بينَ عُمَر بنِ سعدٍ والحرِّ الرّياحيّ

بينَ عُمَر بنِ سعدٍ والحرِّ الرّياحيّ

نلاحظ في كربلاء نموذجين: النّموذج الأوّل هو (عمر بن سعد)، فهو كبقيّة المسلمين يصلّي ويصوم ويحجّ ويحبّ الحسين أيضاً لقرابته للحسين (ع)، وعندما دعاه (ابن زياد) قال أبياتاً قد تكون له أو قد تكون مصوِّرة لحالته، لأنه قابل ابن زياد في تلك اللّيلة، وقال له إذا كنت غير مستعدّ لقتال الحسين (ع)، فسأعطي ملك الريّ لغيرك، وكان قد وعده بولاية الريّ بمرسوم، فقال أرجع لنا المرسوم، فطلب المهلة، فأمهله، وكان يقول:

فــوالله مــــــا أدري وإنـــّي لحــائــرٌ أفكّر في أمري علــــى خطرين

أأترك ملكَ الريّ والرّيّ منيتي أم أرجعُ مأثوماً بقتل حســـين

إلّا أنّ الرّجل حزم أمره وفكّر بطريقة، كثير من الناس عندنا يفكّر بها:

يقولون إنَّ الله خالقُ جنّةٍ ونـــارٍ وتعـــذيبٍ وغـــلّ يديـــنِ

فإن صــدقوا فيما يقولـــون أتوب إلى الرَّحمن من سنتين

أقتل الحسين وآخذ ملك الرّيّ ومن ثم أتوب، والله يقبل التوبة عن عباده وتنتهي المشكلة. أليس هناك كثيرون يفكرون بهذه الطريقة؛ يرتكبون المعاصي ويقولون نذهب للحجّ وينتهي كل شيء؟! فهذا نموذج الإنسان الذي يحاول أن يعيش في سجن ذاته ويعيش في دائرة أطماعه، ولذلك تكون القضيّة عنده هي ذاته لا رسالته، فلا يفكّر في الناس، فـ(ابن سعد) لم يكن يفكّر في المشكلة الاجتماعيّة والإسلاميّة والجريمة العامّة في مسألة قتل الحسين (ع)، بل كان يفكّر كيف يحصل على ملك الريّ وحسب.

وعندنا نموذج ثانٍ، وهو نموذج (الحرّ)، وهو أوّل شخصيّة جعجع بالحسين (ع)، والحرّ كان قائداً ورئيس عشيرة، وكما نقول، فإنّ مستقبله أمامه، وعندما جاءه صاحبه ورآه يرتعد في لحظة القرار الذي يمثّل المصير، استغرب منه ارتعاده، لأنه الشجاع الذي لا يرتجف في الحرب، فكان جوابه: "إني أخيّر نفسي بين الجنة والنار، ووالله لا أختار على الجنة شيئاً ولو قُطّعتُ وحُرّقت"، وانطلق كعنصر عاديّ ذليل في موقف العذر.

هذان النموذجان يتحركان في واقعنا كثيراً، فهناك الّذين إذا واجهتهم أطماعهم، فإنّها تجتذبهم حتّى على حساب الأمَّة، ويسقطون، وهناك بعض الناس ممن يستعمل القرار الصَّعب الذي يلغي له حياته من أجل الرّسالة ورضا الله سبحانه وتعالى.

* من كتاب "النّدوة"، ج 14.

نلاحظ في كربلاء نموذجين: النّموذج الأوّل هو (عمر بن سعد)، فهو كبقيّة المسلمين يصلّي ويصوم ويحجّ ويحبّ الحسين أيضاً لقرابته للحسين (ع)، وعندما دعاه (ابن زياد) قال أبياتاً قد تكون له أو قد تكون مصوِّرة لحالته، لأنه قابل ابن زياد في تلك اللّيلة، وقال له إذا كنت غير مستعدّ لقتال الحسين (ع)، فسأعطي ملك الريّ لغيرك، وكان قد وعده بولاية الريّ بمرسوم، فقال أرجع لنا المرسوم، فطلب المهلة، فأمهله، وكان يقول:

فــوالله مــــــا أدري وإنـــّي لحــائــرٌ أفكّر في أمري علــــى خطرين

أأترك ملكَ الريّ والرّيّ منيتي أم أرجعُ مأثوماً بقتل حســـين

إلّا أنّ الرّجل حزم أمره وفكّر بطريقة، كثير من الناس عندنا يفكّر بها:

يقولون إنَّ الله خالقُ جنّةٍ ونـــارٍ وتعـــذيبٍ وغـــلّ يديـــنِ

فإن صــدقوا فيما يقولـــون أتوب إلى الرَّحمن من سنتين

أقتل الحسين وآخذ ملك الرّيّ ومن ثم أتوب، والله يقبل التوبة عن عباده وتنتهي المشكلة. أليس هناك كثيرون يفكرون بهذه الطريقة؛ يرتكبون المعاصي ويقولون نذهب للحجّ وينتهي كل شيء؟! فهذا نموذج الإنسان الذي يحاول أن يعيش في سجن ذاته ويعيش في دائرة أطماعه، ولذلك تكون القضيّة عنده هي ذاته لا رسالته، فلا يفكّر في الناس، فـ(ابن سعد) لم يكن يفكّر في المشكلة الاجتماعيّة والإسلاميّة والجريمة العامّة في مسألة قتل الحسين (ع)، بل كان يفكّر كيف يحصل على ملك الريّ وحسب.

وعندنا نموذج ثانٍ، وهو نموذج (الحرّ)، وهو أوّل شخصيّة جعجع بالحسين (ع)، والحرّ كان قائداً ورئيس عشيرة، وكما نقول، فإنّ مستقبله أمامه، وعندما جاءه صاحبه ورآه يرتعد في لحظة القرار الذي يمثّل المصير، استغرب منه ارتعاده، لأنه الشجاع الذي لا يرتجف في الحرب، فكان جوابه: "إني أخيّر نفسي بين الجنة والنار، ووالله لا أختار على الجنة شيئاً ولو قُطّعتُ وحُرّقت"، وانطلق كعنصر عاديّ ذليل في موقف العذر.

هذان النموذجان يتحركان في واقعنا كثيراً، فهناك الّذين إذا واجهتهم أطماعهم، فإنّها تجتذبهم حتّى على حساب الأمَّة، ويسقطون، وهناك بعض الناس ممن يستعمل القرار الصَّعب الذي يلغي له حياته من أجل الرّسالة ورضا الله سبحانه وتعالى.

* من كتاب "النّدوة"، ج 14.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية