تقطّع العلاقات يوم القيامة

تقطّع العلاقات يوم القيامة

وتتّضح الصورة أكثر، وتتصاعد خطورة الموقف، وتتجمّد المشاعر، فلا ينبض فيها أيُّ إحساسٍ بالعلاقة الإنسانيّة التي تشدّ الناس إلى أقربائهم وأزواجهم وإلى الناس كلّهم، بل يتحوّل الوجدان من الحالة الإيجابيّة المشدودة إلى القريب أو الزوج أو الصاحب، إلى حالةٍ سلبيةٍ رافضةٍ قد تشبه الحالة العدوانية، عندما يضحّي الإنسان بكل هؤلاء، ليفتدي بهم نفسه في مواجهة اللّهيب الذي يتصاعد من النار التي تريد أن تأكل كلّ شيء.

{يُبَصَّرُونَهُمْ} بتشديد الصّاد وفتحها، مِنْ بصَّرته الشّيء إذا أوضحته له، أي يعرف كلّ واحد من هؤلاء الأصدقاء الحميمين صاحبه، فيعرض عنه، لا من موقع الجهل والنسيان، بل من موقع الرّعب والذهول والاستغراق في الخوف على الذّات في ما يترقبه من المصير الأسود في عذاب جهنّم.

{يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ} الّذين كان يبذل النفس والنفيس في سبيل سلامتهم وراحتهم، فيجوع ليشبعوا، ويتعب ليرتاحوا، ويظمأ ليرتووا، ويخاف ليأمنوا. وهكذا كان يشقى ليسعدوا، ولكنه الآن يسقط أمام الشعور المجنون بالخوف، ليفكّر بأن يقدِّمهم ضحيةً للنار، أو ليكونوا فداءً عنه، {وَصَاحِبَتِهِ} التي كان يعيش معها كلّ العلاقات الروحية والحسية في مشاعر الحبّ العميق الحميم الذي يمثل وحدة الكيان في معنى الزوجيّة، وعمق المودّة والرحمة، {وَأَخِيهِ} الذي كان عضده وساعده، مما كان يدفعه في كثير من الحالات إلى الدفاع عنه إلى مستوى التضحية، {وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤِيهِ}، وهي عشيرته التي كان يعيش مسؤولية الدفاع عنها كما تعيش مسؤولية الدفاع عنه، من خلال العصبية القائمة على المشاعر الحميمة والمصالح المشتركة.

ولكنه اليوم يقف ليضحّي بزوجته وأخيه وعشيرته لِيَسْلم من عذاب هذا اليوم، فأيُّ عذابٍ هو هذا العذاب؟ وأيّ موقفٍ هو هذا الموقف الذي تتعطّل فيه كل المشاعر والعلاقات والأوضاع الإنسانية في حياة هذا الإنسان الذي تلاحقه جريمته في وعيه، تماماً كما هو الوحش الذي يريد افتراسه؟! ولن يكتفي بهؤلاء، بل تتعاظم المسألة عنده حتى يفكر بأن يضحي بكلّ من في الأرض {وَمَن فِي الأرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ} بجميع طبقاتهم وأشكالهم ودرجاتهم، لأن نفسه هي كل شيء عنده {ثُمَّ يُنجِيهِ} من هذا العذاب.

*من كتاب "تفسير من وحي القرآن"، ج 23.

وتتّضح الصورة أكثر، وتتصاعد خطورة الموقف، وتتجمّد المشاعر، فلا ينبض فيها أيُّ إحساسٍ بالعلاقة الإنسانيّة التي تشدّ الناس إلى أقربائهم وأزواجهم وإلى الناس كلّهم، بل يتحوّل الوجدان من الحالة الإيجابيّة المشدودة إلى القريب أو الزوج أو الصاحب، إلى حالةٍ سلبيةٍ رافضةٍ قد تشبه الحالة العدوانية، عندما يضحّي الإنسان بكل هؤلاء، ليفتدي بهم نفسه في مواجهة اللّهيب الذي يتصاعد من النار التي تريد أن تأكل كلّ شيء.

{يُبَصَّرُونَهُمْ} بتشديد الصّاد وفتحها، مِنْ بصَّرته الشّيء إذا أوضحته له، أي يعرف كلّ واحد من هؤلاء الأصدقاء الحميمين صاحبه، فيعرض عنه، لا من موقع الجهل والنسيان، بل من موقع الرّعب والذهول والاستغراق في الخوف على الذّات في ما يترقبه من المصير الأسود في عذاب جهنّم.

{يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ} الّذين كان يبذل النفس والنفيس في سبيل سلامتهم وراحتهم، فيجوع ليشبعوا، ويتعب ليرتاحوا، ويظمأ ليرتووا، ويخاف ليأمنوا. وهكذا كان يشقى ليسعدوا، ولكنه الآن يسقط أمام الشعور المجنون بالخوف، ليفكّر بأن يقدِّمهم ضحيةً للنار، أو ليكونوا فداءً عنه، {وَصَاحِبَتِهِ} التي كان يعيش معها كلّ العلاقات الروحية والحسية في مشاعر الحبّ العميق الحميم الذي يمثل وحدة الكيان في معنى الزوجيّة، وعمق المودّة والرحمة، {وَأَخِيهِ} الذي كان عضده وساعده، مما كان يدفعه في كثير من الحالات إلى الدفاع عنه إلى مستوى التضحية، {وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤِيهِ}، وهي عشيرته التي كان يعيش مسؤولية الدفاع عنها كما تعيش مسؤولية الدفاع عنه، من خلال العصبية القائمة على المشاعر الحميمة والمصالح المشتركة.

ولكنه اليوم يقف ليضحّي بزوجته وأخيه وعشيرته لِيَسْلم من عذاب هذا اليوم، فأيُّ عذابٍ هو هذا العذاب؟ وأيّ موقفٍ هو هذا الموقف الذي تتعطّل فيه كل المشاعر والعلاقات والأوضاع الإنسانية في حياة هذا الإنسان الذي تلاحقه جريمته في وعيه، تماماً كما هو الوحش الذي يريد افتراسه؟! ولن يكتفي بهؤلاء، بل تتعاظم المسألة عنده حتى يفكر بأن يضحي بكلّ من في الأرض {وَمَن فِي الأرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ} بجميع طبقاتهم وأشكالهم ودرجاتهم، لأن نفسه هي كل شيء عنده {ثُمَّ يُنجِيهِ} من هذا العذاب.

*من كتاب "تفسير من وحي القرآن"، ج 23.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية