نص المقابلة التي أجراها الصحافي سركيس نعوم، مع سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله، ونشرت على حلقات في صحيفة النهار اللبنانية
الحلقة الأولى
الشرع ضدّ خطف وسائل النقل
س: أصابت العمليات الإرهابية التي استهدفت الولايات المتحدة في الحادي عشر من الشهر الجاري (أيلول) الأميركيين والعالـم أجمع بالصدمة وكذلك بالخوف. الصدمة نتجت من شكل العمليات التي فاقت كلّ خيال أو تصوّر من ضخامة عدد الضحايا من المدنيين الأبرياء الذين كان ذنبهم أنَّهم في ذلك الوقت كانوا ركاباً على متن طائرات وموظفين مداومين في مركز التجارة العالمي، وعاملين مدنيين وعسكريين في مقر وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون). أمّا الخوف فنتج من الردّ على العمليات الذي لا تستطيع الولايات المتحدة إلاَّ أن تقوم به أو بالأحرى من حجمه ومداه اللذين لا يمكن إلاَّ أن يتناسبا أو أن يفوقا نسبياً حجم هذه العمليات ومداها، ونتج أيضاً من ردود الفعل المحتملة على الردّ المرتقب، ومن إمكان حصول تطوّرات بالغة الأهمية والسلبية في العالـم أجمع، منها متابعة «الإرهابيين» عملهم الأعمى الذي لا يميّز بين مدني وغير مدني عبر استخدامهم أسلحة دمار شامل قد يكونون نجحوا في الحصول عليها. ومنها نشوب حرب عالمية ولكن ضدّ عدوٍّ مجهول ـ معروف، وانقسام العالـم معسكرين أو أكثر انطلاقاً من معايير عدّة. وغني عن القول أنَّ صدمة العالمين العربي والإسلامي وخوفهما كانا الأكبر، لأنَّ الجهات المتهمة بالوقوف وراء العمليات الأخيرة في واشنطن ونيويورك إسلامية ـ عربية، ولأنَّ العواطف العربية ـ الإسلامية حيال أميركا غير ودية في معظمها بسبب الانحياز الأميركي الكامل إلى إسرائيل رغم الظلم الذي ألحقته ولا تزال بالعرب ولا سيّما الفلسطينيين منهم، ولأنَّ الردّ على العمليات لا بُدَّ أن يستهدف مباشرة ومداورة سواء كان عسكرياً أو سياسياً أو اقتصادياً أو أمنياً دولاً وأنظمة بعضها رعى تنظيمات إرهابية بالمفهوم الأميركي وربَّما الدولي، وبعضها الآخر حمى تنظيمات كهذه، وبعضها الثالث يحجم عن التعاون الكامل مع الولايات المتحدة في اقتفاء أثر هذه التنظيمات رغم الضرر الذي ألحقته به ولا تزال. هذا الواقع المشروح أعلاه يجعل من الضروري بل من المفيد معرفة رأي أو وجهة نظر التيارات الإسلامية الأصولية اللبنانية ولا سيّما الشيعية منها في العمليات الإرهابية الأخيرة ضدَّ أميركا وفي خلفياتها ونتائجها وكلّ ما يتعلّق بها ويتفرّع منها، ذلك أنَّها اتهمت بدورها ومن الأميركيين بالإرهاب في ما مضى وربَّما لا تزال متهمة به من إسرائيل بعد نجاح التيارات المذكورة في إنهاء احتلالها لمعظم الأراضي اللبنانية التي احتلت عام 1978 ثُمَّ عام 1982. ولذلك توجهنا إلى المرجع الديني الأبرز في التيارات الإسلامية الأصولية الشيعية اللبنانية وكان السؤال الأول: ما هو تعريفك للإرهاب؟
ج: الإرهاب هو أن يقوم شخص أو جماعة أو دولة بعملية قتل أو نهب أو سلب أو اغتصاب من دون حقّ، سواء كان الأمر يتعلّق بالمدنيين كأفراد، أو كجماعات أو كشعب، أو كان يتعلّق بدولة دون أيّة حالة احتلال أو عدوان. أمّا أن تنطلق جماعة أو فريق من النّاس ضدَّ دولة محتلة للدفاع عن النفس، فهذا ليس إرهاباً، بل هو مسألة إنسانية في إطار التحرر أو في إطار حماية الذات أو الشعب.
س: هل تبرر الشعارات العادلة والمحقّة قتل عدد كبير من النّاس الأبرياء بواسطة خطف طائرات واستعمالها قنابل وذلك من دون معرفة ما إذا كان هؤلاء مؤيدين للقضايا التي تعبّر عنها الشعارات المرفوعة؟
ج: إنَّ المبدأ الشرعي هو أنَّه لا يجوز خطف الطائرات وكلّ وسائل النقل لأيّ اعتبار وأيّ شعار، لأنَّ وسائل النقل هي ملك الإنسان كلّه بعيداً من دينه وعرقه وانتمائه السياسي، ولذا فلا بُدَّ من حمايتها لمصلحة الإنسان كلّه، لأنَّ أيّ خرقٍ لهذا المبدأ سوف يحوِّل حركة سير الإنسان في عملية الانتقال إلى حالة من الفوضى، لأنَّ لكلّ فريق في هذا العالـم سياسته التي يمكن أن تدفعه إلى أن يخطف طائرة ليبتز دولة أو جماعة بقتل ركابها، أو سيارة أو سفينة أو أيّة وسيلة أخرى.
لذلك فإنَّنا نرفض هذا الأسلوب من حيث المبدأ لعلاقته بالمصلحة الإنسانية العليا والتي تدخل فيها مصلحة المسلمين إن أردنا الحديث في الدائرة الإسلامية. كما أنَّ مسألة أن تقتل مدنيين من ركاب الطائرات لتوظفهم وتحوّلهم قنابل متفجّرة في موقع مدني أو غير مدني، فهذا أمر غير جائز شرعاً إلاَّ في الحالات التي يبلغ فيها الشعار من الأهمية بحيث يتجاوز في عناصره الأهمية التي تمثِّل مصلحة الإنسان كلّه، بحيث أنها تتجاوز هذه الضحايا، وأعتقد أنَّ هذه لـم تتحقّق، ومن الصعب أن تتحقّق في أيّة حالة من الحالات إلاَّ بما حصل حين ألقى الأميركيون قنبلتين ذريتين على (هيروشيما) و (ناغازاكي)، فإنَّهم تصوّروا أنَّ ربح الحرب يتوقف على ذلك، ولكنَّنا رأينا أنَّ المسألة لـم تكن بهذه الأهمية، بمنطق الشعارات التي كانت تطلق في الحرب العالمية الثانية.
الحلقة الثانية
الاستشهاد والانتحار
س: هذا المبدأ العام الذي شرحته هل ينسحب في رأيك على الصراع العربي ـ الإسرائيلي؟
ج: المبدأ العام الذي لا يجيز خطف وسائل النقل وتحويل المدنيين قنابل بشرية لا يعتدّ به في الصراع العربي ـ الإسرائيلي في رأي المرجع الديني الأبرز في التيارات الإسلامية الأصولية الشيعية اللبنانية. وهو يبرر ذلك بقوله: «كنتُ أتحدّث عن مأساة مدنية في مواجهة حالة سياسية داخلة في الحرب السياسية على المستوى المدني لا في حالة حرب حارة متحرّكة.
لو أردنا أن ندخل على قضية الصراع العربي ـ الإسرائيلي الذي يتمثّل في موقعين:
الأول: الموقع اللبناني الذي كان خاضعاً للاحتلال الإسرائيلي، والذي كان مطبقاً على كلّ مواقع الاحتلال في لبنان، حيث لـم تكن أيّة فرص لزوال هذا الاحتلال بالوسائل العادية، أو على الأقل لـم تكن الأسلحة الموجودة بين أيدي اللبنانيين المجاهدين في مستوى الأسلحة التي يملكها الإسرائيليون، ما جعل المجاهدين يفكّرون أنَّ العمليات الاستشهادية قد تمثِّل سلاحاً قوياً يملك تأثيراً نفسياً وسياسياً وأمنياً، وهذا ما حدث.
وأمّا الموقع الثاني: فهو الموقع الفلسطيني، فنحن نعرف أنَّ الإسرائيليين يملكون أقوى سلاح في المنطقة زودتهم به أمريكا، وقد استعملوا هذا السِّلاح بين وقت وآخر بالدرجة والمستوى اللذين لا يستعمل فيهما هذا السِّلاح إلاَّ في الحروب الكبيرة، حتّى أنَّهم استعملوا طائرات ألـ «ف 16» بالإضافة إلى مختلف أنواع الصواريخ والدبابات وغيرها.
ولـم يملك الفلسطينيون أمام ذلك إلاَّ سلاحاً خفيفاً، الأمر الذي جعل المجاهدين الفلسطينيين يفكّرون أنَّ مقتل الإسرائيليين هو أمنهم، لأنَّ عنوان الأمن هو ما يبررون به احتلالهم، ويبررون به اغتيال القادة، وجرف البيوت والمزارع. ولهذا لا يملك الفلسطينيون أيّ وسيلة لاختراق الأمن الإسرائيلي إلاَّ وسيلة العمليات الاستشهادية. الأمر الذي جعلهم في موقع المضطر إلى استعمال هذه الوسيلة لا حبّاً بقتل المدنيين، ولكن كوسيلة لإفهام الإسرائيليين على مستوى الشعب اليهودي والمسؤولين، إنَّ حربهم لن تجلب لهم الأمن، بل ستساهم في اهتزاز الأمن بشكل أكبر، لذلك فإنَّ المسألة هي مسألة حرب يسقط فيها المدنيون هنا والمدنيون هناك، وليست مسألة عملية يقصد بها قتل المدنيين بدم بارد دون أيّة حالة اضطرار، فالإسرائيليون حشروا الفلسطينيين في زنزانة الزاوية لا في الزاوية، ومن الطبيعي أنَّه من يعيش في زاوية الزنزانة الأمنيّة والسياسيّة والاقتصاديّة، لا بُدَّ أن يفتش عمّا سيخرجه من هذه الزنزانة وخصوصاً أنَّ أميركا قد أعطت إسرائيل الحرية في كلّ حرب الإبادة الموجهة ضدَّ الفلسطينيين ما جعل وزير الخارجية الأميركي يعلّق على سؤال أحد أعضاء الكونغرس الأميركي حول خرق الإسرائيليين لقوانين استعمال الأسلحة الأميركية، إنَّهم لـم يخرقوا ذلك، واعتبر كلّ عمليات إسرائيل ضدَّ الفلسطينيين دفاعاً عن النفس، وهذا ما جعل الفلسطينيين يشعرون أنَّهم محاصرون دولياً كما داخلياً وربَّما شعروا أنَّهم محاصرون عربياً ولو بشكل خفي».
س: في هذا الكلام نوعٌ من التمييز بين العمليات الاستشهادية والعمليات الانتحارية. ما هو الفرق تفصيلاً بين النوعين؟
أجاب المرجع الإسلامي الأبرز:
ج: «قلت إنَّ العمليات الاستشهادية هي المنطلقة من أجل القضايا الكبرى بما فيها قضايا التحرير في مواجهة حرب، وتعمل هذه العمليات على تحسين شروطها في طريق النصر.
أمّا العمليات الانتحارية فهي التي قد تكون ذات دوافع سياسية وشعارات كبرى لكن الوسائل لا تملك هذا التبرير بلحاظين:
1 ـ إنَّها تقتل فريقاً من النّاس لا علاقة له بالحرب من قريبٍ أو بعيد. وهذا ما ينطبق على ركاب الطائرات والنّاس الذين كانوا موجودين في مركز التجارة العالمي والذين يأتون، ربَّما، من سائر أنحاء العالـم، لملاحقة قضاياهم الاقتصادية والتجارية وما إلى ذلك.
وليس لهؤلاء بأجمعهم وخصوصاً إذا كانوا من دول أخرى أو شعوب أخرى علاقة بالسياسة الأميركية، ومن جهة أخرى فإنَّ النتائج الحاصلة من خلال ذلك، على مستوى إسقاط السياسة الأميركية لـم تتحقّق من خلال هذه العمليات، بل حقّقت العكس، حيث استطاعت أميركا الحصول على عطف العالـم حتّى الدول التي عانت من السياسة الأميركية، كما أنَّها غطت على كلّ القضايا الحيوية للشعوب التي كانت تنطلق في مواجهة السياسة الأميركية، بينما المسألة في فلسطين مختلفة، وأنَّ المستوطنين واليهود الآخرين هم محتلون لبيوت الفلسطينيين وأرضهم، وهم الذين يتعاطفون بنسبة كبيرة مع حكومتهم في هذا المجال.
إنَّنا نعتبر اليهود الذين كانوا في فلسطين قبل 1948 مواطنين فلسطينيين لهم ما للمواطنين الفلسطينيين وعليهم ما عليهم. أمّا اليهود الذين جاؤوا من سائر أنحاء العالـم واحتلوا الأرض فهم محاربون، وخصوصاً إذا عرفنا أنَّ كلّ اليهود البالغين هم محاربون، لأنَّهم من جيش الاحتياط، لذلك فالقضية هنا مختلفة عن القضية هناك. كما أنَّ هذه العمليات الاستشهادية قد تخلق سلبيات على المستوى الفلسطيني إعلامياً وغيره، ولكنَّها تترك أثراً كبيراً في اختراق الحواجز الأمنية واختراق الواقع الأمني لدى إسرائيل».
س: تناولت الفتاوى الشرعية أخيراً العمليات الاستشهادية. البعض منها حرّمها معتبراً إياها عمليات انتحارية والبعض أيدها. ما رأيكم في هذه العمليات؟
ج: «لقد أصدرت فتوى، ونظّرت في كتبي الفقهية والأحاديث الصحافية والتلفزيونية حول شرعية العمليات الاستشهادية التي حصلت في لبنان ضدَّ المحتل، والتي حصلت ولا تزال تحصل في فلسطين، على أساس أنَّ المسألة تدخل في شرعية الحرب، فإذا سلّمنا أنَّ حرب التحرير والاستقلال هي حرب شرعية وطنياً أو قومياً أو إسلامياً باعتبار انطلاقها تحت مفهوم الجهاد الدفاعي فمن الطبيعي أنَّ للحرب وسائلها. فكما أنَّ الحرب تفرض أن تَقْتُل وتُقْتَل، بالطرق التقليدية من خلال السِّلاح الموجه إلى العدوّ، فقد تَقْتُل العدوّ وقد تُقْتَل، فالحرب في طبيعتها وسيلة من وسائل تعريض النفس للتهلكة، فلا يشملها قوله تعالى: ]ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة[ لأنَّها مرتكزة على ذلك. إنَّ الآية القرآنية تقول: ]إنَّ اللّه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنَّ لهم الجنّة يُقاتلون في سبيل اللّه فيُقْتَلون ويَقْتِلون وَعْداً عليه حقّاً في التوراة والإنجيل والقرآن[.
وقد تفرض خطّة الحرب في بعض مواقعها التي لا يكون فيها السِّلاح التقليدي مجدياً أو محقّقاً النتائج، أو مختصراً لكثير من الوسائل وهي العمليات الاستشهادية، أن يتحوّل الإنسان قنبلة متفجّرة، أو يهجم بطريقة ليفجّر قنابل ويقتل في آخرها كوسيلة من وسائل الحرب. فأيّ فرق بين أن ينطلق الإنسان ليُقاتل العدوّ فيُقتل بيد العدوّ أو يُقتل بيده وهو يُقاتل العدوّ، ولذلك قلنا أنَّ المسألة التي يجب البحث فيها هي: هل الحرب شرعية أم غير شرعية؟ فإذا قلنا إنَّها حرب شرعية فإنَّ شرعيتها في وسائلها لا تتحدّد بأيّ آلية معينة، في هذا المجال.
وإذا كانت هذه الوسائل قد تصيب المدنيين، فإنَّ الوسائل الأخرى قد تفيد المدنيين، والعالـم كلّه لا يجد حرجاً في الحرب الشرعية أن يقتل المدنيون هنا وهناك».
س: هل العملية التي استهدفت أميركا أخيراً إرهابية في رأيك؟
ج: أجاب المرجع الأبرز: «لا أريد أن أستعمل كلمة الإرهاب، لأنَّها صارت تختزن الكثير من الغموض والاستهلاك الإعلامي السياسي، لكنَّني أقول إنَّ هذه العملية من خلال وسائلها ليست شرعية».
الحلقة الثالثة
الإرهاب لا يُكافح بالعنف
س: :ما رأيك في ردِّ فعل أميركا على الضربة التي استهدفتها؟
أعرب المرجع الديني الأبرز في التيارات الإسلامية الأصولية الشيعية اللبنانية عن رأيه في الضربة التي استهدفت أميركا أخيراً، قال:
ج: «في قراءتي للردّ الأميركي، لاحظت في البداية مدى الضعف العميق الذي تعيشه الإدارة الأميركية أمام حدث من هذا المستوى، فقد لاحظنا كما لاحظ العالـم، أنَّ أميركا بكلّ استخباراتها التي تتحدّى العالـم وتمثِّل الأخطبوط الذي يمدّ أذرعه إلى كلّ مكان في العالـم، وبكلِّ أجهزتها التي تمثِّل أفضل الأجهزة العلمية، لـم تستطع أن تحتمل مثل هذه الأحداث، فضلاً عن أنَّها عاشت حالة انعدام الوزن في معظم الإدارات، إذ انتظروا أن يندفع الخاطفون إلى البيت الأبيض وكلّ مواقع السلطة، ما جعل العالـم يشعر أنَّ إدارتها السياسية الحكومية عاشت حالة انعدام الوزن لعدّة ساعات، وهذه هي الصورة الأولى، صورة الرعب الأميركي، وبعد انجلاء المشهد، وشعور الحكومة الأميركية بشيء من الأمن لاحظنا أنَّ الإدارة الأميركية اتجهت في الخطة هي كيف يمكن احتواء الوضع الداخلي بداية، والأميركي الذي شعر بأنَّ إدارته لا تمثِّل الإدارة التي تحميه، ما ينعكس سلباً على الرئيس وإدارته وعلى موقع الاستخبارات وإدارتها، وعلى القوّة العسكرية باعتبار أنَّ هذه العملية استهدفت المركز الأساسي والاستراتيجي لها وهو (البنتاغون). لذا خطّطت الإدارة أولاً للحرب النفسية بالإعلان «إنَّنا سننتصر وإنَّنا القوّة التي لا تُقهر، وسنلاحق المعتدين إلى أوكارهم وجحورهم، والعالـم كلّه معنا»، وكانت هذه الخطّة تُحاول إقناع الأميركيين بأنَّ الأجهزة التي تمثِّلها إدارتهم قادرة على حمايتهم، وأنَّ ما حدث هو مجرّد حالة طارئة، وما زالت هذه التعبئة النفسية مستمرة بعملية شحن القوّة وعرض العضلات الموجهة إلى الداخل، كما سمعنا في آخر خطاب للرئيس الأميركي بعد عودته إلى البيت الأبيض، بالإضافة إلى تصريحات الوزراء.
ثُمَّ عجّلت الإدارة، لتُعيد الثقة بالاستخبارات وبجهازها، وليطمئن الشعب ويثق في استخباراته في توجيه الاتهام إلى الجانب الإسلامي والعربي قبل بروز أيّ شيء، وبدأت تلملم أسماء الذين كانوا على متون الطائرات المخطوفة من العرب والمسلمين حيثُ لـم تدقّق في هذه الأسماء ليكتشف النّاس بعد ذلك أنَّ هنالك اسماً لا يزال صاحبه حيّاً في الرياض وهو (العمري) وأنَّ ثمة ميتاً بين الأسماء المتواترة، ما يعني أنَّ إعلان تلك الأسماء كان عشوائياً دون تدقيق الاستخبارات الأميركية في البلدان التي ينتمي إليها هؤلاء، وهو أمر سهل، ولكن المسألة كانت محكومة بالسرعة. وهكذا اندفعوا ليعتقلوا الأشخاص الذين دخلوا أميركا بواسطة أو بطريقة غير شرعية مثلاً، أو للذين هم في مدارس الطيران، ثُمَّ امتدت المسألة إلى الاستخبارات الدولية في الدول الأخرى ليعتقلوا عشوائياً وليطرحوا الأسماء بعمومية وبلا تدقيق. فكلّ هذا يمثِّل إعلاناً للشعب الأميركي أنَّ الاستخبارات استطاعت كشف المجرم سريعاً، وبالمستوى الذي يبعد حالة القلق عن وجدان الشعب الأميركي، وحول أمنه. واللافت هو أنَّهم عندما وضعوا اسم (أسامة بن لادن) المستهلك أميركياً والموظف أميركياً فقد أرادوا توجيه النظر إلى جهة معينة يتقبلها النّاس. بينما نجد أنَّ المسؤولين الأميركيين وفي مقدمهم الرئيس يقولون: أنَّه الشخص الرئيسي المشتبه فيه.
إنَّ هذه الهمروجة الأمنية التي تنفتح على ثُغَر عديدة قد تكشف في المستقبل إهمال الجهات الفاعلة الحقيقية من الأميركيين أو سواهم كما حصل في تفجير (أوكلاهوما)، لأنَّنا سمعنا أنَّ صحيفة «كيهان العربي» الإيرانية، كما نقل عنها مراسل فضائية «الجزيرة» في طهران، قالت: إنَّ الطيارين الأربعة هم ضباط أميركيون قاتلوا في فيتنام وأنَّهم كانت لديهم أحقاد ذاتية أو عقد، دفعتهم إلى ذلك... قد يكون هذا الكلام صحيحاً أو غير صحيح، ولكن إن كان صحيحاً فإنَّ توجيه الاتهام إلى الموقع العربي والإسلامي، معناه أنَّه يجعل الجهات الأخرى طليقة اليد في أن تفعل في المستقبل مثل ما فعلته . مع ملاحظة أخرى يذكرها بعض وسائل الإعلام، وهي أنَّ اليهود الموظفين في مركز التجارة العالمي لـم يداوموا في تلك الساعة هناك... إنّي أقصد أنَّ هناك أكثر من أفق يمكن أن يتحرّك الأمن الاستخباراتي نحوه، لكن هذه السرعة وهذا الارتجال في اتهام المسلمين يتحرّكان من خلال وضع أميركي داخلي. حتّى أنَّ حشر الجيش الأميركي في مختلف أنحاء العالـم والإيحاء أنَّ أميركا سوف تهاجم أفغانستان، والضغط على باكستان لفتح أجوائها ولتقوم ببعض التسهيلات للجيش الأميركي، كلّ هذا كي تستعيد الإدارة الأميركية ثقة الشعب بها.
ومن جهةٍ أخرى، فإنَّ أميركا التي سقطت هيبتها أمام العالـم وحتّى لدى الاتحاد الأوروبي شعرت بأنَّ عليها أن تُعيد هذه الهيبة والعنفوان وتبرز كدولة جبارة تفرض كلمتها على كلّ العالـم فتقوم ببعض الأساليب التي تشعر فيها روسيا بأنَّها في موقع الضغط أو في موقع الانتفاع من هذه الحرب الأميركية على الإرهاب، أو يشعر فيها الاتحاد الأوروبي بأنَّه مستهدف تماماٌ باعتبار أنَّ القضية الإسلامية موجهة نحو الغرب كلّه، للعقدة بين الإسلام والغرب كما تحدّث القائمون على حلف الأطلسي بعد سقوط الاتحاد السوفياتي حول هذا المعنى... وهكذا هي المسألة بالنسبة للصين... ثُمَّ التهديد الموجه إلى البلاد العربية والإسلامية وفرض الشروط لدخول الحرب على الإرهاب...
إنَّ هذا هو الجانب الآخر لتحرّك الإدارة الأميركية للاحتفاظ بهيبتها أمام العالـم، وأنَّ ما يلحق بأميركا يربح ومن لا يلحق بها يخسر، لأنَّها لن تراعي أيّ وضع سياسي أو أمني أو أيّ قانون، فقد طلبت من الكونغرس تغيير القوانين وإعطاءها الحرية لتأخذ الشرعية في أيّ عمل تفرضه على العالـم.
هذا هو الموقف الأميركي، ولكن أميركا ككلّ دولة كبرى أو صغرى تُحارب ما يُسمّى الإرهاب، لا تعرف أنَّ العنف يجتذب الإرهاب، وأنَّ الحرب على الإرهاب هي حرب على الأشباح الخفية، لأنَّ الأوضاع السياسيّة والأمنيّة والاقتصاديّة في حركة القهر الموجهة ضدَّ الشعوب سوف تصنع في كلِّ مرحلة إرهاباً لا تستطيع الاستخبارات رصده ولا الأنظمة محاربته، والدليل على ذلك هذه العمليات التي صنعت أسلوباً جديداً لـم يخطر في بال أحد حتّى الاستخبارات الأميركية.
لهذا فإنَّ السياسة والديبلوماسية واحترام الشعوب والاستماع إلى قضاياها لا إلى الأنظمة قد تكون هي وسيلة الحرب على الإرهاب».
الحلقة الرايعة
إسقاط حكومة طالبان أو إخضاعها
س: يفترض أنَّنا الآن أمام أمرٍ آخر محدّد هو إمّا أن تسلّم أفغانستان (بن لادن) إلى أميركا وإمّا أن تتعرّض لضربة عسكرية تقوم بها الولايات المتحدة يدعمها تحالف دولي عريض هدفه مكافحة الإرهاب. ما رأيك في ذلك؟
تحدّث المرجع الديني الأبرز في التيارات الإسلامية الأصولية الشيعية اللبنانية عن الخطوات التي قد تعقب ردّ فعل أميركا على العمل الإرهابي الذي تعرّضت له أخيراً، مثل تسليم حركة (طالبان) (أسامة بن لادن) وإلاَّ تتعرّض لضربة عسكرية، أو مثل قيام تحالف دولي ضدَّ الإرهاب تقوده أميركا ويضمّ دولاً في الشرق الأوسط، قال:
ج: «إنَّ تسليم (بن لادن) كما أعلن بعد عودة الوفد الباكستاني من أفغانستان ليس وارداً في حساب الأفغانيين لا سيّما (الملا عمر) الذي سبق لـ (بن لادن) أن أعلن مبايعته إياه أميراً للمؤمنين وأنَّه لـم يقم بهذه الأعمال لأنَّ (الملا عمر) «أمير المؤمنين» قد حرّم عليه ذلك، ولأنَّه لا يملك مع هذا التحريـم أن يفعل ذلك.
ذهنية حركة (طالبان) وخاصة ذهنية (الملا عمر)، لا تسمح بتسليم (بن لادن) على الأقل في الوقت الراهن وفي هذه المرحلة. أمّا مسألة التحالف فإنَّني أتصوّر أنَّه لا يملك واقعية بالمعنى الذي تريده أميركا، لأنَّ ما تحدّثت به هو فرض التحالف، باعتبار أنَّ بعض الدول العربية والإسلامية،كما لفت بعض المسؤولين الأميركيين ـ كما يذكر الإعلام ـ إلى أنَّ هناك مشاكل في موقف أميركا من إسرائيل والوضع الإسرائيلي ضدَّ الفلسطينيين فكان الجواب: ادخلوا التحالف وكلّ شيء يبحث في الداخل. ثُمَّ إنّي لا أتصوّر أنَّ أميركا تملك القوّة لفرض ما تريده على العرب والمسلمين ولا حتّى على حلفائها من دول الاتحاد الأوروبي، وقد سمعنا رئيس الوزراء البريطاني وبعض المسؤولين الفرنسيين يقولون إنَّنا لا يمكن أن نسير مع أميركا في كلِّ ما تريده، بل لا بُدَّ من دراسة الأمور...
لذلك أعتقد أنَّ مسألة التحالف الدولي بمعنى أن يتحالف العالـم مع أميركا ضدَّ الإرهاب الذي يختلف الكثير من دول العالـم في تحديد تعريفه مع أميركا هي مسألة صعبة. وخصوصاً أنَّ بعض دول العالـم قد لا يستطيع أن يتحرّك في وضعه الداخلي ضدَّ ما يسمونه إرهاباً، لأنَّ سيصطدم بكثير من الحساسيات الدينية والقومية والوطنية. إنَّه شعار قد يؤدي إلى وضع سياسي متحرّك من حيث الحوار والجدال والصراع، ولكنَّه لا يملك الواقعية بالمستوى الذي تريده أميركا»...
س: والضربة العسكرية لأفغانستان؟
ج: أجاب المرجع الإسلامي الأبرز: «من الممكن جداً أن تحرّك أميركا للضربة العسكرية، لأنَّها في حاجة إلى هذه الضربة حفظاً لهيبتها. فليس هناك أيّ مكان مناسب للضربة تستطيع أن تشرّعه أميركا إلاَّ أفغانستان، لأنَّ حركة طالبان تحمي (أسامة بن لادن) وتأويه وتمتنع عن تسليمه، ولأنَّ (أسامة بن لادن) المتهم الرئيسي ـ كما يُشاع ـ موجود فيها. أمّا الدول الأخرى فتحتاج لتفاصيل وتفاصيل، حتّى العراق بقدر ما تتعلّق المسألة بهذه الحادثة.
لهذا فهم في حاجة للقيام بعمل عسكري للحصول على الثقة بالعسكريتاريا الأميركية، تماماً كما فعلوا عندما قصفوا بعض مواقع أفغانستان سابقاً مما لـم يحقّق شيئاً، وكذلك عندما قصفوا مصنع الأدوية في السودان».
س: يُقال إنَّ الضربة العسكرية لأفغانستان هذه المرة ستكون مختلفة لأنَّ الضربات السابقة التي وجهت لها أو حتّى للسودان لـم تكن مفيدة ولـم تعطِ النتائج المرجوة؟
ج: أجاب المرجع الأبرز: «من الطبيعي أنَّ حجم الحادثة التي حصلت في عمق أميركا تختلف عن الحادثة التي حصلت بالنسبة للسفارتين الأميركيتين في نيروبي ودار السَّلام، ولهذا فقد تكون هذه الحرب وسيلة من وسائل إسقاط حكومة (طالبان) التي ربَّما تصفق لها أكثر الأنظمة التي تتهم حكومة (طالبان) بأنَّها كانت وراء الأحداث في التسعينات خاصة في روسيا، ولذلك فقد تكون الحرب هنا محقّقة لجوانب عديدة:
1 ـ استعادة باكستان إلى الدائرة الأميركية 100 في المائة بما يُفيد منه الجنرال برويز مشرّف في إعطائه الشرعية الدولية، إذا قيل له أنَّ ديونه التي تبلغ 42 مليار دولار سوف تُلغى، وبأنَّه سوف يفرج عن السِّلاح الذي كانت باكستان قد اشترته ودفعت ثمنه ومنعت أميركا إعطاءها إياه.
2 ـ في تغيير الخطّة، إذا كانت الخطّة هي إسقاط حكومة (طالبان) أو إخضاعها بطريقة وبأخرى ولو بإيجاد سيناريو استخباراتي بحيث تقف قوات (طالبان) في مواجهة الجيش الأميركي، لكنَّها تدل الجيش الأميركي على مكان (أسامة بن لادن) فيعتقله، وهذا بعيد، ولكنَّه قد يرد في الحساب.
3 ـ محاولة الولايات المتحدة تطويق إيران بعدما كانت تملك تطويقها بالقواعد العسكرية في الخليج وتركيا وما إلى ذلك مع الحصول على موقع القوّة في تلك المنطقة القريبة من روسيا، مع ملاحظة أخرى وهي أنَّها كانت تفكّر في أن يكون لها قواعد عسكرية في هذه المنطقة، وربَّما تفيد من هذه الفرصة، للتخطيط لإقامة قاعدة عسكرية في باكستان مثلاً أو أيّ مكانٍ قريب في هذا المجال بفعل الحاجات الأمنية للأميركيين، في هذا المجال أو ذاك.
لذلك فإنَّ الحرب هنا قد تختلف عن تلك الضربة في أنَّها ضربة حرب، بينما التسوية هناك ليست ضربة حرب...
من الممكن جداً أنَّ روسيا تفكّر في حديثها عن ضرورة أن يكون هناك أساس قضائي أو حقوقي وأدلة قاطعة، في استيعاب الشارع الإسلامي في تلك المنطقة مع الحذر من إمكان وجود خطّة أميركية لبناء قواعد عسكرية قريبة من روسيا».
س: ما هي في رأيك احتمالات نجاح الحرب على أفغانستان وحالياً أيضاً احتمالات تغيير نظام (الطالبان) فيها؟
ج: «من الصعب جداً أن تنجح هذه الحرب بدون مقاومة، لكن إذا انضمت إلى هذه الحرب باكستان وطاجيكستان والمعارضة الأفغانية بحيث يتمّ تسهيل دخول الجيش الأميركي أفغانستان، مع سلاح الجوّ وسلاح البوارج، فمن الممكن تغيير هذا النظام».
الحلقة الخامسة
نرفض صورة طالبان عن الإسلام
س: : عن سؤال: هل يجب أن تسلّم حركة (طالبان) (أسامة بن لادن) لأميركا تلافياً لتدمير نظامها الإسلامي في أفغانستان؟
أجاب المرجع الديني الأبرز في التيارات الإسلامية الأصولية الشيعية اللبنانية، قال:
ج: «ربَّما لا تملك حركة (طالبان) في قيادتها أن تسلّم (بن لادن)، لأنَّ ذلك يسقط كلّ شعاراتها الإسلامية التي حاولت أن تقدّمها أمام العالـم. وعلينا أن نعرف أنَّ (بن لادن) يملك شعبية في باكستان، وربَّما في دول أخرى، وربَّما تُثار المشاعر الدينية الإسلامية في قضية التحالف مع أميركا ضدَّ المسلمين وضدَّ شخصية يعتبرها كُثر من المسلمين، بصرف النظر عن الصواب والخطأ شخصية قيادية ومجاهدة في هذا المجال...
لذلك أعتقد أنَّ هناك صعوبات كبرى تتحدّى (طالبان) ولا سيّما (الملا عمر) الذي يرى أنَّ (بن لادن) هو أحد أتباعه.
ونحن نلاحظ أنَّ حكومة (طالبان) عند تفجير السفارتين الأميركيتين في نيروبي ودار السَّلام طلبت من الولايات المتحدة تقديـم الوثائق التي تدين (بن لادن)، وأيضاً وافقت على تقديمه لمحاكمة يديرها علماء مسلمون من سائر أنحاء العالم، ما يدل على عدم استعدادهم لتقديـم (بن لادن) ليُحاكم من قبل الكفّار (بحسب المصطلح الإسلامي)، وفي هذا المقام بقوانين الكفّار، وهذا ما يُلغي معنى حركة (طالبان) كلّها».
س: هل أنت مع تسليم (أسامة بن لادن) لأميركا؟
أجاب المرجع الإسلامي الأبرز:
ج: «للجواب عن هذا السؤال، نحتاج إلى دراسة الخلفيات التي تُكمن وراء ذلك. فحتّى لو سُلّم (بن لادن) فإنَّ أميركا لن تتوقف عند هذا الحدّ، بل سوف تتابع سياستها في استغلالها لشعارها: (الحرب على الإرهاب)، لتنفيذ كلّ السياسات التي لـم تستطع أن تنفذها في الحالات الطبيعية والعادية. لذلك فإنَّ الحديث عن أنَّها حرب القرن الحادي والعشرين معناه: حربٌ على العالـم، ومن الممكن جداً أن تستعملها أميركا لاحتواء كلّ مواقع الاتحاد الأوروبي، وإضعاف روسيا والصين وسواهما... باسم الحرب على الإرهاب. وقد يكون هذا خيالاً الآن، ولكنَّنا عندما ندرس خلفيات الإدارة الأميركية في النظرة إلى موقعها في العالـم واعتبار القوى الأخرى التي تمثِّل مواقع الحليف لها مشكلة على أكثر من صعيد سياسي وأمني... لا نستبعد شيئاً. والمستقبل السياسي يبدأ خيالاً ثُمَّ يتحوّل إلى حقيقة.
إنَّني عندما أدرس وأواجه القضية بهذا المستوى، لا أشعر بأنَّ تسليم (بن لادن) يحل المشكلة بل كلّ ما هناك أنَّه يمنح أميركا شيئاً من العنفوان في قدرتها على ملاحقة كلّ معارض لها في العالـم.
إنّي أتساءل: لماذا لا يسلّم شمعون بيريس للمحاكمة لدوره في مجزرة قانا التي هي ضدَّ المدنيين من النساء والأطفال والشيوخ وضدَّ الأمم المتحدة؟ ولماذا لا يسلّم أرييل شارون لدوره في مجزرة صبرا وشاتيلا التي اهتز لها العالـم، ودوره في المجازر التي ينفذها الآن ضدّ الشعب الفلسطيني؟
عندما نتحدّث عن (بن لادن) باعتبار أنَّه المتهم بالإرهاب، فإنَّ علينا أن نقدّم إلى المحاكمة كلّ الذين قاموا بمجازر ضدَّ الشعوب في العصر الحديث ولا نكتفي بالرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش.
كما أنَّني أطالب بتقديـم من خطط لمتفجرة بئر العبد (1985) التي حصدت الكثير من الأطفال والنساء والشيوخ من المدنيين للمحاكمة ونيل العقاب».
س: هل تعتبر حركة (طالبان) مسؤولة عن تشويه صورة النظام الإسلامي؟
أجاب المرجع الأبرز:
ج: «إنَّنا نرفض كلّ الصورة التي تقدّمها حركة (طالبان) عن الإسلام رفضاً قاطعاً، وخصوصاً في القضايا الاجتماعية والتربوية وحتّى السياسية، لأنَّها مختلفة عن الصورة الحضارية المشرقة للإسلام، وخصوصاً ما يتصل بالمرأة».
س: هل حركة (طالبان) هي صنيعة باكستان؟
أجاب المرجع الأبرز:
ج: «كانت صنيعة أميركا أولاً، ثُمَّ باكستان ثانياً. ولكن على طريقة أميركا، وهي أنَّها تصنع بعض المواقع لحساباتها ضدَّ بعض خصومها لتنقلب عليها هذه القوة بعد ذلك وهذا ما حصل، لذلك فهي تعمل على إسقاط هذه القوّة بعدما تحوّلت إلى خطر عليها تماماً كما صنعت أميركا ومعها أكثر من دولة أوروبية وسوفياتية شخصية صدام حسين... ثُمَّ عادت بعد ذلك في حرب الكويت لتسقطه وما زالت تتحرّك لتعطيه شيئاً من القوّة بغية إبقاء الشرعية لقواعدها في الخليج وإقلاق الدول المحيطة بالعراق، ولتسقطه بعد ذلك».
الحلقة السادسة
المسيحيون والمسلمون مضطهدون في الشرق
تحدّث المرجع الديني الأبرز في التيارات الإسلامية الأصولية الشيعية اللبنانية عن اعتقاد البعض في العالـم العربي والإسلامي أنَّ الحرب التي يعدُّ لها ستكون حرباً على المسلمين والعرب وعن تشييع البعض الآخر فيه لحربٍ دينية مسيحية على المسلمين قال:
«نلاحظ من خلال سلوك الكثيرين من الشعب الأميركي والأوروبي حتّى في كندا وأوستراليا أنَّ هناك حرباً متحرّكة ضدَّ كلّ ما هو مسلم، في شكلٍ عام، ولا أتحدّث عن الشعب الأميركي ولا أتهم الحكومة الأميركية بذلك، على الأقل في ما يتصل بداخل أميركا، أو بريطانيا، لأنَّ الرئيس الأميركي ومعه بعض المسؤولين الأميركيين ورئيس حكومة بريطانيا تحدّثوا بإيجابية عن الإسلام، وأنَّ المسلمين في تلك البلاد هم مواطنون أميركيون وبريطانيون ونحو ذلك، ولكنَّنا نشعر أنَّ الإنسان الغربي لا يزال كظاهرة، ولا أدّعي الشمولية، يختزن في داخله حقداً ضدَّ الإسلام والعرب، وقد يكون ذلك بفعل بعض الثقافات التاريخية للمستشرقين وسواهم، وقد يكون بفعل الإعلام اليهودي المسيطر على مفاصل الإعلام في الغرب في شكلٍ عام. ثُمَّ سمعنا الرئيس الأميركي يتحدّث في وصفه للحرب أنَّها حرب صليبية، ولا أدري هل هي زلة لسان، أم أنَّه يقصد ذلك باعتبار أنَّ اللاشعور في داخله قد يختزن هذا المعنى وهو أنَّه يريد استعادة حروب الصليبيين ضدَّ العرب والمسلمين.
نحن لا نريد القول إنَّها حرب بالمعنى الرسمي المعلن ضدَّ المسلمين، ولكنَّ السرعة في اتهام العرب والمسلمين وعدم التدقيق في الجهات المسؤولة والاكتفاء بهذا الشكل السطحي المرتجل، وفي الحديث بشكل استهلاكي عن الأسماء التي لـم يدقّق فيها، إنَّ كلّ ذلك يعني ويوحي للعالـم أنَّ كلّ عمل إرهابي هو من مسؤولية العرب والمسلمين، كما يزعمون على الأقل حتّى يثبت العكس.
فالعرب والمسلمون مدانون حتّى يثبتوا براءتهم، ولن يسمح لهم بإثبات براءتهم، لأنَّ الأجهزة الموجودة لدى الإدارة الأميركية ولدى الكثير من دول الغرب لا تسمح بأن تظهر الحقيقة».
لا تفكّر الولايات المتحدة في شنّ حرب طائفية أو دينية على المسلمين بدليل محاولتها تشكيل تحالف دولي لمكافحة الإرهاب يضمّ دول منطقة الشرق الأوسط العربية والإسلامية.
علّق المرجع الإسلامي الأبرز:
«نحن نعرف أنَّه ليس من مصلحة أميركا أن تعطي الحرب صفة طائفية، ولكنَّنا عندما نلاحظ أنَّ الإعلام الأميركي يُركّز على أنَّ مواقع الإرهاب محصورة في الدول العربية والإسلامية، وحتّى أنَّه يقول إنَّ الإرهابيين الموجودين في الغرب هم مسلمون وعرب... فهذا يعني أنَّهم يريدون من الأنظمة العربية والإسلامية أن تلاحق شعوبها بتهمة الإرهاب، ليضربوا المعارضين للسياسة الأميركية بيد عربية وإسلامية، وإلاَّ نحن نفكّر لماذا لـم يُحاكم في تفجير أوكلاهوما إلاَّ الشخص المفجّر نفسه؟ ونتساءل: لماذا لـم تُعلن بريطانيا الحرب على القائمين بالعمليات الإرهابية في ايرلندا الشمالية والتي يذهب نتيجتها ضحايا مدنيون؟ فكثيرٌ من الدول الأوروبية تحتضن الألوية الحمراء، فلماذا لا يُلاحق كما يُلاحق الآخرون؟ إنَّ الإرهاب الأميركي لا يُلاحق من قبل الأميركيين».
كوفح الإرهاب ولوحق في العقد الأخير من القرن العشرين وكان يسمى معظمه في حينه إرهاباً شيوعياً أو مدعوماً من الكتلة الدولية الشيوعية ولـم يقل أحد أنَّ هناك حرباً دينية على المسيحيين.
قال المرجع الأبرز:
«إنَّهم لـم يعلنوا الحرب على الإرهاب عندهم، والمعنى أنَّ الطريقة التي تُدار بها شعارات هذه الحرب، هي أنَّ هناك حالة قمع، فالبريطانيون ومشكلتهم مع ايرلندا أنَّهم لـم يقوموا بحالة قمع للإرهابيين الايرلنديين، وكذلك في أميركا بالنسبة للأميركيين.
إنّي لا أتحدّث عن حربٍ دينية بين المسلمين والمسيحيين، لأنَّ المسيحيين مضطهدون في الشرق تماماً كالمسلمين، وهو ما ينطبق على المسيحيين الفلسطينيين المشردين والمظلومين والمقتولين، ولكنَّ المسألة هي أنَّ أميركا تتحرّك بعنوان سياسي في الدائرة الإسلامية والعربية، وأتساءل أيضاً هنا: لماذا أبقت أميركا حصارها لليبيا مع أنَّها سلمتها المتهمين بحادثة لوكربي؟ لماذا تُحاصر أميركا الشعب العربي لا حاكمه؟ ولماذا تُحاصر أميركا إيران اقتصادياً؟ ولماذا تبنت إسرائيل بالمطلق؟ حتّى أنّي سمعت ريتشارد مورفي يقول: إنَّ إسرائيل محقّة في الدفاع عن نفسها ضدَّ العمليات؟
المشكلة أنَّ الأنظمة العربية لـم تتوازن أمام أميركا، وأنَّ أغلب المسؤولين العرب سقطوا تحت التأثير الأميركي، ولهذا فإنَّ أميركا لا تحترمهم».
تُحاول الأنظمة العربية وبطريقة سطحية إرضاء شعوبها، فهي تدين بوجودها أو على الأقل باستمرارها للحماية الأميركية المباشرة وغير المباشرة، لكن عندما تتعرّض مصالح أميركا داخل بلادها إلى مشكلات معينة أو أخطار أو عندما تستهدف تمتنع هذه الأنظمة عن التعاون الدقيق مع واشنطن وتزويدها بالمعلومات الدقيقة ونتائج التحقيقات.
علّق المرجع الإسلامي الأبرز على ذلك قائلاً:
«لا أتصوّر أنَّ أميركا في حاجة للأنظمة العربية لتقدّم لها التقارير عمّا عندها في الداخل، لأنَّنا نعرف أنَّ الاستخبارات الأميركية تملك الكثير من المواقع حتّى داخل أجهزة الاستخبارات العربية والإسلامية، بحيث أنَّنا قد نتحدّث بشيء من التطرف أنَّ أجهزة الاستخبارات العربية والإسلامية هي من صنع الاستخبارات المركزية الأميركية».
الحلقة السابعة
أميركا السرطان وأوروبا الـحُمّى
قلتم إنَّ نجاح الضربة العسكرية لأفغانستان يحكم الحصار حول الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إلاَّ أنَّ هناك تحليلاً آخر يقول إنَّ إيران كانت عاقلة وحكيمة في ردّ فعلها على ما استهدف أميركا يوم 11 أيلول الجاري، ويعتبر أنَّ إرهاب إيران كما تسميه أميركا توقف منذ سنوات ربَّما منذ 1994، ويعتبر أيضاً أنَّ النهج الإسلامي الإيراني يختلف كثيراً عن نهج (طالبان) الأفغانية، وانطلاقاً من ذلك فإنَّ أصحاب هذا التحليل يتساءلون إذا كان ثمة فرصة الآن لبدء عملية حوار وتفاهم بين إيران والولايات المتحدة، انطلاقاً من التقاء مصالح بينهما؟
علّق المرجع الديني الأبرز في التيارات الإسلامية الأصولية الشيعية اللبنانية على اعتبار البعض أنَّ هناك فرصة الآن لبدء حوار منطلق من التقاء مصالح بين أميركا والجمهورية الإسلامية الإيرانية، قال:
«قد يكون هذا الاحتمال مما يملك بعض الخطوط الواقعية، وخصوصاً إذا لاحظنا لغة إيران في ردّ فعلها على ما حدث، وتوجيه المحافظ الإيراني في طهران برقية لمحافظ نيويورك... ولكن قد يكون ذلك منطلقاً من تصريحات بعض مسؤولي وزارة الخارجية الإيرانية أنَّ أميركا إذا كانت مستعدة لإعادة الحقوق المشروعة لإيران فهم مستعدون لذلك. ولكن عندما أتحدّث عن الحصار فإنّي أرى أنَّ أميركا تحاور من جهة وتضغط من جهة أخرى، ولا ننسى أنَّها تحاول الضغط على إيران لتقديـم بعض التنازلات، وهذا ما بدأت تخطّط له خلال تدخلها في مسألة بحر قزوين المثيرة للجدال بين إيران وأذربيجان وروسيا وسواها... لذلك فإنَّ وجود قاعدة عسكرية أميركية في باكستان أو أفغانستان يشكل مشكلة لإيران التي استنفرت قوّتها سواء لجهة منع هجرة الشعب الأفغاني إلى أراضيها المثقلة بأكثر من مليوني أفغاني أو لجهة مواجهة الاحتمالات التي قد تتحرّك أميركا فيها مع حلفائها لإرباك الوضع في إيران بطريقة أو بأخرى».
س: ألا يمكن أن يكون لإيران الإسلامية دور في التركيبة الجديدة للمنطقة التي توجد فيها أفغانستان بعد حل «مشكلة» حركة (طالبان)، وخصوصاً أنَّها لـم تكن على توافق معها؟
أجاب المرجع الأبرز:
ج: «لا يمكن لإيران الإسلامية ولو بنسبة 1% أن تتدخل لمساعدة أميركا ضدَّ طالبان، لأنَّها لا ترى أيّ شرعية لمساعدة الشيطان الأكبر ضدَّ المسلمين وهو ما نراه».
س: هل تعتقد أنَّ إسرائيل تستفيد من الذي يجري في المنطقة من حشدٍ عسكري أميركي، وربَّما ضربة عسكرية أميركية لأفغانستان وغيرها أو ستستغله للقيام بعملٍ عسكري ما ضدَّ الفلسطينيين أو العرب عموماً؟
أجاب المرجع الأبرز:
ج: «لا أتصوّر أنَّ هناك أيّ ضوء أخضر لشارون خارج نطاق بعض الخطوط الصغيرة في فلسطين، حتّى أنَّ أميركا التي تريد اجتذاب العرب إلى هذا الحلف ليست مستعدة لقيام إسرائيل بعملٍ كبير ضدَّ لبنان وسوريا وداخل فلسطين، ولكن المسألة تبقى تراوح مكانها. وأعتقد أنَّ تصريح شارون حول وقف إطلاق النّار والمفاوضات بعد 48 ساعة بين بيريس وعرفات يوحي بأن هناك ضغطاً أميركيا ًتمارسه على شارون، وحديث "باول" حول القضية الفلسطينية يشير إلى ذلك. أخشى أن تستغل أميركا هذا الحدث وهذه الضغوط الدولية والهمروجة العالمية المتصلة بواقع الدول العربية والإسلامية لتضغط بطريقة أو بأخرى لإنهاء الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي والعمل على إنهاء الصراع العربي ـ الإسرائيلي بما يتصل على الأقل بسوريا ولبنان تماماً كاستغلالها لنتائج حرب الخليج في مؤتمر مدريد، لأنَّ ذلك هو جزء من الإرهاب ضدَّ الإرهاب ـ كما يقولون ـ ولأنَّه يشجع الإرهاب الإسلامي عبر «حماس» و «الجهاد» و «حزب اللّه» وما إلى ذلك».
س: كيف تفسِّر الإشارات الإيجابية الصادرة عن طهران أخيراً؟
ج: «أتصوّر أنَّها إشارات إيجابية انطلقت من دراسة واقعية للتطوّرات الدولية المستقبلية في الوقوف مع أميركا، مع الغموض في المستقبل السياسي والأمني لما يمكن أن تقوم به أميركا في التحالف الدولي، لأنَّه أشبه ما يكون ـ مع الفارق الكبير ـ بالتحالف الدولي في حرب الخليج والذي فرض على مصر وسوريا دخوله ليكون هناك بهارات عربية وإسلامية فيه، ولهذا فإنَّ موقف إيران ـ مع الفارق ـ كموقفها في حرب الخليج والذي حاولت فيه حفظ مواقع التوازن لتبقى على شعاراتها ضدَّ أميركا ولكن دون توريط نفسها في حرب.
إنَّ المسألة الحالية قد تختلف عن تلك، لأنَّ القضية تختزن مأساة إنسانية وأصابت أميركا في الصميم، ولـم تكن مسألة قضية احتلال بلدٍ لبلد... قد تحتاج إلى نوع من كلمات المجاملة».
س: هل يختلف أو قد يختلف الموقف السوري من التطوّرات الدراماتيكية الحالية عن الموقف الإيراني؟ وهل تدخل سوريا التحالف الدولي الذي تعدّه أميركا كما فعلت عام 1990 أو 1991 عندما دخلت تحالفاً مماثلاً رتب لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي؟
أجاب المرجع الأبرز:
ج: «ثمة فرق، لأنَّ حرب الخليج كانت حرباً لمصلحة دولة عربية تحتاج إليها سوريا ومصر ضدَّ نظام عربي كانت سوريا تُعاني منه الكثير، كما أنَّ مصر شعرت بالعقدة منه، لأنَّه لـم يتجاوب معها في نصحها له بأن يتوازن في هذه المعركة. أمّا الآن فالموقف مختلف بالنسبة إلى سوريا، فمن الصعب جداً دخولها الحلف بالطريقة السابقة نفسها، ولكن علينا أن نراقب الأسلوب الأميركي في التعامل مع سوريا، والتي تضمّ في داخلها المنظمات الفلسطينية القومية والتحررية والوطنية والإسلامية، وتؤيد المقاومة الإسلامية في لبنان».
س: ألا تشعر كإنسان وكإسلامي حركي بالحاجة إلى اجتثاث الإرهاب ووقف كلّ من له علاقة به؟
أجاب المرجع الأبرز:
ج: «أنا أشعر بالحاجة إلى ذلك في ما يتعلّق بالإرهاب الحقيقي، ولكنّي لا أثق بالدول أنَّها تقف عند حدود الإرهاب بمعناه الحقيقي، وخصوصاً الدول الكبرى وأميركا التي تُحاول طرحه كشعار لاستغلاله في تنفيذ كلّ الخطط السياسية، التي لا تستطيع تنفيذها في الحال العادية. هذه هي المشكلة أنَّنا لا نثق بأميركا ولا بالدول الكبرى، لأنَّ مصالحها دائماً تتمّ على حساب مصالح الدول المستضعفة. ولقد أثرت دائماً مسألة: لماذا يتحرّك هذا الإرهاب حتّى بالمستوى الذي يقدّم الشخص فيه نفسه قرباناً على مذبح هذه العملية أو تلك؟ ونحن نجد أن لا أميركا ولا أوروبا ولا روسيا قد أخذت الدرس من النتائج السلبية المدمّرة التي تصيب مواقعها وسياستها فتملأ العالـم كراهية لها، بل تستمر في فرض سياستها ومصادرة اقتصاد الشعوب وقرارها وأمنها لحساب مصالحها الخاصة.
ولهذا أعتقد أنَّ للشعوب المستضعفة دورها المستمر دائماً ما دام هناك استكبار يضغط على المستضعفين وظالمون يُصادرون مصير المظلومين».
س: قلتم إنَّ الدول الكبرى تستثير الكره في صورة دائمة (أوروبا، أميركا، روسيا). هل تعتبر أنَّ حال الكره القائمة الآن في العالمين العربي والإسلامي موزعة على كلّ الدول الكبرى أو مركّزة على أميركا؟
أجاب المرجع الأبرز:
ج: أعتقد أنَّها مركزة على أميركا، بسبب الموقف الأميركي ضدَّ الفلسطينيين الذين يمثِّلون الجرح النازف منذ سبعين عاماً أو أكثر في عمق الوجدان العربي والإسلامي، ولأنَّ أميركا مسؤولة في المطلق عن كلّ جرائم إسرائيل باعتبار تأييدها الأمني والسياسي والعسكري والاقتصادي لها، أمّا أوروبا فإنَّها ابتعدت عن هذا المستوى من الكراهية في الوجدان العربي باعتبار أنَّها توازن حركتها ولو على المستوى الإعلامي السياسي، أو بعض التحرّكات، حيث يجد الإنسان العربي والمسلم أنَّ أميركا تمثِّل السرطان، وأوروبا تمثِّل الحمّى مع تأييدها لإسرائيل...
إنَّ القضية أنَّ أميركا تأخذ المائدة كلّها وأمّا أوروبا فإنَّها تُحاول إبقاء بعض الفتات لحساب مصالحها، ولا سيّما الفتات البترولي، إن صح التعبير».