نصّ الشّبهة :قال تعالى: {... وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا
وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ...}. وقال: {... وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا
يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ...}. وقال: {وَلَا تَزِرُ
وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ
مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ}. وقال: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّىٰ
* أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ * وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا
مَا سَعَىٰ}.
الأمر الذي يَرضاه العقل الرّشيد، وتقتضيه الحِكمة البالغة: "لا يُؤخذ الجار بذنب
الجار"! {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}، {... لَهَا مَا كَسَبَتْ
وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ... }، {... لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا
اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ...}.
لكن مع ذلك، وَرَد ما يُناقضه ظاهراً في قوله تعالى: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ
كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ
عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ}. كما أنّ التناقض بادٍ على ظاهر قوله تعالى:
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ
خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ
لَكَاذِبُونَ * وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ
وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ}. فكيف التّوفيق؟
الجواب:
حَملُ الوِزر إنّما هو بتخفيف كاهِل صاحبه، فمَن يَحمل مِن أوزار أحد، إنّما يُخفّف
مِن ثِقل كاهله، هذا هو معنى حَملُ الوِزر، أمَّا إذا لم يُخفِّف، فلا تَحمُّل مِن
الوزر شيئاً.
وصريح القرآن، أنّ كلّ إنسان إنّما يتحمّل مسؤوليّة نفسه ولا يتحمّل مسؤوليّة غيره
فيما عَمِل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا
يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا
فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}.
لكنَّ هناك في الدّعاة إلى حقّ أو باطل شأناً آخر، فهم شركاء فيما عَمِل
المتأثِّرون بالدَّعوة، إنْ خيراً أو شرّاً، مثوبةً أو عقوبةً.
روى الصّدوق بإسناده إلى الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: "أيّما عبدٍ
مِن عباد الله سنَّ سُنةَ هدًى، كان له أجرٌ مثلُ أجر مَن عَمِل بذلك، من غير أنْ
ينقص من أُجورهم شيء، وأيّما عبدٍ من عباد الله سنّ سُنةَ ضلال، كان عليه مثل وِزر
مَن فعل ذلك من غير أنْ ينقص مِن أوزارهم شيء".
قال رسول الله (صلّى الله وعليه وآله): "إذا ماتَ المؤمنُ، انقطعَ عملُه إلاّ مِن
ثلاث: صدقةٍ جارية، أو عِلمٍ يُنتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له".
فلا يَحمل أحدٌ ذنبَ غيره، ولا يُخفّف عليه من وطأته، وإنْ كان يَشرُكُه فيما عَمِل
وفيما يترتّب عليه من المثوبة أو الإثم من غير أنْ ينقصه شيئاً.
فمعنى {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ...}، أنّهم
يَحملون أثقالَ أنفسِهم مع أثقالٍ أُخر، وهي مِثل أوزار ما عَمِل التّابعون وليست
نفس أوزارهم، إذ لا ينقص مِن وزرِ الآثم شيء، وكلّ إنسانٍ رهينٌ بما اكتسب.
وكذا قوله: {... وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ...}، أي مِن مِثل
أوزارهم وليست نفس أوزارهم، إذ لكلّ امرئٍ ما اكتسب من الإثم، ولا مُوجب للتّخفيف
عنه مادام آثماً مَبغوضاً عليه.
*من كتاب "شُبُهَات وردود حول القرآن الكريم".
نصّ الشّبهة :قال تعالى: {... وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا
وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ...}. وقال: {... وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا
يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ...}. وقال: {وَلَا تَزِرُ
وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ
مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ}. وقال: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّىٰ
* أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ * وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا
مَا سَعَىٰ}.
الأمر الذي يَرضاه العقل الرّشيد، وتقتضيه الحِكمة البالغة: "لا يُؤخذ الجار بذنب
الجار"! {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}، {... لَهَا مَا كَسَبَتْ
وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ... }، {... لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا
اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ...}.
لكن مع ذلك، وَرَد ما يُناقضه ظاهراً في قوله تعالى: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ
كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ
عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ}. كما أنّ التناقض بادٍ على ظاهر قوله تعالى:
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ
خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ
لَكَاذِبُونَ * وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ
وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ}. فكيف التّوفيق؟
الجواب:
حَملُ الوِزر إنّما هو بتخفيف كاهِل صاحبه، فمَن يَحمل مِن أوزار أحد، إنّما يُخفّف
مِن ثِقل كاهله، هذا هو معنى حَملُ الوِزر، أمَّا إذا لم يُخفِّف، فلا تَحمُّل مِن
الوزر شيئاً.
وصريح القرآن، أنّ كلّ إنسان إنّما يتحمّل مسؤوليّة نفسه ولا يتحمّل مسؤوليّة غيره
فيما عَمِل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا
يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا
فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}.
لكنَّ هناك في الدّعاة إلى حقّ أو باطل شأناً آخر، فهم شركاء فيما عَمِل
المتأثِّرون بالدَّعوة، إنْ خيراً أو شرّاً، مثوبةً أو عقوبةً.
روى الصّدوق بإسناده إلى الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: "أيّما عبدٍ
مِن عباد الله سنَّ سُنةَ هدًى، كان له أجرٌ مثلُ أجر مَن عَمِل بذلك، من غير أنْ
ينقص من أُجورهم شيء، وأيّما عبدٍ من عباد الله سنّ سُنةَ ضلال، كان عليه مثل وِزر
مَن فعل ذلك من غير أنْ ينقص مِن أوزارهم شيء".
قال رسول الله (صلّى الله وعليه وآله): "إذا ماتَ المؤمنُ، انقطعَ عملُه إلاّ مِن
ثلاث: صدقةٍ جارية، أو عِلمٍ يُنتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له".
فلا يَحمل أحدٌ ذنبَ غيره، ولا يُخفّف عليه من وطأته، وإنْ كان يَشرُكُه فيما عَمِل
وفيما يترتّب عليه من المثوبة أو الإثم من غير أنْ ينقصه شيئاً.
فمعنى {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ...}، أنّهم
يَحملون أثقالَ أنفسِهم مع أثقالٍ أُخر، وهي مِثل أوزار ما عَمِل التّابعون وليست
نفس أوزارهم، إذ لا ينقص مِن وزرِ الآثم شيء، وكلّ إنسانٍ رهينٌ بما اكتسب.
وكذا قوله: {... وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ...}، أي مِن مِثل
أوزارهم وليست نفس أوزارهم، إذ لكلّ امرئٍ ما اكتسب من الإثم، ولا مُوجب للتّخفيف
عنه مادام آثماً مَبغوضاً عليه.
*من كتاب "شُبُهَات وردود حول القرآن الكريم".