الإحياءُ الرّساليُّ لعاشوراءَ.. وسببُ خذلانِ الحسينِ (ع)!

الإحياءُ الرّساليُّ لعاشوراءَ.. وسببُ خذلانِ الحسينِ (ع)!

[كيف نفسّر قتال أهل الكوفة للحسين (ع) في الوقت الّذي كانوا يدّعون حبّه؟ وكيف نحيي عاشوراء ثوريّة وفكريّة ورساليّة، كما يريدها الأئمّة(ع)؟]

أمّا بالنّسبة إلى أهل الكوفة، فإنَّهم كانوا يحبُّون الحسين (ع) عاطفيّاً، ولكنَّهم كانوا يحّبون شهواتهم وأموالهم ومطامعهم أكثر مما يحبّون الحسين (ع). مثلاً، نحن الآن نحبّ الله، فلماذا نعصي الله؟! كما يقول الشّاعر:

تعصي الإلهَ وأنتَ تُظهر ُ حبّهُ هذا لعمرُك في الفعال بديعُ

لو كان حبّك صادقاً لأطعتَهُ إنَّ المـحبَّ لـمن يحبُّ مطيعُ

لذلك، كانت المحبة ساذجة، ولم تكن منطلقة من أصالة العقيدة، ومن عمق الإيمان، بل من خلال ما يرونه من عناصر الشخصيّة الحسينيّة التي لا يملك من يلتقي بها إلا أن يحبّها، ولكنّه حبّ ساذج وسطحيّ لا يثبت أمام الأطماع التي يحاول الآخرون أن يغروهم بها، هذا أوّلاً.

وثانياً: بالنسبة إلى كيفية إحياء عاشوراء، يجب أن يكون الإحياء إسلامياً بما في الإسلام من حالة الثّورة، وذلك بأن تُجعل عاشوراء صورةً لشعارات الإمام الحسين (ع)، أي أن نثقِّف النّاس من خلال عاشوراء بشعارات الحسين (ع)، كما لو كان الحسين (ع) موجوداً. مثلاً، الآن نوجِّه الخطبة التي خطبها الإمام الحسين (ع) في مكة: "أيُّها الناس، فقد علمتم أنَّ رسول الله (ص) قال في حياته: من رأى منكم سلطاناً جائرا،ً مستحلّاً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنّة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، ثمّ لم يغيّر بقول ولا فعل، كان حقيقاً على الله أن يدخله مدخله. وقد علمتم أنّ هؤلاء القوم قد لزموا طاعة الشيطان، وتولّوا عن طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطّلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلّوا حرام الله، وحرّموا حلاله، وإنيّ أحقّ بهذا الأمر"1، يعني الثّورة على السلطان الجائر، والعمل على تغيير الواقع الإسلامي الذي يحكمه السلطان الجائر المستحلّ لحرم الله، النّاكث عهده، يعني أن تحمل لنا عاشوراء ثقافة القيادة، من هو القائد الّذي لا بدّ أن نتبعه. وإذا كانت القيادة فاسدة وبعيدة عن الإسلام، فعلينا أن لا نؤيّدها، بل علينا أن نغيرها.

ثم يجب علينا أن نعيش في عاشوراء شخصية الحسين (ع)، وروحانيته المتجسّدة في دعائه في يوم عرفة، وأن نحمل أيضاً كلماته، بينما نحن ليس عندنا من ثقافتنا بالحسين (ع) إلّا كربلاء؛ أين هي مواعظه وكلماته التي يركّز فيها على المفاهيم الإسلاميّة؟ يوجد هناك تراث كبير جداً للحسين (ع)، ولكنّنا استغرقنا في المأساة، واعتبرنا الحسين (ع) مجرّد منطلق للبكاء، ولو اكتفينا بالبكاء لكان ذلك جيّداً، ولكن بعض الناس ارتدّت السيوف إلى رؤوسهم، وارتدّت أيضاً سياطهم إلى ظهورهم، في تعذيب الذات، وإن كان بعض الناس لا يرتاح لما أقوله، أو لما كان يقوله السيّد محسن الأمين (رحمه الله) في انطلاقته الأولى، ولكننا وإن أصدرنا فتوى بتحريم هذه الأعمال، فإننا نؤكّد أن نحزن الحزن الرسالي، وأن تكون الأعمال معبّرةً عن ذلك الحزن في هذا المجال، فلقد كان هذا هو سلوك أهل البيت (ع)، حيث إنهم أرادوا لنا أن نقيم المجالس من أجل أن تكون المجالس حركةً لتثقيف الناس بالخطِّ الإسلاميّ الأصيل الذي يمثله أهل البيت (ع): "أحيوا أمرنا، رحم الله من أحيا أمرنا. قيل: كيف نحيي أمركم؟ قال: يتعلّم علومنا ويعلّمها الناس، فإنَّ الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتّبعونا"2. وهذا الحبُّ لأهل البيت (ع) ليس مجرَّد خفقة شعور ونبضة قلب، وإنما هو حبّ العقيدة، وحبّ المنهج، وحبّ الإسلام، كما ورد عن الإمام زين العابدين (ع): "أحبّونا حبّ الإسلام".

* من كتاب "النّدوة"، ج 14.

[1]بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 44، ص 384.

[2]البحار، ج 2، ص 30.

[كيف نفسّر قتال أهل الكوفة للحسين (ع) في الوقت الّذي كانوا يدّعون حبّه؟ وكيف نحيي عاشوراء ثوريّة وفكريّة ورساليّة، كما يريدها الأئمّة(ع)؟]

أمّا بالنّسبة إلى أهل الكوفة، فإنَّهم كانوا يحبُّون الحسين (ع) عاطفيّاً، ولكنَّهم كانوا يحّبون شهواتهم وأموالهم ومطامعهم أكثر مما يحبّون الحسين (ع). مثلاً، نحن الآن نحبّ الله، فلماذا نعصي الله؟! كما يقول الشّاعر:

تعصي الإلهَ وأنتَ تُظهر ُ حبّهُ هذا لعمرُك في الفعال بديعُ

لو كان حبّك صادقاً لأطعتَهُ إنَّ المـحبَّ لـمن يحبُّ مطيعُ

لذلك، كانت المحبة ساذجة، ولم تكن منطلقة من أصالة العقيدة، ومن عمق الإيمان، بل من خلال ما يرونه من عناصر الشخصيّة الحسينيّة التي لا يملك من يلتقي بها إلا أن يحبّها، ولكنّه حبّ ساذج وسطحيّ لا يثبت أمام الأطماع التي يحاول الآخرون أن يغروهم بها، هذا أوّلاً.

وثانياً: بالنسبة إلى كيفية إحياء عاشوراء، يجب أن يكون الإحياء إسلامياً بما في الإسلام من حالة الثّورة، وذلك بأن تُجعل عاشوراء صورةً لشعارات الإمام الحسين (ع)، أي أن نثقِّف النّاس من خلال عاشوراء بشعارات الحسين (ع)، كما لو كان الحسين (ع) موجوداً. مثلاً، الآن نوجِّه الخطبة التي خطبها الإمام الحسين (ع) في مكة: "أيُّها الناس، فقد علمتم أنَّ رسول الله (ص) قال في حياته: من رأى منكم سلطاناً جائرا،ً مستحلّاً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنّة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، ثمّ لم يغيّر بقول ولا فعل، كان حقيقاً على الله أن يدخله مدخله. وقد علمتم أنّ هؤلاء القوم قد لزموا طاعة الشيطان، وتولّوا عن طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطّلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلّوا حرام الله، وحرّموا حلاله، وإنيّ أحقّ بهذا الأمر"1، يعني الثّورة على السلطان الجائر، والعمل على تغيير الواقع الإسلامي الذي يحكمه السلطان الجائر المستحلّ لحرم الله، النّاكث عهده، يعني أن تحمل لنا عاشوراء ثقافة القيادة، من هو القائد الّذي لا بدّ أن نتبعه. وإذا كانت القيادة فاسدة وبعيدة عن الإسلام، فعلينا أن لا نؤيّدها، بل علينا أن نغيرها.

ثم يجب علينا أن نعيش في عاشوراء شخصية الحسين (ع)، وروحانيته المتجسّدة في دعائه في يوم عرفة، وأن نحمل أيضاً كلماته، بينما نحن ليس عندنا من ثقافتنا بالحسين (ع) إلّا كربلاء؛ أين هي مواعظه وكلماته التي يركّز فيها على المفاهيم الإسلاميّة؟ يوجد هناك تراث كبير جداً للحسين (ع)، ولكنّنا استغرقنا في المأساة، واعتبرنا الحسين (ع) مجرّد منطلق للبكاء، ولو اكتفينا بالبكاء لكان ذلك جيّداً، ولكن بعض الناس ارتدّت السيوف إلى رؤوسهم، وارتدّت أيضاً سياطهم إلى ظهورهم، في تعذيب الذات، وإن كان بعض الناس لا يرتاح لما أقوله، أو لما كان يقوله السيّد محسن الأمين (رحمه الله) في انطلاقته الأولى، ولكننا وإن أصدرنا فتوى بتحريم هذه الأعمال، فإننا نؤكّد أن نحزن الحزن الرسالي، وأن تكون الأعمال معبّرةً عن ذلك الحزن في هذا المجال، فلقد كان هذا هو سلوك أهل البيت (ع)، حيث إنهم أرادوا لنا أن نقيم المجالس من أجل أن تكون المجالس حركةً لتثقيف الناس بالخطِّ الإسلاميّ الأصيل الذي يمثله أهل البيت (ع): "أحيوا أمرنا، رحم الله من أحيا أمرنا. قيل: كيف نحيي أمركم؟ قال: يتعلّم علومنا ويعلّمها الناس، فإنَّ الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتّبعونا"2. وهذا الحبُّ لأهل البيت (ع) ليس مجرَّد خفقة شعور ونبضة قلب، وإنما هو حبّ العقيدة، وحبّ المنهج، وحبّ الإسلام، كما ورد عن الإمام زين العابدين (ع): "أحبّونا حبّ الإسلام".

* من كتاب "النّدوة"، ج 14.

[1]بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 44، ص 384.

[2]البحار، ج 2، ص 30.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية