتقي بالآفاق الفقهيّة في كلّ ما انفتح عليه في الشّريعة الإسلاميّة، ونلتقي بالقيم الإسلاميّة المتحرّكة في السلوك وفي العلاقات وفي المواقف وفي الأوضاع الداخليّة التي يعيشها الإنسان مع ربّه ومع الإنسان الآخر.

إننا نستطيع من خلال هذه الثّروة، أن نرى في عقل هذا الإمام ثقافة واسعة منفتحة على الله من خلال الألطاف التي أغدقها الله عليه، ونرى فيه ثقافة واسعة منفتحة على كل الواقع الإسلامي في كلّ المشاكل التي أحاطت بالواقع، وفي كلّ التحدّيات التي قفزت لتطبق على الواقع الإسلامي.

لقد كانت كلمته متحرّكة في كلّ المجالات، ومن هنا، نأخذ الدّرس من حياة هؤلاء الأئمّة (ع)، أنهم كانوا يحدّقون بكلّ ما يحدث في واقع الإسلام والمسلمين من قضايا تتّصل بالسياسة وتتّصل بالثقافة وتتّصل بالاجتماع وتتّصل بحركة الإنسان في كلّ قضاياه الخاصّة والعامّة، لنعرف أنّ علينا أن نسير في هذا الخطّ، وأن لا نكون معزولين عن الواقع كلّه، فأن تكون الإنسان المسلم، يعني أن يكون همّك العقلي والعاطفي والروحي والحركي همّ الإسلام والمسلمين.

عن أبي عبدالله (ع) قال: "من لم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم"، هذه هي الملامح العامة لما نتمثّله من حياة هذا الإمام فيما نستنطقه من مفردات هذه الحياة.

ونريد أن ندخل في بعض التفاصيل، فلنستمع إليه وهو يتحدث في مواعظه، ويخطّط لمنهج إيمان المؤمن وإسلام المسلم، والعلاقات بين المسلمين مع بعضهم البعض. فنلتقي في البداية بالحديث الذي جرى بينه وبين "عمر بن عبد العزيز"، أحد الخلفاء الأمويّين، وكان الإمام فيه واعظاً وموجِّهاً.

فلنقرأ تاريخ هذه القصة، ينقل (الصدوق) في (الخصال) بسند مفصَّل في الحديث عن "هشام بن معاذ" قال: "كنت جالساً لعمر بن عبد العزيز، حيث دخل المدينة، فأمر مناديه فنادى: من كانت له مظلمة أو ظلامة فليأتِ الباب، فأتى محمد بن عليّ، يعني الباقر (ع)، فدخل إليه مولاه (مزاحم) فقال: إنّ محمد بن عليّ بالباب، فقال له: أدخله يا مزاحم، قال: فدخل، وعمر يمسح عينيه من الدموع، فقال له محمد بن عليّ (ع): ما أبكاك يا عمر؟ فقال: أبكاني كذا وكذا يابن رسول الله، فقال محمّد بن عليّ ـ وكأنه سمع منه أنّ ما أبكاه هو شأن من شؤون الدنيا التي تبعث الألم في النفس ـ يا عمر، إنما الدنيا ـ وهذا الحديث لنا أيضاً ـ سوق من الأسواق ـ ولكننا دخلنا هذه السوق كما ندخل السّوق العاديّة ـ منها خرج قوم بما ينفعهم، ومنها خرجوا بما يضرّهم ـ كمن يشتري الأشياء التي تتصل بها عاداته، ولكنها تضرّه في صحته أو التي تضرّه في عقله، كمن يدخل السوق ليشتري الخمر أو ما إلى ذلك ـ وكم من قوم قد غرّتهم ـ بمثل الذي أصبحنا فيه من الغفلة ـ حتى أتاهم الموت، فاستوعبوا فخرجوا من الدنيا ملومين، لما لم يأخذوا مما أحبوا من الآخرة عدّةً ولا مما كرهوا جُنةً ـ درعاً يقيهم من النار ـ قسّم ما جمعوا من لا يحمدهم ـ قد جمعوا المال وقسمه الورثة الذين لا يحمدونهم، لأنهم لم يتركوا لهم شيئاً كبيراً وما إلى ذلك ـ وصاروا إلى مَن لا يعذرهم ـ صاروا إلى الله الذي أقام عليهم الحجّة وكانت له الحجّة عليهم ـ فنحن والله محقوقون ـ يعني أنّ الحقّ علينا ـ أن ننظر إلى تلك الأعمال التي كنا نغبطهم بها فنوافقهم فيها ـ أي عندما يموتون ويذهبون، فعلينا أن ندرس واقعهم، فنوافقهم في الصالحات من الأعمال ـ وننظر إلى تلك الأعمال التي كنا نتخوَّف عليهم منها فنكفّ عنها".

*من كتاب النّدوة / ج 4.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية