بيان: حذّر فيه من فخّ مزدوج تنصبه الإدارة الأميركية للعرب والمسلمين

بيان: حذّر فيه من فخّ مزدوج تنصبه الإدارة الأميركية للعرب والمسلمين

حذّر من فخٍّ مزدوج تنصبه الإدارة الأميركية للعرب والمسلمين
فضل الله: المستقبل لا يطلّ على أيّ معلمٍ من معالم السّلام بل على سياسة النهب والاستبداد
 

لاحظ العلامة المرجع، السيّد محمّد حسين فضل الله، أنّ الإدارة الأميركية تنصب فخّاً مزدوجاً للأمّة العربيّة والإسلاميّة، مؤكّداً أنّ المستقبل لا يطلّ على أيّ معلمٍ من معالم السلام، بل ينفتح على سياسة النهب والاستبداد التي يُراد للشعوب أن توقّع عليها، بعدما وقعّت عليها الكثير من الأنظمة.

ورأى أنّ الحملة التي تستهدف الجمهورية الإسلامية في إيران لا تتّصل بما يسمونه "طموحات نووية" لها، بل بموقفها من القضية الفلسطينية، حيث لا سبيل أمامهم لإنهاء هذه القضية مع إيران قويّة.

وأبدى خشيته من أن يكون مشروع الإدارة الأميركية هو المشروع الإسرائيلي نفسه الذي لا يرفض حقّ العودة للفلسطينيين فحسب، بل يعمل على طرد أكثر من مليون فلسطيني من فلسطين العام1948، مستشهداً بكلام أوباما بأنّه "يعمل على حلّ المشاكل الديموغرافية لإسرائيل".

أدلى سماحته بتصريحٍ تناول فيه خلفيات الحركة الأميركية الأخيرة في المنطقة، وجاء في تصريحه:

لعلّ ما أفصحت عنه الإدارة الأميركية في الأيام الأخيرة، من خلال أكثر من مسؤول من مسؤوليها، يكشف عن حجم اللّعبة التي حاولت الخطابات والتّصريحات، وحتى الأنشطة السياسية التي قام بها السياسيون والدبلوماسيون العاملون في إدارة "أوباما" من خلالها، أن توهم العرب والمسلمين بأنّ ثمّة سياسةً أميركيةً جديدةً في المنطقة، وأنّ الولايات المتحدة الأميركية ستكون أكثر توازناً في التّعاطي مع ملفّات المنطقة، وعلى رأسها الملفّ الفلسطيني بكلّ ما يمثله من حضور فاعل في الوجدان العربي والإسلامي.

فإذا كان الرئيس الأميركي قد أظهر براعةً في قول الشيء ونقيضه، وفي دغدغة أحلام المتعبين أو المتهالكين في الأوساط العربية والإسلامية، إلا أنّه بدأ يُفصح مؤخّراً عن الكثير من النيّات التي تُبطنها إدارته حيال القضيّة الفلسطينيّة، فهو مع إصراره على عدم لفظ كلمة "احتلال"، والتي لا يمكن تجاوزها في الحديث عن المسألة الفلسطينية ـ من خلال قرارات الأمم المتّحدة على الأقلّ ـ بدأ يتحدّث مؤخّراً عن أنّه يعمل "على حلّ المشاكل الديموغرافية لإسرائيل من خلال حلّ الدولتين"، ليوحي بأنّ مشروعه هو المشروع الإسرائيلي عينه الذي يستبطن، ليس إسقاط حقّ العودة لنحو ستّة ملايين فلسطيني فحسب، بل العمل على طرد أكثر من مليون فلسطينيّ من فلسطينيي العام1948، لتحقيق نبوءة بن غوريون التي أصرّ عليها "نتنياهو" في خطابه في جامعة تل أبيب، فيما أسماه "الوطن القومي للشعب اليهودي" الذي ينبغي على الفلسطينيين أن يوقّعوا عليه، ليعلنوا الخروج النهائي ليس من فلسطين فقط، بل من الجغرافيا والتاريخ، وحتى من المستقبل. وهو ما يمارسه العدوّ عملياً في حركته التهويدية التي لن يكون آخرها قرار منع الفلسطينيين من الاحتفال بيوم النكبة.

لقد فشل الرئيس الأميركي إلى الآن في تحقيق تغيير حقيقي في مسألتين كان يوحي أنهما في متناول اليد، وهما مسألة "غوانتانامو وأفغانستان، وسار على خطى سلفه في المسألة العراقية، وربّما يتطلّع إلى ما يتحدث عنه مسؤولون عسكريون أميركيون من أنّ قواتهم المحتلة قد تبقى لعشر سنين أخرى في العراق، الأمر الذي يؤكد أنّ "أوباما" هو ابن وفيّ للمؤسسة الأميركية التي حملته إلى السلطة لتحلّ مشاكل أميركا في العالم، وخصوصاً في المنطقة، لا لتحلّ مشاكل المنطقة ومآزق العالم التي صنعتها الإدارات الأميركية المتعاقبة طوال عقود عدة، والتي بدأتها باستخدام السلاح النووي ضدّ المدنيين في أضخم عمل إرهابي عالمي، واختتمتها بالجرائم الفظيعة التي ارتكبتها إدارة جورج بوش في العراق وأفغانستان، وفي إطلاق يد إسرائيل لشنّ حرب إبادة وحشية ضد الفلسطينيين، وارتكاب أفظع المجازر في حقّهم وحقّ اللبنانيين، وارتكاب جرائم حرب أكّدتها شهادات الجنود الصهاينة الأخيرة الموثّقة التي نشرتها منظمة "نكسر الصمت" الإسرائيلية، ومع ذلك، فإن إدارة "أوباما" لم تحرك ساكناً.

ليس هذا فحسب، بل إنّ وزيرة الخارجية الأميركية، وهي الشّخصية الأقرب إلى الصهاينة في الإدارة الأميركية، بدأت تأخذ الحيّز الأكبر في الحركة الأميركية، لتكشف الوجه الحقيقي لهذه الإدارة، متجاوزةً خطاب "المداراة"، والكلمات الضبابية والمموّهة للرئيس الأميركي، ومتقدمةً عليه في الإفصاح والإيضاح، لتطالب العرب صراحةً بالقيام بخطوات ملموسة لتطبيع العلاقات مع العدوّ، بعدما قدّم عرب الأنظمة كل ما في جعبتهم، بل إنها دعتهم إلى "تهيئة شعوبهم لقبول إسرائيل في المنطقة"، لتتحدّث بعدها عن تجميد الاستيطان بأنه يمثل تحدياً سياسياً للإسرائيليين، تماماً كما كان يتحدث زوجها، أثناء رئاسته، بأنّ على الولايات المتحدة الأميركية أن تمنع إسرائيل من المجازفة في عملية التسوية.

إننا، وأمام هذا الخطاب الأميركي الواضح والصريح، والذي يُزايد فيه المسؤولون الأميركيون الحاليون على خطابات ومواقف الرئيس الأميركي السابق، جورج بوش الابن، والذي يُراد من خلاله للعرب والمسلمين أن يهرولوا إلى كيان العدوّ زرافات ووحداناً ليتنازلوا عن ورقة التوت الأخيرة المتمثلة بالتطبيع المكشوف، بعدما طبّعت الكثير من الأنظمة مع العدو ولكن على طريقتها الخاصة، ندعو الشعوب العربية والإسلامية إلى وعي المرحلة جيداً، والحذر الكبير أمام الفخّ الخطير الذي يُصنع لها، والشّرك المزدوج الذي يُنصب لها، لتعرف أنّ المستقبل لا يطلّ على أيّ معلمٍ من معالم السّلام، بل ينفتح على سياسة النهب والاستبداد التي يُراد للشّعوب العربيّة والإسلاميّة أن توقّع عليها، بعدما وقّعت عليها الكثير من الأنظمة، ومهّدت لها الكثير من الرموز الدينية التي مثّلت الغطاء لأبشع جريمة يُراد تمريرها على شعوبنا وقوانا الحيّة وطلائعنا الحرّة الأبيّة.

إنّني أدعو الشّعوب العربية والإسلامية إلى اكتشاف حجم المؤامرة التي تقف وراء تصعيد الحملة على الجمهورية الإسلامية في إيران، واعتبارها عدوّاً، وفتح الممرّات البحرية والأجواء العربية أمام العدوّ الإسرائيلي للتهويل عليها، لأنّ المسألة لا تتصل بتاتاً بما يسمّونه طموحات إيران النووية، بل بمصادرة القضيّة الفلسطينيّة وإنهائها بالكامل، ولا سبيل لهم إلى ذلك مع إيران قوية وممانعة وداعمة للمقاومة وحركات التحرّر.

إنّ المسألة هي أن نعي جميعاً حجم المؤامرة وخطورة المرحلة، وأن نتحرّك كشعوب وحركات تحرر ومقاومة، وكطليعة واعية في الأمّة، لكشف عملية الاحتلال الكبرى التي يجري الإعداد لها عالمياً لسحب البساط بالكامل من تحت أقدام الشعب الفلسطيني، لنعمل على فضح الناهبين الدوليين، ولصوص الأوطان الإقليميين، ولنتصدّى لهؤلاء بكلّ الإمكانات والأساليب المتوافرة، إعلامياً، وسياسياً، وثقافياً، وميدانياً وما إلى ذلك.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 4 شعبان 1430 هـ الموافق: 26/07/2009 م

حذّر من فخٍّ مزدوج تنصبه الإدارة الأميركية للعرب والمسلمين
فضل الله: المستقبل لا يطلّ على أيّ معلمٍ من معالم السّلام بل على سياسة النهب والاستبداد
 

لاحظ العلامة المرجع، السيّد محمّد حسين فضل الله، أنّ الإدارة الأميركية تنصب فخّاً مزدوجاً للأمّة العربيّة والإسلاميّة، مؤكّداً أنّ المستقبل لا يطلّ على أيّ معلمٍ من معالم السلام، بل ينفتح على سياسة النهب والاستبداد التي يُراد للشعوب أن توقّع عليها، بعدما وقعّت عليها الكثير من الأنظمة.

ورأى أنّ الحملة التي تستهدف الجمهورية الإسلامية في إيران لا تتّصل بما يسمونه "طموحات نووية" لها، بل بموقفها من القضية الفلسطينية، حيث لا سبيل أمامهم لإنهاء هذه القضية مع إيران قويّة.

وأبدى خشيته من أن يكون مشروع الإدارة الأميركية هو المشروع الإسرائيلي نفسه الذي لا يرفض حقّ العودة للفلسطينيين فحسب، بل يعمل على طرد أكثر من مليون فلسطيني من فلسطين العام1948، مستشهداً بكلام أوباما بأنّه "يعمل على حلّ المشاكل الديموغرافية لإسرائيل".

أدلى سماحته بتصريحٍ تناول فيه خلفيات الحركة الأميركية الأخيرة في المنطقة، وجاء في تصريحه:

لعلّ ما أفصحت عنه الإدارة الأميركية في الأيام الأخيرة، من خلال أكثر من مسؤول من مسؤوليها، يكشف عن حجم اللّعبة التي حاولت الخطابات والتّصريحات، وحتى الأنشطة السياسية التي قام بها السياسيون والدبلوماسيون العاملون في إدارة "أوباما" من خلالها، أن توهم العرب والمسلمين بأنّ ثمّة سياسةً أميركيةً جديدةً في المنطقة، وأنّ الولايات المتحدة الأميركية ستكون أكثر توازناً في التّعاطي مع ملفّات المنطقة، وعلى رأسها الملفّ الفلسطيني بكلّ ما يمثله من حضور فاعل في الوجدان العربي والإسلامي.

فإذا كان الرئيس الأميركي قد أظهر براعةً في قول الشيء ونقيضه، وفي دغدغة أحلام المتعبين أو المتهالكين في الأوساط العربية والإسلامية، إلا أنّه بدأ يُفصح مؤخّراً عن الكثير من النيّات التي تُبطنها إدارته حيال القضيّة الفلسطينيّة، فهو مع إصراره على عدم لفظ كلمة "احتلال"، والتي لا يمكن تجاوزها في الحديث عن المسألة الفلسطينية ـ من خلال قرارات الأمم المتّحدة على الأقلّ ـ بدأ يتحدّث مؤخّراً عن أنّه يعمل "على حلّ المشاكل الديموغرافية لإسرائيل من خلال حلّ الدولتين"، ليوحي بأنّ مشروعه هو المشروع الإسرائيلي عينه الذي يستبطن، ليس إسقاط حقّ العودة لنحو ستّة ملايين فلسطيني فحسب، بل العمل على طرد أكثر من مليون فلسطينيّ من فلسطينيي العام1948، لتحقيق نبوءة بن غوريون التي أصرّ عليها "نتنياهو" في خطابه في جامعة تل أبيب، فيما أسماه "الوطن القومي للشعب اليهودي" الذي ينبغي على الفلسطينيين أن يوقّعوا عليه، ليعلنوا الخروج النهائي ليس من فلسطين فقط، بل من الجغرافيا والتاريخ، وحتى من المستقبل. وهو ما يمارسه العدوّ عملياً في حركته التهويدية التي لن يكون آخرها قرار منع الفلسطينيين من الاحتفال بيوم النكبة.

لقد فشل الرئيس الأميركي إلى الآن في تحقيق تغيير حقيقي في مسألتين كان يوحي أنهما في متناول اليد، وهما مسألة "غوانتانامو وأفغانستان، وسار على خطى سلفه في المسألة العراقية، وربّما يتطلّع إلى ما يتحدث عنه مسؤولون عسكريون أميركيون من أنّ قواتهم المحتلة قد تبقى لعشر سنين أخرى في العراق، الأمر الذي يؤكد أنّ "أوباما" هو ابن وفيّ للمؤسسة الأميركية التي حملته إلى السلطة لتحلّ مشاكل أميركا في العالم، وخصوصاً في المنطقة، لا لتحلّ مشاكل المنطقة ومآزق العالم التي صنعتها الإدارات الأميركية المتعاقبة طوال عقود عدة، والتي بدأتها باستخدام السلاح النووي ضدّ المدنيين في أضخم عمل إرهابي عالمي، واختتمتها بالجرائم الفظيعة التي ارتكبتها إدارة جورج بوش في العراق وأفغانستان، وفي إطلاق يد إسرائيل لشنّ حرب إبادة وحشية ضد الفلسطينيين، وارتكاب أفظع المجازر في حقّهم وحقّ اللبنانيين، وارتكاب جرائم حرب أكّدتها شهادات الجنود الصهاينة الأخيرة الموثّقة التي نشرتها منظمة "نكسر الصمت" الإسرائيلية، ومع ذلك، فإن إدارة "أوباما" لم تحرك ساكناً.

ليس هذا فحسب، بل إنّ وزيرة الخارجية الأميركية، وهي الشّخصية الأقرب إلى الصهاينة في الإدارة الأميركية، بدأت تأخذ الحيّز الأكبر في الحركة الأميركية، لتكشف الوجه الحقيقي لهذه الإدارة، متجاوزةً خطاب "المداراة"، والكلمات الضبابية والمموّهة للرئيس الأميركي، ومتقدمةً عليه في الإفصاح والإيضاح، لتطالب العرب صراحةً بالقيام بخطوات ملموسة لتطبيع العلاقات مع العدوّ، بعدما قدّم عرب الأنظمة كل ما في جعبتهم، بل إنها دعتهم إلى "تهيئة شعوبهم لقبول إسرائيل في المنطقة"، لتتحدّث بعدها عن تجميد الاستيطان بأنه يمثل تحدياً سياسياً للإسرائيليين، تماماً كما كان يتحدث زوجها، أثناء رئاسته، بأنّ على الولايات المتحدة الأميركية أن تمنع إسرائيل من المجازفة في عملية التسوية.

إننا، وأمام هذا الخطاب الأميركي الواضح والصريح، والذي يُزايد فيه المسؤولون الأميركيون الحاليون على خطابات ومواقف الرئيس الأميركي السابق، جورج بوش الابن، والذي يُراد من خلاله للعرب والمسلمين أن يهرولوا إلى كيان العدوّ زرافات ووحداناً ليتنازلوا عن ورقة التوت الأخيرة المتمثلة بالتطبيع المكشوف، بعدما طبّعت الكثير من الأنظمة مع العدو ولكن على طريقتها الخاصة، ندعو الشعوب العربية والإسلامية إلى وعي المرحلة جيداً، والحذر الكبير أمام الفخّ الخطير الذي يُصنع لها، والشّرك المزدوج الذي يُنصب لها، لتعرف أنّ المستقبل لا يطلّ على أيّ معلمٍ من معالم السّلام، بل ينفتح على سياسة النهب والاستبداد التي يُراد للشّعوب العربيّة والإسلاميّة أن توقّع عليها، بعدما وقّعت عليها الكثير من الأنظمة، ومهّدت لها الكثير من الرموز الدينية التي مثّلت الغطاء لأبشع جريمة يُراد تمريرها على شعوبنا وقوانا الحيّة وطلائعنا الحرّة الأبيّة.

إنّني أدعو الشّعوب العربية والإسلامية إلى اكتشاف حجم المؤامرة التي تقف وراء تصعيد الحملة على الجمهورية الإسلامية في إيران، واعتبارها عدوّاً، وفتح الممرّات البحرية والأجواء العربية أمام العدوّ الإسرائيلي للتهويل عليها، لأنّ المسألة لا تتصل بتاتاً بما يسمّونه طموحات إيران النووية، بل بمصادرة القضيّة الفلسطينيّة وإنهائها بالكامل، ولا سبيل لهم إلى ذلك مع إيران قوية وممانعة وداعمة للمقاومة وحركات التحرّر.

إنّ المسألة هي أن نعي جميعاً حجم المؤامرة وخطورة المرحلة، وأن نتحرّك كشعوب وحركات تحرر ومقاومة، وكطليعة واعية في الأمّة، لكشف عملية الاحتلال الكبرى التي يجري الإعداد لها عالمياً لسحب البساط بالكامل من تحت أقدام الشعب الفلسطيني، لنعمل على فضح الناهبين الدوليين، ولصوص الأوطان الإقليميين، ولنتصدّى لهؤلاء بكلّ الإمكانات والأساليب المتوافرة، إعلامياً، وسياسياً، وثقافياً، وميدانياً وما إلى ذلك.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 4 شعبان 1430 هـ الموافق: 26/07/2009 م

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية