سنة وشيعة لبنان: الاختلاف المذهبي والسياسي! السيد فضل الله: الذين يثيرون النعرات الطائفية غير متدينين

سنة وشيعة لبنان: الاختلاف المذهبي والسياسي! السيد فضل الله: الذين يثيرون النعرات الطائفية غير متدينين

سنة وشيعة لبنان: الاختلاف المذهبي والسياسي!

السيد فضل الله: الذين يثيرون النعرات الطائفية غير متدينين


أصبح تلاحم المسلمين اليوم أكثر وجوباً من أيِّ وقت مضى، نظرًا لتعرضهم لهجمات وفتن تريد تمزيق صفهم. وعلى الدعاة أدوار هامة لصد هذه الهجمات، من أهمها الاعتراف بالاختلافات بين العلماء والمذاهب والأحزاب والقوميات والفرق، والتعامل مع هذه الاختلافات بمقتضيات الأخوّة الإسلامية التي فرضها الله عزّ وجل، وجعلها أعلى من كل الروابط البشرية الأخرى، وهي مبنيّة على أساس واحد، هو أن يقول الإنسان إنه مسلم، ويشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.

لكن الواقع أن بعض الدعاة ينزلقون إلى ممارسة دور مخالف، فهم يفرّقون بدلاً من أن يجمِّعوا، من خلال ممارسة خطاب يؤجج الفتنة الطائفية أو المذهبية بين المسلمين.

للتعرّف على أسس الاختلاف وعلى من تقع مسؤولية انتشار هذه الظاهرة وسُبل علاجها، سألنا المرجع الشيعي السيد محمد حسين فضل الله وهذا الحوار.


* من يتحمل مسؤولية نشر الاختلاف بين المذاهب الإسلامية؟

- من يُثيرون النعرات المذهبيّة هم - في كثير من الأحيان - من غير المتديّنين، أو ممّن يعيشون التديّن في السطح لا في العمق، أو ممّن هم خارج الدائرة الإسلاميّة، وقال: "إن القيادات الطائفيّة الدينية معنيّة بالارتفاع بمستوى الناس إلى مستوى القيم الدينية والرسالة التي يؤمن بها كلّ طرف؛ لأنّ المذهبيّة هي - في واقعها - وجهة نظرٍ تمثل قيم هذا الدين أو ذاك، والابتعاد عن هذه القيم باسم الطائفية يمثّل بالنتيجة ابتعاداً عن الدين نفسه".

كما إنّ سيادة ثقافة القيم، من شأنها أن تسهم في أمرين: التقريب بين أبناء الطوائف، وجعل تلك القيم تمثل معايير مشتركة واقعيّة يُمكن لكلّ طائفة أن تحتكم إليها لتقييم أيّ واقع، أو شخصٍ، بعيداً عن انتمائه المذهبي.

لذلك من الصعب الحديث عن مسؤولية مباشرة؛ لأن المسألة المذهبيّة في عالمنا بالغة التعقيد، حيث نجد فيها التداخل بين العالم الخارجي الذي يحاول السيطرة على مواقع المسلمين، بإضعاف البنية الداخليّة للمسلمين، كما تتداخل فيها حركة القيادات السياسيّة على اختلاف مواقعها، بتنازل الشعوب عن دورها في تصويب القيادات، إضافة إلى حضوراً للتراكمات التاريخية السلبية التي لم يجرِ نقدها في عمليّة التربية الدينية التي يخضع لها الدعاة إلى جانب الجماهير.

* هل التأميم هو الحل؟!

- إن حصر العمل الدعوي بالمؤسسات الدينية الرسمية مسألة لا تبدو واقعيّة في ظلّ تعدّد المرجعيّات وتعدّد أطر العمل الديني، وأنه لا مانع من تنظيم العمل الدعوي، عن طريق وضع ضوابط عامّة وأسس تستند إلى معايير إسلاميّة تتّصل بالكفاءة الدينية الفكريّة والثقافيّة والاستقامة والعدالة، وأنّ المؤسّسة التي ترعى العمل الدعوي - هي نفسها – قد تخضع للتسييس فتشكّل بذلك مشكلة إضافيّة بدلاً من أن تحلّ المشكلة.

بين الدعوي والسياسي

* من المستفيد الأول من الفتنة المذهبية؟

- إنّ المستفيد الأكبر من أيّة فتنة مذهبية أو طائفية قد تقع هو العدو، لأن الفتنة تضعف الأمة أمام أعدائها، بحيث تجعل كلّ القوى والأنشطة موجهة ضد بعضنا البعض، بدلاً من أن تكون موجهة ضد الأعداء الخارجيين، أو حتى ضد الخصوم الداخليين "كالملحدين والماديين"، الذين ينبغي أن يقع التوجه نحوهم.

* كيف يمكن معالجة الاختلاف حتى لا تكون فتنة؟

- أنّه لا بد للقائمين على العمل الدعوي من صياغة معايير واضحة تستند إلى الأسس الإسلامية الصادقة، بحيث تشكِّل هذه المعايير البرنامج الذي يتحرّك في إطاره كل العاملين في إطار الدعوة، ومن أهم هذه المعايير التأسيس لثقافة الانفتاح على الآخر، واحترامه، ونبذ العصبية، وإضفاء منهج الحوار في إدارة الاختلاف، وعدم الخلط بين الأمور.

كما أنه على العاملين في إطار الدعوة التريث في تقييم أداء هذا أو ذاك، ليس على أساس الانتماء المذهبي، بل على أساس ما يختزنه الأداء من قيمة موضوعية تستند إلى كتاب الله وسنة رسوله(ص).

مراسل شبكة "إسلام أون لاين.نت" في لبنان ـ أيمن المصري..

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 28 محرم 1428 هـ  الموافق: 15/02/2007 م

سنة وشيعة لبنان: الاختلاف المذهبي والسياسي!

السيد فضل الله: الذين يثيرون النعرات الطائفية غير متدينين


أصبح تلاحم المسلمين اليوم أكثر وجوباً من أيِّ وقت مضى، نظرًا لتعرضهم لهجمات وفتن تريد تمزيق صفهم. وعلى الدعاة أدوار هامة لصد هذه الهجمات، من أهمها الاعتراف بالاختلافات بين العلماء والمذاهب والأحزاب والقوميات والفرق، والتعامل مع هذه الاختلافات بمقتضيات الأخوّة الإسلامية التي فرضها الله عزّ وجل، وجعلها أعلى من كل الروابط البشرية الأخرى، وهي مبنيّة على أساس واحد، هو أن يقول الإنسان إنه مسلم، ويشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.

لكن الواقع أن بعض الدعاة ينزلقون إلى ممارسة دور مخالف، فهم يفرّقون بدلاً من أن يجمِّعوا، من خلال ممارسة خطاب يؤجج الفتنة الطائفية أو المذهبية بين المسلمين.

للتعرّف على أسس الاختلاف وعلى من تقع مسؤولية انتشار هذه الظاهرة وسُبل علاجها، سألنا المرجع الشيعي السيد محمد حسين فضل الله وهذا الحوار.


* من يتحمل مسؤولية نشر الاختلاف بين المذاهب الإسلامية؟

- من يُثيرون النعرات المذهبيّة هم - في كثير من الأحيان - من غير المتديّنين، أو ممّن يعيشون التديّن في السطح لا في العمق، أو ممّن هم خارج الدائرة الإسلاميّة، وقال: "إن القيادات الطائفيّة الدينية معنيّة بالارتفاع بمستوى الناس إلى مستوى القيم الدينية والرسالة التي يؤمن بها كلّ طرف؛ لأنّ المذهبيّة هي - في واقعها - وجهة نظرٍ تمثل قيم هذا الدين أو ذاك، والابتعاد عن هذه القيم باسم الطائفية يمثّل بالنتيجة ابتعاداً عن الدين نفسه".

كما إنّ سيادة ثقافة القيم، من شأنها أن تسهم في أمرين: التقريب بين أبناء الطوائف، وجعل تلك القيم تمثل معايير مشتركة واقعيّة يُمكن لكلّ طائفة أن تحتكم إليها لتقييم أيّ واقع، أو شخصٍ، بعيداً عن انتمائه المذهبي.

لذلك من الصعب الحديث عن مسؤولية مباشرة؛ لأن المسألة المذهبيّة في عالمنا بالغة التعقيد، حيث نجد فيها التداخل بين العالم الخارجي الذي يحاول السيطرة على مواقع المسلمين، بإضعاف البنية الداخليّة للمسلمين، كما تتداخل فيها حركة القيادات السياسيّة على اختلاف مواقعها، بتنازل الشعوب عن دورها في تصويب القيادات، إضافة إلى حضوراً للتراكمات التاريخية السلبية التي لم يجرِ نقدها في عمليّة التربية الدينية التي يخضع لها الدعاة إلى جانب الجماهير.

* هل التأميم هو الحل؟!

- إن حصر العمل الدعوي بالمؤسسات الدينية الرسمية مسألة لا تبدو واقعيّة في ظلّ تعدّد المرجعيّات وتعدّد أطر العمل الديني، وأنه لا مانع من تنظيم العمل الدعوي، عن طريق وضع ضوابط عامّة وأسس تستند إلى معايير إسلاميّة تتّصل بالكفاءة الدينية الفكريّة والثقافيّة والاستقامة والعدالة، وأنّ المؤسّسة التي ترعى العمل الدعوي - هي نفسها – قد تخضع للتسييس فتشكّل بذلك مشكلة إضافيّة بدلاً من أن تحلّ المشكلة.

بين الدعوي والسياسي

* من المستفيد الأول من الفتنة المذهبية؟

- إنّ المستفيد الأكبر من أيّة فتنة مذهبية أو طائفية قد تقع هو العدو، لأن الفتنة تضعف الأمة أمام أعدائها، بحيث تجعل كلّ القوى والأنشطة موجهة ضد بعضنا البعض، بدلاً من أن تكون موجهة ضد الأعداء الخارجيين، أو حتى ضد الخصوم الداخليين "كالملحدين والماديين"، الذين ينبغي أن يقع التوجه نحوهم.

* كيف يمكن معالجة الاختلاف حتى لا تكون فتنة؟

- أنّه لا بد للقائمين على العمل الدعوي من صياغة معايير واضحة تستند إلى الأسس الإسلامية الصادقة، بحيث تشكِّل هذه المعايير البرنامج الذي يتحرّك في إطاره كل العاملين في إطار الدعوة، ومن أهم هذه المعايير التأسيس لثقافة الانفتاح على الآخر، واحترامه، ونبذ العصبية، وإضفاء منهج الحوار في إدارة الاختلاف، وعدم الخلط بين الأمور.

كما أنه على العاملين في إطار الدعوة التريث في تقييم أداء هذا أو ذاك، ليس على أساس الانتماء المذهبي، بل على أساس ما يختزنه الأداء من قيمة موضوعية تستند إلى كتاب الله وسنة رسوله(ص).

مراسل شبكة "إسلام أون لاين.نت" في لبنان ـ أيمن المصري..

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 28 محرم 1428 هـ  الموافق: 15/02/2007 م
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية