هل كان الحسين(ع) يعلم أنّه سيسقط شهيدًا؟!

هل كان الحسين(ع) يعلم أنّه سيسقط شهيدًا؟!

هناك سؤال يتردَّد: هل كان الإمام الحسين(ع) يعلم بما يصيبه في نهاية المطاف عندما بدأ مسيرته إلى كربلاء؟

وإذا كان يعلم ذلك، فكيف جازَ له أن ينطلق في مسيرته التي تؤدّي به إلى القتل، وذلك من خلال النّهي القرآني عن إلقاء النفس في التّهلكة؟

والجواب عنه، إنَّ هناك في حديث السيرة الحسينيّة إشاراتٍ عدّة على أنّه كان عالِماً بمصيره، من خلال الأحاديث المرويّة عن رسول الله(ص)، وفيما أثاره في حواره مع الّذين طلبوا منه العودة عن قراره بالسّفر إلى العراق، وفيما تحدَّث به إلى القوم الذين رافقوه من مكّة، حيث أعلن لهم النهاية المحتومة التي سينتهي إليها في سفره ذاك، وربّما كانت طبيعة الأمور في موازين القوَّة تفرض ذلك، ولا سيَّما في منتصف الطريق، عندما عرف بمقتل سفيره وابن عمّه مسلم بن عقيل في الكوفة بعد خذلان الناس له. وفي ضوء ذلك، كيف نفسِّر المسألة من الناحية الفقهيّة؟

ربَّما يثير البعض المسألة في دائرة خصوصيّات الإمام الحسين(ع) في تكاليفه الشرعيّة التي قد تفرضها إمامته، ممّا يجوز له ولا يجوز غيره، لأنَّ دوره يختلف عن دور الآخرين، ولذلك، فإنّه يطرح المسألة على أساس أنّه أعرف بتكليفه فيما حدَّد الله له من تكاليف، فليس لنا أن نخوض في الموضوع في دائرة التصوُّر الشرعي في تكاليفنا.

ولكنَّنا نتساءل: ما هي المشكلة في القضيّة؟ ولماذا لا يجوز للرسالي الثّائر أن يتحرَّك بالثّورة ضدّ الفئات التي تتحدَّى الإسلام في حركته وفي قوَّته وفي امتداده، في المواقع التي يواجه فيه الخطر المحقَّق أو المحتمل، هل هناك غير إلقاء النفس في التهلكة؟

إنَّ الجواب عن ذلك، هو أنّ هناك فرقاً بين الحالات الفردية التي تؤدّي إلى الموت، وبين الحالات الجهادية التي تتحرّك في مواقع الخطر، فقد رخَّص الله للمجاهدين أن يتحرَّكوا في السّاحات التي تؤدّي بهم إلى القتل فرادى أو جماعات، لأنَّ الإسلام يفرض عليه ذلك، ما يجعل دائرة الجهاد خارجةً عن دائرة حركة إلقاء النفس في التهلكة.

وفي ضوء ذلك، فإنَّ الإمام الحسين(ع) حدَّد لنفسه ولأصحابه من أهل بيته وغيرهم المهمّة الجهاديّة الموكولة إليه، ورأى فيها إلزاماً شرعيّاً فيما هي الأهميّة الكبرى للمصلحة الإسلاميّة العليا، تماماً، كما هي حالة المجاهدين في زمن النبيّ(ص)، فيما كانوا يواجهونه من احتمالات الخطر الكبير، ويأملون، من خلال الشّهادة التي يحصلون عليها، الفوز بالجنّة فيما وعد الله به عباده المجاهدين الذين اشترى منهم أموالهم وأنفسهم {بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ}، كما جاء في الآية الكريمة.

ثمَّ، لو كانت المسألة كما يقولون، فلماذا لا يكون فعل الإمام دليلاً شرعياً على استثناء مثل هذه الحالات من إطلاق النهي عن إلقاء النفس في التهلكة؟ وإذا كان الفعل كما يقولون، لا إطلاق فيه، فيقتصر فيه على مورده، وهو الإمام الحسين(ع)...

وإنَّ هناك نقطة لا بدّ من التوقُّف عندها، وهي أنّ أهل بيته وأصحابه انطلقوا بالموقف من خلال العناوين العامّة للجهاد، بإذنه وبرعايته، ما يوحي بأنَّ المسألة لا تتّصل بالمورد الخاصّ، بل تمتدّ إلى الخطّ العام، ما يؤدّي بنا إلى الاستنتاج الفقهيّ، بأنَّ من الممكن لأيّة حالة مماثلة فيما هي الظروف والمواقع، أن تأخذ الشرعيّة لحركتها من عاشوراء، على أساس أنَّها خارجة عن دائرة النهي الشرعي في إلقاء النفس في التهلكة.

*من كتاب "حديث عاشوراء".

هناك سؤال يتردَّد: هل كان الإمام الحسين(ع) يعلم بما يصيبه في نهاية المطاف عندما بدأ مسيرته إلى كربلاء؟

وإذا كان يعلم ذلك، فكيف جازَ له أن ينطلق في مسيرته التي تؤدّي به إلى القتل، وذلك من خلال النّهي القرآني عن إلقاء النفس في التّهلكة؟

والجواب عنه، إنَّ هناك في حديث السيرة الحسينيّة إشاراتٍ عدّة على أنّه كان عالِماً بمصيره، من خلال الأحاديث المرويّة عن رسول الله(ص)، وفيما أثاره في حواره مع الّذين طلبوا منه العودة عن قراره بالسّفر إلى العراق، وفيما تحدَّث به إلى القوم الذين رافقوه من مكّة، حيث أعلن لهم النهاية المحتومة التي سينتهي إليها في سفره ذاك، وربّما كانت طبيعة الأمور في موازين القوَّة تفرض ذلك، ولا سيَّما في منتصف الطريق، عندما عرف بمقتل سفيره وابن عمّه مسلم بن عقيل في الكوفة بعد خذلان الناس له. وفي ضوء ذلك، كيف نفسِّر المسألة من الناحية الفقهيّة؟

ربَّما يثير البعض المسألة في دائرة خصوصيّات الإمام الحسين(ع) في تكاليفه الشرعيّة التي قد تفرضها إمامته، ممّا يجوز له ولا يجوز غيره، لأنَّ دوره يختلف عن دور الآخرين، ولذلك، فإنّه يطرح المسألة على أساس أنّه أعرف بتكليفه فيما حدَّد الله له من تكاليف، فليس لنا أن نخوض في الموضوع في دائرة التصوُّر الشرعي في تكاليفنا.

ولكنَّنا نتساءل: ما هي المشكلة في القضيّة؟ ولماذا لا يجوز للرسالي الثّائر أن يتحرَّك بالثّورة ضدّ الفئات التي تتحدَّى الإسلام في حركته وفي قوَّته وفي امتداده، في المواقع التي يواجه فيه الخطر المحقَّق أو المحتمل، هل هناك غير إلقاء النفس في التهلكة؟

إنَّ الجواب عن ذلك، هو أنّ هناك فرقاً بين الحالات الفردية التي تؤدّي إلى الموت، وبين الحالات الجهادية التي تتحرّك في مواقع الخطر، فقد رخَّص الله للمجاهدين أن يتحرَّكوا في السّاحات التي تؤدّي بهم إلى القتل فرادى أو جماعات، لأنَّ الإسلام يفرض عليه ذلك، ما يجعل دائرة الجهاد خارجةً عن دائرة حركة إلقاء النفس في التهلكة.

وفي ضوء ذلك، فإنَّ الإمام الحسين(ع) حدَّد لنفسه ولأصحابه من أهل بيته وغيرهم المهمّة الجهاديّة الموكولة إليه، ورأى فيها إلزاماً شرعيّاً فيما هي الأهميّة الكبرى للمصلحة الإسلاميّة العليا، تماماً، كما هي حالة المجاهدين في زمن النبيّ(ص)، فيما كانوا يواجهونه من احتمالات الخطر الكبير، ويأملون، من خلال الشّهادة التي يحصلون عليها، الفوز بالجنّة فيما وعد الله به عباده المجاهدين الذين اشترى منهم أموالهم وأنفسهم {بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ}، كما جاء في الآية الكريمة.

ثمَّ، لو كانت المسألة كما يقولون، فلماذا لا يكون فعل الإمام دليلاً شرعياً على استثناء مثل هذه الحالات من إطلاق النهي عن إلقاء النفس في التهلكة؟ وإذا كان الفعل كما يقولون، لا إطلاق فيه، فيقتصر فيه على مورده، وهو الإمام الحسين(ع)...

وإنَّ هناك نقطة لا بدّ من التوقُّف عندها، وهي أنّ أهل بيته وأصحابه انطلقوا بالموقف من خلال العناوين العامّة للجهاد، بإذنه وبرعايته، ما يوحي بأنَّ المسألة لا تتّصل بالمورد الخاصّ، بل تمتدّ إلى الخطّ العام، ما يؤدّي بنا إلى الاستنتاج الفقهيّ، بأنَّ من الممكن لأيّة حالة مماثلة فيما هي الظروف والمواقع، أن تأخذ الشرعيّة لحركتها من عاشوراء، على أساس أنَّها خارجة عن دائرة النهي الشرعي في إلقاء النفس في التهلكة.

*من كتاب "حديث عاشوراء".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية