السيد فضل الله لقناة "الآن" الكويتية: لبنان تحكمه اللاءات الثلاث: لا تقسيم، لا انهيار، لا استقرار

السيد فضل الله لقناة "الآن" الكويتية: لبنان تحكمه اللاءات الثلاث: لا تقسيم، لا انهيار، لا استقرار

السيد فضل الله لقناة "الآن" الكويتية:

لبنان تحكمه اللاءات الثلاث: لا تقسيم، لا انهيار، لا استقرار


فيما يلي الحلقة الثانية من المقابلة التي أجراها سماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله مع قناة الآن الفضائية حول الانتخابات النيابية اللبنانية، المال الانتخابي، الانتخابات وشكل السلطة المقبلة، الموقف الشرعي من زراعة الحشيش، المخدرات، المذهبية وفلسطين، السلفية:

الانتخابات النيابية اللبنانية

س: سماحة السيد، الانتخابات النيابية اللبنانية على الأبواب، كيف ترى المرحلة المقبلة، ولمن تتوقع السيطرة؟

ج: أنا أعتقد أن لبنان لا يزال يتحرك على الأساس الطائفي، فهو ينطلق من خلال المحاصصة الطائفية، بحيث نجد أنّ لكل طائفة نوّابها ومناطقها وسياسيّيها، وحتى مشايخها ورجال دينها ومناطقها التي تشبه الدولة المغلقة. لذلك فإن لبنان لم يعش الديمقراطية بالمعنى الذي يشعر فيه المواطن اللبناني بحريته في الاختيار، وهذا ما نلاحظه الآن في اللوائح التي توضع. وعلى الرغم أنّ النظام اللبناني يقول إنّ عدد نوّاب المجلس هو 128 نائباً، إلا أني أرى أنه لا يضمّ إلا ستّ أو سبع نوّاب، هم رؤساء اللوائح الانتخابية ورؤساء الطوائف...
لا يزال لبنان متخلّفاً من خلال النظام الطائفي أو نظام المحاصصة المذهبية أو الزعامات الشّخصانيّة

لذلك نحن نقول إن لبنان لا يزال متخلفاً من خلال النظام الطائفي أو نظام المحاصصة المذهبية أو الزعامات الشخصانية ، والمواطن اللبناني لا يمارس حريته، لأن هناك أكثر من حصار لهذه الحرية، من خلال العصبيات التي يثيرها الذين يقومون بإدارة شؤون الناس في المنطقة، في الإثارات المذهبية والطائفية، والكلام عن حقوق هذه الطائفة وتلك الطائفة، إضافةً إلى قوّة المال السياسي الذي لا يزال يتحرك بفاعلية، وقد قرأنا في صحيفة نيويورك تايمز، أن الانتخابات اللبنانية هي أغلى انتخابات في العالم، وأنّ هناك بعض الدول تدفع مئات الملايين من الدولارات من أجل إنجاح الفريق الذي يرتبط بها أو يؤيد سياستها، ولم نسمع نفياً من أية دولة من هذه الدول، وخصوصاً الدول البترولية.

المال الانتخابي

س: ماذا تقول، سماحة السيد، في مسألة ضخ الأموال الباهظة لشراء الأصوات الانتخابية؟

ج: لقد أفتينا بأنه يحرم على الناخب، أيّ ناخب، أن يقبض مالاً ثمناً لصوته، ولا يجوز للإنسان أن ينتخب إلا من يؤمن بأن نجاحه فيه مصلحة للوطن كله، بعيداً عن الطائفية والمذهبية والإقليمية وما إلى ذلك، كما أننا حرّمنا على المرشح أيضاً أن يدفع المال ليصوّت الناس له. إن رسالة المرشح الذي يخلص لوطنه هي أن يشجّع الناس على أن ينتخبوا بحرية لا بالشعارات، وبالممارسة لا بالتنظير، وذلك بأن يطرد عنهم الضغوط التي تحاصرهم في انتخابه أو انتخاب لائحته.
إنّ رسالة المرشّح الذي يخلص لوطنه هي أن يشجّع النّاس على أن ينتخبوا بحرّية لا بالشّعارات، وبالممارسة لا بالتّنظير

س: إذاً بالنسبة إليك سماحة السيد، الصورة المقبلة قاتمة، لأن الأحزاب كافة تعتمد على الأموال الأجنبية؟

ج: من المسلّم به أن هناك صراعاً أمريكياً أوروبياً من جهة، وعربياً إسلامياً من جهة أخرى على الساحة اللبنانية الآن، لذلك عندما جاءت وزيرة الخارجية الأمريكية إلى لبنان، تحدثت عن ضرورة أن ينتخب اللبنانيون فريق الاعتدال، يعني أن لا ينتخبوا المعارضة، لأنها تعتبر أن المعارضة تمثّل فريق التطرف. وهكذا لغة الكثيرين من المندوبين الأمريكيين أو الأوروبيين أيضاً الذين يأتون إلى لبنان، فهناك حرب على المعارضة، حتى إن بعض الدول الكبرى اشترطت في مساعداتها للبنان أن تنجح الموالاة وألاّ تنجح المعارضة، لأن المسألة هي أنهم لا يريدون أن يخدموا لبنان، بل يريدون أن يخدموا مصالحهم من خلال الفريق الذي يتبع سياستهم.

لقد قلت سابقاً إن لبنان هو البلد الذي تتنفس فيه مشاكل المنطقة، وإنّ لبنان يمثّل ولايات غير متحدة، وأنا كنت أقول في أيام الحرب، إن لبنان تحكمه لاءات ثلاث: لا تقسيم، لا انهيار، لا استقرار.

س: لكن، سماحة السيد، كِلا الموالاة والمعارضة يتلقيان الأموال من الخارج؟

ج: من الطبيعي جداً.

س: هناك من الطرفين مَنْ أصبح يملك أموالاً طائلةً بعدما كان لا شأن له سياسياً أو اجتماعياً؟

ج: المشكلة أن بعض القيادات تملك رصيداً في البنوك الداخلية والخارجية يعد بالملايين إذا لم نقل بالمليارات، وهي تحتفظ به لنفسها ولورثتها، أما الأتباع، فلا يحصلون إلا على مئة دولار ثمن الصوت أو ما أشبه ذلك.

س: كيف يؤثّر هذا في المواطن اللبناني العادي، السني والشيعي والمسيحي؟

ج: المسألة هي أن بعض الدول تدفع المال لبعض الأشخاص لكي يربكوا الأوضاع السياسية لمصلحة سياستهم أو ضد السياسات الأخرى، وهذا هو الذي خرّب الإنسان اللبناني. أنا أعتقد أن اللبناني هو إنسان مبدع ومثقّف، ولكنه عندما يخوض التجربة الحياتية، وخصوصاً إذا كان يعيش أزمةً اقتصاديةً معيشيةً، فإنه يسقط عند حاجاته، ولقد قلنا في بعض أحاديثنا إن الإنسان تستعبده حاجاته.

الطائفية والمناطقية

س: تحدثت سماحتك عن الدولة المغلقة والتقسيم المناطقي، وهو حديث الشارع، إذ إنّ هناك حديثاً بأن أبناء بعض الطوائف لا يذهبون إلى هذه المنطقة خوفاً من أبنائها، وأبناء تلك الطائفة لا يذهبون أيضاً إلى هذه المنطقة خوفاً من الضرب أو الاعتداء عليهم، كيف السبيل إلى نزع هذا التوتّر بين الأخوة وأبناء الدين الواحد أيضاً؟

ج: هناك منطق يحاول أن يصوّر المسألة بهذه الطريقة، يقابله منطقٌ يدرس الأمور بواقعية، وقد لاحظنا جميعاً ما حدث منذ مدّة في الواقع الرياضي، إذ إنّ أهل منطقةٍ ما تلتزم خطاً معيناً، هجموا على فريق رياضي لأنه من منطقة أخرى.
الزعامات المذهبية والطائفية هي التي تثير العصبيات والحساسيات التي تجعل الناس يحقد بعضهم على بعض

لذلك أنا أتهم الزعامات المذهبية والطائفية أنها هي التي تثير العصبيات والحساسيات التي تجعل الناس يحقد بعضهم على بعض، بحيث يتطور هذا الحقد ليصل إلى حدّ الاعتداء دون وجود أيّ سببٍ مباشر سوى أنّ طرفاً من طائفة أو من مذهب بينما الطرف الآخر من طائفة أخرى، أو من مذهب آخر.

لذلك يتحدّثون عن جلسة الحوار المقبلة بأنها جلسة لتهيئة جوٍّ هادىء للانتخابات، وكأن اللبنانيين لا يعرفون الهدوء، ويحتاجون إلى الذين أثاروا العنف ليؤمّنوا جوّ الهدوء، لا لمصلحة اللبنانيين، بل لمصلحة أوضاعهم الخاصة.

ومن السلبيات الكبرى، أنّ لبنان يعيش الهزات الأمنية عندما يحدث أي شيء يتصل بالقضايا الكبرى للناس، وهم يختلفون في مواقفهم تجاه هذه القضايا، كما حصل في الموقف تجاه الاجتياح الإسرائيلي للبنان...

نحن نقول إن لبنان هو ساحة المخابرات الإقليمية والدولية واللعب التي يلعبها الآخرون، لأن لعبة لبنان التي نحافظ عليها هي الحرية، ولكنّ اللبنانيين لا يحترمون هذه الحرية وإن كانوا يهتفون بها، لأنهم يحوّلونها إلى فوضى.

الانتخابات وشكل السلطة المقبلة

س: ما الذي يمكن أن يتغير إذا جاء فريق 8 آذار وفاز بالسلطة؟

ج: من الصعب جداً أن يحدث تغيير جذري على مستوى السلطة في لبنان، لأنه لا يزال محاطاً بالمصالح الدولية التي تريد أن تجعل لبنان جسراً للعبور إلى أي بلد آخر، ولو فرضنا نجاح المعارضة، فهذا لا يعني أن المشكلة في لبنان ستحلّ، لأنه من الصعب جداً على فريق لبناني واحد، حتى لو كان مخلصاً، حلّ المشكلة من الأساس.

س: في حال فاز فريق 8 آذار بالسلطة، هل تعتقد أنه سيحاول فرض إرادته على كل اللبنانيين؟

ج: أنا لا أعتقد أنّ حزب الله يملك أن يفرض إرادته على اللبنانيين، إن اللبنانيين الذين يحترمون أنفسهم ولبنانهم وعزتهم وكرامتهم، لا يسمحون لأحد بأن يصادرهم، بما يشلّ إرادتهم في مواجهة المتغيرات التي تحيط بهم والمشاكل التي تتحرك في أوضاعهم.

س: في حال خسرت المعارضة وفازت الموالاة بالأغلبية في هذه الانتخابات، وبرنامجهم كما نعلم يتضمن سحب سلاح الفلسطينيين خارج المخيمات وداخلها، وأيضاً فرض سلطة الدولة، وهذا ربما يعني أيضاً سحب سلاح حزب الله، فهل سنكون حينها أمام 7 أيار جديد؟

ج: أنا أتصوّر أنه ليست هناك في لبنان أية قوة تستطيع أن تسحب سلاح الفلسطينيين أو سلاح المقاومة، لأن قضية السلاح قضية دولية إقليمية وليست قضية محلية. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإنّ مسألة التوطين المطروحة، يرفضها اللبنانيون جميعهم، ولكن هل يملكون أن يمنعوها إذا كان الحل للقضية الفلسطينية توطين الفلسطينيين في البلدان التي يقيمون فيها؟ وهذا ما لاحظنا بوادره في عملية التجنيس التي حصلت في لبنان، حيث جُنِّس الكثير من الفلسطينيين كما جُنِّس غيرهم.
إنّ القضايا الكبرى في لبنان هي قضايا لا يملك اللّبنانيون معها إلا أن يوقّعوا

إن القضايا الكبرى في لبنان، سواء قضية السلاح؛ سلاح المقاومة، السلاح الفلسطيني، قضية التوطين، قضية التسوية، هي قضايا لا يملك اللبنانيون معها شيئاً إلا أن يوقعوا، وعلى الرغم من اعتراض البعض منهم، إلا أنهم يوقّعون، لأنهم سلّموا أمرهم للآخرين ولم يعتمدوا على أنفسهم، بل مزقوا لبنانهم، حتى أصبح مزقاً متناثرةً هنا وهناك، ولهذا فسيبقى لبنان الذي تحكمه اللاءات الثلاث: لا تقسيم، لا انهيار، لا استقرار.

س: ما الدروس المستفادة من تجربة حركة حماس في السلطة؟ لنقل في حال وصل حزب الله إلى السلطة، هل سيستفيد من تجربة حماس، هم وصلوا إلى السلطة عبر الاقتراع، ولكنهم لم يستطيعوا أن يؤسسوا لعلاقات مع القوى الكبرى في الخارج؟

ج: لعل مشكلة حماس تتحرك في خطين؛ الخط الأول أنها أظهرت الكذبة الكبرى التي يتحدث فيها الغرب عن الديمقراطية، وأنّها الأساس في حكم أي شعب لنفسه، لأن أمريكا ومعها أوروبا انطلقتا من خلال المصلحة الإسرائيلية، في منع أي ديمقراطية من أن تنتج إرادة شعبيةً معارضةً للاحتلال اليهودي الذي يمثّل قدس الأقداس بالنسبة إلى أمريكا والاتحاد الأوروبي.

ولهذا نجد أنه في الوقت الذي يتحدثون عن عدم قانونية الاستيطان والجدار العازل، واعتبار القدس عاصمة موحدة لليهود دون الفلسطينيين، ويبرّرون المجازر التي يقوم بها اليهود داخل الضفة الغربية وما حدث في غزة، لأنّ الغرب يعيش حالاً من الخداع والنفاق في كل المؤتمرات التي يتحّرك من خلالها، كـ"أنابوليس"، أو اللجنة الرباعية الدولية، أو خارطة الطريق، لأنّ ذلك يبقى على الورق، بينما لا يحرِّك ساكناً في الضغط على إسرائيل.

كما أننا نلاحظ هذه الحيرة الغربية تجاه حركة الحكومة اليمينية المتطرفة، وكل الإسرائيليون يمينيون متطرفون في رفضها الدولتين، ورفض الانسحاب من الجولان، والعمل على توسيع المستوطنات واستكمال الجدار العازل وطرد الفلسطينيين من منازلهم في القدس، لتبقى الأغلبية لليهود فيها.
المسؤولون في الغرب لا يستطيعون أن يضغطوا على اليهود لأنهم يخافون من تهمة معاداة الساميّة

إن الغرب بكل دوله، يمثل المحور الذي يخضع لليهود، ولا يملك مسؤولوه أن يضغطوا على اليهود، لأنهم يخافون من تهمة المعاداة للسامية، لأن مصالحهم تلتقي مع مصالح اليهود لا العرب، وإن كان العرب يمثلون الثروة الكبرى بالنسبة إليهم، ولكنهم يعرفون أن العرب مستعدون للخضوع لهم بدون قيد ولا شرط، لأنهم يكتفون بسماع الكلمات الحلوة، ولكن إسرائيل لا تقبل إلا بالمواقف.

الموقف الشرعي من زراعة الحشيش

س: أنتقل إلى موضوع زراعة الحشيش في البقاع وتهريب المخدرات، ما موقفك ممن يزرعون الحشيش ويهرِّبون المخدرات؟

ج: نحن حرَّمنا زراعة المخدرات والحشيش، ولكن المسألة لا تحل بالفتوى ولا بالتحريم القانوني، لأنّ الذين يزرعون المخدرات يواجهون أوضاعاً اقتصاديةً صعبةً، ما يجعلهم يسقطون أمام مشاكلهم المعيشية. والسؤال هو: كيف يمكننا مواجهة هذه المشكلة وحلّها؟ لقد أفتينا وأفتى العلماء بحرمة زراعة الحشيش، ولكن المسألة أنك عندما تصادر هذه الزراعة، عليك أن تطرح الزراعة البديلة لها، لأن الناس قد يرتكبون الحرام والجريمة عندما تحاصرهم في هذا المجال، ويقال إن الهرة عندما تضايقها وتحاصرها فإنها تتحول إلى لبوة مفترسة.

س: الغاية لا تبرّر الوسيلة...؟!

ج: نحن نعيش في عالم يؤمن بأن الغاية تبرر الوسيلة، ولا سيما إذا كانت الغاية كبيرةً والوسيلة أصغر من الغاية. نحن لا نبرر ذلك بشكل مطلق، وإن كنا نقول إن بعض الغاية تبرر الوسيلة، يعني لو فرضنا أن إنساناً اعتقل من قبل الأعداء وطلب منه أن يحدثهم عن أسرار بلده العسكرية والاقتصادية وما إلى ذلك، وطلبوا منه أن يُقسم اليمين، فهل نقول له إن الكذب حرام، بل نقول له يجب عليك أن تكذب لأنك لو صدقت لدمرت بلدك.

سلاح المخدرات

س: ولكن في الغالب، تستخدم أموال المخدرات لتمويل بعض الجماعات المسلحة، ما رأيك، سماحة السيد، في هؤلاء الجماعات الذين يستخدمون أموال المخدرات وتبييض الأموال لتمويل عملياتهم المسلحة؟

ج: نحن نرفض استخدام المخدرات جملةً وتفصيلاً، وقد أصدرنا فتوى مطلقةً في العالم كله من موقعنا الإسلامي الاجتهادي بتحريم زراعة المخدرات، إلا ما يستخدم في إنتاج الدواء، وحرمة ممارستها. ولكن سلاح المخدرات دخل في صراع الدول وفي الصراع بين أصحاب النفوذ والأغنياء وما إلى ذلك، يعني أصبحت حرب المخدرات كالحروب السياسية الأخرى.
سلاح المخدّرات دخل في صراع الدول بين أصحاب النفوذ والأغنياء، فأصبحت حرب المخدّرات كالحروب السياسية الأخرى

س: هناك جماعات من مختلف أنحاء العالم ومن مختلف الأديان ينخرطون في الاتجار بها أو تعاطيها!

ج: نحن ضد تبييض الأموال وضد الاتّجار بالمخدرات أياً كانت الجهة المستخدمة وفي أي دولة.

س: هناك جهات دينية كطالبان والقاعدة، تستخدمان أموال المخدرات لتمويل العمليات التفجيرية التي يذهب ضحيتها أبرياء مسلمون؟

ج: نحن نقول إن الفقر المستشري في أفغانستان والذي يؤدّي إلى موت الناس جوعاً، وأنا ليست لديّ ثقافة ميدانية دقيقة في هذا الشأن، قد يكون هو الدافع في زراعة المخدرات، ليؤمّنوا بذلك وسيلةً للعيش، ولذلك عندما بدأت الحرب بينهم وبين الحلف الأطلسي الذي تقوده أمريكا، كانوا يستخدمونه سلاحاً ضدّ جنود حزب الناتو أو ما أشبه ذلك. أنا لا أبرر ذلك، ولكن علينا عندما نطلق الفتاوى أن ندرس الواقع الذي يمكن أن تتحول فيه الفتاوى إلى حقيقة ميدانية.

س:أنا قصدت مثلاً أن هذه الأموال تتحوّل إلى أداة لشراء المتفجرات التي يرسلونها لينفذوا هجماتهم الإرهابية التي يروح ضحيتها مدنيّون مسلمون في الغالب؟

ج: نحن نرفض وندين كل التفجيرات الانتحارية في العراق وأفغانستان وباكستان والصومال وفي أي بلد آخر، لأنه لا يجوز قتل المدنيين الأبرياء، ونحن نقول إن الذي يقوم بتفجير نفسه نتيجة غسل دماغه بالخرافات، ولا سيما المراهقين، لأنّ جماعة القاعدة وغيرهم، أصبحوا يوظّفون الأطفال والنساء في هذا المجال، نحن نقول إن هذا الفعل يترتب عليه جريمتان؛ جريمة بحق الإنسان الذي يفجّر نفسه فيكون حكمه حكم المنتحر في الإسلام الذي يقتل نفسه، وجريمة بحق الناس الذين يقتلهم من الأطفال والنساء وكل المدنيين.

خلايا نائمة ؟

س: يتحدث البعض عن وجود خلايا نائمة لحزب الله في دول عربية عديدة، جاهزة لتنفيذ هجمات واعتداءات في حال تضررت مصالح الحزب أو مصالح إيران بشكل كبير؟

ج: نحن نقول، من الممكن لأي إنسان أن يوجّه أي اتهام لأي إنسان آخر، ولكن كل دعوى غير مقرونة ببيّنة يعتبر أصحابها أدعياء {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} [البقرة:111]، فإذا كانت هناك خلايا نائمة، فإنّنا نسأل: من الذي اكتشفها وكيف؟ وما الهدف؟ إن كان الهدف منها إثارة الفوضى في البلد وإيجاد المشاكل الإرهابية وغيرها، فهذا لا يجيزه أحد، ولكن إذا كانت المسألة تتعلق بقضايا الأمّة، فعلينا أن نحترم قضايا الأمة. والمشكلة عندنا في الواقع العربي، أن قضايا الأمة سقطت أمام القضايا الإقليمية أو الوطنية في هذا المجال.
إنّ قضيّة التشيّع أو التسنّن هي قضية فكرية، وليس هناك أيّ أجندة شيعية في أيّ بلد يعيشون فيه من أجل أن يكون لهم كيان خاص

المذهبية وفلسطين


وقد تحدثت أكثر من مرة، أن البلاد العربية عند الاحتلال اليهودي لفلسطين كانت تعمل على تحرير فلسطين، أما الآن، فإنها تعمل على التحرر من فلسطين، ونحن نقول تعليقاً على الحملة التي تقودها الكثير من الأنظمة استجابةً للخطة الأمريكية الأوروبية، والتي تحاول تمزيق وحدة المسلمين وإشغال بعضهم ببعض، نقول لهم: لا تخافوا من المسلمين الشيعة، فالشيعة مسلمون يؤمنون بالله وبرسوله وبكتابه، ويرون أن القرآن هو كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه من دون تحريف أو زيادة أو نقصان، وأيضاً هم يرون أنّ دم المسلم على المسلم حرام، كما أن ماله وعرضه حرام على المسلم، بل حتى على المسالم، وكذلك نحن نقول إنّه ليست هناك أي أجندة شيعية في أي بلد يعيشون فيه من أجل أن يكون لهم كيان خاص، لا في لبنان ولا في العراق ولا في الخليج ولا في أي بلد آخر، أما مسألة أن الشيعة يريدون أن يشيّعوا السنّة، فهذا أمر لا واقعية له، بل قد يكون الأمر عكس ذلك، فنحن نعرف أن بعض الاتجاهات المذهبية التي تموّلها بعض الدول العربية تعمل على تسنين الشيعة، لكننا نقول إن التشيع أو التسنّن هي قضية فكرية، إذ يمكن أن يقنع السني الشيعي بمذهبه، كما يمكن أن يقنع الشيعي السني بمذهبه من دون أي مشكلة، ولكننا نريد أن نقول لبعض الذين يثيرون هذه الأمور، ما رأيكم في التبشير الذي ينتشر في بعض الدول الإسلامية العربية التي شنّت حرباً على الشيعة، فهناك إحصائيات تقول: إنه من خلال المبشرين، الذين يضغط الغرب لإدخالهم في هذا البلد العربي المسلم، يتنصّر كل سنة ألفا مسلم تقريباً، فلماذا لا يتحدثون عن التبشير المسيحي، ولا يتحدثون عن المثليين الذين يطالبون بأن يكون لهم دور في البلد الإسلامي؟
كانت البلاد العربية تعمل على تحرير فلسطين، أما الآن، فإنها تعمل على التحرر من فلسطين

نحن نرى أن إثارة المسألة على أساس أن الشيعة يمثلون خطراً على الأمة، هي مسألة سياسية إسرائيلية غربية بامتياز، انطلقت من خطة عربية متأثرة بكل هذا الجو. لقد أعجبت بكلام أحد الصحفيين المنفتحين الذي علّق على ما قيل عن الشاب من حزب الله الذي اعتقل في مصر بأنه جاء ليشيّع 70 مليون مصري، قال: ما رأيكم في أن هذا الشاب وجماعته يريدون أن ينصروا مليوناً ونصف مليون سني في غزة، فهل هم بذلك يعملون على أساس تدمير السنة؟ نحن نقول للمسلمين من الشيعة والسنة، إنّ الشيعة ليسوا مشكلة السنّة، وإنّ السنة ليسوا مشكلة الشيعة، وإنّ هناك أكثر من 80 بالمئة مما يتفق حوله السنة والشيعة.

إن المشكلة هي في الخطر الذي يتعرّض له الإسلام من خلال الخطة التي يتحرك بها الغرب، والتي تهدف إلى تشويه الإسلام، وذلك من خلال الإساءة إلى شخصية النبي محمد(ص) أو من خلال الأبحاث التي ترمي الإسلام بالإرهاب والتطرف وما إلى ذلك، أو بإنتاج أفلام معادية، كفيلم "فتنة" الذي يشوّه صورة الإسلام.

ونحن نرى أنّ قضية مكافحة الإرهاب لا تتحرّك إلا في البلاد الإسلامية، والتي تحولت إلى احتلال، لا من أجل مكافحة الإرهاب، ولكن من أجل تمكين الاستراتيجية الأمريكية في العالم، كما في أفغانستان وباكستان، اللتين تدخلان في خطة أمريكا لمحاصرة آسيا، أو كما في العراق الذي أريد له أن يكون جسراً للعبور إلى المنطقة للسيطرة على ثرواتها الطبيعية، وأيضاً في الفوضى التي أثارتها في السودان وفي الصومال وما إلى ذلك.
الوحدة الإسلامية هي الخيار الوحيد الذي فيه خلاص الإسلام والمسلمين

وأنا أقول: إن عليكم أن تلتقوا على الإسلام، ثم بعد ذلك ابحثوا في نقاط الخلاف، وأن تعيشوا الحاضر والمستقبل، ولا تستغرقوا في الماضي، انطلاقاً من قوله تعالى: {تلك أمةٌ قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تُسألون عما كانوا يعملون} [البقرة:134]، وعليكم أن تتوحَّدوا، لأن الوحدة الإسلامية هي الخيار الوحيد الذي فيه خلاص الإسلام والمسلمين الذين يعدون ملياراً ونصف المليار من الناس، ومع ذلك لا يشاركون في قضايا العالم، بل إن مصائرهم تحدّدها السياسات الاستكبارية.

السلفية

س: سماحة السيد، كان لديك مخاوف من وصول السلفية الشيعية إلى لبنان وتفشي السلفية السنية فيه، ما هو أساس مخاوفك؟

ج: السلفية تمثّل حالة تخلّف لا تنفتح على أصالة الإسلام، لأنها تنطلق من ذهنية مغلقة متخلفة، ولذلك فإننا نرفض العصبية العمياء، سواء من السلفية الشيعية أو من السلفية السنية، ونقول لهم إن الحوار هو الأساس الذي يحل مشكلة الشيعة والسنة أمام التحديات الكبرى التي نواجهها، وعليكم أن تستهدوا قول الله {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا} [آل عمران:103] {فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول} [النساء:59].
السلفيّة التي تعني الرجوع إلى الأصول الأصيلة في الإسلام، لا مشكلة فيها، أمّا السلفية المتعصّبة العمياء، فإنها تمثّل خطراً على الإسلام والمسلمين

س: سماحة السيد، هل كل السلفيات خطر على الأمة...؟

ج: ليست كل السلفيات، خطراً، بل السلفية المتعصبة العمياء التي لا تعترف بالآخر ولا تحاوره، والتي تكفّر الآخر وتستحلّ دمه، كما في بعض السلفيات التي نواجهها في العراق وفي أفغانستان وباكستان، ونكاد نعيش روحيتها في بعض البلدان العربية. أما السلفية التي تعني الرجوع إلى الأصول الأصيلة في الإسلام، مع تنوّع الاجتهادات المرتكزة على قواعد علمية، والتي تقبل الحوار، فلا مشكلة فيها، أما السلفية التي تغلق عقلها وتغلق قلبها عن المسلمين الآخرين، وتعمل ضد الوحدة الإسلامية، وضد التقريب بين المذاهب الإسلامية، فإنها تمثل خطراً على الإسلام والمسلمين.

حوار: نسرين صادق

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 04 ربيع الثاني 1431 هـ  الموافق: 29/04/2009 م

السيد فضل الله لقناة "الآن" الكويتية:

لبنان تحكمه اللاءات الثلاث: لا تقسيم، لا انهيار، لا استقرار


فيما يلي الحلقة الثانية من المقابلة التي أجراها سماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله مع قناة الآن الفضائية حول الانتخابات النيابية اللبنانية، المال الانتخابي، الانتخابات وشكل السلطة المقبلة، الموقف الشرعي من زراعة الحشيش، المخدرات، المذهبية وفلسطين، السلفية:

الانتخابات النيابية اللبنانية

س: سماحة السيد، الانتخابات النيابية اللبنانية على الأبواب، كيف ترى المرحلة المقبلة، ولمن تتوقع السيطرة؟

ج: أنا أعتقد أن لبنان لا يزال يتحرك على الأساس الطائفي، فهو ينطلق من خلال المحاصصة الطائفية، بحيث نجد أنّ لكل طائفة نوّابها ومناطقها وسياسيّيها، وحتى مشايخها ورجال دينها ومناطقها التي تشبه الدولة المغلقة. لذلك فإن لبنان لم يعش الديمقراطية بالمعنى الذي يشعر فيه المواطن اللبناني بحريته في الاختيار، وهذا ما نلاحظه الآن في اللوائح التي توضع. وعلى الرغم أنّ النظام اللبناني يقول إنّ عدد نوّاب المجلس هو 128 نائباً، إلا أني أرى أنه لا يضمّ إلا ستّ أو سبع نوّاب، هم رؤساء اللوائح الانتخابية ورؤساء الطوائف...
لا يزال لبنان متخلّفاً من خلال النظام الطائفي أو نظام المحاصصة المذهبية أو الزعامات الشّخصانيّة

لذلك نحن نقول إن لبنان لا يزال متخلفاً من خلال النظام الطائفي أو نظام المحاصصة المذهبية أو الزعامات الشخصانية ، والمواطن اللبناني لا يمارس حريته، لأن هناك أكثر من حصار لهذه الحرية، من خلال العصبيات التي يثيرها الذين يقومون بإدارة شؤون الناس في المنطقة، في الإثارات المذهبية والطائفية، والكلام عن حقوق هذه الطائفة وتلك الطائفة، إضافةً إلى قوّة المال السياسي الذي لا يزال يتحرك بفاعلية، وقد قرأنا في صحيفة نيويورك تايمز، أن الانتخابات اللبنانية هي أغلى انتخابات في العالم، وأنّ هناك بعض الدول تدفع مئات الملايين من الدولارات من أجل إنجاح الفريق الذي يرتبط بها أو يؤيد سياستها، ولم نسمع نفياً من أية دولة من هذه الدول، وخصوصاً الدول البترولية.

المال الانتخابي

س: ماذا تقول، سماحة السيد، في مسألة ضخ الأموال الباهظة لشراء الأصوات الانتخابية؟

ج: لقد أفتينا بأنه يحرم على الناخب، أيّ ناخب، أن يقبض مالاً ثمناً لصوته، ولا يجوز للإنسان أن ينتخب إلا من يؤمن بأن نجاحه فيه مصلحة للوطن كله، بعيداً عن الطائفية والمذهبية والإقليمية وما إلى ذلك، كما أننا حرّمنا على المرشح أيضاً أن يدفع المال ليصوّت الناس له. إن رسالة المرشح الذي يخلص لوطنه هي أن يشجّع الناس على أن ينتخبوا بحرية لا بالشعارات، وبالممارسة لا بالتنظير، وذلك بأن يطرد عنهم الضغوط التي تحاصرهم في انتخابه أو انتخاب لائحته.
إنّ رسالة المرشّح الذي يخلص لوطنه هي أن يشجّع النّاس على أن ينتخبوا بحرّية لا بالشّعارات، وبالممارسة لا بالتّنظير

س: إذاً بالنسبة إليك سماحة السيد، الصورة المقبلة قاتمة، لأن الأحزاب كافة تعتمد على الأموال الأجنبية؟

ج: من المسلّم به أن هناك صراعاً أمريكياً أوروبياً من جهة، وعربياً إسلامياً من جهة أخرى على الساحة اللبنانية الآن، لذلك عندما جاءت وزيرة الخارجية الأمريكية إلى لبنان، تحدثت عن ضرورة أن ينتخب اللبنانيون فريق الاعتدال، يعني أن لا ينتخبوا المعارضة، لأنها تعتبر أن المعارضة تمثّل فريق التطرف. وهكذا لغة الكثيرين من المندوبين الأمريكيين أو الأوروبيين أيضاً الذين يأتون إلى لبنان، فهناك حرب على المعارضة، حتى إن بعض الدول الكبرى اشترطت في مساعداتها للبنان أن تنجح الموالاة وألاّ تنجح المعارضة، لأن المسألة هي أنهم لا يريدون أن يخدموا لبنان، بل يريدون أن يخدموا مصالحهم من خلال الفريق الذي يتبع سياستهم.

لقد قلت سابقاً إن لبنان هو البلد الذي تتنفس فيه مشاكل المنطقة، وإنّ لبنان يمثّل ولايات غير متحدة، وأنا كنت أقول في أيام الحرب، إن لبنان تحكمه لاءات ثلاث: لا تقسيم، لا انهيار، لا استقرار.

س: لكن، سماحة السيد، كِلا الموالاة والمعارضة يتلقيان الأموال من الخارج؟

ج: من الطبيعي جداً.

س: هناك من الطرفين مَنْ أصبح يملك أموالاً طائلةً بعدما كان لا شأن له سياسياً أو اجتماعياً؟

ج: المشكلة أن بعض القيادات تملك رصيداً في البنوك الداخلية والخارجية يعد بالملايين إذا لم نقل بالمليارات، وهي تحتفظ به لنفسها ولورثتها، أما الأتباع، فلا يحصلون إلا على مئة دولار ثمن الصوت أو ما أشبه ذلك.

س: كيف يؤثّر هذا في المواطن اللبناني العادي، السني والشيعي والمسيحي؟

ج: المسألة هي أن بعض الدول تدفع المال لبعض الأشخاص لكي يربكوا الأوضاع السياسية لمصلحة سياستهم أو ضد السياسات الأخرى، وهذا هو الذي خرّب الإنسان اللبناني. أنا أعتقد أن اللبناني هو إنسان مبدع ومثقّف، ولكنه عندما يخوض التجربة الحياتية، وخصوصاً إذا كان يعيش أزمةً اقتصاديةً معيشيةً، فإنه يسقط عند حاجاته، ولقد قلنا في بعض أحاديثنا إن الإنسان تستعبده حاجاته.

الطائفية والمناطقية

س: تحدثت سماحتك عن الدولة المغلقة والتقسيم المناطقي، وهو حديث الشارع، إذ إنّ هناك حديثاً بأن أبناء بعض الطوائف لا يذهبون إلى هذه المنطقة خوفاً من أبنائها، وأبناء تلك الطائفة لا يذهبون أيضاً إلى هذه المنطقة خوفاً من الضرب أو الاعتداء عليهم، كيف السبيل إلى نزع هذا التوتّر بين الأخوة وأبناء الدين الواحد أيضاً؟

ج: هناك منطق يحاول أن يصوّر المسألة بهذه الطريقة، يقابله منطقٌ يدرس الأمور بواقعية، وقد لاحظنا جميعاً ما حدث منذ مدّة في الواقع الرياضي، إذ إنّ أهل منطقةٍ ما تلتزم خطاً معيناً، هجموا على فريق رياضي لأنه من منطقة أخرى.
الزعامات المذهبية والطائفية هي التي تثير العصبيات والحساسيات التي تجعل الناس يحقد بعضهم على بعض

لذلك أنا أتهم الزعامات المذهبية والطائفية أنها هي التي تثير العصبيات والحساسيات التي تجعل الناس يحقد بعضهم على بعض، بحيث يتطور هذا الحقد ليصل إلى حدّ الاعتداء دون وجود أيّ سببٍ مباشر سوى أنّ طرفاً من طائفة أو من مذهب بينما الطرف الآخر من طائفة أخرى، أو من مذهب آخر.

لذلك يتحدّثون عن جلسة الحوار المقبلة بأنها جلسة لتهيئة جوٍّ هادىء للانتخابات، وكأن اللبنانيين لا يعرفون الهدوء، ويحتاجون إلى الذين أثاروا العنف ليؤمّنوا جوّ الهدوء، لا لمصلحة اللبنانيين، بل لمصلحة أوضاعهم الخاصة.

ومن السلبيات الكبرى، أنّ لبنان يعيش الهزات الأمنية عندما يحدث أي شيء يتصل بالقضايا الكبرى للناس، وهم يختلفون في مواقفهم تجاه هذه القضايا، كما حصل في الموقف تجاه الاجتياح الإسرائيلي للبنان...

نحن نقول إن لبنان هو ساحة المخابرات الإقليمية والدولية واللعب التي يلعبها الآخرون، لأن لعبة لبنان التي نحافظ عليها هي الحرية، ولكنّ اللبنانيين لا يحترمون هذه الحرية وإن كانوا يهتفون بها، لأنهم يحوّلونها إلى فوضى.

الانتخابات وشكل السلطة المقبلة

س: ما الذي يمكن أن يتغير إذا جاء فريق 8 آذار وفاز بالسلطة؟

ج: من الصعب جداً أن يحدث تغيير جذري على مستوى السلطة في لبنان، لأنه لا يزال محاطاً بالمصالح الدولية التي تريد أن تجعل لبنان جسراً للعبور إلى أي بلد آخر، ولو فرضنا نجاح المعارضة، فهذا لا يعني أن المشكلة في لبنان ستحلّ، لأنه من الصعب جداً على فريق لبناني واحد، حتى لو كان مخلصاً، حلّ المشكلة من الأساس.

س: في حال فاز فريق 8 آذار بالسلطة، هل تعتقد أنه سيحاول فرض إرادته على كل اللبنانيين؟

ج: أنا لا أعتقد أنّ حزب الله يملك أن يفرض إرادته على اللبنانيين، إن اللبنانيين الذين يحترمون أنفسهم ولبنانهم وعزتهم وكرامتهم، لا يسمحون لأحد بأن يصادرهم، بما يشلّ إرادتهم في مواجهة المتغيرات التي تحيط بهم والمشاكل التي تتحرك في أوضاعهم.

س: في حال خسرت المعارضة وفازت الموالاة بالأغلبية في هذه الانتخابات، وبرنامجهم كما نعلم يتضمن سحب سلاح الفلسطينيين خارج المخيمات وداخلها، وأيضاً فرض سلطة الدولة، وهذا ربما يعني أيضاً سحب سلاح حزب الله، فهل سنكون حينها أمام 7 أيار جديد؟

ج: أنا أتصوّر أنه ليست هناك في لبنان أية قوة تستطيع أن تسحب سلاح الفلسطينيين أو سلاح المقاومة، لأن قضية السلاح قضية دولية إقليمية وليست قضية محلية. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإنّ مسألة التوطين المطروحة، يرفضها اللبنانيون جميعهم، ولكن هل يملكون أن يمنعوها إذا كان الحل للقضية الفلسطينية توطين الفلسطينيين في البلدان التي يقيمون فيها؟ وهذا ما لاحظنا بوادره في عملية التجنيس التي حصلت في لبنان، حيث جُنِّس الكثير من الفلسطينيين كما جُنِّس غيرهم.
إنّ القضايا الكبرى في لبنان هي قضايا لا يملك اللّبنانيون معها إلا أن يوقّعوا

إن القضايا الكبرى في لبنان، سواء قضية السلاح؛ سلاح المقاومة، السلاح الفلسطيني، قضية التوطين، قضية التسوية، هي قضايا لا يملك اللبنانيون معها شيئاً إلا أن يوقعوا، وعلى الرغم من اعتراض البعض منهم، إلا أنهم يوقّعون، لأنهم سلّموا أمرهم للآخرين ولم يعتمدوا على أنفسهم، بل مزقوا لبنانهم، حتى أصبح مزقاً متناثرةً هنا وهناك، ولهذا فسيبقى لبنان الذي تحكمه اللاءات الثلاث: لا تقسيم، لا انهيار، لا استقرار.

س: ما الدروس المستفادة من تجربة حركة حماس في السلطة؟ لنقل في حال وصل حزب الله إلى السلطة، هل سيستفيد من تجربة حماس، هم وصلوا إلى السلطة عبر الاقتراع، ولكنهم لم يستطيعوا أن يؤسسوا لعلاقات مع القوى الكبرى في الخارج؟

ج: لعل مشكلة حماس تتحرك في خطين؛ الخط الأول أنها أظهرت الكذبة الكبرى التي يتحدث فيها الغرب عن الديمقراطية، وأنّها الأساس في حكم أي شعب لنفسه، لأن أمريكا ومعها أوروبا انطلقتا من خلال المصلحة الإسرائيلية، في منع أي ديمقراطية من أن تنتج إرادة شعبيةً معارضةً للاحتلال اليهودي الذي يمثّل قدس الأقداس بالنسبة إلى أمريكا والاتحاد الأوروبي.

ولهذا نجد أنه في الوقت الذي يتحدثون عن عدم قانونية الاستيطان والجدار العازل، واعتبار القدس عاصمة موحدة لليهود دون الفلسطينيين، ويبرّرون المجازر التي يقوم بها اليهود داخل الضفة الغربية وما حدث في غزة، لأنّ الغرب يعيش حالاً من الخداع والنفاق في كل المؤتمرات التي يتحّرك من خلالها، كـ"أنابوليس"، أو اللجنة الرباعية الدولية، أو خارطة الطريق، لأنّ ذلك يبقى على الورق، بينما لا يحرِّك ساكناً في الضغط على إسرائيل.

كما أننا نلاحظ هذه الحيرة الغربية تجاه حركة الحكومة اليمينية المتطرفة، وكل الإسرائيليون يمينيون متطرفون في رفضها الدولتين، ورفض الانسحاب من الجولان، والعمل على توسيع المستوطنات واستكمال الجدار العازل وطرد الفلسطينيين من منازلهم في القدس، لتبقى الأغلبية لليهود فيها.
المسؤولون في الغرب لا يستطيعون أن يضغطوا على اليهود لأنهم يخافون من تهمة معاداة الساميّة

إن الغرب بكل دوله، يمثل المحور الذي يخضع لليهود، ولا يملك مسؤولوه أن يضغطوا على اليهود، لأنهم يخافون من تهمة المعاداة للسامية، لأن مصالحهم تلتقي مع مصالح اليهود لا العرب، وإن كان العرب يمثلون الثروة الكبرى بالنسبة إليهم، ولكنهم يعرفون أن العرب مستعدون للخضوع لهم بدون قيد ولا شرط، لأنهم يكتفون بسماع الكلمات الحلوة، ولكن إسرائيل لا تقبل إلا بالمواقف.

الموقف الشرعي من زراعة الحشيش

س: أنتقل إلى موضوع زراعة الحشيش في البقاع وتهريب المخدرات، ما موقفك ممن يزرعون الحشيش ويهرِّبون المخدرات؟

ج: نحن حرَّمنا زراعة المخدرات والحشيش، ولكن المسألة لا تحل بالفتوى ولا بالتحريم القانوني، لأنّ الذين يزرعون المخدرات يواجهون أوضاعاً اقتصاديةً صعبةً، ما يجعلهم يسقطون أمام مشاكلهم المعيشية. والسؤال هو: كيف يمكننا مواجهة هذه المشكلة وحلّها؟ لقد أفتينا وأفتى العلماء بحرمة زراعة الحشيش، ولكن المسألة أنك عندما تصادر هذه الزراعة، عليك أن تطرح الزراعة البديلة لها، لأن الناس قد يرتكبون الحرام والجريمة عندما تحاصرهم في هذا المجال، ويقال إن الهرة عندما تضايقها وتحاصرها فإنها تتحول إلى لبوة مفترسة.

س: الغاية لا تبرّر الوسيلة...؟!

ج: نحن نعيش في عالم يؤمن بأن الغاية تبرر الوسيلة، ولا سيما إذا كانت الغاية كبيرةً والوسيلة أصغر من الغاية. نحن لا نبرر ذلك بشكل مطلق، وإن كنا نقول إن بعض الغاية تبرر الوسيلة، يعني لو فرضنا أن إنساناً اعتقل من قبل الأعداء وطلب منه أن يحدثهم عن أسرار بلده العسكرية والاقتصادية وما إلى ذلك، وطلبوا منه أن يُقسم اليمين، فهل نقول له إن الكذب حرام، بل نقول له يجب عليك أن تكذب لأنك لو صدقت لدمرت بلدك.

سلاح المخدرات

س: ولكن في الغالب، تستخدم أموال المخدرات لتمويل بعض الجماعات المسلحة، ما رأيك، سماحة السيد، في هؤلاء الجماعات الذين يستخدمون أموال المخدرات وتبييض الأموال لتمويل عملياتهم المسلحة؟

ج: نحن نرفض استخدام المخدرات جملةً وتفصيلاً، وقد أصدرنا فتوى مطلقةً في العالم كله من موقعنا الإسلامي الاجتهادي بتحريم زراعة المخدرات، إلا ما يستخدم في إنتاج الدواء، وحرمة ممارستها. ولكن سلاح المخدرات دخل في صراع الدول وفي الصراع بين أصحاب النفوذ والأغنياء وما إلى ذلك، يعني أصبحت حرب المخدرات كالحروب السياسية الأخرى.
سلاح المخدّرات دخل في صراع الدول بين أصحاب النفوذ والأغنياء، فأصبحت حرب المخدّرات كالحروب السياسية الأخرى

س: هناك جماعات من مختلف أنحاء العالم ومن مختلف الأديان ينخرطون في الاتجار بها أو تعاطيها!

ج: نحن ضد تبييض الأموال وضد الاتّجار بالمخدرات أياً كانت الجهة المستخدمة وفي أي دولة.

س: هناك جهات دينية كطالبان والقاعدة، تستخدمان أموال المخدرات لتمويل العمليات التفجيرية التي يذهب ضحيتها أبرياء مسلمون؟

ج: نحن نقول إن الفقر المستشري في أفغانستان والذي يؤدّي إلى موت الناس جوعاً، وأنا ليست لديّ ثقافة ميدانية دقيقة في هذا الشأن، قد يكون هو الدافع في زراعة المخدرات، ليؤمّنوا بذلك وسيلةً للعيش، ولذلك عندما بدأت الحرب بينهم وبين الحلف الأطلسي الذي تقوده أمريكا، كانوا يستخدمونه سلاحاً ضدّ جنود حزب الناتو أو ما أشبه ذلك. أنا لا أبرر ذلك، ولكن علينا عندما نطلق الفتاوى أن ندرس الواقع الذي يمكن أن تتحول فيه الفتاوى إلى حقيقة ميدانية.

س:أنا قصدت مثلاً أن هذه الأموال تتحوّل إلى أداة لشراء المتفجرات التي يرسلونها لينفذوا هجماتهم الإرهابية التي يروح ضحيتها مدنيّون مسلمون في الغالب؟

ج: نحن نرفض وندين كل التفجيرات الانتحارية في العراق وأفغانستان وباكستان والصومال وفي أي بلد آخر، لأنه لا يجوز قتل المدنيين الأبرياء، ونحن نقول إن الذي يقوم بتفجير نفسه نتيجة غسل دماغه بالخرافات، ولا سيما المراهقين، لأنّ جماعة القاعدة وغيرهم، أصبحوا يوظّفون الأطفال والنساء في هذا المجال، نحن نقول إن هذا الفعل يترتب عليه جريمتان؛ جريمة بحق الإنسان الذي يفجّر نفسه فيكون حكمه حكم المنتحر في الإسلام الذي يقتل نفسه، وجريمة بحق الناس الذين يقتلهم من الأطفال والنساء وكل المدنيين.

خلايا نائمة ؟

س: يتحدث البعض عن وجود خلايا نائمة لحزب الله في دول عربية عديدة، جاهزة لتنفيذ هجمات واعتداءات في حال تضررت مصالح الحزب أو مصالح إيران بشكل كبير؟

ج: نحن نقول، من الممكن لأي إنسان أن يوجّه أي اتهام لأي إنسان آخر، ولكن كل دعوى غير مقرونة ببيّنة يعتبر أصحابها أدعياء {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} [البقرة:111]، فإذا كانت هناك خلايا نائمة، فإنّنا نسأل: من الذي اكتشفها وكيف؟ وما الهدف؟ إن كان الهدف منها إثارة الفوضى في البلد وإيجاد المشاكل الإرهابية وغيرها، فهذا لا يجيزه أحد، ولكن إذا كانت المسألة تتعلق بقضايا الأمّة، فعلينا أن نحترم قضايا الأمة. والمشكلة عندنا في الواقع العربي، أن قضايا الأمة سقطت أمام القضايا الإقليمية أو الوطنية في هذا المجال.
إنّ قضيّة التشيّع أو التسنّن هي قضية فكرية، وليس هناك أيّ أجندة شيعية في أيّ بلد يعيشون فيه من أجل أن يكون لهم كيان خاص

المذهبية وفلسطين


وقد تحدثت أكثر من مرة، أن البلاد العربية عند الاحتلال اليهودي لفلسطين كانت تعمل على تحرير فلسطين، أما الآن، فإنها تعمل على التحرر من فلسطين، ونحن نقول تعليقاً على الحملة التي تقودها الكثير من الأنظمة استجابةً للخطة الأمريكية الأوروبية، والتي تحاول تمزيق وحدة المسلمين وإشغال بعضهم ببعض، نقول لهم: لا تخافوا من المسلمين الشيعة، فالشيعة مسلمون يؤمنون بالله وبرسوله وبكتابه، ويرون أن القرآن هو كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه من دون تحريف أو زيادة أو نقصان، وأيضاً هم يرون أنّ دم المسلم على المسلم حرام، كما أن ماله وعرضه حرام على المسلم، بل حتى على المسالم، وكذلك نحن نقول إنّه ليست هناك أي أجندة شيعية في أي بلد يعيشون فيه من أجل أن يكون لهم كيان خاص، لا في لبنان ولا في العراق ولا في الخليج ولا في أي بلد آخر، أما مسألة أن الشيعة يريدون أن يشيّعوا السنّة، فهذا أمر لا واقعية له، بل قد يكون الأمر عكس ذلك، فنحن نعرف أن بعض الاتجاهات المذهبية التي تموّلها بعض الدول العربية تعمل على تسنين الشيعة، لكننا نقول إن التشيع أو التسنّن هي قضية فكرية، إذ يمكن أن يقنع السني الشيعي بمذهبه، كما يمكن أن يقنع الشيعي السني بمذهبه من دون أي مشكلة، ولكننا نريد أن نقول لبعض الذين يثيرون هذه الأمور، ما رأيكم في التبشير الذي ينتشر في بعض الدول الإسلامية العربية التي شنّت حرباً على الشيعة، فهناك إحصائيات تقول: إنه من خلال المبشرين، الذين يضغط الغرب لإدخالهم في هذا البلد العربي المسلم، يتنصّر كل سنة ألفا مسلم تقريباً، فلماذا لا يتحدثون عن التبشير المسيحي، ولا يتحدثون عن المثليين الذين يطالبون بأن يكون لهم دور في البلد الإسلامي؟
كانت البلاد العربية تعمل على تحرير فلسطين، أما الآن، فإنها تعمل على التحرر من فلسطين

نحن نرى أن إثارة المسألة على أساس أن الشيعة يمثلون خطراً على الأمة، هي مسألة سياسية إسرائيلية غربية بامتياز، انطلقت من خطة عربية متأثرة بكل هذا الجو. لقد أعجبت بكلام أحد الصحفيين المنفتحين الذي علّق على ما قيل عن الشاب من حزب الله الذي اعتقل في مصر بأنه جاء ليشيّع 70 مليون مصري، قال: ما رأيكم في أن هذا الشاب وجماعته يريدون أن ينصروا مليوناً ونصف مليون سني في غزة، فهل هم بذلك يعملون على أساس تدمير السنة؟ نحن نقول للمسلمين من الشيعة والسنة، إنّ الشيعة ليسوا مشكلة السنّة، وإنّ السنة ليسوا مشكلة الشيعة، وإنّ هناك أكثر من 80 بالمئة مما يتفق حوله السنة والشيعة.

إن المشكلة هي في الخطر الذي يتعرّض له الإسلام من خلال الخطة التي يتحرك بها الغرب، والتي تهدف إلى تشويه الإسلام، وذلك من خلال الإساءة إلى شخصية النبي محمد(ص) أو من خلال الأبحاث التي ترمي الإسلام بالإرهاب والتطرف وما إلى ذلك، أو بإنتاج أفلام معادية، كفيلم "فتنة" الذي يشوّه صورة الإسلام.

ونحن نرى أنّ قضية مكافحة الإرهاب لا تتحرّك إلا في البلاد الإسلامية، والتي تحولت إلى احتلال، لا من أجل مكافحة الإرهاب، ولكن من أجل تمكين الاستراتيجية الأمريكية في العالم، كما في أفغانستان وباكستان، اللتين تدخلان في خطة أمريكا لمحاصرة آسيا، أو كما في العراق الذي أريد له أن يكون جسراً للعبور إلى المنطقة للسيطرة على ثرواتها الطبيعية، وأيضاً في الفوضى التي أثارتها في السودان وفي الصومال وما إلى ذلك.
الوحدة الإسلامية هي الخيار الوحيد الذي فيه خلاص الإسلام والمسلمين

وأنا أقول: إن عليكم أن تلتقوا على الإسلام، ثم بعد ذلك ابحثوا في نقاط الخلاف، وأن تعيشوا الحاضر والمستقبل، ولا تستغرقوا في الماضي، انطلاقاً من قوله تعالى: {تلك أمةٌ قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تُسألون عما كانوا يعملون} [البقرة:134]، وعليكم أن تتوحَّدوا، لأن الوحدة الإسلامية هي الخيار الوحيد الذي فيه خلاص الإسلام والمسلمين الذين يعدون ملياراً ونصف المليار من الناس، ومع ذلك لا يشاركون في قضايا العالم، بل إن مصائرهم تحدّدها السياسات الاستكبارية.

السلفية

س: سماحة السيد، كان لديك مخاوف من وصول السلفية الشيعية إلى لبنان وتفشي السلفية السنية فيه، ما هو أساس مخاوفك؟

ج: السلفية تمثّل حالة تخلّف لا تنفتح على أصالة الإسلام، لأنها تنطلق من ذهنية مغلقة متخلفة، ولذلك فإننا نرفض العصبية العمياء، سواء من السلفية الشيعية أو من السلفية السنية، ونقول لهم إن الحوار هو الأساس الذي يحل مشكلة الشيعة والسنة أمام التحديات الكبرى التي نواجهها، وعليكم أن تستهدوا قول الله {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا} [آل عمران:103] {فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول} [النساء:59].
السلفيّة التي تعني الرجوع إلى الأصول الأصيلة في الإسلام، لا مشكلة فيها، أمّا السلفية المتعصّبة العمياء، فإنها تمثّل خطراً على الإسلام والمسلمين

س: سماحة السيد، هل كل السلفيات خطر على الأمة...؟

ج: ليست كل السلفيات، خطراً، بل السلفية المتعصبة العمياء التي لا تعترف بالآخر ولا تحاوره، والتي تكفّر الآخر وتستحلّ دمه، كما في بعض السلفيات التي نواجهها في العراق وفي أفغانستان وباكستان، ونكاد نعيش روحيتها في بعض البلدان العربية. أما السلفية التي تعني الرجوع إلى الأصول الأصيلة في الإسلام، مع تنوّع الاجتهادات المرتكزة على قواعد علمية، والتي تقبل الحوار، فلا مشكلة فيها، أما السلفية التي تغلق عقلها وتغلق قلبها عن المسلمين الآخرين، وتعمل ضد الوحدة الإسلامية، وضد التقريب بين المذاهب الإسلامية، فإنها تمثل خطراً على الإسلام والمسلمين.

حوار: نسرين صادق

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 04 ربيع الثاني 1431 هـ  الموافق: 29/04/2009 م
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية