بيان علّق فيه على دعوة بابا الفاتيكان إلى تنصير العالم

بيان علّق فيه على دعوة بابا الفاتيكان إلى تنصير العالم

معلّقاً على دعوة بابا الفاتيكان إلى تنصير العالم

فضل الله يحذّر من التقاء مصالح التبشير مع الحملة العسكريّة على العالم الإسلامي


أصدر سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بياناً علّق فيه على دعوة بابا الفاتيكان إلى تنصير العالم، جاء فيه:

تتزايد في الآونة الأخيرة الدعوات إلى التبشير بالمسيحيّة، والتي كان آخرها دعوة بابا الفاتيكان إلى ضمّ كلّ البشر إلى المسيحيّة، مدافعاً عن حرّية الكنيسة الكاثوليكيّة في ذلك، واصفاً هذا الأمر بالواجب والحقّ الثابت، معتبراً أنّ الطابع المركزي لرسالة الكنيسة الكاثوليكيّة يكمن في رسالة التبشير بالإنجيل، وهو تعبير عن الحرّية الدينية بأبعادها الأخلاقيّة والاجتماعيّة والسياسية.

وإنّنا في الوقت الذي نعتبر فيه إطلاق مثل هذه الدعوات للتبشير الديني أمراً طبيعيّاً لكلّ أصحاب فكرٍ أو تيّار أو اتّجاه أو دينٍ أو مذهبٍ، فإنّنا أمام هذه الدعوة من البابا نثير عدّة نقاط، أهمها:

أوّلاً: إنّ هذا التصريح البابوي الذي يعمل على تركيز الرسالة الكاثوليكيّة في العالم، ويتحرك بالعمل على التبشير في المناطق الإسلاميّة، يتزامن مع حملة عالميّة تُشنّ على الإسلام، لتشويه صورته في بنيته الثقافيّة ورسالته الإنسانيّة وحركته الاجتماعية والسياسية والاقتصاديّة، تحت عنوان التخويف من الإسلام، وتقديمه كعدوّ يُنافي الحضارة والتقدّم والإنسانيّة، ما يجعلنا نتساءل: هل سنشهد تطوّراً في الحركة التبشيرية التي تجعل ثمّة تقاطعاً في المصلحة والغايات بينها وبين الحملة المسيئة للإسلام والحملة العسكريّة الاحتلاليّة التي تجتاح وتتدخّل في شؤون الدول الإسلاميّة وشتّى مناطق انتشار المسلمين في العالم، ما قد يُعيد إلى الأذهان كثيراً من التجارب التبشيريّة المريرة التي أتت إلى بلادنا على صهوة خيول الحروب الصليبيّة؟!

ثانياً: إنّ ما يزيد من ريبة العالم الإسلامي حول طبيعة هذه الدعوة، أنّها جاءت في سياق موقفين لافتين أطلقهما البابا: الأوّل يتعلّق بموقفه باعتباره جوهر الإسلام كدينٍ يُنافي العقل والحرّية، ويتمثّل الثاني بمباركته لما أسماه عودة الشعب اليهودي إلى أرضه بعد ثلاثة آلاف سنة، مع علمه بأنّ هذا الكيان يمثّل أبشع حالات العدوان على أبسط حقوق الإنسان في أرضه، وينطوي على خطورة بالغة؛ لما يستبطن من تشريعٍ للاحتلال والاغتصاب والتمهيد لحملات استكبارية جديدة لاجتياح مناطق جديدة في العالم الإسلامي.

ثالثاً: إنّنا في الوقت الذي قد نعتبر فيه أن هذه الدعوة البابوية للتبشير جزءاً من حرّية التعبير، وعلى الرغم ممّا أثرناه من علامات استفهام حولها، فإنّنا نتساءل: لماذا تقوم الدنيا ولا تقعد عندما يُتحدّث عن عالميّة الدعوة إلى الإسلام، علماً أنّها ترتكز على رسالة الانفتاح الثقافي والفكري والموضوعي والحواري بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن؟!

رابعاً: إنّنا نؤكّد على أنّ التبشير الديني عموماً، لا بدّ أن يتحرّك في الخطّ الثقافي الذي يستنطق العقل ويؤكّد على الحجّة والبرهان، على قاعدة احترام الإنسان من خلال الدخول إلى عقله لتكوين قناعاته، وليس العمل على استغلال نقاط الضعف الإنساني، الاقتصاديّة منها أو الثقافيّة أو ما إلى ذلك.

أخيراً: إنّنا ندعو المسلمين جميعاً إلى تحصين واقعنا الإسلامي الذي يُعاني فيه المسلمون من الأمّية الثقافيّة الإسلاميّة بالوعي والفكر المستند إلى القرآن الكريم، الذي هو كتابٌ للحضارة الإنسانيّة، ومواجهة كلّ الدعوات التي تصوّر الإسلام أنّه دين العنف والتخلّف والإرهاب وانتهاك حقوق الإنسان وإلغاء الآخر، وأن يتحمّل هذه المسؤوليّة كلّ دعاة الإسلام ومرجعيّاته بما يؤكّد على منهج الإسلام في الجدال بالتي هي أحسن، وذلك من أجل مواجهة التحدّيات الكبرى التي تعصف بواقعنا الإسلامي على مختلف الصُعد.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 26- 5-1429 هـ  الموافق: 01/06/2008 م

معلّقاً على دعوة بابا الفاتيكان إلى تنصير العالم

فضل الله يحذّر من التقاء مصالح التبشير مع الحملة العسكريّة على العالم الإسلامي


أصدر سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بياناً علّق فيه على دعوة بابا الفاتيكان إلى تنصير العالم، جاء فيه:

تتزايد في الآونة الأخيرة الدعوات إلى التبشير بالمسيحيّة، والتي كان آخرها دعوة بابا الفاتيكان إلى ضمّ كلّ البشر إلى المسيحيّة، مدافعاً عن حرّية الكنيسة الكاثوليكيّة في ذلك، واصفاً هذا الأمر بالواجب والحقّ الثابت، معتبراً أنّ الطابع المركزي لرسالة الكنيسة الكاثوليكيّة يكمن في رسالة التبشير بالإنجيل، وهو تعبير عن الحرّية الدينية بأبعادها الأخلاقيّة والاجتماعيّة والسياسية.

وإنّنا في الوقت الذي نعتبر فيه إطلاق مثل هذه الدعوات للتبشير الديني أمراً طبيعيّاً لكلّ أصحاب فكرٍ أو تيّار أو اتّجاه أو دينٍ أو مذهبٍ، فإنّنا أمام هذه الدعوة من البابا نثير عدّة نقاط، أهمها:

أوّلاً: إنّ هذا التصريح البابوي الذي يعمل على تركيز الرسالة الكاثوليكيّة في العالم، ويتحرك بالعمل على التبشير في المناطق الإسلاميّة، يتزامن مع حملة عالميّة تُشنّ على الإسلام، لتشويه صورته في بنيته الثقافيّة ورسالته الإنسانيّة وحركته الاجتماعية والسياسية والاقتصاديّة، تحت عنوان التخويف من الإسلام، وتقديمه كعدوّ يُنافي الحضارة والتقدّم والإنسانيّة، ما يجعلنا نتساءل: هل سنشهد تطوّراً في الحركة التبشيرية التي تجعل ثمّة تقاطعاً في المصلحة والغايات بينها وبين الحملة المسيئة للإسلام والحملة العسكريّة الاحتلاليّة التي تجتاح وتتدخّل في شؤون الدول الإسلاميّة وشتّى مناطق انتشار المسلمين في العالم، ما قد يُعيد إلى الأذهان كثيراً من التجارب التبشيريّة المريرة التي أتت إلى بلادنا على صهوة خيول الحروب الصليبيّة؟!

ثانياً: إنّ ما يزيد من ريبة العالم الإسلامي حول طبيعة هذه الدعوة، أنّها جاءت في سياق موقفين لافتين أطلقهما البابا: الأوّل يتعلّق بموقفه باعتباره جوهر الإسلام كدينٍ يُنافي العقل والحرّية، ويتمثّل الثاني بمباركته لما أسماه عودة الشعب اليهودي إلى أرضه بعد ثلاثة آلاف سنة، مع علمه بأنّ هذا الكيان يمثّل أبشع حالات العدوان على أبسط حقوق الإنسان في أرضه، وينطوي على خطورة بالغة؛ لما يستبطن من تشريعٍ للاحتلال والاغتصاب والتمهيد لحملات استكبارية جديدة لاجتياح مناطق جديدة في العالم الإسلامي.

ثالثاً: إنّنا في الوقت الذي قد نعتبر فيه أن هذه الدعوة البابوية للتبشير جزءاً من حرّية التعبير، وعلى الرغم ممّا أثرناه من علامات استفهام حولها، فإنّنا نتساءل: لماذا تقوم الدنيا ولا تقعد عندما يُتحدّث عن عالميّة الدعوة إلى الإسلام، علماً أنّها ترتكز على رسالة الانفتاح الثقافي والفكري والموضوعي والحواري بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن؟!

رابعاً: إنّنا نؤكّد على أنّ التبشير الديني عموماً، لا بدّ أن يتحرّك في الخطّ الثقافي الذي يستنطق العقل ويؤكّد على الحجّة والبرهان، على قاعدة احترام الإنسان من خلال الدخول إلى عقله لتكوين قناعاته، وليس العمل على استغلال نقاط الضعف الإنساني، الاقتصاديّة منها أو الثقافيّة أو ما إلى ذلك.

أخيراً: إنّنا ندعو المسلمين جميعاً إلى تحصين واقعنا الإسلامي الذي يُعاني فيه المسلمون من الأمّية الثقافيّة الإسلاميّة بالوعي والفكر المستند إلى القرآن الكريم، الذي هو كتابٌ للحضارة الإنسانيّة، ومواجهة كلّ الدعوات التي تصوّر الإسلام أنّه دين العنف والتخلّف والإرهاب وانتهاك حقوق الإنسان وإلغاء الآخر، وأن يتحمّل هذه المسؤوليّة كلّ دعاة الإسلام ومرجعيّاته بما يؤكّد على منهج الإسلام في الجدال بالتي هي أحسن، وذلك من أجل مواجهة التحدّيات الكبرى التي تعصف بواقعنا الإسلامي على مختلف الصُعد.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 26- 5-1429 هـ  الموافق: 01/06/2008 م
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية