عاشوراءُ الحسينِ (ع) ثورةٌ من أجلِ الإسلامِ

عاشوراءُ الحسينِ (ع) ثورةٌ من أجلِ الإسلامِ

لقد قيل الكثير في تحليل ثورة الإمام الحسين (ع) أو نهضته أو حركته - حسب اختلاف التعبيرات - ولا زال هناك الكثير ممّا يمكن أن يقال، لأنَّ انطلاقة الحسين (ع) لم تكن محصورة في المرحلة الزمنية التي عاشها الإمام لتعيش ضمن هذه الحدود في الزمان والمكان، فتنتهي كما ينتهي أي شيء يتجاوز زمانه ومكانه، ولكنّ قصة الحسين (ع) هي قصّة الإسلام كلّه، من خلال موقعه الشرعيّ كإمام للإسلام ومسؤول عن المسلمين، هي قصّة الإسلام في تأصيل مفاهيمه وتركيز خطوطه في مواقع الإنسان، وبذلك تغدو قصّة الحسين قصّة الإنسان كلّه، لأنَّ الإسلام جاء من أجل أن يجعل الإنسان يعيش معنى إنسانيّته التي أودعها الله في تكوينه فيما يسمَّى بالفطرة {فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}[الروم: 30]. والفطرة هي هذا المعنى الكامل في عمق الإنسان الذي يجعله ينفتح على الحقِّ كلّه وعلى الخير كلّه بكلّ عفوية وبساطة، فلولا الحواجز التي تحجزه عن الحقّ والخير، لانفتح عليها بكلّ معنى واستقامة.

فكلَّما كانت للإسلام قضيَّة كان هناك الحسين، وكلَّما كانت للمسلمين ساحة صراع كان هناك الحسين، لأنّه يمثِّل التجسيد الفكري والروحي والعملي والجهادي لرسول الله (ص)، وهذا ما قد نستوحيه من كلمة النبيّ (ص): "حسينٌ منّي وأنا من حسين"1، وهي تنطلق بعيداً من الجانب الذاتيّ، لأنَّ ذلك لا يمثِّل شيئاً كبيراً في القيمة الحقيقيّة للارتباط العضويّ والتفاعل الروحي والحركي بين النبيّ (ص) والحسين (ع)، ما يجعلهما شيئاً واحداً، بحيث يمكن أن نقول إنّ الحسين من رسول الله، ورسول الله من الحسين، فهما يتكاملان بهذا المعنى الّذي يشكِّل الوحدة بينهما.

وعلى ضوء ذلك، فإنّنا في كلّ سنة نقيم هذه الذكرى، لا بدَّ لنا أن نقف وقفة تأمّل أمامها؛ فما هي الغاية من إقامة هذه الذكرى وتعظيمها بهذا المستوى الحاشد في العالم الإسلاميّ؛ فهل المسألة هي استعادة ذكرى وتاريخ، لأنّنا نخلص إلى شخصيّات ذلك التاريخ ولأحداثه، وتبقى القضية قضية تاريخ ضاع في الزمن ونحاول أن نستعيده، ثم عندما نفرغ من قصة هذا التاريخ ذكرى ودموعاً وحركةً، ننطلق إلى حياتنا تماماً كما لو لم نكن فعلنا شيئاً؟!

قد تزيدنا الذكرى حبّاً للحسين أكثر، وولاءً لأهل البيت أكثر، وقد تزيدنا عمقاً في الإحساس بالمأساة أكثر، ولكنَّ ذلك كلّه عندما يبقى في نطاق الذات، فإنّه لا يغيّر من الحياة شيئاً.

ونحن عندما نستنطق الحسين (ع) في كلماته، فإنّنا نجد أنه انطلق من أجل تغيير الواقع على أساس استقامة الخطّ، لأنَّ الواقع انحرف عن الخطّ، فأراد الحسين (ع) أن يرسم معالمه للقيادة الإسلاميَّة، حيث قال: "أيُّها النَّاس، فقد علمْتُم أنَّ رسولَ الله (ص) قد قال في حياته: من رأى سلطاناً جائراً، مستحلًّا لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنَّة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، ثم لم يغيّر بقول ولا فعل، كان حقيقاً على الله أن يدخله مدخله"2.

إنّه يختصر الموقف الرسوليّ في أنَّ الحاكم عندما لا يكون منفتحاً على الإسلام في الفكر وفي العمل، فإنّ على الأمّة أن تغيّره، ولو بقيت الأمَّة راضيةً به، فإنها تدخل مدخله، لأنّ "مَن رضي بفعل قوم، كان كالداخل فيه معهم"3،كما قال عليّ (ع).

* من كتاب "النَّدوة"، ج3.

لقد قيل الكثير في تحليل ثورة الإمام الحسين (ع) أو نهضته أو حركته - حسب اختلاف التعبيرات - ولا زال هناك الكثير ممّا يمكن أن يقال، لأنَّ انطلاقة الحسين (ع) لم تكن محصورة في المرحلة الزمنية التي عاشها الإمام لتعيش ضمن هذه الحدود في الزمان والمكان، فتنتهي كما ينتهي أي شيء يتجاوز زمانه ومكانه، ولكنّ قصة الحسين (ع) هي قصّة الإسلام كلّه، من خلال موقعه الشرعيّ كإمام للإسلام ومسؤول عن المسلمين، هي قصّة الإسلام في تأصيل مفاهيمه وتركيز خطوطه في مواقع الإنسان، وبذلك تغدو قصّة الحسين قصّة الإنسان كلّه، لأنَّ الإسلام جاء من أجل أن يجعل الإنسان يعيش معنى إنسانيّته التي أودعها الله في تكوينه فيما يسمَّى بالفطرة {فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}[الروم: 30]. والفطرة هي هذا المعنى الكامل في عمق الإنسان الذي يجعله ينفتح على الحقِّ كلّه وعلى الخير كلّه بكلّ عفوية وبساطة، فلولا الحواجز التي تحجزه عن الحقّ والخير، لانفتح عليها بكلّ معنى واستقامة.

فكلَّما كانت للإسلام قضيَّة كان هناك الحسين، وكلَّما كانت للمسلمين ساحة صراع كان هناك الحسين، لأنّه يمثِّل التجسيد الفكري والروحي والعملي والجهادي لرسول الله (ص)، وهذا ما قد نستوحيه من كلمة النبيّ (ص): "حسينٌ منّي وأنا من حسين"1، وهي تنطلق بعيداً من الجانب الذاتيّ، لأنَّ ذلك لا يمثِّل شيئاً كبيراً في القيمة الحقيقيّة للارتباط العضويّ والتفاعل الروحي والحركي بين النبيّ (ص) والحسين (ع)، ما يجعلهما شيئاً واحداً، بحيث يمكن أن نقول إنّ الحسين من رسول الله، ورسول الله من الحسين، فهما يتكاملان بهذا المعنى الّذي يشكِّل الوحدة بينهما.

وعلى ضوء ذلك، فإنّنا في كلّ سنة نقيم هذه الذكرى، لا بدَّ لنا أن نقف وقفة تأمّل أمامها؛ فما هي الغاية من إقامة هذه الذكرى وتعظيمها بهذا المستوى الحاشد في العالم الإسلاميّ؛ فهل المسألة هي استعادة ذكرى وتاريخ، لأنّنا نخلص إلى شخصيّات ذلك التاريخ ولأحداثه، وتبقى القضية قضية تاريخ ضاع في الزمن ونحاول أن نستعيده، ثم عندما نفرغ من قصة هذا التاريخ ذكرى ودموعاً وحركةً، ننطلق إلى حياتنا تماماً كما لو لم نكن فعلنا شيئاً؟!

قد تزيدنا الذكرى حبّاً للحسين أكثر، وولاءً لأهل البيت أكثر، وقد تزيدنا عمقاً في الإحساس بالمأساة أكثر، ولكنَّ ذلك كلّه عندما يبقى في نطاق الذات، فإنّه لا يغيّر من الحياة شيئاً.

ونحن عندما نستنطق الحسين (ع) في كلماته، فإنّنا نجد أنه انطلق من أجل تغيير الواقع على أساس استقامة الخطّ، لأنَّ الواقع انحرف عن الخطّ، فأراد الحسين (ع) أن يرسم معالمه للقيادة الإسلاميَّة، حيث قال: "أيُّها النَّاس، فقد علمْتُم أنَّ رسولَ الله (ص) قد قال في حياته: من رأى سلطاناً جائراً، مستحلًّا لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنَّة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، ثم لم يغيّر بقول ولا فعل، كان حقيقاً على الله أن يدخله مدخله"2.

إنّه يختصر الموقف الرسوليّ في أنَّ الحاكم عندما لا يكون منفتحاً على الإسلام في الفكر وفي العمل، فإنّ على الأمّة أن تغيّره، ولو بقيت الأمَّة راضيةً به، فإنها تدخل مدخله، لأنّ "مَن رضي بفعل قوم، كان كالداخل فيه معهم"3،كما قال عليّ (ع).

* من كتاب "النَّدوة"، ج3.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية