الإنسان بين البداية والنهاية

الإنسان بين البداية والنهاية

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم} إنَّ ما تفعلونه وتعيشونه سيرتدُّ عليكم، وما تتلذَّذون به {مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}. افهموا المسألة فهماً حقيقيّاً، إنّكم قد تمتدّون بالباطل والعدوان والبغي، ويُخيَّل إليكم أنَّ الحياة ستمتدّ بكم وتخلَّدون ولا تُحاسَبون ولستم مسؤولين عمّا تعملون، لكن هل فكَّرتم بالّذين كانوا قبلكم، مِمَّن {كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا}[الرّوم: 9]؛ أين هم وأين أنتم؟ فحياتكم وحياتهم مجرَّد {مَّتَاعَ} فرصة طارئة تأتي وتذهب، وستعودون إلينا لتقدِّموا حساباتكم بين أيدينا، ولتنالوا جزاء ما فعلته أيديكم.

ويريد القرآن أن يفهم النّاس طبيعة الدّنيا، وذلك من خلال ضرب الأمثال، ليعطينا الفكرة عن الصّورة المعنويّة من خلال الصّورة الحسيّة، ليدفعنا إلى المقارنة بين الصّورة والفكرة. فهذا الشتاء يأتي، يتساقط المطر ويسقي الأرض، ويختلط الماء بالبذور، ثمّ يأتي الرّبيع، فتنمو البذور، وتزهر، ثمّ تنضج يانعة، وتتزيَّن الأرض زاهية بين الخضرة والحُمرة والبياض والاصفرار، ثمّ يأتي الخريف، فتذبل الأوراق وتصفرّ وتتساقط وتتحوَّل إلى حصيد، أو إلى هشيم تذروه الرّياح.

وهكذا الإنسان، يتكوَّن من نطفة تنمو في الرّحم كما تنمو البذرة في الأرض لتصبح برعماً من زهرة وثمرة، وكذلك الإنسان يُولَد فيصبح صبيّاً تضحك الحياة من حوله، يبدأ بالنموّ ليصبح شابّاً، والشّباب هو ربيع العمر، وبعد ذلك تبدأ مرحلة الكهولة والشّيخوخة، ثمّ يُرَدُّ إلى أرذل العمر {لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً}[الحجّ: 5] ويموت كما تموت الأزهار والأشجار، وبعد ذلك يُدْفَن في الأرض، ويتفتَّت الجسد والعظام وتتحوّل إلى رميم، تماماً كما تيبس الأشجار.

إنَّها صورةٌ للبداية وصورةٌ للنهاية تتشابه فيما بينها. ولذا، فإنَّ القرآن يقول للإنسان: إذا كانت حياتك على هذه الصورة، فأين الخلود في الحياة؟ لذلك {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ} فامتدَّ في الأرض {فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ} فتختلط به البذور التي تتحوَّل إلى نبات {مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ} من الخضروات والفواكه {وَالأَنْعَامُ}، وكذلك ممّا تأكله الحيوانات من الأعشاب {حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا} أخذت بهاءها ورونقها {وَازَّيَّنَتْ} ربيعها ظاهر، وألوانُها متنوّعة ساحرة زاهية متلوّنة، {وَظَنَّ أَهْلُهَا} وحَسِبَ أهلها {أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً} وقبل أن ينالوا ما يريدون منها، جاءت عاصفةٌ في ليل أو نهار ودمَّرت ما عليها {فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ} كأنّها لم تكن موجودة كليّاً {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ} نعرضها {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[يونس: 23 -24].. ودائماً يطلب الله تعالى من الإنسان أن يُحرِّك فكره في كلّ شيء، وألاَّ يستغرق في خياله وأوهامه، فإذا حرَّك فكره، قاده إلى حقائق الأشياء، وإذا عرف حقائق الأشياء، فإنّه سيعرف حتماً الطريق إلى الهدى.

* من كتاب "حركة النبوَّة في مواجهة الانحراف".

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم} إنَّ ما تفعلونه وتعيشونه سيرتدُّ عليكم، وما تتلذَّذون به {مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}. افهموا المسألة فهماً حقيقيّاً، إنّكم قد تمتدّون بالباطل والعدوان والبغي، ويُخيَّل إليكم أنَّ الحياة ستمتدّ بكم وتخلَّدون ولا تُحاسَبون ولستم مسؤولين عمّا تعملون، لكن هل فكَّرتم بالّذين كانوا قبلكم، مِمَّن {كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا}[الرّوم: 9]؛ أين هم وأين أنتم؟ فحياتكم وحياتهم مجرَّد {مَّتَاعَ} فرصة طارئة تأتي وتذهب، وستعودون إلينا لتقدِّموا حساباتكم بين أيدينا، ولتنالوا جزاء ما فعلته أيديكم.

ويريد القرآن أن يفهم النّاس طبيعة الدّنيا، وذلك من خلال ضرب الأمثال، ليعطينا الفكرة عن الصّورة المعنويّة من خلال الصّورة الحسيّة، ليدفعنا إلى المقارنة بين الصّورة والفكرة. فهذا الشتاء يأتي، يتساقط المطر ويسقي الأرض، ويختلط الماء بالبذور، ثمّ يأتي الرّبيع، فتنمو البذور، وتزهر، ثمّ تنضج يانعة، وتتزيَّن الأرض زاهية بين الخضرة والحُمرة والبياض والاصفرار، ثمّ يأتي الخريف، فتذبل الأوراق وتصفرّ وتتساقط وتتحوَّل إلى حصيد، أو إلى هشيم تذروه الرّياح.

وهكذا الإنسان، يتكوَّن من نطفة تنمو في الرّحم كما تنمو البذرة في الأرض لتصبح برعماً من زهرة وثمرة، وكذلك الإنسان يُولَد فيصبح صبيّاً تضحك الحياة من حوله، يبدأ بالنموّ ليصبح شابّاً، والشّباب هو ربيع العمر، وبعد ذلك تبدأ مرحلة الكهولة والشّيخوخة، ثمّ يُرَدُّ إلى أرذل العمر {لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً}[الحجّ: 5] ويموت كما تموت الأزهار والأشجار، وبعد ذلك يُدْفَن في الأرض، ويتفتَّت الجسد والعظام وتتحوّل إلى رميم، تماماً كما تيبس الأشجار.

إنَّها صورةٌ للبداية وصورةٌ للنهاية تتشابه فيما بينها. ولذا، فإنَّ القرآن يقول للإنسان: إذا كانت حياتك على هذه الصورة، فأين الخلود في الحياة؟ لذلك {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ} فامتدَّ في الأرض {فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ} فتختلط به البذور التي تتحوَّل إلى نبات {مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ} من الخضروات والفواكه {وَالأَنْعَامُ}، وكذلك ممّا تأكله الحيوانات من الأعشاب {حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا} أخذت بهاءها ورونقها {وَازَّيَّنَتْ} ربيعها ظاهر، وألوانُها متنوّعة ساحرة زاهية متلوّنة، {وَظَنَّ أَهْلُهَا} وحَسِبَ أهلها {أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً} وقبل أن ينالوا ما يريدون منها، جاءت عاصفةٌ في ليل أو نهار ودمَّرت ما عليها {فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ} كأنّها لم تكن موجودة كليّاً {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ} نعرضها {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[يونس: 23 -24].. ودائماً يطلب الله تعالى من الإنسان أن يُحرِّك فكره في كلّ شيء، وألاَّ يستغرق في خياله وأوهامه، فإذا حرَّك فكره، قاده إلى حقائق الأشياء، وإذا عرف حقائق الأشياء، فإنّه سيعرف حتماً الطريق إلى الهدى.

* من كتاب "حركة النبوَّة في مواجهة الانحراف".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية