أسباب عديدة للاهتمام الأميركي بلبنان... ودور "باريس2" تخفيف "الصداع اللبناني

أسباب عديدة للاهتمام الأميركي بلبنان... ودور "باريس2" تخفيف "الصداع اللبناني

أجرى الأستاذ نصير الأسعد حواراً في جريدة "السفير" مع سماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله، تناول آفاق الوضع العراقي في ظل الظرف الدولي الراهن، إضافة إلى انعكاسات مؤتمر باريس2 على الساحة اللبنانية:

يرى المرجع الاسلامي الكبير السيد محمد حسين فضل الله انه من الصعب الجزم بأن الحرب الاميركية على العراق انتهت بصدور القرار الدولي1441، ذلك ان حصول الولايات المتحدة على هذا القرار المتضمن غموضا في بعض بنوده ومفرداته "قد يعطي اميركا حرية الحركة في ايقاع النظام العراقي في بعض الاخطاء التي تبرر لها ممارسة ضغط جديد على مجلس الأمن والدول المتحفظة".

وفي تقديره ان للحرب الاميركية هدفين، اولهما السيطرة على كل مقدرات العراق لتأسيس موقع نفوذ متقدم للولايات المتحدة يجعل سياستها اكثر "فاعلية" حيال الخليج او ايران او بعض الدول العربية، "التي لا تزال تناور في ما يشبه التمرد على العناوين المطروحة اميركياً". أما الثاني وهو هدف ثابت، فيتمثل بالتحقق من عدم قدرة اي دولة في المنطقة على منافسة اسرائيل او مواجهتها، وهذا ينطبق على ايران التي سعت الى ان تكون قوة كبرى دفاعياً، الامر الذي لا يناسب السياسة الاميركية.

ويضيف فضل الله انه اذا كانت الحرب ضد العراق تحتل موقعا استراتيجيا في السياسة الاميركية، فإن ذلك لا يعني ان "السياسة تتحرك في المطلق". ويشرح ذلك بالقول ان "العراق يمكن ان يرضخ للشروط الاميركية الموجودة في القرار الدولي، خصوصا عندما نرصد التخطيط الفرنسي الروسي لإرشاد النظام العراقي الى المطبّات التي يمكن ان يواجهها مع المفتشين". ويلفت ايضا الى ان "العراق الذي شعر بأن رأس النظام مطلوب سوف يقدّم التنازلات وسيحاول المحافظة على الدائرة الدولية التي ربحها في المعركة الدبلوماسية"، ويشير الى عوامل اخرى منها "الاحتجاجات الشعبية التي شملت عواصم عدة ضد الحرب على العراق". ويعتبر المرجع ان كل هذه العناصر "قد تحدّ من اندفاع الولايات المتحدة الى الحرب، لا سيما اذا جاءت نتائج التفتيش لمصلحة العراق وظهرت لامصداقية واشنطن ولندن بشأن امتلاك العراق اسلحة الدمار الشامل".

سوريا والواقعية السياسية

ويعرّج العلامة فضل الله على الموقف السوري في مجلس الأمن فيصفه بالموقف"الذي يتميز بواقعية سياسة في العلاقات الدبلوماسية". ويوضح ان هذه الواقعية السياسية "سمحت بالانسجام مع الدول الكبرى الثلاث التي وقفت ضد الحرب وهي فرنسا وروسيا والصين"، ويلاحظ ان "موقف سوريا يقوّي هذه الدول لتتحمل مسؤولياتها في مجلس الأمن".

ويضيف ان "سوريا ربما كانت تفكر في ان المزاج العربي الرسمي كان ينطلق من رفض اي فرصة للحرب، ومن محاولة اعطاء فكرة عن العالم العربي بأنه ليس ضد القرارات الدولية التي يمكن ان ينسجم معها". ويتطرق الى نقطة مهمة عندما يقول انه "ربما كانت هناك خصوصيات في العلاقات السورية الاميركية تبقيها في اطار من التوازن الذي لا يُبعد سوريا عن مبادئها ولا يجعلها مندفعة بطريقة غير واقعية". ويقول: "ربما لم يكن لهذا الموقف شعبية في الشارع العربي والاسلامي المتوتر، بيد ان المسألة الدبلوماسية تختصر الكثير من عناصر السلامة".

ويؤكد فضل الله ان "علاقات الدول تخضع للمصالح لأن اي دولة لا بد من ان تفكر بواقعية لحماية مصالح شعبها". ويرى ان "من يدرس مسار السياسة السورية في تاريخها يلاحظ ان سوريا كانت اقرب الى الواقعية في علاقاتها بالدول، وبأميركا بالذات، في الوقت الذي تحاول الاحتفاظ بمبادئها ومواقفها الاستراتيجية ضد اسرائيل ومع المقاومة بما يحفظ المعنى القومي لسوريا". ولا يتردد في القول إن "وجود عناصر الحماية للموقع السوري ليس بعيدا عما هو متعارف عليه في العالم تحت عنوان المصالح المتبادلة".

عوامل الاهتمام الأميركي بلبنان

وماذا عن الانعكاسات على لبنان في ظل التطورات الآنفة؟

يؤكد المرجع الاسلامي ان "انعكاس الوضع على لبنان ليس خطيرا إلا بمقدار ما يتعلق الامر بما تحاول اسرائيل الاستفادة منه". لكنه يشير الى نقطة مهمة هنا ايضا فيعرب عن اعتقاده ان "لبنان في السياسة الاميركية بعيدا عن الاعتبارات الاسرائيلية، هو وضع اهتمام كبير من قبل واشنطن".

وفي هذا الاطار، يلفت فضل الله الى "حيوية الموقع اللبناني، واميركا تحاول بسياسة العصا والجزرة ان تبقي اهتمامها بلبنان مستمرا، وذلك لا يعطي لبنان القوة التي كان يملكها قبل تطورات الحرب في لبنان، لكنه لا يسمح بانهيار لبنان". ويشدد على ان "بقاء لبنان على قيد الحياة وخروجه من غرفة العناية الى غرفة النقاهة يمثلان هدفا اميركيا".

لكن ذلك يجب ألاّ يحول من وجهة نظر فضل الله دون الانتباه الى ان "اسرائيل قد تستفيد كما استفادت من أحداث الحادي عشر من ايلول 2001. وذلك إذا حصل، يترك تأثيراته على جوانب عدة". لذلك، فإن "اميركا تحاول ان تؤكد انها تمارس ضغطا على المقاومة في لبنان". على ان للبنان برأي المرجع "خصوصية مميزة، وهي انه يمثل العنوان الاقرب الى الديموقراطية في العالم العربي، الذي قد تصاب ديموقراطيته بخدوش لكنها تبقى ضمن المعقول، ولذلك فإن انهيار لبنان هو انهيار للشعار الاميركي حول الحرية"، وكذلك يبقى لبنان "موقع التواصل الاميركي الاوروبي، الذي تحرص اوروبا على بقائه، اضافة الى ان لا مصلحة لاميركا في الدخول في صراع مع فرنسا في لبنان، كما حصل في عدد من الدول الافريقية". وفي رأي فضل الله ان لبنان يبقى "نافذة الغرب على الشرق".

وإذ يكرر العلامة ان الضغوط الاميركية على لبنان "متصلة بالأمن الاسرائيلي" الذي يتصل بدوره ب"الاستراتيجية الاميركية"، يعتبر ان تحريك عنواني "حزب الله" وإرسال الجيش الى الجنوب "مرتبط بذلك، وقد تتطور المسألة الى درجة قد لا تطلب الموافقة من احد".

"باريس 2"... والتوازن الدولي

أما مؤتمر "باريس 2"، وبالعلاقة مع كل ما تقدم، فيرى فضل الله ان له "جانبا معنويا هو أن لبنان موضع اهتمام دولي، إذ تجتمع الدول لتبحث شؤونه". لكنه يقول: "لا أتصور أمام الظروف الاقتصادية الدولية وأمام بخل الدول المانحة، أنه يمكن للبنان ان يحصل على دعم كبير"، ولذلك "ربما كان دور باريس 2 تخفيف الصداع اللبناني".

ويختم المرجع الاسلامي الكبير بتلخيص للظرف الدولي الراهن، ويدعو الى الانتباه الى انه "لم يخطر لأميركا منذ البداية ان تتصرف بعيدا عن مجلس الأمن لأنها كانت ستفقد معنى الاتزان السياسي الدولي والموقع القيادي الذي تمثله، اي موقع المسؤولية". ويقول ان "اميركا كانت تلعب لعبة القط والفأر، مع ملاحظة ان العلاقات الاميركية مع الدول الكبرى هي غيرها مع دول العالم الثالث، اذ لا يمكنها تجاوز الدول الكبرى، لكنها دفعت الوضع الى حافة الهاوية كما حصل زمن الرئيس الاميركي جون كنيدي والزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشوف". ويخلص الى ان "التوازن الدولي لا يزال في نطاق الاستراتيجية الاميركية بالطريقة التي تحفظ الموقع الاميركي"... متوصلا بذلك الى ان لبنان ليس فقط موضع اهتمام اميركي كما اشار آنفا، بل ان النظام الدولي لا تزال له "قواعد" لا بد من أن يأخذها لبنان والدول العربية كافة في الاعتبار.

أجرى الأستاذ نصير الأسعد حواراً في جريدة "السفير" مع سماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله، تناول آفاق الوضع العراقي في ظل الظرف الدولي الراهن، إضافة إلى انعكاسات مؤتمر باريس2 على الساحة اللبنانية:

يرى المرجع الاسلامي الكبير السيد محمد حسين فضل الله انه من الصعب الجزم بأن الحرب الاميركية على العراق انتهت بصدور القرار الدولي1441، ذلك ان حصول الولايات المتحدة على هذا القرار المتضمن غموضا في بعض بنوده ومفرداته "قد يعطي اميركا حرية الحركة في ايقاع النظام العراقي في بعض الاخطاء التي تبرر لها ممارسة ضغط جديد على مجلس الأمن والدول المتحفظة".

وفي تقديره ان للحرب الاميركية هدفين، اولهما السيطرة على كل مقدرات العراق لتأسيس موقع نفوذ متقدم للولايات المتحدة يجعل سياستها اكثر "فاعلية" حيال الخليج او ايران او بعض الدول العربية، "التي لا تزال تناور في ما يشبه التمرد على العناوين المطروحة اميركياً". أما الثاني وهو هدف ثابت، فيتمثل بالتحقق من عدم قدرة اي دولة في المنطقة على منافسة اسرائيل او مواجهتها، وهذا ينطبق على ايران التي سعت الى ان تكون قوة كبرى دفاعياً، الامر الذي لا يناسب السياسة الاميركية.

ويضيف فضل الله انه اذا كانت الحرب ضد العراق تحتل موقعا استراتيجيا في السياسة الاميركية، فإن ذلك لا يعني ان "السياسة تتحرك في المطلق". ويشرح ذلك بالقول ان "العراق يمكن ان يرضخ للشروط الاميركية الموجودة في القرار الدولي، خصوصا عندما نرصد التخطيط الفرنسي الروسي لإرشاد النظام العراقي الى المطبّات التي يمكن ان يواجهها مع المفتشين". ويلفت ايضا الى ان "العراق الذي شعر بأن رأس النظام مطلوب سوف يقدّم التنازلات وسيحاول المحافظة على الدائرة الدولية التي ربحها في المعركة الدبلوماسية"، ويشير الى عوامل اخرى منها "الاحتجاجات الشعبية التي شملت عواصم عدة ضد الحرب على العراق". ويعتبر المرجع ان كل هذه العناصر "قد تحدّ من اندفاع الولايات المتحدة الى الحرب، لا سيما اذا جاءت نتائج التفتيش لمصلحة العراق وظهرت لامصداقية واشنطن ولندن بشأن امتلاك العراق اسلحة الدمار الشامل".

سوريا والواقعية السياسية

ويعرّج العلامة فضل الله على الموقف السوري في مجلس الأمن فيصفه بالموقف"الذي يتميز بواقعية سياسة في العلاقات الدبلوماسية". ويوضح ان هذه الواقعية السياسية "سمحت بالانسجام مع الدول الكبرى الثلاث التي وقفت ضد الحرب وهي فرنسا وروسيا والصين"، ويلاحظ ان "موقف سوريا يقوّي هذه الدول لتتحمل مسؤولياتها في مجلس الأمن".

ويضيف ان "سوريا ربما كانت تفكر في ان المزاج العربي الرسمي كان ينطلق من رفض اي فرصة للحرب، ومن محاولة اعطاء فكرة عن العالم العربي بأنه ليس ضد القرارات الدولية التي يمكن ان ينسجم معها". ويتطرق الى نقطة مهمة عندما يقول انه "ربما كانت هناك خصوصيات في العلاقات السورية الاميركية تبقيها في اطار من التوازن الذي لا يُبعد سوريا عن مبادئها ولا يجعلها مندفعة بطريقة غير واقعية". ويقول: "ربما لم يكن لهذا الموقف شعبية في الشارع العربي والاسلامي المتوتر، بيد ان المسألة الدبلوماسية تختصر الكثير من عناصر السلامة".

ويؤكد فضل الله ان "علاقات الدول تخضع للمصالح لأن اي دولة لا بد من ان تفكر بواقعية لحماية مصالح شعبها". ويرى ان "من يدرس مسار السياسة السورية في تاريخها يلاحظ ان سوريا كانت اقرب الى الواقعية في علاقاتها بالدول، وبأميركا بالذات، في الوقت الذي تحاول الاحتفاظ بمبادئها ومواقفها الاستراتيجية ضد اسرائيل ومع المقاومة بما يحفظ المعنى القومي لسوريا". ولا يتردد في القول إن "وجود عناصر الحماية للموقع السوري ليس بعيدا عما هو متعارف عليه في العالم تحت عنوان المصالح المتبادلة".

عوامل الاهتمام الأميركي بلبنان

وماذا عن الانعكاسات على لبنان في ظل التطورات الآنفة؟

يؤكد المرجع الاسلامي ان "انعكاس الوضع على لبنان ليس خطيرا إلا بمقدار ما يتعلق الامر بما تحاول اسرائيل الاستفادة منه". لكنه يشير الى نقطة مهمة هنا ايضا فيعرب عن اعتقاده ان "لبنان في السياسة الاميركية بعيدا عن الاعتبارات الاسرائيلية، هو وضع اهتمام كبير من قبل واشنطن".

وفي هذا الاطار، يلفت فضل الله الى "حيوية الموقع اللبناني، واميركا تحاول بسياسة العصا والجزرة ان تبقي اهتمامها بلبنان مستمرا، وذلك لا يعطي لبنان القوة التي كان يملكها قبل تطورات الحرب في لبنان، لكنه لا يسمح بانهيار لبنان". ويشدد على ان "بقاء لبنان على قيد الحياة وخروجه من غرفة العناية الى غرفة النقاهة يمثلان هدفا اميركيا".

لكن ذلك يجب ألاّ يحول من وجهة نظر فضل الله دون الانتباه الى ان "اسرائيل قد تستفيد كما استفادت من أحداث الحادي عشر من ايلول 2001. وذلك إذا حصل، يترك تأثيراته على جوانب عدة". لذلك، فإن "اميركا تحاول ان تؤكد انها تمارس ضغطا على المقاومة في لبنان". على ان للبنان برأي المرجع "خصوصية مميزة، وهي انه يمثل العنوان الاقرب الى الديموقراطية في العالم العربي، الذي قد تصاب ديموقراطيته بخدوش لكنها تبقى ضمن المعقول، ولذلك فإن انهيار لبنان هو انهيار للشعار الاميركي حول الحرية"، وكذلك يبقى لبنان "موقع التواصل الاميركي الاوروبي، الذي تحرص اوروبا على بقائه، اضافة الى ان لا مصلحة لاميركا في الدخول في صراع مع فرنسا في لبنان، كما حصل في عدد من الدول الافريقية". وفي رأي فضل الله ان لبنان يبقى "نافذة الغرب على الشرق".

وإذ يكرر العلامة ان الضغوط الاميركية على لبنان "متصلة بالأمن الاسرائيلي" الذي يتصل بدوره ب"الاستراتيجية الاميركية"، يعتبر ان تحريك عنواني "حزب الله" وإرسال الجيش الى الجنوب "مرتبط بذلك، وقد تتطور المسألة الى درجة قد لا تطلب الموافقة من احد".

"باريس 2"... والتوازن الدولي

أما مؤتمر "باريس 2"، وبالعلاقة مع كل ما تقدم، فيرى فضل الله ان له "جانبا معنويا هو أن لبنان موضع اهتمام دولي، إذ تجتمع الدول لتبحث شؤونه". لكنه يقول: "لا أتصور أمام الظروف الاقتصادية الدولية وأمام بخل الدول المانحة، أنه يمكن للبنان ان يحصل على دعم كبير"، ولذلك "ربما كان دور باريس 2 تخفيف الصداع اللبناني".

ويختم المرجع الاسلامي الكبير بتلخيص للظرف الدولي الراهن، ويدعو الى الانتباه الى انه "لم يخطر لأميركا منذ البداية ان تتصرف بعيدا عن مجلس الأمن لأنها كانت ستفقد معنى الاتزان السياسي الدولي والموقع القيادي الذي تمثله، اي موقع المسؤولية". ويقول ان "اميركا كانت تلعب لعبة القط والفأر، مع ملاحظة ان العلاقات الاميركية مع الدول الكبرى هي غيرها مع دول العالم الثالث، اذ لا يمكنها تجاوز الدول الكبرى، لكنها دفعت الوضع الى حافة الهاوية كما حصل زمن الرئيس الاميركي جون كنيدي والزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشوف". ويخلص الى ان "التوازن الدولي لا يزال في نطاق الاستراتيجية الاميركية بالطريقة التي تحفظ الموقع الاميركي"... متوصلا بذلك الى ان لبنان ليس فقط موضع اهتمام اميركي كما اشار آنفا، بل ان النظام الدولي لا تزال له "قواعد" لا بد من أن يأخذها لبنان والدول العربية كافة في الاعتبار.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية