جزاء المتّقين في الدّنيا والآخرة

جزاء المتّقين في الدّنيا والآخرة

{وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْاْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْراً}، بكلِّ ما تحمله هذه الكلمة من عمقٍ في الروح، وامتدادٍ في الحياة، وغنىً في النّتائج، وسعادةٍ في المصير. إنها تمثّل كلَّ ما يربط الإنسان بالمعنى الإنسانيّ لفكره وخطّه العملي في الحياة، وطريقة إدارة علاقته بالنّاس وبالحياة، مقابل معنى الشرّ الذي يمثّل انتفاء تلك الإنسانيّة في خلفيّات فكره، وحركات عمله، ونتائج خطواته، وذلك كلّه من موقع الاختيار الحرّ الّذي يحدّد فيه لنفسه ما يريد.

{لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هذِهِ الْدُّنْيَا حَسَنَةٌ}، هل هي من كلمات المتقين، أو هي كلمة مستأنفة مما أراد الله أن يقرّره كنتيجة لهذا الخير الّذي أعلنوه واجهة للعمل، وساروا عليه من مواقع الالتزام؟ كلّ ذلك محتملٌ، وإن كان الأقرب إلى الجوّ السياقي في الحديث عنهم بصفة الغائب، هو المعنى الثاني، وتلك هي النتيجة الطيبة، فللمحسنين في مواقفهم وكلماتهم وأفعالهم وتطلّعاتهم في الحياة حسنةٌ قد تكبر أو تصغر تبعاً لحجم الإحسان العملي، في ما يتقرب به الإنسان إلى الله، وينفع به الناس من أعمال، طلباً لما عند الله. فالآية تقرّر المبدأ، ولا تدخل في التفاصيل، لأنّ المسألة في هذا الموقف، هي تحديد النّتيجة التي تشير إلى طبيعة المصير الّذي ينتظر هؤلاء بعد ذلك.

{وَلَدَارُ الآخرةِ خَيْرٌ}، في ما يتمثّل فيها من رحمةٍ ولطفٍ ورضوانٍ، جزاءً على ما قدّمه المتّقون من عمل. وهكذا التقى الخير في العمل بالخير في النتيجة، {وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ} التي يستريح فيها الإنسان إلى حياته الجديدة في نعمة من الله ورضوان، إضافةً إلى الجانب الحسي من المتع التي تنتظرهم في هذه الدّار: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ}، فليس هناك حدٌّ لما يحقّقه الله لهم من أمنيات، في ما يخطر في بالهم من أمورٍ وحاجاتٍ وتطلّعات، فلهم أن يحلموا كما يحبّون، لتكون أحلامهم حاضرةً بين أيديهم، دون حاجةٍ إلى الانتظار والقلق والترقّب، كما كانت حالهم مع الأحلام في الدنيا، حيث تنتهي أحياناً دون أن يتحقّق شيء منها.

{كَذَلِكَ يَجْزِي اللهُ الْمُتَّقِينَ} الّذين اتّقوا ربهم في الفكر وفي العمل، في السرّ وفي العلن، {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ} بما توحيه كلمة الطيبة من طيبة في الرّوح وفي النيّة، وفي الجوّ الذي يحيط بهم في علاقات الحياة، وفي الخطّ الذي يحكم كل تاريخ حياتهم من البداية إلى النهاية، حتى إذا جاءهم الموت، كانوا على استعدادٍ لمواجهة نتائج المسؤوليّة بكلّ قوّة وإيمان أمام الله، لأنهم يعرفون النتيجة سلفاً من خلال تاريخهم المليء بالتقوى، فهم ينتظرون الملائكة الذين يتوفونهم {يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ}، في تحيّةٍ طيبةٍ توحي إليهم بكلّ معاني السلام الروحية والعملية التي تنتظرهم في حياتهم الجديدة {ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}، لأن الجنة لا تُنال بالتمنيات بل بالأعمال، وهذا ما ينبغي للناس أن يتمثّلوه في الدنيا، عندما يتمنّون الجنّة بعد الموت.

*من كتاب تفسير "من وحي القرآن"، ج 13.

{وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْاْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْراً}، بكلِّ ما تحمله هذه الكلمة من عمقٍ في الروح، وامتدادٍ في الحياة، وغنىً في النّتائج، وسعادةٍ في المصير. إنها تمثّل كلَّ ما يربط الإنسان بالمعنى الإنسانيّ لفكره وخطّه العملي في الحياة، وطريقة إدارة علاقته بالنّاس وبالحياة، مقابل معنى الشرّ الذي يمثّل انتفاء تلك الإنسانيّة في خلفيّات فكره، وحركات عمله، ونتائج خطواته، وذلك كلّه من موقع الاختيار الحرّ الّذي يحدّد فيه لنفسه ما يريد.

{لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هذِهِ الْدُّنْيَا حَسَنَةٌ}، هل هي من كلمات المتقين، أو هي كلمة مستأنفة مما أراد الله أن يقرّره كنتيجة لهذا الخير الّذي أعلنوه واجهة للعمل، وساروا عليه من مواقع الالتزام؟ كلّ ذلك محتملٌ، وإن كان الأقرب إلى الجوّ السياقي في الحديث عنهم بصفة الغائب، هو المعنى الثاني، وتلك هي النتيجة الطيبة، فللمحسنين في مواقفهم وكلماتهم وأفعالهم وتطلّعاتهم في الحياة حسنةٌ قد تكبر أو تصغر تبعاً لحجم الإحسان العملي، في ما يتقرب به الإنسان إلى الله، وينفع به الناس من أعمال، طلباً لما عند الله. فالآية تقرّر المبدأ، ولا تدخل في التفاصيل، لأنّ المسألة في هذا الموقف، هي تحديد النّتيجة التي تشير إلى طبيعة المصير الّذي ينتظر هؤلاء بعد ذلك.

{وَلَدَارُ الآخرةِ خَيْرٌ}، في ما يتمثّل فيها من رحمةٍ ولطفٍ ورضوانٍ، جزاءً على ما قدّمه المتّقون من عمل. وهكذا التقى الخير في العمل بالخير في النتيجة، {وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ} التي يستريح فيها الإنسان إلى حياته الجديدة في نعمة من الله ورضوان، إضافةً إلى الجانب الحسي من المتع التي تنتظرهم في هذه الدّار: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ}، فليس هناك حدٌّ لما يحقّقه الله لهم من أمنيات، في ما يخطر في بالهم من أمورٍ وحاجاتٍ وتطلّعات، فلهم أن يحلموا كما يحبّون، لتكون أحلامهم حاضرةً بين أيديهم، دون حاجةٍ إلى الانتظار والقلق والترقّب، كما كانت حالهم مع الأحلام في الدنيا، حيث تنتهي أحياناً دون أن يتحقّق شيء منها.

{كَذَلِكَ يَجْزِي اللهُ الْمُتَّقِينَ} الّذين اتّقوا ربهم في الفكر وفي العمل، في السرّ وفي العلن، {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ} بما توحيه كلمة الطيبة من طيبة في الرّوح وفي النيّة، وفي الجوّ الذي يحيط بهم في علاقات الحياة، وفي الخطّ الذي يحكم كل تاريخ حياتهم من البداية إلى النهاية، حتى إذا جاءهم الموت، كانوا على استعدادٍ لمواجهة نتائج المسؤوليّة بكلّ قوّة وإيمان أمام الله، لأنهم يعرفون النتيجة سلفاً من خلال تاريخهم المليء بالتقوى، فهم ينتظرون الملائكة الذين يتوفونهم {يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ}، في تحيّةٍ طيبةٍ توحي إليهم بكلّ معاني السلام الروحية والعملية التي تنتظرهم في حياتهم الجديدة {ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}، لأن الجنة لا تُنال بالتمنيات بل بالأعمال، وهذا ما ينبغي للناس أن يتمثّلوه في الدنيا، عندما يتمنّون الجنّة بعد الموت.

*من كتاب تفسير "من وحي القرآن"، ج 13.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية