يقول تعالى مخاطباً المؤمنين فيما يرجع إلى تعاملهم مع اليهود والنَّصارى في المرحلة التي عاشها المسلمون، وخصوصاً في المدينة، وكلّ هؤلاء كانوا يهزأون بالدِّين الإسلامي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء}.
تلك الوسيلة التي يستخدمها أهل الكتَّاب والكفَّار من المشركين ضدّ المؤمنين، فهم لا يناقشون المؤمنين في دينهم، ولا يدخلون معهم في حوار جدّيّ موضوعيّ في هذا المجال، بل يحاولون أن يستخدموا أسلوب اللّعب بما يطرحه المسلمون، كأنهم يمارسون الألاعيب في حديثهم أو في مواجهتهم لهم، ويمارسون أساليب السخرية.
{وَاتَّقُواْ اللهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}(المائدة: 57)، يعني لا تتخذوهم أولياء، فلا تصادقوهم، ولا تعتبروا ما يوجِّهونه إليكم مجرد حالة جانبيَّة، ولا تستغرقوا في علاقتكم بهم، وفي التزامكم مجتمعهم، والتَّخطيط معهم فيما يتحركون به في المجتمع، بحيث يكون هؤلاء أولياءكم وتكونون أولياء لهم.
{وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا}، يعني كانوا لا يحترمون عبادتكم، ولا يحترمون صلاتكم، بل يتخذونها هزواً ولعباً، {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ}(المائدة: 58)، لأنَّ الإنسان العاقل هو الَّذي يحاول أن يفكر بطريقة متوازنة وعقلانية، فيناقش الفكرة بالفكرة، ويحترم الآخرين الذين يختلفون معه في الرأي احتراماً إنسانياً، بحيث يواجههم بطريقة التفكير المشترك القائم على الاحترام المتبادل.
وقد أثارت الآية مشاعر الإيمان لدى المؤمنين، وكأنّها تقول لهم: حافظوا على إيمانكم، احترموه، ولا تجعلوه على هامش علاقاتكم وعلى هامش حياتكم. والآية تريد بذلك أن تدفع المؤمنين إلى الاستجابة إلى الله في هذا النّداء، بمقاطعتهم هؤلاء ورفض موالاتهم، باعتبار أنَّ ذلك هو مظهر من مظاهر التقوى التي يلتزمها المؤمنون في مواقفهم الإيمانيَّة الحاسمة، ولذا قال الله تعالى بعد ذلك: {واتّقوا الله}، إذ إنَّ هؤلاء لا يواجهون الدين بالفكر الذي يناقش مفاهيمه ويتدبَّر عقائده وأحكامه ومناهجه، كأيّ دعوة جديدة صادرة عن الله في وجه رسله، مما يثير الكثير من التَّساؤل لدى الناس الذين يتحملون مسؤوليَّة الالتزام الفكري فيما يقبلونه أو يرفضونه من الأفكار والعقائد والمفاهيم، بل يواجهون ذلك بالهزء والسخرية واللَّعب، تماماً كما لو كان الموقف يوحي بالمزاح والعبث، ما يدلّ على أنَّ المطلوب هو الدخول في حرب نفسيَّة ضد الإيمان والمؤمنين، تستهدف إسقاط روحيتهم، وإضعاف موقفهم، ودفعهم إلى الإحساس بالضّعف أمامهم.
وهؤلاء هم الذين عاشوا في عهد الدعوة الإسلاميَّة الأولى {مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ} الَّذين لم يكونوا يملكون الحجَّة البالغة في رفض الإسلام وتكذيب الرَّسول حتى يحاوروا المسلمين في ذلك كله، والذين كانوا يخافون من أن يفتح الرسول عقول الناس على الحقّ الذي جاء به، فيؤدي بهم ذلك إلى الانحسار عن مواقعهم، ويدفع الناس إلى اتّباعه والالتزام به، فلجأوا إلى الأساليب الموجبة للاستخفاف والاستهانة به، كالسخرية والاستهزاء، وهذا ما أراد الله للمؤمنين أن يواجهوه بالرفض الحاسم لكلّ أنواع العلاقات الإنسانية الحميمة أو الروابط الوثيقة مع هؤلاء الساخرين، لأنهم ليسوا في مستوى المسؤوليَّة الفكرية التي تبعث على الاحترام، وتفرض الدخول في التزام فكري وعملي.
* من كتاب "النَّدوة"، ج 16.
يقول تعالى مخاطباً المؤمنين فيما يرجع إلى تعاملهم مع اليهود والنَّصارى في المرحلة التي عاشها المسلمون، وخصوصاً في المدينة، وكلّ هؤلاء كانوا يهزأون بالدِّين الإسلامي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء}.
تلك الوسيلة التي يستخدمها أهل الكتَّاب والكفَّار من المشركين ضدّ المؤمنين، فهم لا يناقشون المؤمنين في دينهم، ولا يدخلون معهم في حوار جدّيّ موضوعيّ في هذا المجال، بل يحاولون أن يستخدموا أسلوب اللّعب بما يطرحه المسلمون، كأنهم يمارسون الألاعيب في حديثهم أو في مواجهتهم لهم، ويمارسون أساليب السخرية.
{وَاتَّقُواْ اللهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}(المائدة: 57)، يعني لا تتخذوهم أولياء، فلا تصادقوهم، ولا تعتبروا ما يوجِّهونه إليكم مجرد حالة جانبيَّة، ولا تستغرقوا في علاقتكم بهم، وفي التزامكم مجتمعهم، والتَّخطيط معهم فيما يتحركون به في المجتمع، بحيث يكون هؤلاء أولياءكم وتكونون أولياء لهم.
{وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا}، يعني كانوا لا يحترمون عبادتكم، ولا يحترمون صلاتكم، بل يتخذونها هزواً ولعباً، {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ}(المائدة: 58)، لأنَّ الإنسان العاقل هو الَّذي يحاول أن يفكر بطريقة متوازنة وعقلانية، فيناقش الفكرة بالفكرة، ويحترم الآخرين الذين يختلفون معه في الرأي احتراماً إنسانياً، بحيث يواجههم بطريقة التفكير المشترك القائم على الاحترام المتبادل.
وقد أثارت الآية مشاعر الإيمان لدى المؤمنين، وكأنّها تقول لهم: حافظوا على إيمانكم، احترموه، ولا تجعلوه على هامش علاقاتكم وعلى هامش حياتكم. والآية تريد بذلك أن تدفع المؤمنين إلى الاستجابة إلى الله في هذا النّداء، بمقاطعتهم هؤلاء ورفض موالاتهم، باعتبار أنَّ ذلك هو مظهر من مظاهر التقوى التي يلتزمها المؤمنون في مواقفهم الإيمانيَّة الحاسمة، ولذا قال الله تعالى بعد ذلك: {واتّقوا الله}، إذ إنَّ هؤلاء لا يواجهون الدين بالفكر الذي يناقش مفاهيمه ويتدبَّر عقائده وأحكامه ومناهجه، كأيّ دعوة جديدة صادرة عن الله في وجه رسله، مما يثير الكثير من التَّساؤل لدى الناس الذين يتحملون مسؤوليَّة الالتزام الفكري فيما يقبلونه أو يرفضونه من الأفكار والعقائد والمفاهيم، بل يواجهون ذلك بالهزء والسخرية واللَّعب، تماماً كما لو كان الموقف يوحي بالمزاح والعبث، ما يدلّ على أنَّ المطلوب هو الدخول في حرب نفسيَّة ضد الإيمان والمؤمنين، تستهدف إسقاط روحيتهم، وإضعاف موقفهم، ودفعهم إلى الإحساس بالضّعف أمامهم.
وهؤلاء هم الذين عاشوا في عهد الدعوة الإسلاميَّة الأولى {مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ} الَّذين لم يكونوا يملكون الحجَّة البالغة في رفض الإسلام وتكذيب الرَّسول حتى يحاوروا المسلمين في ذلك كله، والذين كانوا يخافون من أن يفتح الرسول عقول الناس على الحقّ الذي جاء به، فيؤدي بهم ذلك إلى الانحسار عن مواقعهم، ويدفع الناس إلى اتّباعه والالتزام به، فلجأوا إلى الأساليب الموجبة للاستخفاف والاستهانة به، كالسخرية والاستهزاء، وهذا ما أراد الله للمؤمنين أن يواجهوه بالرفض الحاسم لكلّ أنواع العلاقات الإنسانية الحميمة أو الروابط الوثيقة مع هؤلاء الساخرين، لأنهم ليسوا في مستوى المسؤوليَّة الفكرية التي تبعث على الاحترام، وتفرض الدخول في التزام فكري وعملي.
* من كتاب "النَّدوة"، ج 16.