{الْحَمْدُ للهِ} الذي ينبغي له الحمد الممتدّ في كلّ صفاته التي تتحرّك في آفاق المطلق الذي لا يحدّه شيء، وذلك هو سرّ التصوّر الخاشع الذي يعيشه الإنسان في رحاب عظمته، ليتفاعل معها في عبوديته صباحاً ومساءً، {فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ} الذي فطر الوجود وأبدعه من قلب العدم، فأودع فيهما ـ أي في السماوات والأرض ـ كلّ عناصر الحكمة والقوّة والتّدبير التي تحرّكهما في اتجاه التوازن والاستقرار والثّبات بشكل يظهر أسرار الروعة والعظمة.
{جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُل}، بما يكلّفهم به من أداء المهمّات المختلفة في شؤون الكون، سواءٌ منها الّذي يتعلق بإنزال الوحي على الأنبياء، أو الّذي يتعلّق بتحريك الموجودات وفق القوانين الطبيعيّة التي تحكم الكون في نظامه.
{أُوْلِى أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ}، مما لم نعرف تفاصيله، لأنَّ الوسائل الحسيّة لم تدركها، فالملائكة من الغيب الذي احتفظ الله بسرّه، ولم يُطلع عباده إلا على بعض خصائصه مما حدثنا عنه في كتابه من طبيعة الدّور الغامض الذي يقوم به الملائكة في حركة النظام الكوني، ومن أنهم عبادٌ مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، ومن رفض الفكرة الجاهليّة التي تضعهم في موقع بنات الله وما إلى ذلك من الأفكار المتخلفة، وربما تحدثت بعض الأحاديث الشريفة عن بعض التفاصيل المتعلّقة بأشكالهم وأوضاعهم ومهمّاتهم، إلا أنّه لا بدّ من التّدقيق في صحة هذه الأحاديث من ناحية السند والمضمون، لأنّ ذلك هو السبيل العلميّ الشرعي للاحتفاظ بصفاء الذهنية الإسلامية، وسلامتها من الانحراف والخرافة، ضمانةً لها مما قام به الوضّاعون للأحاديث.
ضمن هذا الإطار، نتعرّض لموضوع تعدّد الأجنحة، من دون أن ندخل في التفاصيل، باعتبار أنها ليست من الأمور التي أفاض فيها القرآن.
وإذا كانت كلمة الأجنحة توحي بأنّ أشكالهم تشبه شكل الطّير، وهو ما تظهره تصوّرات بعض الرسامين الذين جعلوا للملائكة صورة الإنسان الذي يملك أجنحةً للطيران، فإن ذلك لا يعبّر عن الصورة الحقيقيّة القرآنيّة، لأن بعض الكلمات في مجالات الغيب قد تُستخدم كوسائل الإيضاح التي تريد أن تكشف ملامح الصّورة، دون أن تحدّد كل عناصرها الذاتية، لأن الغيب قد لا يملك الإنسان معرفةً حقيقيةً له، لأنه لا يملك التجربة الإنسانية الحسيّة في هذا المجال.
{يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَآءُ}، فهو القادر على تنويع خلقه، في الشّكل وفي المقدار، حسب مشيئته بما تقتضيه حكمته، وما يحتاجه نظام الكون في ذلك، {إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، فلا حدّ لقدرته، في كلّ ما يمكن أن تتعلّق به القدرة في كلّ الأشياء.
*تفسير من وحي القرآن، ج 19.
{الْحَمْدُ للهِ} الذي ينبغي له الحمد الممتدّ في كلّ صفاته التي تتحرّك في آفاق المطلق الذي لا يحدّه شيء، وذلك هو سرّ التصوّر الخاشع الذي يعيشه الإنسان في رحاب عظمته، ليتفاعل معها في عبوديته صباحاً ومساءً، {فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ} الذي فطر الوجود وأبدعه من قلب العدم، فأودع فيهما ـ أي في السماوات والأرض ـ كلّ عناصر الحكمة والقوّة والتّدبير التي تحرّكهما في اتجاه التوازن والاستقرار والثّبات بشكل يظهر أسرار الروعة والعظمة.
{جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُل}، بما يكلّفهم به من أداء المهمّات المختلفة في شؤون الكون، سواءٌ منها الّذي يتعلق بإنزال الوحي على الأنبياء، أو الّذي يتعلّق بتحريك الموجودات وفق القوانين الطبيعيّة التي تحكم الكون في نظامه.
{أُوْلِى أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ}، مما لم نعرف تفاصيله، لأنَّ الوسائل الحسيّة لم تدركها، فالملائكة من الغيب الذي احتفظ الله بسرّه، ولم يُطلع عباده إلا على بعض خصائصه مما حدثنا عنه في كتابه من طبيعة الدّور الغامض الذي يقوم به الملائكة في حركة النظام الكوني، ومن أنهم عبادٌ مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، ومن رفض الفكرة الجاهليّة التي تضعهم في موقع بنات الله وما إلى ذلك من الأفكار المتخلفة، وربما تحدثت بعض الأحاديث الشريفة عن بعض التفاصيل المتعلّقة بأشكالهم وأوضاعهم ومهمّاتهم، إلا أنّه لا بدّ من التّدقيق في صحة هذه الأحاديث من ناحية السند والمضمون، لأنّ ذلك هو السبيل العلميّ الشرعي للاحتفاظ بصفاء الذهنية الإسلامية، وسلامتها من الانحراف والخرافة، ضمانةً لها مما قام به الوضّاعون للأحاديث.
ضمن هذا الإطار، نتعرّض لموضوع تعدّد الأجنحة، من دون أن ندخل في التفاصيل، باعتبار أنها ليست من الأمور التي أفاض فيها القرآن.
وإذا كانت كلمة الأجنحة توحي بأنّ أشكالهم تشبه شكل الطّير، وهو ما تظهره تصوّرات بعض الرسامين الذين جعلوا للملائكة صورة الإنسان الذي يملك أجنحةً للطيران، فإن ذلك لا يعبّر عن الصورة الحقيقيّة القرآنيّة، لأن بعض الكلمات في مجالات الغيب قد تُستخدم كوسائل الإيضاح التي تريد أن تكشف ملامح الصّورة، دون أن تحدّد كل عناصرها الذاتية، لأن الغيب قد لا يملك الإنسان معرفةً حقيقيةً له، لأنه لا يملك التجربة الإنسانية الحسيّة في هذا المجال.
{يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَآءُ}، فهو القادر على تنويع خلقه، في الشّكل وفي المقدار، حسب مشيئته بما تقتضيه حكمته، وما يحتاجه نظام الكون في ذلك، {إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، فلا حدّ لقدرته، في كلّ ما يمكن أن تتعلّق به القدرة في كلّ الأشياء.
*تفسير من وحي القرآن، ج 19.