قيمةُ عملِ الخيرِ عندَ الله

قيمةُ عملِ الخيرِ عندَ الله
قال الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد: {لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً}[النساء : 114].
تريد هذه الآية أن تؤكِّد للإنسان كيف يكون إنساناً منفتحاً على النَّاس من حوله، على أساس أن يكون العنصر الخيِّر الَّذي إذا فكَّر في خير النَّاس، وإذا تكلَّم سرّاً أو علناً مع الَّذين يدير معهم القضايا، فإنّه يتكلّم بخير الناس، على أساس أنَّ الله أراد للإنسان في الحياة عندما خلقه، أن يستخدم طاقاته التي أنعم بها عليه في طريق الخير لا في طريق الشرّ. كأنَّ الله يريد أن يقول لكلِّ واحدٍ من عباده، إنَّ طاقاتكم لم تصنعوها أنتم، أنتَ لم تصنع عقلك، لم تصنع سمعك وبصرك، أنا الَّذي صنعتُ لك كلَّ شيء وأنا ربُّك الَّذي خلقتك، ولقد أعطيتك هذه الطاقات التي من الممكن أن تحرِّكها للخير، ويمكن أن تحرّكها للشرّ. ولكنّي عندما أعطيك حريّة الإرادة، أردتك أن تتحسَّس مسؤوليَّتك أمامي أنا ربّك، لتتحسَّس مسؤوليَّتك أمام الحياة وأمام النَّاس. أُريدُ منك أن توجِّه إرادتك في طريق الخير، وعلى هذا الأساس، فإنّي عندما منحتك حريّة الحركة، لم أمنحك حريَّة أن تختار الشرَّ وأنت تقدر على الخير، فإذا فعلت ذلك، فإنّني سأُعاقبك، وإذا حرَّكت الخير في حياتك، وإذا عشت حياتك وأنت تحرِّك فكرك للتَّخطيط للخير، وأنتَ تطلق لسانك، ليتكلَّم بكلمة خير، وأن تحرِّك يديك ورجليك، وتسمع بأُذنيك وترى بعينيك، لتجعل ذلك كلّه في خدمة الخير، إذا فعلت ذلك من أجل أن تحصل على مرضاتي، فسوف أؤتيك أجراً عظيماً.

عليك أن تفكِّر وأنتَ الآن في الدّنيا؛ الله يقول لنا ذلك، فكِّر يا عبد الله وأنتَ تملك في الحياة حريّة الحركة، فالله لم يقيِّد يديك حتّى لو فعلت بهما الشرّ، ولم يقيِّد رجليك، ولم يطفئ النّور في عينيك، ولم يعطِّل السَّمع في أذنيك، ولم يجمِّد التفكير في عقلك، ولم يمنعك من النطق بلسانك، لم يفعل ذلك ربّك، لكنَّه قال: يا عبد الله، اختر بين أمرين؛ بين أن تُقْبِل إلى الله وأنتَ تحمل الشرّ على ظهرك لتواجه العقوبة في ناره، أو أن تحمل الخير في قلبك وعقلك ولسانك وسمعك وبصرك ويديك ورجليك، ليقول لك الله: مرحباً بعبدي الذي عاش حياته من أجل أن يحصل على رضاي، وتألَّم وتعذَّب وحارَبَ شهوات نفسه، وحارَبَ الذين يريدون أن يضلّوه وابتعد عنهم، مرحباً بعبدي الذي أطاعني، سأدخله جنّتي {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي}[الفجر: 27 ـــ 30].
هل تحبّ هذا النداء؟ هذا النداء يحمّلك مسؤوليَّة. فإذا أردت وأنتَ تغمض عينيك للمرة الأخيرة، أن يقول ربّك لنفسك: {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي}، فلا بدَّ أن تتعب، ولا بدَّ أن تجاهد نفسك، ولا بدَّ أن تتلمَّس مواقع الخير في نفسك. أغلق سمعك عن كلمة شرّ، أغلق عينيك عن كلّ موقع شرّ يراد لك أن تسير فيه، أغلق عقلك عن أن يخطِّط للشرّ، احبس يديك عن أن تستعمل بهما الشرّ، احبس رجليك عن أن تسير بهما إلى مواقع الشرّ، ما رأيك في ذلك؟ هل تحبُّ هذا النِّداء، أم تحبُّ النِّداء الآخر؟ {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ * إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ * وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ * لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِؤُونَ}[الحاقة: 30 ـــ 37].

فكِّر قبل أن لا تستطيع أن تفكِّر، وأحكم سفينتك في هذه الأمواج؛ أمواج الشرّ والضَّلال التي تتقاذفك ذات اليمين وذات الشمال، فكِّر أن تحكم سفينتك قبل أن تغرقك الأمواج، وأنتَ تقول لنفسك ستركب الأمواج؛ إنَّ الذين يركبون الأمواج، إذا لم يكن ركوبهم لها من موقع ثابت، فستقلبهم الأمواج، وتتقاذفهم إلى عمق البحر.
* من كتاب "الجمعة منبر ومحراب".
قال الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد: {لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً}[النساء : 114].
تريد هذه الآية أن تؤكِّد للإنسان كيف يكون إنساناً منفتحاً على النَّاس من حوله، على أساس أن يكون العنصر الخيِّر الَّذي إذا فكَّر في خير النَّاس، وإذا تكلَّم سرّاً أو علناً مع الَّذين يدير معهم القضايا، فإنّه يتكلّم بخير الناس، على أساس أنَّ الله أراد للإنسان في الحياة عندما خلقه، أن يستخدم طاقاته التي أنعم بها عليه في طريق الخير لا في طريق الشرّ. كأنَّ الله يريد أن يقول لكلِّ واحدٍ من عباده، إنَّ طاقاتكم لم تصنعوها أنتم، أنتَ لم تصنع عقلك، لم تصنع سمعك وبصرك، أنا الَّذي صنعتُ لك كلَّ شيء وأنا ربُّك الَّذي خلقتك، ولقد أعطيتك هذه الطاقات التي من الممكن أن تحرِّكها للخير، ويمكن أن تحرّكها للشرّ. ولكنّي عندما أعطيك حريّة الإرادة، أردتك أن تتحسَّس مسؤوليَّتك أمامي أنا ربّك، لتتحسَّس مسؤوليَّتك أمام الحياة وأمام النَّاس. أُريدُ منك أن توجِّه إرادتك في طريق الخير، وعلى هذا الأساس، فإنّي عندما منحتك حريّة الحركة، لم أمنحك حريَّة أن تختار الشرَّ وأنت تقدر على الخير، فإذا فعلت ذلك، فإنّني سأُعاقبك، وإذا حرَّكت الخير في حياتك، وإذا عشت حياتك وأنت تحرِّك فكرك للتَّخطيط للخير، وأنتَ تطلق لسانك، ليتكلَّم بكلمة خير، وأن تحرِّك يديك ورجليك، وتسمع بأُذنيك وترى بعينيك، لتجعل ذلك كلّه في خدمة الخير، إذا فعلت ذلك من أجل أن تحصل على مرضاتي، فسوف أؤتيك أجراً عظيماً.

عليك أن تفكِّر وأنتَ الآن في الدّنيا؛ الله يقول لنا ذلك، فكِّر يا عبد الله وأنتَ تملك في الحياة حريّة الحركة، فالله لم يقيِّد يديك حتّى لو فعلت بهما الشرّ، ولم يقيِّد رجليك، ولم يطفئ النّور في عينيك، ولم يعطِّل السَّمع في أذنيك، ولم يجمِّد التفكير في عقلك، ولم يمنعك من النطق بلسانك، لم يفعل ذلك ربّك، لكنَّه قال: يا عبد الله، اختر بين أمرين؛ بين أن تُقْبِل إلى الله وأنتَ تحمل الشرّ على ظهرك لتواجه العقوبة في ناره، أو أن تحمل الخير في قلبك وعقلك ولسانك وسمعك وبصرك ويديك ورجليك، ليقول لك الله: مرحباً بعبدي الذي عاش حياته من أجل أن يحصل على رضاي، وتألَّم وتعذَّب وحارَبَ شهوات نفسه، وحارَبَ الذين يريدون أن يضلّوه وابتعد عنهم، مرحباً بعبدي الذي أطاعني، سأدخله جنّتي {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي}[الفجر: 27 ـــ 30].
هل تحبّ هذا النداء؟ هذا النداء يحمّلك مسؤوليَّة. فإذا أردت وأنتَ تغمض عينيك للمرة الأخيرة، أن يقول ربّك لنفسك: {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي}، فلا بدَّ أن تتعب، ولا بدَّ أن تجاهد نفسك، ولا بدَّ أن تتلمَّس مواقع الخير في نفسك. أغلق سمعك عن كلمة شرّ، أغلق عينيك عن كلّ موقع شرّ يراد لك أن تسير فيه، أغلق عقلك عن أن يخطِّط للشرّ، احبس يديك عن أن تستعمل بهما الشرّ، احبس رجليك عن أن تسير بهما إلى مواقع الشرّ، ما رأيك في ذلك؟ هل تحبُّ هذا النِّداء، أم تحبُّ النِّداء الآخر؟ {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ * إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ * وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ * لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِؤُونَ}[الحاقة: 30 ـــ 37].

فكِّر قبل أن لا تستطيع أن تفكِّر، وأحكم سفينتك في هذه الأمواج؛ أمواج الشرّ والضَّلال التي تتقاذفك ذات اليمين وذات الشمال، فكِّر أن تحكم سفينتك قبل أن تغرقك الأمواج، وأنتَ تقول لنفسك ستركب الأمواج؛ إنَّ الذين يركبون الأمواج، إذا لم يكن ركوبهم لها من موقع ثابت، فستقلبهم الأمواج، وتتقاذفهم إلى عمق البحر.
* من كتاب "الجمعة منبر ومحراب".
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية