أحكام الضمان

أحكام الضمان
وفيه مسائل:
ـ لا يجوز للودعي أن يتصرف في الوديعة بأي نحو من التصرف، ولو كان يسيراً أو غير متعارف، وذلك كأن يستخدم الكتاب للتهوية، أو يتسلى بالكتابة على صندوق الوديعة أو كيسها التابع لها، ونحو ذلك، ولا تكفي نية التصرّف والعزم عليه في تحقّق الإثم أو ثبوت الضمان، بل لا بد من فعليّة التصرّف ووقوعه؛ نعم إذا أذن له المودع بالتصرف فيها بنحو معين، أو مطلقاً، جاز له التصرّف بالنحو المأذون فيه، بل لا ينافي الوديعة ما لو أذن له بالتصرف المتلف لها مع ضمانها عليه عند استردادها مثلاً أو قيمةً.
ـ إذا جرى الودعـي ـ خـلال مـدة الإيـداع ـ على ما تقتضيه أحكام الوديعة في العناية بها وحفظها وعدم التصرف بها بغير ما هو مأذون فيه كانت يده عليها يد أمانة، فلا يضمن ما يقع عليها من تلف بآفة طبيعية، كالحرق والغرق ولدغ الأفعى والموت حتف الأنف، ونحو ذلك، كما لا يضمن إتلاف الغير لها بِعُدوانٍ متعمد أو بحادث غير مقصود، ففي الحالة الأولى لا ضمان على أحد، وفي الحالة الثانية يرجع المودع بضمانها على المتلف مباشرة، دون أن يكون له حق الرجوع أولاً على الودعي ثم الودعي يرجع على المتلف. فإن لم يَجْر الودعي على مقتضى أحكام الوديعة، فـ (فَرَّطَ) في حفظها والقيام بأمرها إحرازاً وعلاجاً وإنفاقاً بالنحو الذي مرَّ تفصيله كان ذلك منه (تفريطاً) موجباً لضمان تعيبها أو تلفها؛ كما أنه إذا لم يلتزم بما يقتضيه العقد من عدم التصرف فيها بأزيد مما يستلزمه حفظها، أو لم يلتزم بالحد الذي أذن به المالك من التصرفات، فتصرف بها بما يعدّ خيانة منه و(تعديـاً) على مـال الغيـر، وجب عليـه ـ أيضاً ـ ضمان تعيبها أو تلفها، وهذا هو معنى (التعدي) و(التفريط) المتداولين كثيراً في البحوث الفقهية؛ نعم إذا اقتصر الودعي في تصرفه غير المأذون فيه على ما لا يُعدّ خيانة للاستيداع عند العرف، كمثل ما لو كتب بيتاً من الشعر على كيس الوديعة، لم يكن ذلك موجباً لضمانه رغم كونه آثماً به. فإذا تعدى الودعي أو فرّط بالنحو المذكور صارت يده على الوديعة يد عدوان وغصب، فيضمن ما يحدث عليها من تلف بآفة طبيعية أو إتلاف الغير المتعمد ـ أو غير المتعمـد ـ لها، بحيث يرجع المودع عليه بمثله أو قيمته، رغم أن التلف قد حصل بحادث طبيعي أو بإتلاف غيره له، نعم يحق للودعي في صورة ما لو كان الإتلاف بفعل بشري أن يرجع على المتلف بعد أن يرجع المودع عليه. وكما يضمن تلف العين مع التعدي والتفريط ـ فإنه ـ أيضاً ـ يضمن أرش تعيبها إذا تعيبت بما دون التلف، وكذا جميع منافعها المفوَّتة ولو لم تكن مستوفاة، بل والفائتة إذا استوفاها. (أنظر في المراد بالمنافع المفوتة والفائتة، المسألة: 392).
هذا كله إذا كان الإتلاف بفعل غير الودعي، أما إذا كان المتلف هو الودعي، سواء في ذلك مع التعدي أو التفريط أو بدونهما، وسواء كان واعياً قاصداً أو غير واع ولا قاصد، وسواء كان مأذوناً في الإتلاف المضمون عليه أو غير مأذون، فإن على الودعي ـ حينئذ ـ ضمان ما أتلف، ولو تسبيباً. (أنظر حول ما ورد في هذه المسألة المزيد من التفاصيل في فصلي الغصب والضمان).
ـ لا يخفى أن موارد التفريط والتعدي كثيرة، كما لا يخلو تشخيصها من دقة رغم أن المرجع فيها هو العـرف، والأفضـل ـ لا سيمـا عند التنازع ـ إيكال الأمر إلى الحاكم الشرعي، وفيما يلي بعض ماله علاقة بذلك:
1 ـ
إذا نوى الودعي غَصْبَ ما تحت يده وقَصَد الاستيلاءَ عليه ومَنْعَهُ عن مالكه، صارت يده يد عدوان، وضمن العين ما دام على نيته، فإن عدل عنها وتاب عادت يده يد أمانة وارتفع عنه الضمان؛ نعم إذا كان غصبه لها مقترناً بجحوده لها وإنكار وجودها عنده ظلماً وبغياً لم يرتفع عنه الضمان إذا رجع عن جحوده وأقرَّ بها. وكذا لا يرتفع الضمان في ما لو طُلبَتْ منه فامتنع عن ردها ثم عاد عن امتناعه وبَذَلها.
2 ـ إذا كانت الوديعة أجزاءً مجتمعة، كالنقد والحَب ونحوهما، فإن كانت في وعاء واحد مختوم، كالكيس أو الصندوق، ففتحه وأخذ بعضه ضمن الجميع، بل إنه يضمن ما في الكيس بمجرد فتحه لغير ضرورة ولو لم يأخذ منه شيئاً، نعم، إذا كانت الأجزاء مجموعة في أكياس متعددة، فأخذ كيساً منها لم يضمن ما عداه من الأكياس الباقية. وأما إذا كانت في غير وعاء، أو في وعاء غير مختوم، فأخذ بعضها، فإن كان من قصده الإكتفاء به والاقتصار عليه ضمن ما أخذ دون الباقي، وإن كان من قصده أخذ الجميع شيئاً فشيئاً ضمن الجميع عند أخذه أول جزء منه.
3 ـ لا يُعدّ من التفريط تسليم الوديعة لمساعديه، كزوجته وولده وخادمه، ليحرزوها في غيبة منه عنهم، ما دام مطمئناً لأمانتهم في أمواله وأموال غيره، وما دام عمله مقبولاً عند العرف، وبخاصة لمن كان من أهل الجاه والشرف ممن يضطرون للاستعانة بغيرهم في الكثير من أعمالهم؛ فإن لم يكن الأمر كذلك، بحيث عُدّ تسليمها لهم تهاوناً منه في حفظها والعناية بها، ضمن تلفها. أما إذا كان ذلك في حضوره وإشرافه فلا شك في عدم كونه مفرطاً فيها ولا ضامناً لها.
ـ إذا فرّط أو تعدّى على الوديعة، ثم رجع عن تفريطه أو تعديه، ارتفع عنه الضمان، وذلك كما لو فتح كيس الوديعة المغلق أو صندوقها ثم أعاد إقفاله، أو لبس الثوب ثم نزعه وأعاده إلى حرزه، أو نحو ذلك من وجوه التعدي والتفريط.
وفيه مسائل:
ـ لا يجوز للودعي أن يتصرف في الوديعة بأي نحو من التصرف، ولو كان يسيراً أو غير متعارف، وذلك كأن يستخدم الكتاب للتهوية، أو يتسلى بالكتابة على صندوق الوديعة أو كيسها التابع لها، ونحو ذلك، ولا تكفي نية التصرّف والعزم عليه في تحقّق الإثم أو ثبوت الضمان، بل لا بد من فعليّة التصرّف ووقوعه؛ نعم إذا أذن له المودع بالتصرف فيها بنحو معين، أو مطلقاً، جاز له التصرّف بالنحو المأذون فيه، بل لا ينافي الوديعة ما لو أذن له بالتصرف المتلف لها مع ضمانها عليه عند استردادها مثلاً أو قيمةً.
ـ إذا جرى الودعـي ـ خـلال مـدة الإيـداع ـ على ما تقتضيه أحكام الوديعة في العناية بها وحفظها وعدم التصرف بها بغير ما هو مأذون فيه كانت يده عليها يد أمانة، فلا يضمن ما يقع عليها من تلف بآفة طبيعية، كالحرق والغرق ولدغ الأفعى والموت حتف الأنف، ونحو ذلك، كما لا يضمن إتلاف الغير لها بِعُدوانٍ متعمد أو بحادث غير مقصود، ففي الحالة الأولى لا ضمان على أحد، وفي الحالة الثانية يرجع المودع بضمانها على المتلف مباشرة، دون أن يكون له حق الرجوع أولاً على الودعي ثم الودعي يرجع على المتلف. فإن لم يَجْر الودعي على مقتضى أحكام الوديعة، فـ (فَرَّطَ) في حفظها والقيام بأمرها إحرازاً وعلاجاً وإنفاقاً بالنحو الذي مرَّ تفصيله كان ذلك منه (تفريطاً) موجباً لضمان تعيبها أو تلفها؛ كما أنه إذا لم يلتزم بما يقتضيه العقد من عدم التصرف فيها بأزيد مما يستلزمه حفظها، أو لم يلتزم بالحد الذي أذن به المالك من التصرفات، فتصرف بها بما يعدّ خيانة منه و(تعديـاً) على مـال الغيـر، وجب عليـه ـ أيضاً ـ ضمان تعيبها أو تلفها، وهذا هو معنى (التعدي) و(التفريط) المتداولين كثيراً في البحوث الفقهية؛ نعم إذا اقتصر الودعي في تصرفه غير المأذون فيه على ما لا يُعدّ خيانة للاستيداع عند العرف، كمثل ما لو كتب بيتاً من الشعر على كيس الوديعة، لم يكن ذلك موجباً لضمانه رغم كونه آثماً به. فإذا تعدى الودعي أو فرّط بالنحو المذكور صارت يده على الوديعة يد عدوان وغصب، فيضمن ما يحدث عليها من تلف بآفة طبيعية أو إتلاف الغير المتعمد ـ أو غير المتعمـد ـ لها، بحيث يرجع المودع عليه بمثله أو قيمته، رغم أن التلف قد حصل بحادث طبيعي أو بإتلاف غيره له، نعم يحق للودعي في صورة ما لو كان الإتلاف بفعل بشري أن يرجع على المتلف بعد أن يرجع المودع عليه. وكما يضمن تلف العين مع التعدي والتفريط ـ فإنه ـ أيضاً ـ يضمن أرش تعيبها إذا تعيبت بما دون التلف، وكذا جميع منافعها المفوَّتة ولو لم تكن مستوفاة، بل والفائتة إذا استوفاها. (أنظر في المراد بالمنافع المفوتة والفائتة، المسألة: 392).
هذا كله إذا كان الإتلاف بفعل غير الودعي، أما إذا كان المتلف هو الودعي، سواء في ذلك مع التعدي أو التفريط أو بدونهما، وسواء كان واعياً قاصداً أو غير واع ولا قاصد، وسواء كان مأذوناً في الإتلاف المضمون عليه أو غير مأذون، فإن على الودعي ـ حينئذ ـ ضمان ما أتلف، ولو تسبيباً. (أنظر حول ما ورد في هذه المسألة المزيد من التفاصيل في فصلي الغصب والضمان).
ـ لا يخفى أن موارد التفريط والتعدي كثيرة، كما لا يخلو تشخيصها من دقة رغم أن المرجع فيها هو العـرف، والأفضـل ـ لا سيمـا عند التنازع ـ إيكال الأمر إلى الحاكم الشرعي، وفيما يلي بعض ماله علاقة بذلك:
1 ـ
إذا نوى الودعي غَصْبَ ما تحت يده وقَصَد الاستيلاءَ عليه ومَنْعَهُ عن مالكه، صارت يده يد عدوان، وضمن العين ما دام على نيته، فإن عدل عنها وتاب عادت يده يد أمانة وارتفع عنه الضمان؛ نعم إذا كان غصبه لها مقترناً بجحوده لها وإنكار وجودها عنده ظلماً وبغياً لم يرتفع عنه الضمان إذا رجع عن جحوده وأقرَّ بها. وكذا لا يرتفع الضمان في ما لو طُلبَتْ منه فامتنع عن ردها ثم عاد عن امتناعه وبَذَلها.
2 ـ إذا كانت الوديعة أجزاءً مجتمعة، كالنقد والحَب ونحوهما، فإن كانت في وعاء واحد مختوم، كالكيس أو الصندوق، ففتحه وأخذ بعضه ضمن الجميع، بل إنه يضمن ما في الكيس بمجرد فتحه لغير ضرورة ولو لم يأخذ منه شيئاً، نعم، إذا كانت الأجزاء مجموعة في أكياس متعددة، فأخذ كيساً منها لم يضمن ما عداه من الأكياس الباقية. وأما إذا كانت في غير وعاء، أو في وعاء غير مختوم، فأخذ بعضها، فإن كان من قصده الإكتفاء به والاقتصار عليه ضمن ما أخذ دون الباقي، وإن كان من قصده أخذ الجميع شيئاً فشيئاً ضمن الجميع عند أخذه أول جزء منه.
3 ـ لا يُعدّ من التفريط تسليم الوديعة لمساعديه، كزوجته وولده وخادمه، ليحرزوها في غيبة منه عنهم، ما دام مطمئناً لأمانتهم في أمواله وأموال غيره، وما دام عمله مقبولاً عند العرف، وبخاصة لمن كان من أهل الجاه والشرف ممن يضطرون للاستعانة بغيرهم في الكثير من أعمالهم؛ فإن لم يكن الأمر كذلك، بحيث عُدّ تسليمها لهم تهاوناً منه في حفظها والعناية بها، ضمن تلفها. أما إذا كان ذلك في حضوره وإشرافه فلا شك في عدم كونه مفرطاً فيها ولا ضامناً لها.
ـ إذا فرّط أو تعدّى على الوديعة، ثم رجع عن تفريطه أو تعديه، ارتفع عنه الضمان، وذلك كما لو فتح كيس الوديعة المغلق أو صندوقها ثم أعاد إقفاله، أو لبس الثوب ثم نزعه وأعاده إلى حرزه، أو نحو ذلك من وجوه التعدي والتفريط.
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية