كتابات
10/01/2023

مَنْ هوَ المستضعفُ في النّظرةِ الإسلاميّة؟!

مَنْ هوَ المستضعفُ في النّظرةِ الإسلاميّة؟!

من هو المستضعف، وما هي مسؤوليَّته أمام الله؟ وكيف اختار القرآن هذا المصطلح في معالجة قضيَّة الحالات الضَّاغطة في حياة الإنسان؟

هذان سؤالان يثوران أمامنا في معالجتنا للنَّظرة الإسلاميَّة إلى العلاقات الإنسانيَّة التي تتميّز بالقهر والغلبة والسيطرة والاستغلال والإضلال، بإزاء النظرة غير الإسلاميَّة التي تحاول أن تجعل العامل الطبقيّ الاقتصاديّ أساساً للمشكلة في هذه العلاقات، فنجد أمامنا من خلالها مصطلح "الطبقة العاملة" أو"الكادحة"، في مقابل الطبقة الرأسمالية أو الإقطاعيَّة ..وتنتهي إلى النتيجة المعروفة التي تعتبر كلّ أنواع الصراع والتطوّر في أيّ جانب من جوانب الحياة خاضعاً للصراع الاقتصادي بين الطبقات.. وربّما تتنوّع الأفكار في هذا الجانب فنواجه عوامل أخرى داخلية وخارجية تضاف إلى هذا العامل أو تنفرد عنه بالتفسير والتحليل. ونحن هنا في ملاحقة لمصطلح "المستضعف"، في الآيات القرآنية وفي النصوص الدينية الأخرى من أجل استيحاء مواقعه في حركة الواقع والتشريع للوقوف مع النظرة الإسلامية المتكاملة للحياة من مصادرها الأصيلة. ليكون التصوّر الإسلاميّ مرتكزاً على قاعدة فكرية صلبة.

في مواجهة السؤال الأوّل، لا نجد هناك أيّ أساسٍ لحصر هذه الكلمة في نطاقٍ خاصّ من التطبيقات المحدودة، بعد أن كانت شاملة لكلّ مواطن الضّعف التي توحي للذّات بالانسحاق والضّعف، أو توحي إلى الآخرين أو تغريهم بممارسة أساليب الاستضعاف ضدّ الضعفاء ممّا يساعد في وجود الأزمات الاجتماعيَّة والمشاكل الإنسانيَّة في واقع الحياة، بل إِنَّ القضيَّة لا تقتصر على حركة الضعف في صعيد الواقع، في نطاق الحاجة الماديَّة المتمثّلة بالأشخاص الذين لا يملكون الرَّصيد الكافي للعيش الكريم لأنّهم لا يجدون العمل الذي يكفل لهم ذلك، أو لأنّهم يعملون في ظروف صعبة وأوضاع ضيِّقة لا تمنحهم الاكتفاء الذاتي، أو لأنّهم يخضعون لأساليب الضّغط المتعسّفة التي يمارس فيها الأغنياء من أصحاب المعامل والمزارع والمصالح الاقتصاديّة المتنوّعة كلّ وسائل الاستغلال... ولكنّها تتّسع لتشمل أيَّ نوع من أنواع القوّة يواجه أيّ نوع من أنواع الضّعف كعنصر ضاغط يشلّ إرادة الإنسان أو يلغيها، بما يملك من وسائل الضغط التي تمنحها له القوّة، فنجد أمامنا الأشخاص الَّذين يملكون النَّسب العريق الذي يجعل منهم قوّة ضاغطة على الآخرين الَّذين لا يملكون مثل هذا النسب، من خلال طبيعة التقاليد التي يقدّسها الناس. ونجد - في جانب آخر- قوّة السّلاح التي تواجه الضعفاء بالقهر والغلبة، وغير ذلك من الأمور التي تعطي فريقاً من المجتمع موقعاً مميَّزاً من مواقع القوَّة التي تسمح لهم باضطهاد الناس واستضعافهم على أساس القوّة الاجتماعيَّة، وقد تتّصل بالواقع السياسي الذي يمنح قسماً من المجتمع موقعاً من مواقع الحكم والسَّيطرة في الداخل والخارج، فيما تمثّله القوى الشريرة الحاكمة في الداخل من ظلم واضطهاد للقوى الخيِّرة الضّعيفة، أو فيما تمثّله القوى الاستعماريَّة في الخارج من إذلال واستغلال واستعباد للشعوب الضَّعيفة المقهورة..

ويمتدّ ذلك إلى الواقع الاقتصاديّ وغيره، وقد تتداخل هذه النماذج، فتملك عدّة ألوان من القوّة، وقد تعطي القوَّة في بعض الجوانب مجالاً للحصول على قوّة جديدة متفرّعة عنها، فقد تُحقِّق قوّة السّلاح لأصحابها القوَّة السياسيَّة، وقد تكون القوّة الاقتصادية وسيلةً من وسائل الحصول على القوّة في السياسة وفي السّلاح .

وفي كلّ هذه الألوان من القوّة، نواجه ألواناً أخرى من الضّعف في هذه المجالات، وتبدأ الضغوط، وتتحرّك المشكلة في الحياة لتصنع مأساة الصِّراع الدائم بين الأقوياء والضعفاء، والمستضعفين والمستكبرين، في قصَّة العدل والظّلم الأبديَّة في الحياة.

وتلك هي قصَّة الاستضعاف في نطاق العوامل الداخليَّة والخارجيَّة، الَّتي تحوّل الإنسان إلى شخصيَّة مسحوقة لا تملك حريَّة الإرادة، في حركة القوَّة والضّعف في الحياة.

*من كتاب "مع الحكمة في خطِّ الإسلام".

من هو المستضعف، وما هي مسؤوليَّته أمام الله؟ وكيف اختار القرآن هذا المصطلح في معالجة قضيَّة الحالات الضَّاغطة في حياة الإنسان؟

هذان سؤالان يثوران أمامنا في معالجتنا للنَّظرة الإسلاميَّة إلى العلاقات الإنسانيَّة التي تتميّز بالقهر والغلبة والسيطرة والاستغلال والإضلال، بإزاء النظرة غير الإسلاميَّة التي تحاول أن تجعل العامل الطبقيّ الاقتصاديّ أساساً للمشكلة في هذه العلاقات، فنجد أمامنا من خلالها مصطلح "الطبقة العاملة" أو"الكادحة"، في مقابل الطبقة الرأسمالية أو الإقطاعيَّة ..وتنتهي إلى النتيجة المعروفة التي تعتبر كلّ أنواع الصراع والتطوّر في أيّ جانب من جوانب الحياة خاضعاً للصراع الاقتصادي بين الطبقات.. وربّما تتنوّع الأفكار في هذا الجانب فنواجه عوامل أخرى داخلية وخارجية تضاف إلى هذا العامل أو تنفرد عنه بالتفسير والتحليل. ونحن هنا في ملاحقة لمصطلح "المستضعف"، في الآيات القرآنية وفي النصوص الدينية الأخرى من أجل استيحاء مواقعه في حركة الواقع والتشريع للوقوف مع النظرة الإسلامية المتكاملة للحياة من مصادرها الأصيلة. ليكون التصوّر الإسلاميّ مرتكزاً على قاعدة فكرية صلبة.

في مواجهة السؤال الأوّل، لا نجد هناك أيّ أساسٍ لحصر هذه الكلمة في نطاقٍ خاصّ من التطبيقات المحدودة، بعد أن كانت شاملة لكلّ مواطن الضّعف التي توحي للذّات بالانسحاق والضّعف، أو توحي إلى الآخرين أو تغريهم بممارسة أساليب الاستضعاف ضدّ الضعفاء ممّا يساعد في وجود الأزمات الاجتماعيَّة والمشاكل الإنسانيَّة في واقع الحياة، بل إِنَّ القضيَّة لا تقتصر على حركة الضعف في صعيد الواقع، في نطاق الحاجة الماديَّة المتمثّلة بالأشخاص الذين لا يملكون الرَّصيد الكافي للعيش الكريم لأنّهم لا يجدون العمل الذي يكفل لهم ذلك، أو لأنّهم يعملون في ظروف صعبة وأوضاع ضيِّقة لا تمنحهم الاكتفاء الذاتي، أو لأنّهم يخضعون لأساليب الضّغط المتعسّفة التي يمارس فيها الأغنياء من أصحاب المعامل والمزارع والمصالح الاقتصاديّة المتنوّعة كلّ وسائل الاستغلال... ولكنّها تتّسع لتشمل أيَّ نوع من أنواع القوّة يواجه أيّ نوع من أنواع الضّعف كعنصر ضاغط يشلّ إرادة الإنسان أو يلغيها، بما يملك من وسائل الضغط التي تمنحها له القوّة، فنجد أمامنا الأشخاص الَّذين يملكون النَّسب العريق الذي يجعل منهم قوّة ضاغطة على الآخرين الَّذين لا يملكون مثل هذا النسب، من خلال طبيعة التقاليد التي يقدّسها الناس. ونجد - في جانب آخر- قوّة السّلاح التي تواجه الضعفاء بالقهر والغلبة، وغير ذلك من الأمور التي تعطي فريقاً من المجتمع موقعاً مميَّزاً من مواقع القوَّة التي تسمح لهم باضطهاد الناس واستضعافهم على أساس القوّة الاجتماعيَّة، وقد تتّصل بالواقع السياسي الذي يمنح قسماً من المجتمع موقعاً من مواقع الحكم والسَّيطرة في الداخل والخارج، فيما تمثّله القوى الشريرة الحاكمة في الداخل من ظلم واضطهاد للقوى الخيِّرة الضّعيفة، أو فيما تمثّله القوى الاستعماريَّة في الخارج من إذلال واستغلال واستعباد للشعوب الضَّعيفة المقهورة..

ويمتدّ ذلك إلى الواقع الاقتصاديّ وغيره، وقد تتداخل هذه النماذج، فتملك عدّة ألوان من القوّة، وقد تعطي القوَّة في بعض الجوانب مجالاً للحصول على قوّة جديدة متفرّعة عنها، فقد تُحقِّق قوّة السّلاح لأصحابها القوَّة السياسيَّة، وقد تكون القوّة الاقتصادية وسيلةً من وسائل الحصول على القوّة في السياسة وفي السّلاح .

وفي كلّ هذه الألوان من القوّة، نواجه ألواناً أخرى من الضّعف في هذه المجالات، وتبدأ الضغوط، وتتحرّك المشكلة في الحياة لتصنع مأساة الصِّراع الدائم بين الأقوياء والضعفاء، والمستضعفين والمستكبرين، في قصَّة العدل والظّلم الأبديَّة في الحياة.

وتلك هي قصَّة الاستضعاف في نطاق العوامل الداخليَّة والخارجيَّة، الَّتي تحوّل الإنسان إلى شخصيَّة مسحوقة لا تملك حريَّة الإرادة، في حركة القوَّة والضّعف في الحياة.

*من كتاب "مع الحكمة في خطِّ الإسلام".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية