يريد الإسلام منَّا أن لا يكون المحسن والمسيء عندنا بمنزلة سواء، وهذا هو الأساس في توازن المجتمع، وفي نموِّ العمل الصَّالح الخيِّر في المجتمع، لأنّه إذا كان المحسن والمسيء عندنا بمنزلةٍ سواء، وإذا كان الفاسق والمؤمن عندنا بمنزلةٍ سواء، فكيف يمكن أن يتشجَّع المؤمن، وكيف يمكن أن يتراجع المسيء أو الفاسق؟ الله قال لكم: {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَّا يَسْتَوُونَ}[السجدة: 18]، فكيف تساوون بينهما، وكيف تفضِّلون الفاسق في بعض الحالات على المؤمن، وتفضِّلون المسيء في بعض الحالات على المحسن؟ {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ}[القلم: 35 ـــ 37]، دلّوني على هذا الكتاب، إذا كان يبرّر لكم هذا الشَّيء.
لهذا، في الواقع الذي تعيشه، الله يقول لك كن مع المسلم ولا تكن مع المجرم، والمسلم هو الَّذي يلتزم الإسلام في قوله وفي عمله وفي خطِّه وفي نهجه بالحياة، والمجرم هو الَّذي يمارس الجريمة على مستوى العقيدة وعلى مستوى العمل. الله يقول إنَّ هذا الحكم الَّذي يساوي بين المجرم والمسلم هو حكم سيِّئ لا يجوز لكم، بنصِّ القرآن، أن تعملوا عليه.
أيُّها الإخوة، قد نعتبر هذه المسائل صغيرة بسيطة، لأنّها تدخل في ثرثراتنا الاجتماعيَّة، وفي حرتقاتنا السياسيَّة، وفي كثيرٍ من أوضاعنا العامَّة والخاصَّة، ودائماً عندما نتحدَّث على أساس عاطفتنا، لا على أساس مبادئنا، نبرِّر المسألة بأنَّ الجوَّ هكذا، وقد يقول بعض النَّاس إنَّ الكلام ليس عليه "جمرك"، أليس هذا هو حديث الكثيرين؟! لكنَّ الكلام قد يشوِّه صورة إنسان، وقد يوقع إنساناً في خطر، عندما تتَّهم إنساناً بما فيه، فأنتَ تعرِّضه للخطر، وعندما تتحدَّث عن إنسانٍ بما ليس فيه، فأنتَ تشوّه صورته، مَن أجاز لك أن تشوِّه صورة إنسان؟ ومَن أجاز لك أن تعرِّض إنساناً للخطر؟ ثمّ قد تتكلَّم كثيراً لأنَّك تملك حريَّة أن تتكلَّم، ولكنَّك غداً لا تملك حريَّة أن تتكلَّم، {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}[ق: 16 ـــ 18]، {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ}، ليس هناك كلام، ثرثر ما تشاء الآن، تكلَّم ما تريد، اخطب بما تريد، صرِّح بما تريد، ولكن {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}[يس: 65]، {وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَٰنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا}[طه: 108]، ليس هناك كلام، ليس هناك ضوضاء.
لهذا، لا بدَّ أن نتعوَّد أن نكون العادلين في كلامنا، فذلك هو الأساس في ما نقبل عليه عند الله سبحانه وتعالى.
{وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ}[النساء : 107] في أيّ مجالٍ كانت الخيانة، حتّى عندما تكون مع مجتمع، ومع جماعة، قد ترى أنّهم على خير، ولكن إذا رأيت منهم ظلماً فقل إنَّهم ظلموا، وإذا رأيت منهم انحرافاً فقل إنّهم انحرفوا، وإذا رأيت منهم خيانة فقل إنَّهم خانوا، لا تجعلك العصبيَّة في أيّ موقعٍ من الذين يتعصَّبون للباطل لأنّهم يتعصَّبون لمحور من محاوره الاجتماعية أو السياسية. هذا خطّ الله وهذا طريق الله، وهذا هو الذي قد يوقعنا في نار جهنَّم، "وهل يكبّ الناس على مناخرهم في النار إلَّا حصائد ألسنتهم؟!"(1)، يعني ما يحصده لسانك من كلام باطل. لهذا، لا بدَّ أن نراقب ألسنتنا، فلا نؤيّد فيها مجرماً، ولا نتكلَّم فيها على بريء، ولا نعمل على أساس العصبيَّة، بل نعمل على أساس الحقّ.
وهكذا، لا بدَّ لنا من أن نواجه كلّ الذين يعملون على خيانة الأُمّة في قضاياها المصيريّة، وذلك عندما يتحرّكون في خطوط المشاريع السياسيَّة التي تضغط على حريّة الأُمّة وعزّتها، أو الذين يحرّكون المشاريع العمليَّة الاجتماعيَّة التي تعمل على إفساد الأُمّة وعلى نشر الفوضى الأخلاقيَّة في حياتها، كالذين يتاجرون بالمخدّرات أو يتاجرون بالخمور، أو يفتحون مقاهي ومطاعم تقدِّم ما حرَّم الله سبحانه وتعالى في أيّ مجال، هؤلاء يخونون أخلاق الأُمَّة ويخونون توازن الأُمَّة.
* من كتاب "الجمعة منبر ومحراب".
يريد الإسلام منَّا أن لا يكون المحسن والمسيء عندنا بمنزلة سواء، وهذا هو الأساس في توازن المجتمع، وفي نموِّ العمل الصَّالح الخيِّر في المجتمع، لأنّه إذا كان المحسن والمسيء عندنا بمنزلةٍ سواء، وإذا كان الفاسق والمؤمن عندنا بمنزلةٍ سواء، فكيف يمكن أن يتشجَّع المؤمن، وكيف يمكن أن يتراجع المسيء أو الفاسق؟ الله قال لكم: {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَّا يَسْتَوُونَ}[السجدة: 18]، فكيف تساوون بينهما، وكيف تفضِّلون الفاسق في بعض الحالات على المؤمن، وتفضِّلون المسيء في بعض الحالات على المحسن؟ {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ}[القلم: 35 ـــ 37]، دلّوني على هذا الكتاب، إذا كان يبرّر لكم هذا الشَّيء.
لهذا، في الواقع الذي تعيشه، الله يقول لك كن مع المسلم ولا تكن مع المجرم، والمسلم هو الَّذي يلتزم الإسلام في قوله وفي عمله وفي خطِّه وفي نهجه بالحياة، والمجرم هو الَّذي يمارس الجريمة على مستوى العقيدة وعلى مستوى العمل. الله يقول إنَّ هذا الحكم الَّذي يساوي بين المجرم والمسلم هو حكم سيِّئ لا يجوز لكم، بنصِّ القرآن، أن تعملوا عليه.
أيُّها الإخوة، قد نعتبر هذه المسائل صغيرة بسيطة، لأنّها تدخل في ثرثراتنا الاجتماعيَّة، وفي حرتقاتنا السياسيَّة، وفي كثيرٍ من أوضاعنا العامَّة والخاصَّة، ودائماً عندما نتحدَّث على أساس عاطفتنا، لا على أساس مبادئنا، نبرِّر المسألة بأنَّ الجوَّ هكذا، وقد يقول بعض النَّاس إنَّ الكلام ليس عليه "جمرك"، أليس هذا هو حديث الكثيرين؟! لكنَّ الكلام قد يشوِّه صورة إنسان، وقد يوقع إنساناً في خطر، عندما تتَّهم إنساناً بما فيه، فأنتَ تعرِّضه للخطر، وعندما تتحدَّث عن إنسانٍ بما ليس فيه، فأنتَ تشوّه صورته، مَن أجاز لك أن تشوِّه صورة إنسان؟ ومَن أجاز لك أن تعرِّض إنساناً للخطر؟ ثمّ قد تتكلَّم كثيراً لأنَّك تملك حريَّة أن تتكلَّم، ولكنَّك غداً لا تملك حريَّة أن تتكلَّم، {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}[ق: 16 ـــ 18]، {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ}، ليس هناك كلام، ثرثر ما تشاء الآن، تكلَّم ما تريد، اخطب بما تريد، صرِّح بما تريد، ولكن {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}[يس: 65]، {وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَٰنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا}[طه: 108]، ليس هناك كلام، ليس هناك ضوضاء.
لهذا، لا بدَّ أن نتعوَّد أن نكون العادلين في كلامنا، فذلك هو الأساس في ما نقبل عليه عند الله سبحانه وتعالى.
{وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ}[النساء : 107] في أيّ مجالٍ كانت الخيانة، حتّى عندما تكون مع مجتمع، ومع جماعة، قد ترى أنّهم على خير، ولكن إذا رأيت منهم ظلماً فقل إنَّهم ظلموا، وإذا رأيت منهم انحرافاً فقل إنّهم انحرفوا، وإذا رأيت منهم خيانة فقل إنَّهم خانوا، لا تجعلك العصبيَّة في أيّ موقعٍ من الذين يتعصَّبون للباطل لأنّهم يتعصَّبون لمحور من محاوره الاجتماعية أو السياسية. هذا خطّ الله وهذا طريق الله، وهذا هو الذي قد يوقعنا في نار جهنَّم، "وهل يكبّ الناس على مناخرهم في النار إلَّا حصائد ألسنتهم؟!"(1)، يعني ما يحصده لسانك من كلام باطل. لهذا، لا بدَّ أن نراقب ألسنتنا، فلا نؤيّد فيها مجرماً، ولا نتكلَّم فيها على بريء، ولا نعمل على أساس العصبيَّة، بل نعمل على أساس الحقّ.
وهكذا، لا بدَّ لنا من أن نواجه كلّ الذين يعملون على خيانة الأُمّة في قضاياها المصيريّة، وذلك عندما يتحرّكون في خطوط المشاريع السياسيَّة التي تضغط على حريّة الأُمّة وعزّتها، أو الذين يحرّكون المشاريع العمليَّة الاجتماعيَّة التي تعمل على إفساد الأُمّة وعلى نشر الفوضى الأخلاقيَّة في حياتها، كالذين يتاجرون بالمخدّرات أو يتاجرون بالخمور، أو يفتحون مقاهي ومطاعم تقدِّم ما حرَّم الله سبحانه وتعالى في أيّ مجال، هؤلاء يخونون أخلاق الأُمَّة ويخونون توازن الأُمَّة.
* من كتاب "الجمعة منبر ومحراب".