ألقى سماحة السيد جعفر فضل الله نيابة عن سماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله، الذي يتعافى من العملية الجراحية، خطبتي صلاة عيد الأضحى المبارك، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين.
تحدث سماحته عن معاني ودلالات عيد الأضحى، واعتبر أن هذا العيد هو عيد الإسلام.
ومما جاء في خطبته الثانية:
فوضى السّاحة الإسلاميّة
يطلّ علينا عيد الأضحى، والأمّة تعيش في وضعٍ صعبٍ ومعقّد، حيث تنتشر الفوضى والخلافات في العديد من ساحاتها، وتنطلق الأوضاع الأمنيّة من رحم الخلافات والمنازعات؛ من الصّومال واليمن، إلى الكوارث الإنسانيّة والسياسيّة والاقتصاديّة التي تسبّب بها الاحتلال في العراق وأفغانستان وفلسطين، إلى آلاف المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيليّ المجرم، فيما لا يحرّك العالم ساكناً إلا لأخبار جنديّ إسرائيليّ أسره المجاهدون في معركة الدفاع عن الأرض والكرامة والإنسان.
تثبيت الانقسام العربيّ!
ولعلّ من المفجع أن تتحوّل الانقسامات إلى قاعدةٍ ثابتةٍ في علاقة أطراف الأمّة بعضها ببعض، أو في رؤية الجماعات والأحزاب والدول لبعضها، حيث نستمع إلى مسؤولٍ هنا لا يرى كرامةً لبلده إلا في مواجهة البلد العربيّ والإسلاميّ الآخر، وإلى مسؤولٍ دينيّ هناك يدعو أصحابه إلى مواصلة الدعاء والقنوت لنصرة جماعته على جماعة إسلاميّةٍ أخرى، إلى ثالثٍ يتحدّث بلغة القداسة عن هذا القائد أو الزّعيم الدينيّ لينـزلة منـزلة الأنبياء، فيما يعمل العدوّ ـ من خلال خططٍ مدروسة ـ على تعميق الخلافات والمنازعات داخل الأمّة، في الوقت الّذي تنشغل الفضائيّات التي تحمل عناوين إسلاميّة وغير إسلاميّة، بإثارة الأحقاد بين فئات الأمّة، وتعميق الحساسيّات بين مذاهبها، غير ملتفتين إلى خطط المستكبر وأحابيل الاستعمار.
الالتزام الغربيّ المطلق بـ "إسرائيل"
وفي موازاة ذلك، نشهد في هذه الأيّام فصلاً جديداً من فصول الالتزام الأميركيّ والأوروبيّ بكيان العدوّ، واحتضانه إلى أبعد المستويات، فبدلاً من أن تقوم الإدارات الغربيّة بدعوة هذا الكيان إلى الالتزام بالقوانين والقرارات الدوليّة في وقف الاستيطان، وإنهاء الاحتلال، والامتناع عن القرصنة في البحار، رأينا الإدارة الأمريكيّة تسخّر له معظم منظومتها الحربيّة في مناوراتٍ مشتركةٍ مثّلت رسالةً عدوانيّةً كبرى إلى الأمّة كلّها، ورأينا الحلف الأطلسيّ يهرول إلى إدخال العدوّ في صلب حركته البحريّة بحجّة العمل على منع مرور الإرهابيّين وأسلحة الدّمار الشّامل وتحسين الملاحة في المنطقة، مع كون هذا العدوّ يمثّل النّموذج الإرهابيّ الأخطر في العالم، على مستوى البرّ والبحر والجوّ؛ فكأنّ هذه الإدارات الغربيّة تعمل لمكافأة المعتدي على عدوانه، وهي بذلك تشجّعه على المزيد من استباحة أمننا العربيّ والإسلاميّ في مواقع وأماكن جديدة.
تحذير الحلف الأطلسيّ
إنّنا نحذّر الحلف الأطلسيّ، الّذي فشل في أفغانستان والعراق، وجعل المنطقة هناك تتفجّر عنفاً وقتلاً وفوضى، من أنّ تكرار التجربة في البحر المتوسّط ومحيطه سيكون له آثاره المدمّرة، ليس على المنطقة فحسب، بل على مسيرة السّلم العالميّ، كما نحذّر هذا الحلف الذي بدأ يتحرّك عمليّاً ضدّ الإسلام منذ انهيار الاتحاد السوفياتيّ، من أنّ تنسيقه مع عدوّ الأمّة يجعله أكثر انكشافاً. وندعو الشّعوب العربيّة والإسلاميّة وحركات المقاومة والممانعة إلى الوحدة أكثر، ونبذ الخلافات المذهبيّة والطّائفيّة، والعمل لمواجهة التّحدّيات الصّهيونيّة والاستكباريّة المستهدِفة للأمّة كلّها.
التوحّد تحت عنوان الاستقلال
ونحن في الوقت عينه، ندعو اللّبنانيّين إلى الوحدة والتّماسك في مواجهة العدوّ الصّهيونيّ، الّذي عمل على استعراض عضلاته الجوّيّة إلى جانب تهديداته المتواصلة، وخصوصاً في ذكرى الاستقلال.
إنّنا نريد للجميع في لبنان أن يتوحّدوا تحت عنوان الاستقلال الحقيقيّ، لتنطلق الحكومة كوحدةٍ متكاملةٍ، تصنع للبلد توازنه الاقتصاديّ والسياسيّ، وقوّته الأمنيّة والعسكريّة في مواجهة العدوّ. |