من هو قارون؟

من هو قارون؟

مَن هُو قارون؟ (من شُبُهات أوردها هاشم العربي في مُلحق ترجمةِ كتاب الإسلام لجرجس سال، ص381، زاعماً أنّه تناقض في القرآن، فمرّة من قوم موسى وأُخرى مُردِفاً بفرعون وهامان؟)

والجواب:

يقول تعالى عنه: ﴿إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ...﴾. قارون، هو: قُوْرَح بن يصهار بن قهات بن لاوي من أبناء عمّ موسى وهارون، ثار هو وجماعة من رؤساء بني إسرائيل في مئتين وخمسين شخصاً، وحاولوا مقابلة موسى وهارون؛ لينزعوا زعامة إسرائيل عنهما.

وكان قارون ثريّاً جدّاً، ويعتزّ بثَرائه، ويَفخر على سائر بني إسرائيل، وكان أولو البصائر من قومه ينصحونه ويحذّرونه عاقبة ما هو عليه من الخُيَلاء والزّهو، فكان يتبجّح ويقول: إنّما أُوتيتهُ على علمٍ عندي، ـ ويُقال: إنّه كان واقفاً على سرّ الصِناعة، أي الكيمياء ـ فكان يخرج على قومه في زينته مُفتخراً عليهم، ويتحسّره القوم ويقول الضّعفاء: ﴿... يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾؛ وبذلك كاد أن يتغلّب على موسى وقومه، لولا أنْ خسف الله به وبداره الأرض، وبكلّ ما كان يَملكه من كنوزٍ.

وأمّا قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ * إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ﴾، حيث يبدو أنّه كان مع فرعون ومِن قَومه، فالظّاهر إرادة أنّه بالذّات كان مقصوداً بالإنذار إلى جنب فرعون وهامان، من غير أنْ يستدعي ذلك أن يكون منهم، بل معهم في العتوّ والطغيان؛ ولعلّه كان واقفاً بصفّهم إزاء موسى وهارون، قال تعالى: ﴿وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَىٰ بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ﴾، فقد كان قارون مقصوداً كما كان فرعون وهامان، لعتوّهم واستكبارهم في الأرض جميعاً.

﴿مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ...﴾، قال تعالى بشأن ضخامة ثراء قارون: ﴿... وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ...﴾. قال الطبرسي: (ما) هذه موصولة بمعنى الذي، وَصِلتها: إنّ، مع اسمها وخبرها. أي أعطيناه من الأموال المدّخرة قَدْرَ الذي تُنِيء مفاتحُه العُصبةَ، أي يُثْقلُهم حملُه، والعُصبة: الجماعة المُلتفّة بعضها ببعض، أي المتآزرة على عملٍ ثقيل، أي كان حملُها يُضني بالفئام من أقوياء النّاس.

قال: والمَفاتح ـ هنا ـ الخزائن في قول أكثر المفسّرين، وهو اختيار الزجّاج، كما في قوله سبحانه: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ...﴾، والمَفاتح، جمع مَفتَح. والمِفتح بكسر الميم: المِفتاح. وبالفتح: الخُزانة، وكلّ خُزانة لصنفٍ من الأشياء أو الأموال، قال الفرّاء في قوله تعالى: ﴿... إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ...﴾: يعني خَزائنُه.

قال الفرّاء: نَوؤُها بالعُصبة أنْ تُثقلَهم. ومَفاتِحه: خزائنُه. والمعنى: ما إنّ مَفاتِح الكنوز، أي خزائنها، لتُنِيء العُصبةَ، أي تُميلُهم من ثقلها، وإذا أدخلت الباء قلت: تنوءُ بهم.

قال الشّاعر: إلاّ عـصا أَرزَنٍ طارت برايتها تنوءُ ضربتُها بالكفِّ والعضُدِ

وفي مسائل نافع بن الأزرق سأل ابن عبّاس: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت قول امرئ القيس إذ يقول: تـمـشي فـتُـثقِلُها عَـجيزَتُها مشيَ الضّعيفِ ينوءُ بالوَسْقِ

والوَسْق: ستّون صاعاً، حِمل بعيرٍ، وكذا وَقْر النّخلة.

ومن الغريب ما نجد هنا مِن أجنبيّ عن اللغة ـ هو هاشم العربي ـ يعترض ويرى أنّ الصّواب: (لتنوء بها الْعُصْبَة). هذا في حين أنّ الزمخشري ـ وهو البطل الفَحل ـ يقول: يقال: ناء به الحملُ، إذا أَثقَله حتّى أَمالَهُ. فسواء قلت: ناء به الحِملُ، أو ناء بالحِمل، فالمعنى واحد، فالمعنى على الأَوّل: مالَ به الحِملُ ثقلاً، وعلى الثاني: مال بالحِمل ثقلاً، وعلى الأَوّل هو على الحقيقة كما جاء في القرآن، وعلى الثاني كنايةً كما جاء في البيت...

* من كتاب "شُبُهَات وردود حول القرآن الكريم".

مَن هُو قارون؟ (من شُبُهات أوردها هاشم العربي في مُلحق ترجمةِ كتاب الإسلام لجرجس سال، ص381، زاعماً أنّه تناقض في القرآن، فمرّة من قوم موسى وأُخرى مُردِفاً بفرعون وهامان؟)

والجواب:

يقول تعالى عنه: ﴿إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ...﴾. قارون، هو: قُوْرَح بن يصهار بن قهات بن لاوي من أبناء عمّ موسى وهارون، ثار هو وجماعة من رؤساء بني إسرائيل في مئتين وخمسين شخصاً، وحاولوا مقابلة موسى وهارون؛ لينزعوا زعامة إسرائيل عنهما.

وكان قارون ثريّاً جدّاً، ويعتزّ بثَرائه، ويَفخر على سائر بني إسرائيل، وكان أولو البصائر من قومه ينصحونه ويحذّرونه عاقبة ما هو عليه من الخُيَلاء والزّهو، فكان يتبجّح ويقول: إنّما أُوتيتهُ على علمٍ عندي، ـ ويُقال: إنّه كان واقفاً على سرّ الصِناعة، أي الكيمياء ـ فكان يخرج على قومه في زينته مُفتخراً عليهم، ويتحسّره القوم ويقول الضّعفاء: ﴿... يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾؛ وبذلك كاد أن يتغلّب على موسى وقومه، لولا أنْ خسف الله به وبداره الأرض، وبكلّ ما كان يَملكه من كنوزٍ.

وأمّا قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ * إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ﴾، حيث يبدو أنّه كان مع فرعون ومِن قَومه، فالظّاهر إرادة أنّه بالذّات كان مقصوداً بالإنذار إلى جنب فرعون وهامان، من غير أنْ يستدعي ذلك أن يكون منهم، بل معهم في العتوّ والطغيان؛ ولعلّه كان واقفاً بصفّهم إزاء موسى وهارون، قال تعالى: ﴿وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَىٰ بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ﴾، فقد كان قارون مقصوداً كما كان فرعون وهامان، لعتوّهم واستكبارهم في الأرض جميعاً.

﴿مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ...﴾، قال تعالى بشأن ضخامة ثراء قارون: ﴿... وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ...﴾. قال الطبرسي: (ما) هذه موصولة بمعنى الذي، وَصِلتها: إنّ، مع اسمها وخبرها. أي أعطيناه من الأموال المدّخرة قَدْرَ الذي تُنِيء مفاتحُه العُصبةَ، أي يُثْقلُهم حملُه، والعُصبة: الجماعة المُلتفّة بعضها ببعض، أي المتآزرة على عملٍ ثقيل، أي كان حملُها يُضني بالفئام من أقوياء النّاس.

قال: والمَفاتح ـ هنا ـ الخزائن في قول أكثر المفسّرين، وهو اختيار الزجّاج، كما في قوله سبحانه: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ...﴾، والمَفاتح، جمع مَفتَح. والمِفتح بكسر الميم: المِفتاح. وبالفتح: الخُزانة، وكلّ خُزانة لصنفٍ من الأشياء أو الأموال، قال الفرّاء في قوله تعالى: ﴿... إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ...﴾: يعني خَزائنُه.

قال الفرّاء: نَوؤُها بالعُصبة أنْ تُثقلَهم. ومَفاتِحه: خزائنُه. والمعنى: ما إنّ مَفاتِح الكنوز، أي خزائنها، لتُنِيء العُصبةَ، أي تُميلُهم من ثقلها، وإذا أدخلت الباء قلت: تنوءُ بهم.

قال الشّاعر: إلاّ عـصا أَرزَنٍ طارت برايتها تنوءُ ضربتُها بالكفِّ والعضُدِ

وفي مسائل نافع بن الأزرق سأل ابن عبّاس: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت قول امرئ القيس إذ يقول: تـمـشي فـتُـثقِلُها عَـجيزَتُها مشيَ الضّعيفِ ينوءُ بالوَسْقِ

والوَسْق: ستّون صاعاً، حِمل بعيرٍ، وكذا وَقْر النّخلة.

ومن الغريب ما نجد هنا مِن أجنبيّ عن اللغة ـ هو هاشم العربي ـ يعترض ويرى أنّ الصّواب: (لتنوء بها الْعُصْبَة). هذا في حين أنّ الزمخشري ـ وهو البطل الفَحل ـ يقول: يقال: ناء به الحملُ، إذا أَثقَله حتّى أَمالَهُ. فسواء قلت: ناء به الحِملُ، أو ناء بالحِمل، فالمعنى واحد، فالمعنى على الأَوّل: مالَ به الحِملُ ثقلاً، وعلى الثاني: مال بالحِمل ثقلاً، وعلى الأَوّل هو على الحقيقة كما جاء في القرآن، وعلى الثاني كنايةً كما جاء في البيت...

* من كتاب "شُبُهَات وردود حول القرآن الكريم".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية