المستضعفون هم الوارثون للأرض

المستضعفون هم الوارثون للأرض

{وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ فِى الأرْضِ}، وعاشوا الضعف في قدراتهم وأوضاعهم وأفكارهم، بحيث استغلَّ الأقوياء ذلك، فاضطهدوهم واستعبدوهم وصادروا حرّيتهم، وضغطوا على إرادتهم، وسيطروا على مقدّراتهم، وحاصروا كلّ حركة للتحرّر وللتمرّد بما يملكونه من أدوات الضّغط والحصار. ولكن الله لا يترك الحياة تسير على إرادة هؤلاء وتخطيطهم، بل يفسح المجال للأسباب الطبيعيّة الكامنة في نظام الكون والإنسان لتفتح ثغرةً هنا وثغرةً هناك، ولتمنح المستضعفين قوّةً من خلال إيجاد القيادة القوية الصالحة، وتهيئة الظروف الموضوعية الملائمة، وتحريك الأوضاع الجامدة، من أجل أن ينطلق المستضعفون لبناء قوّتهم، واسترجاع حريتهم، وملكيّة قرارهم من جديد، بما يمنّ الله به على عباده لتحقيق التوازن في حركة الإنسان في الأرض، حتى لا يأخذ الظّلم حريته في الثبات والامتداد، ولا تبقى الحياة على نهج واحد من الباطل والضّلال، بل تخضع لعوامل التّغيير التي تعطي الإنسان حيويّته في الفكر والحركة، وتمنحه الأمل الكبير في إمكانات التّغيير عند محاصرة الضغوط له، لئلا ينسحق في روحه تحت تأثير القوى الضّاغطة الساحقة.

وعلى ضوء هذا، فإنَّ الله لا يتدخل في الأمور عندما يمنّ على عباده المستضعفين بالطّرق الغيبيّة دائماً من حيث الأساس، ولكنّه يحرّك الأسباب التي تؤدّي إلى ذلك، ويمنحها بعض وسائل الغيب في ما تحتاج إليه منه في بعض الحالات، وقد جعل الله هذا سنّةً له في حركة الحياة في نتائجها العمليّة على أساس الأسباب والمسبّبات.

فلا يحسبنّ أحدٌ، أنَّ وعد الله بشيء، يحمل في داخله تدخّلاً إلهيّاً مباشراً يحقّق للناس ما يحبّونه وهم جالسون في بيوتهم في استرخاء، بل لا بدَّ لهم من الأخذ بالأسباب في الوصول إلى ما يريدون.

وهكذا يتحرّك المستضعفون الذين يمنُّ الله عليهم في ما وعدهم بقوله: {وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً} للأرض، بما يرسلهم برسالاته ليكونوا أنبياء أو أوصياء أو قادةً في حكم النّاس وإدارة شؤونهم وتنظيم حياتهم {وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} الذين يرثون الأرض، إذ يريد الله أن يجعلهم خلفاء ويمكّنهم منها ويجعلها تحت سلطانهم، ليعرفوا من خلال ذلك أنَّ الضّعف ليس قضاء الله وقدره الّذي لا يتغيَّر ولا يتبدَّل، بل هو حالةٌ طارئة خاضعة لأسبابها، مما يمكن أن يتحوّل إلى قوّةٍ عندما تتغير الظروف وتتبدل الأسباب بإرادة الله، بشكل غير اختياري للإنسان، أو بإرادة الإنسان، بما مكّنه الله من عناصر القوّة، ليعيشوا الفكرة المتحدية للقوّة الغاشمة التي يحركها المستكبرون ضد المستضعفين، ليواجهوا المواقف من خلال العمل على تنمية القوّة وتحريكها في اتجاه الحياة.

{وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الاْرْضِ} بأن نعطيهم إمكانات القوّة، ونرفع عنهم سلطة المستكبرين ونمنحهم مواقع النفوذ في الحياة، {وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ} في ما نريهم من مظاهر القوّة ومواقعها للمستضعفين الذين يتحركون في خط المواجهة لهما ولسلطتهما {مَّا كَانُواْ يَحْذَرونَ} ويخافون، مما يخافه الطغاة من تنامي قوة المستضعفين وتعاظمها، بحيث تشكِّل خطراً مستقبلياً على ما يملكونه من سلطة الظلم وقوّة الاستكبار، أو مما كان يحذره قوم فرعون من نهاية ملكهم على يد شخص من بني إسرائيل.

وقد وردت بعض الروايات عن أئمة أهل البيت(ع) في الاستشهاد بهذه الآية في موارد معينة، كما في مسألة الإمام المهدي (عج) ونحوها، والظاهر أنها من باب الاستيحاء والتطبيق، باعتبار أن الآية توحي بأن سيطرة المستكبرين لا بد من أن تعقبها سيطرة المستضعفين، ما يجعل من القضية سنَّةً إلهيةً، ويوحي بأن النهاية في الدنيا سوف تكون للمستضعفين الذين يكونون ورثة الأرض وخلفاء الله.

* من كتاب "تفسير من وحي القرآن"، ج 17.

{وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ فِى الأرْضِ}، وعاشوا الضعف في قدراتهم وأوضاعهم وأفكارهم، بحيث استغلَّ الأقوياء ذلك، فاضطهدوهم واستعبدوهم وصادروا حرّيتهم، وضغطوا على إرادتهم، وسيطروا على مقدّراتهم، وحاصروا كلّ حركة للتحرّر وللتمرّد بما يملكونه من أدوات الضّغط والحصار. ولكن الله لا يترك الحياة تسير على إرادة هؤلاء وتخطيطهم، بل يفسح المجال للأسباب الطبيعيّة الكامنة في نظام الكون والإنسان لتفتح ثغرةً هنا وثغرةً هناك، ولتمنح المستضعفين قوّةً من خلال إيجاد القيادة القوية الصالحة، وتهيئة الظروف الموضوعية الملائمة، وتحريك الأوضاع الجامدة، من أجل أن ينطلق المستضعفون لبناء قوّتهم، واسترجاع حريتهم، وملكيّة قرارهم من جديد، بما يمنّ الله به على عباده لتحقيق التوازن في حركة الإنسان في الأرض، حتى لا يأخذ الظّلم حريته في الثبات والامتداد، ولا تبقى الحياة على نهج واحد من الباطل والضّلال، بل تخضع لعوامل التّغيير التي تعطي الإنسان حيويّته في الفكر والحركة، وتمنحه الأمل الكبير في إمكانات التّغيير عند محاصرة الضغوط له، لئلا ينسحق في روحه تحت تأثير القوى الضّاغطة الساحقة.

وعلى ضوء هذا، فإنَّ الله لا يتدخل في الأمور عندما يمنّ على عباده المستضعفين بالطّرق الغيبيّة دائماً من حيث الأساس، ولكنّه يحرّك الأسباب التي تؤدّي إلى ذلك، ويمنحها بعض وسائل الغيب في ما تحتاج إليه منه في بعض الحالات، وقد جعل الله هذا سنّةً له في حركة الحياة في نتائجها العمليّة على أساس الأسباب والمسبّبات.

فلا يحسبنّ أحدٌ، أنَّ وعد الله بشيء، يحمل في داخله تدخّلاً إلهيّاً مباشراً يحقّق للناس ما يحبّونه وهم جالسون في بيوتهم في استرخاء، بل لا بدَّ لهم من الأخذ بالأسباب في الوصول إلى ما يريدون.

وهكذا يتحرّك المستضعفون الذين يمنُّ الله عليهم في ما وعدهم بقوله: {وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً} للأرض، بما يرسلهم برسالاته ليكونوا أنبياء أو أوصياء أو قادةً في حكم النّاس وإدارة شؤونهم وتنظيم حياتهم {وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} الذين يرثون الأرض، إذ يريد الله أن يجعلهم خلفاء ويمكّنهم منها ويجعلها تحت سلطانهم، ليعرفوا من خلال ذلك أنَّ الضّعف ليس قضاء الله وقدره الّذي لا يتغيَّر ولا يتبدَّل، بل هو حالةٌ طارئة خاضعة لأسبابها، مما يمكن أن يتحوّل إلى قوّةٍ عندما تتغير الظروف وتتبدل الأسباب بإرادة الله، بشكل غير اختياري للإنسان، أو بإرادة الإنسان، بما مكّنه الله من عناصر القوّة، ليعيشوا الفكرة المتحدية للقوّة الغاشمة التي يحركها المستكبرون ضد المستضعفين، ليواجهوا المواقف من خلال العمل على تنمية القوّة وتحريكها في اتجاه الحياة.

{وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الاْرْضِ} بأن نعطيهم إمكانات القوّة، ونرفع عنهم سلطة المستكبرين ونمنحهم مواقع النفوذ في الحياة، {وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ} في ما نريهم من مظاهر القوّة ومواقعها للمستضعفين الذين يتحركون في خط المواجهة لهما ولسلطتهما {مَّا كَانُواْ يَحْذَرونَ} ويخافون، مما يخافه الطغاة من تنامي قوة المستضعفين وتعاظمها، بحيث تشكِّل خطراً مستقبلياً على ما يملكونه من سلطة الظلم وقوّة الاستكبار، أو مما كان يحذره قوم فرعون من نهاية ملكهم على يد شخص من بني إسرائيل.

وقد وردت بعض الروايات عن أئمة أهل البيت(ع) في الاستشهاد بهذه الآية في موارد معينة، كما في مسألة الإمام المهدي (عج) ونحوها، والظاهر أنها من باب الاستيحاء والتطبيق، باعتبار أن الآية توحي بأن سيطرة المستكبرين لا بد من أن تعقبها سيطرة المستضعفين، ما يجعل من القضية سنَّةً إلهيةً، ويوحي بأن النهاية في الدنيا سوف تكون للمستضعفين الذين يكونون ورثة الأرض وخلفاء الله.

* من كتاب "تفسير من وحي القرآن"، ج 17.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية