كتابات
13/01/2023

التَّخطيطُ الإسلاميُّ للتماسكِ الاجتماعيّ

التَّخطيطُ الإسلاميُّ للتماسكِ الاجتماعيّ

كان التخطيط الإسلامي لقضية التماسك الاجتماعي الذي ترتكز عليه القوّة الاجتماعيَّة للمجتمع المسلم، فكانت الخطّة الإيجابيَّة أن تتحوّل علاقة المؤمنين بعضهم ببعض إلى شعور حيّ يتفاعل مع آلام المجتمع ومشاكله وحاجاته، تماماً كما هو الإحساس العاطفيّ بقضايا الذات، وقضايا الأسرة، لأنَّ الإسلام يعتبر المجتمع مؤسَّسة إنسانيّة كبيرة، تخضع للتَّخطيط الذي وضعه للمؤسَّسات الإنسانيَّة بصورة عامَّة.

ويتمثّل هذا الجانب في التأكيد أنَّ طبيعة العلاقة الاجتماعيَّة، تفرض انسياب المشاعر الإنسانيَّة في حركة تعاطف مع كلّ الهموم الحياتيَّة، بحيث يتمثّل في وعي الإنسان وإحساسه كهموم شخصيَّة، على أساس وحدة الشخصيتين الفردية والاجتماعية في شعوره بالحياة، وارتباط بعضهما ببعض، على الأقلّ.

فكان من توجيهاته الاجتماعيَّة، اعتبار المسلمين في حياتهم الجماعيَّة وحدة عضويَّة في الآلام والمشاعر، تماماً كمثل الجسد الواحد في علاقة أعضائه بعضها ببعض من الناحية الشعوريَّة، ما يوحي للإنسان بأنَّه لا يمثّل وجوداً مستقلاً، أو شخصية مستقلة تجاه الآخرين، بل يمثّل جزءاً من كلّ، تماماً كما هي اليد مع اليد الأخرى، والعين مع أختها، والرأس مع الجسد، وهكذا.. لأنَّ صفته الإسلاميَّة تفرض ذلك، من ناحية الكيان الإسلامي المرتبط بأجزائه في تحقيق الأهداف الكبرى للمجموع، وفي استمرار الأسس الفكريَّة والروحيَّة في فاعليتها وعطاءها الكبير.

وقد عبّر عن ذلك الحديث النبويّ الشريف المشهور: "مثل المؤمنين في توادّهم وتزاحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الأعضاء بالسَّهر والحمَّى"1.

ونلاحظ - في هذا الحديث - التركيز على الوحدة الشعوريَّة التي تمثِّلها كلمة "توادّهم وتراحمهم" الَّتي توحي بالمودَّة القلبيَّة والرحمة الروحيَّة.

ونلاحظ في بعض الآيات القرآنية، إعطاء العلاقة الإيمانية طابع العلاقة الأخوية، من حيث قوّة الأساس الذي يخلق الارتباط.

وبهذا، اعتبر التحرّك نحو المسؤوليَّة العمليَّة نتيجة طبيعيَّة لذلك، كما ورد في قوله تعالى: {إنَّما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم}[الحجرات: 10].

ونلتقي مع بعض الأحاديث النبوية الشريفة، التي تجعل الاهتمام النفسي بأمور المسلمين من المقوّمات الأساسية للشخصيّة الإسلاميّة، بحيث يخرج الإنسان الذي يفقد هذا الاهتمام، فيعيش جوّ اللامبالاة إزاء آلام الآخرين ومشاكلهم، عن صفته الإسلاميّة، ما يجعل القضية الاجتماعية مرتبطة بالتكوين النفسي للإنسان المنتمي إلى الإسلام. وبهذا تلتقي الشخصيَّة الفرديَّة بالشخصيَّة الاجتماعيَّة في الإسلام، وذلك هو الحديث المأثور عن النبيّ: "من أصبح لا يهتمّ بأمور المسلمين فليس بمسلم"2.

ولـم يقتصر الإسلام على إعطاء هذه العلاقة صفة الأخوّة، من ناحية تشريعيَّة، بل حاول أن يخضعها للتجربة العمليَّة في المجتمع الإسلامي الأول في المدينة، عندما آخى النبيّ محمَّد (ص) بين المهاجرين والأنصار، باعتبار فرد ما من المهاجرين أخاً لفرد من الأنصار، وبين المهاجرين أنفسهم، والأنصار أنفسهم، وكان من أثر هذا التآخي العملي، أن عاش المسلمون هذه الروح، في إطار نفسي يتحوَّل إلى مسؤوليّة عمليّة عفويّة بعضهم تجاه البعض، حتى كان أحدهم يشاطر أخاه الجديد في الإيمان ماله إذا لـم يكن لديه مال، انطلاقاً من فكرة الإيثار التي تفرضها مشاعر الأخوَّة وأحاسيسها.

*من كتاب "الإسلام ومنطق القوّة".

[1]وسائل الشيعة، الحرّ العاملي، ج:11، ص: 559.

[2]وسائل الشيعة، ج11، ص:445.

كان التخطيط الإسلامي لقضية التماسك الاجتماعي الذي ترتكز عليه القوّة الاجتماعيَّة للمجتمع المسلم، فكانت الخطّة الإيجابيَّة أن تتحوّل علاقة المؤمنين بعضهم ببعض إلى شعور حيّ يتفاعل مع آلام المجتمع ومشاكله وحاجاته، تماماً كما هو الإحساس العاطفيّ بقضايا الذات، وقضايا الأسرة، لأنَّ الإسلام يعتبر المجتمع مؤسَّسة إنسانيّة كبيرة، تخضع للتَّخطيط الذي وضعه للمؤسَّسات الإنسانيَّة بصورة عامَّة.

ويتمثّل هذا الجانب في التأكيد أنَّ طبيعة العلاقة الاجتماعيَّة، تفرض انسياب المشاعر الإنسانيَّة في حركة تعاطف مع كلّ الهموم الحياتيَّة، بحيث يتمثّل في وعي الإنسان وإحساسه كهموم شخصيَّة، على أساس وحدة الشخصيتين الفردية والاجتماعية في شعوره بالحياة، وارتباط بعضهما ببعض، على الأقلّ.

فكان من توجيهاته الاجتماعيَّة، اعتبار المسلمين في حياتهم الجماعيَّة وحدة عضويَّة في الآلام والمشاعر، تماماً كمثل الجسد الواحد في علاقة أعضائه بعضها ببعض من الناحية الشعوريَّة، ما يوحي للإنسان بأنَّه لا يمثّل وجوداً مستقلاً، أو شخصية مستقلة تجاه الآخرين، بل يمثّل جزءاً من كلّ، تماماً كما هي اليد مع اليد الأخرى، والعين مع أختها، والرأس مع الجسد، وهكذا.. لأنَّ صفته الإسلاميَّة تفرض ذلك، من ناحية الكيان الإسلامي المرتبط بأجزائه في تحقيق الأهداف الكبرى للمجموع، وفي استمرار الأسس الفكريَّة والروحيَّة في فاعليتها وعطاءها الكبير.

وقد عبّر عن ذلك الحديث النبويّ الشريف المشهور: "مثل المؤمنين في توادّهم وتزاحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الأعضاء بالسَّهر والحمَّى"1.

ونلاحظ - في هذا الحديث - التركيز على الوحدة الشعوريَّة التي تمثِّلها كلمة "توادّهم وتراحمهم" الَّتي توحي بالمودَّة القلبيَّة والرحمة الروحيَّة.

ونلاحظ في بعض الآيات القرآنية، إعطاء العلاقة الإيمانية طابع العلاقة الأخوية، من حيث قوّة الأساس الذي يخلق الارتباط.

وبهذا، اعتبر التحرّك نحو المسؤوليَّة العمليَّة نتيجة طبيعيَّة لذلك، كما ورد في قوله تعالى: {إنَّما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم}[الحجرات: 10].

ونلتقي مع بعض الأحاديث النبوية الشريفة، التي تجعل الاهتمام النفسي بأمور المسلمين من المقوّمات الأساسية للشخصيّة الإسلاميّة، بحيث يخرج الإنسان الذي يفقد هذا الاهتمام، فيعيش جوّ اللامبالاة إزاء آلام الآخرين ومشاكلهم، عن صفته الإسلاميّة، ما يجعل القضية الاجتماعية مرتبطة بالتكوين النفسي للإنسان المنتمي إلى الإسلام. وبهذا تلتقي الشخصيَّة الفرديَّة بالشخصيَّة الاجتماعيَّة في الإسلام، وذلك هو الحديث المأثور عن النبيّ: "من أصبح لا يهتمّ بأمور المسلمين فليس بمسلم"2.

ولـم يقتصر الإسلام على إعطاء هذه العلاقة صفة الأخوّة، من ناحية تشريعيَّة، بل حاول أن يخضعها للتجربة العمليَّة في المجتمع الإسلامي الأول في المدينة، عندما آخى النبيّ محمَّد (ص) بين المهاجرين والأنصار، باعتبار فرد ما من المهاجرين أخاً لفرد من الأنصار، وبين المهاجرين أنفسهم، والأنصار أنفسهم، وكان من أثر هذا التآخي العملي، أن عاش المسلمون هذه الروح، في إطار نفسي يتحوَّل إلى مسؤوليّة عمليّة عفويّة بعضهم تجاه البعض، حتى كان أحدهم يشاطر أخاه الجديد في الإيمان ماله إذا لـم يكن لديه مال، انطلاقاً من فكرة الإيثار التي تفرضها مشاعر الأخوَّة وأحاسيسها.

*من كتاب "الإسلام ومنطق القوّة".

[1]وسائل الشيعة، الحرّ العاملي، ج:11، ص: 559.

[2]وسائل الشيعة، ج11، ص:445.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية