قصّة التّآمر على النبيّ صالح (ع)

قصّة التّآمر على النبيّ صالح (ع)

{وَكَانَ في الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ في الأرض وَلاَ يُصْلِحُونَ}، كانوا يخطّطون لإبقاء المجتمع تحت سلطة الكفر، في أجواء الشرّ التي تفسد الواقع بالامتيازات الظالمة التي يحصل عليها المستكبرون على حساب المستضعفين، وبالانحراف الفكري عن خطّ الإيمان الذي يوحّد للناس حياتهم على أساس الارتباط بالله وحده، ليكون الارتباط بكلّ شيء في الحياة من خلاله.

وهكذا، كان هؤلاء يشعرون بخطورة الرّسالة الجديدة على مواقعهم ومخطّطاتهم، ويخافون أن يكون الموقع المميَّز المستقبلي لصالح وللمؤمنين معه على حساب مواقعهم الخاصّة، فيتغيّر الواقع من حولهم لمصلحة الرّسالة، وتختلف المفاهيم في مسائل التقييم للأوضاع وللأشخاص، فبدأوا يخطّطون لمواجهة هذا الخطر الجديد عليهم، ويتآمرون على صالح ومن معه.

{قَالُواْ تَقَاسَمُواْ بِاللهِ}، وتشاركوا في إعطاء الميثاق الذي نجتمع عليه بالحلف بالله، وتنفيذ ما نتّفق عليه وعدم خيانته، {لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ}، أي لنقتلنّه في اللّيل، في ما يعنيه التبييت من القصد إلى السوء ليلاً، في ما يريد أن يقوم به الناس ضدّ بعضهم بعضاً من القتل ونحوه في جنح الظّلام، {ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ} من العشيرة إذا تحفَّز للثّأر له {مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ}، لأن الليل قد استطاع أن يغطّي العمليّة، فلم يعرف أحد ماذا حدث ومن الّذي قام به، ما لا يجعل لأحد علينا حجّة أو مستنداً يحاسبنا عليه أو يكذبنا به، فيصدّقنا وليّه في ما نؤكّده له من المواقف عندما لا يجد لديه ما يثبت المسألة في مواقعنا الخاصّة.

{وَمَكَرُواْ مَكْر} في ما عقدوه من خطّةٍ خبيثةٍ تستهدف مباغتة صالح وأهله ليلاً وقتلهم جميعاً، {وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ}، في ما دبرناه بطريقةٍ سريعة خفيّة من إهلاكهم قبل أن يصلوا إلى صالح من حيث لا يشعرون، {فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ} والمكر السيّئ يحيق بأهله، ويرتدّ على صاحبه.

وهكذا خطّطوا لهلاك الرّسول، ونفّذ الله تهديده بإهلاكهم جميعاً، فانظر واعتبر وفكّر أنّ الإنسان لا بدّ له من أن لا يأمن مكر الله.

{فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُو} أنفسهم بالكفر والتمرّد، وبما ظلموا الناس من الوقوف في الطريق أمامهم، ليحولوا بينهم وبين السّير في طريق الهدى في خطّ الرّسالة والرسول، وذلك هو حكم الله على عباده المتمرّدين الذين يرفضون الانسجام مع تعاليمه وأوامره ونواهيه، ويحاربونه في رسالاته ورسله، {إِنَّ فِي ذلِكَ لاَيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} في ما يستنتجونه منه في أفكارهم من دراسة الحاضر والمستقبل في معطياته المماثلة للماضي، على أساس القاعدة التي تحكم المسألة في الزّمان كلّه، لأنّ الفكرة تتصل بطبيعة المبدأ في حركة الإنسان في الواقع، لا بالمرحلة الزمنيّة الخاصّة، فمتى تحققت الظروف الموضوعيّة في أيّ زمان، فلا بدّ من أن تتحقق النتائج السلبية الملازمة لطبيعتها.

وفي ضوء ذلك، نعرف أن قيمة العلم تكمن في حركة الفكر التي تربط بين القضايا، وتقيس بعضها على البعض الآخر، لتأخذ من ذلك القاعدة التي تحكم الأمور كلّها من موقع الوحدة التي تربط بين الأشياء المتماثلة، أمّا الجاهلون، فإنهم يتخبّطون في ظلمات جهلهم، باستغراقهم في خصوصيّات الواقع الصغيرة، بحيث يبتعدون عن التطلّع إلى الآفاق البعيدة المستقبلية التي تنقذ الإنسان من الأخطار المحقّقة على صعيد الفكر والتأمّل.

{وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ}، لأنهم ساروا على الخطّ المستقيم في العقيدة والعمل، بما يمثّله خطّ الإيمان والتقوى الذي يقود صاحبه إلى النجاح والفلاح.

*من كتاب "تفسير من وحي القرآن"، ج 17.

{وَكَانَ في الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ في الأرض وَلاَ يُصْلِحُونَ}، كانوا يخطّطون لإبقاء المجتمع تحت سلطة الكفر، في أجواء الشرّ التي تفسد الواقع بالامتيازات الظالمة التي يحصل عليها المستكبرون على حساب المستضعفين، وبالانحراف الفكري عن خطّ الإيمان الذي يوحّد للناس حياتهم على أساس الارتباط بالله وحده، ليكون الارتباط بكلّ شيء في الحياة من خلاله.

وهكذا، كان هؤلاء يشعرون بخطورة الرّسالة الجديدة على مواقعهم ومخطّطاتهم، ويخافون أن يكون الموقع المميَّز المستقبلي لصالح وللمؤمنين معه على حساب مواقعهم الخاصّة، فيتغيّر الواقع من حولهم لمصلحة الرّسالة، وتختلف المفاهيم في مسائل التقييم للأوضاع وللأشخاص، فبدأوا يخطّطون لمواجهة هذا الخطر الجديد عليهم، ويتآمرون على صالح ومن معه.

{قَالُواْ تَقَاسَمُواْ بِاللهِ}، وتشاركوا في إعطاء الميثاق الذي نجتمع عليه بالحلف بالله، وتنفيذ ما نتّفق عليه وعدم خيانته، {لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ}، أي لنقتلنّه في اللّيل، في ما يعنيه التبييت من القصد إلى السوء ليلاً، في ما يريد أن يقوم به الناس ضدّ بعضهم بعضاً من القتل ونحوه في جنح الظّلام، {ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ} من العشيرة إذا تحفَّز للثّأر له {مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ}، لأن الليل قد استطاع أن يغطّي العمليّة، فلم يعرف أحد ماذا حدث ومن الّذي قام به، ما لا يجعل لأحد علينا حجّة أو مستنداً يحاسبنا عليه أو يكذبنا به، فيصدّقنا وليّه في ما نؤكّده له من المواقف عندما لا يجد لديه ما يثبت المسألة في مواقعنا الخاصّة.

{وَمَكَرُواْ مَكْر} في ما عقدوه من خطّةٍ خبيثةٍ تستهدف مباغتة صالح وأهله ليلاً وقتلهم جميعاً، {وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ}، في ما دبرناه بطريقةٍ سريعة خفيّة من إهلاكهم قبل أن يصلوا إلى صالح من حيث لا يشعرون، {فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ} والمكر السيّئ يحيق بأهله، ويرتدّ على صاحبه.

وهكذا خطّطوا لهلاك الرّسول، ونفّذ الله تهديده بإهلاكهم جميعاً، فانظر واعتبر وفكّر أنّ الإنسان لا بدّ له من أن لا يأمن مكر الله.

{فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُو} أنفسهم بالكفر والتمرّد، وبما ظلموا الناس من الوقوف في الطريق أمامهم، ليحولوا بينهم وبين السّير في طريق الهدى في خطّ الرّسالة والرسول، وذلك هو حكم الله على عباده المتمرّدين الذين يرفضون الانسجام مع تعاليمه وأوامره ونواهيه، ويحاربونه في رسالاته ورسله، {إِنَّ فِي ذلِكَ لاَيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} في ما يستنتجونه منه في أفكارهم من دراسة الحاضر والمستقبل في معطياته المماثلة للماضي، على أساس القاعدة التي تحكم المسألة في الزّمان كلّه، لأنّ الفكرة تتصل بطبيعة المبدأ في حركة الإنسان في الواقع، لا بالمرحلة الزمنيّة الخاصّة، فمتى تحققت الظروف الموضوعيّة في أيّ زمان، فلا بدّ من أن تتحقق النتائج السلبية الملازمة لطبيعتها.

وفي ضوء ذلك، نعرف أن قيمة العلم تكمن في حركة الفكر التي تربط بين القضايا، وتقيس بعضها على البعض الآخر، لتأخذ من ذلك القاعدة التي تحكم الأمور كلّها من موقع الوحدة التي تربط بين الأشياء المتماثلة، أمّا الجاهلون، فإنهم يتخبّطون في ظلمات جهلهم، باستغراقهم في خصوصيّات الواقع الصغيرة، بحيث يبتعدون عن التطلّع إلى الآفاق البعيدة المستقبلية التي تنقذ الإنسان من الأخطار المحقّقة على صعيد الفكر والتأمّل.

{وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ}، لأنهم ساروا على الخطّ المستقيم في العقيدة والعمل، بما يمثّله خطّ الإيمان والتقوى الذي يقود صاحبه إلى النجاح والفلاح.

*من كتاب "تفسير من وحي القرآن"، ج 17.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية