في أجواء سورة النّصر

في أجواء سورة النّصر

النّصر الإلهي محقّق لعباده المؤمنين المخلصين، المتوكّلين عليه، العاملين بأحكامه وتعاليمه، مهما بلغت الحواجز والصّعوبات، ومهما بلغ حجم التضحيات، لأنَّ الوصول إلى الهدف الكبير والنّبيل، لا بدّ له من التسلّح بالعزيمة والصّبر والإرادة القويّة، والأخذ بأسباب القوّة الماديّة والمعنويّة، للوقوف بثبات أمام كلّ العقبات الّتي تعترض طريق الوصول إلى الذات الإلهيّة ومرضاة الله.

ونحن في أجواء سورة "النصر"، وهي من السور المكيّة، وآياتها ثلاث، نقف عند جملة دروس وعِبَر تصل بالنّتيجة إلى أن الإنسان السّائر في طريق الحقّ، والثابت عليه، الواثق من إعداده لوسائل المواجهة مع الباطل، هو المؤيَّد بنصر الله ووعده الصّادق له به.

يقول تعالى في كتابه العزيز: {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}، وذلك هو وعد الله الّذي وعد به رسوله، ووعد به المؤمنين الذين ينصرونه بنصره دينه ـ كما يقول سماحة العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض) ـ متابعاً: "بأن يفتح لهم الفتح الكبير في مكّة.. والتعبير بنصر الله، يحمل بعض الإيحاءات الروحيّة العقيديّة، بأنّ العمق الذي يحمله النّصر بكلّ أسبابه العاديّة، لم يكن ليتحقّق لولا إرادة الله ومشيئته وتوفيقه، وما أعطى المؤمنين فيه من قوّة العزم، وشدّة التحدّي، وثبات الخطى على الموقف، ليزدادوا بذلك اتّكالاً على الله، واعتماداً عليه، فلا يسقطوا أمام التّهاويل المرعبة التي يثيرها أمامهم أعداء الله وأعداء رسوله، لأنّ الله هو الّذي يؤيدهم بنصره ويثبّتهم بقوته".[تفسير من وحي القرآن، ج 24، ص 466].

لا بدّ إذاً للإنسان المؤمن بأحقيّة قضيّته في سبيل الله، من أن يكون وعد الله له بالنّصر محتّماً، فهذه سنّة إلهيّة إذا أخلص النّاس أعمالهم لله، ولم يكن فيها رياء، وكانوا على هدىً من أمرهم، وبصيرة من شأن دينهم ودنياهم وآخرتهم، فإرادة الله تعالى الّتي هي فوق كلّ قوّة مهما بلغت في عتوّها، تقف إلى جانب المؤمنين الواعين، المخلصين لله ولرسوله في كلّ صغيرة وكبيرة، فالله تعالى ينصر الإنسان في روحه المتسامية والمنفتحة على رحابه، وينصر عقيدته القائمة على الحقّ والحقيقة، وينصر كلّ مشاعره النبيلة المنفتحة على آفاق الخير والبر والعطاء، وينصر عقله المسؤول والواعي في انفتاحه على الوجود والكون.

{وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً}، يقول سماحته(رض) في تفسير هذه الآية: "لأنّ النّاس كانوا يقفون أمام الحاجز الكبير الذي وضعته "قريش" أمامهم، لتمنعهم من الاندفاع نحو الإسلام.. وكان الناس يترقّبون النتائج النهائية للصراع الدائر بين المسلمين وقريش، ليحدّدوا موقفهم، وكانوا يأملون أن تكون النتيجة لمصلحة المسلمين، فلما كان فتح مكّة، وتحقّق الوعد الإلهيّ، وتحطّم الحاجز النفسي والمادّي الذي كان يحول بينهم وبين الدّخول في الإسلام، دخلوا في دين الله أفواجاً...

عندما تنكسر الحواجز المادّية، بما يمثّله الاستكبار من علوّ وتسلّط على المستوى السياسي والاجتماعي والأمني والاقتصادي، تنزاح كلّ المعوّقات والضغوطات التي كان يربك بها الحياة، فيقبل النّاس بملء إرادتهم وقناعتهم على ما يتوافق مع مصلحتهم الطبيعية في الانفتاح على الحق وأهله، بما يوصلهم إلى السعادة في دنياهم وآخرتهم.

{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً}، وهذا هو الجو الذي أراد الله من النبي(ص) أن يستقبل به النصر والفتح والاندفاع الجماهيري للأمة نحو الإسلام، فلا بد للنبي، والمسلمين معه، من أن يواجهوا الموقف بالتسبيح لله تعالى والتحميد، للانفتاح على مواقع عظمته في انطلاقات رحمته وفيوضات نعمته، لأنّ ذلك يؤكّد في نفوسهم معنى الخشوع لله والإحساس بعبوديّتهم له، وبهيمنته على الوجود كلّه، ليبقى هذا التّواصل الروحي بين العباد وربّهم، حتى لا يشعروا بالاستقلال عنه".[من وحي القرآن، ج 24، ص 467].

إنَّ الإمداد الإلهي للمجاهدين في سبيله، في أيّ ساحة من ساحات الحياة، هو الكفيل بالنّصر المحتوم، وعلى المنتصرين أن يعرفوا أنّ أسباب النّصر بيد الله، بما منحهم من أسباب القوّة الجسديّة والعقليّة والماديّة، وأنّ النّصر لا بدّ من أن يقوّي إيمانهم، ويعزّز مشاعرهم الروحيّة والأخلاقيّة، ويفتح آفاق عقلهم وفكرهم ومشاعرهم على الله تعالى في أيّ ظرف من الظّروف.

إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .


النّصر الإلهي محقّق لعباده المؤمنين المخلصين، المتوكّلين عليه، العاملين بأحكامه وتعاليمه، مهما بلغت الحواجز والصّعوبات، ومهما بلغ حجم التضحيات، لأنَّ الوصول إلى الهدف الكبير والنّبيل، لا بدّ له من التسلّح بالعزيمة والصّبر والإرادة القويّة، والأخذ بأسباب القوّة الماديّة والمعنويّة، للوقوف بثبات أمام كلّ العقبات الّتي تعترض طريق الوصول إلى الذات الإلهيّة ومرضاة الله.

ونحن في أجواء سورة "النصر"، وهي من السور المكيّة، وآياتها ثلاث، نقف عند جملة دروس وعِبَر تصل بالنّتيجة إلى أن الإنسان السّائر في طريق الحقّ، والثابت عليه، الواثق من إعداده لوسائل المواجهة مع الباطل، هو المؤيَّد بنصر الله ووعده الصّادق له به.

يقول تعالى في كتابه العزيز: {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}، وذلك هو وعد الله الّذي وعد به رسوله، ووعد به المؤمنين الذين ينصرونه بنصره دينه ـ كما يقول سماحة العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض) ـ متابعاً: "بأن يفتح لهم الفتح الكبير في مكّة.. والتعبير بنصر الله، يحمل بعض الإيحاءات الروحيّة العقيديّة، بأنّ العمق الذي يحمله النّصر بكلّ أسبابه العاديّة، لم يكن ليتحقّق لولا إرادة الله ومشيئته وتوفيقه، وما أعطى المؤمنين فيه من قوّة العزم، وشدّة التحدّي، وثبات الخطى على الموقف، ليزدادوا بذلك اتّكالاً على الله، واعتماداً عليه، فلا يسقطوا أمام التّهاويل المرعبة التي يثيرها أمامهم أعداء الله وأعداء رسوله، لأنّ الله هو الّذي يؤيدهم بنصره ويثبّتهم بقوته".[تفسير من وحي القرآن، ج 24، ص 466].

لا بدّ إذاً للإنسان المؤمن بأحقيّة قضيّته في سبيل الله، من أن يكون وعد الله له بالنّصر محتّماً، فهذه سنّة إلهيّة إذا أخلص النّاس أعمالهم لله، ولم يكن فيها رياء، وكانوا على هدىً من أمرهم، وبصيرة من شأن دينهم ودنياهم وآخرتهم، فإرادة الله تعالى الّتي هي فوق كلّ قوّة مهما بلغت في عتوّها، تقف إلى جانب المؤمنين الواعين، المخلصين لله ولرسوله في كلّ صغيرة وكبيرة، فالله تعالى ينصر الإنسان في روحه المتسامية والمنفتحة على رحابه، وينصر عقيدته القائمة على الحقّ والحقيقة، وينصر كلّ مشاعره النبيلة المنفتحة على آفاق الخير والبر والعطاء، وينصر عقله المسؤول والواعي في انفتاحه على الوجود والكون.

{وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً}، يقول سماحته(رض) في تفسير هذه الآية: "لأنّ النّاس كانوا يقفون أمام الحاجز الكبير الذي وضعته "قريش" أمامهم، لتمنعهم من الاندفاع نحو الإسلام.. وكان الناس يترقّبون النتائج النهائية للصراع الدائر بين المسلمين وقريش، ليحدّدوا موقفهم، وكانوا يأملون أن تكون النتيجة لمصلحة المسلمين، فلما كان فتح مكّة، وتحقّق الوعد الإلهيّ، وتحطّم الحاجز النفسي والمادّي الذي كان يحول بينهم وبين الدّخول في الإسلام، دخلوا في دين الله أفواجاً...

عندما تنكسر الحواجز المادّية، بما يمثّله الاستكبار من علوّ وتسلّط على المستوى السياسي والاجتماعي والأمني والاقتصادي، تنزاح كلّ المعوّقات والضغوطات التي كان يربك بها الحياة، فيقبل النّاس بملء إرادتهم وقناعتهم على ما يتوافق مع مصلحتهم الطبيعية في الانفتاح على الحق وأهله، بما يوصلهم إلى السعادة في دنياهم وآخرتهم.

{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً}، وهذا هو الجو الذي أراد الله من النبي(ص) أن يستقبل به النصر والفتح والاندفاع الجماهيري للأمة نحو الإسلام، فلا بد للنبي، والمسلمين معه، من أن يواجهوا الموقف بالتسبيح لله تعالى والتحميد، للانفتاح على مواقع عظمته في انطلاقات رحمته وفيوضات نعمته، لأنّ ذلك يؤكّد في نفوسهم معنى الخشوع لله والإحساس بعبوديّتهم له، وبهيمنته على الوجود كلّه، ليبقى هذا التّواصل الروحي بين العباد وربّهم، حتى لا يشعروا بالاستقلال عنه".[من وحي القرآن، ج 24، ص 467].

إنَّ الإمداد الإلهي للمجاهدين في سبيله، في أيّ ساحة من ساحات الحياة، هو الكفيل بالنّصر المحتوم، وعلى المنتصرين أن يعرفوا أنّ أسباب النّصر بيد الله، بما منحهم من أسباب القوّة الجسديّة والعقليّة والماديّة، وأنّ النّصر لا بدّ من أن يقوّي إيمانهم، ويعزّز مشاعرهم الروحيّة والأخلاقيّة، ويفتح آفاق عقلهم وفكرهم ومشاعرهم على الله تعالى في أيّ ظرف من الظّروف.

إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .


اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية