كتابات
28/12/2022

مِنْ أُسسِ نجاحِ الدَّاعية امتلاكُ ثقافةِ معرفةِ النَّاس

مِنْ أُسسِ نجاحِ الدَّاعية امتلاكُ ثقافةِ معرفةِ النَّاس

إنَّ على كلِّ الدّعاة إلى الله، من علماء ومن مثقَّفين ومفكّرين وعاملين في سبيل الله، أن يدرسوا المجتمعات التي يعيشون فيها، وما هي التأثيرات السلبيَّة والإيجابيَّة التي اكتسبتها من التاريخ، أو التي اكتسبتها من خلال أفكارها وتجاربها، وما هي الظروف الضاغطة على هذا المجتمع التي قد تغلق عقله وقد تفتحه.

إنَّ الأزمات عندما تحيط بأيِّ مجتمع، فإنها تعزله عن خطّ الفكر، وعن خطّ الحوار، وعن خطّ التأمّل والوعي والاستماع إلى الموعظة الحسنة، لذلك نقول دائماً بأنَّ الداعي إلى الله عليه أنْ يقرأ في الكتب بنسبة 25 %، ويقرأ في كتاب الحياة بنسبة 75 %، لأنّ الذين كتبوا الكتب كتبوها من خلال تجربتهم، وربّما كانت تجربتهم محدودة بحدودهم الخاصَّة، والحياة تتطوَّر والظروف تتنوَّع، والمؤثّرات أيضاً تتحرّك في إطار سلبي أو إيجابي.

لذلك، فإن مسألة الدعوة إلى الله سبحانه هي من أكثر المسائل تعقيداً، ولعلّ الكثيرين من الناس الذين يقومون من ناحية رسميَّة بمهمَّة التبليغ والدعوة، يحاولون دائماَ أن يلوموا الناس بأنهم لا يريدون الدين، ولا يريدون أن يتعلَّموا أو أن يفهموا، وهم غير مستعدّين لأن يلوموا أنفسهم، لأنهم لم يفهّموا النَّاس، ولم يعرفوا ما هي تطلّعات الناس، وما هي حاجاتهم، وما هي نقاط ضعفهم، وما هي نقاط قوتهم.

ولذلك كنّا نقول إنَّ على الداعي في هذا العصر الذي يتطوَّر يومياً، أن ينفتح على عصره، وأن يعيش حسَّ المعاصرة، لأنَّ مشكلة الناس ممن يقرأون في الكتب القديمة، أنهم يحدّثون النَّاس الذين يعيشون في هذه الألفية الثالثة، بلغة من كان يعيشون في الألفيَّة الأولى بطريقة أو أخرى، فلذلك لا يفهمون على الناس ولا يفهم الناس عليهم.

لهذا، لا بدَّ للإنسان أن لا يكتفي بما قرأ، بل يحاول أن يتابع الواقع.. اقرأ الناس، واقرأ كلّ إنسان، حتى تعرف ما هي النَّتائج التي يمكن أن تطلَّ منها على شخصيَّته هنا وهناك. وقد قيل لبعض الشخصيَّات المثقَّفة التي لم تتعلم في جامعة، ولكنها تتحدَّث مع الجامعيين كأفضل ما يتحدّث به الجامعي، قيل له إنَّك لا تقرأ، لأنَّ وقتك مشغول مع الناس، فكيف حصلت على هذه الثقافة، قال: أنا أقرأ في اليوم أكثر من 800 صفحة، قيل له: كيف ولم نرك تفتح كتاباً؟ قال لهم: عندما ألتقي بأيِّ شخص فإني أدرسه، أدرس فكره وتجربته وأسلوبه في الإقناع عندما يريد أن يقنعني بأيِّ شيء، أدرس ظروفه عندما يحدّثني عن ظروفه، وأدرس تطلّعاته وحاجاته، فأنا أدرس هذا الشخص وأحصل على دراسة ميدانيَّة لشخص في المجتمع، فإنني أغتني ثقافياً بما يملكه هذا الشخص من ثقافة، وأستطيع أن أكلِّمه من خلال ما كشفه لي من ذلك كلّه. كان يقول: أنا أتعلَّم من كلِّ شخص أستمع إليه، لأنّ لكلّ شخص تجربته التي تختلف عن تجربة الآخر.

ولعلَّ مشكلة بعض النَّاس أنه إذا قرأ، فإنه يرى نفسه أنه الشخص الذي يعلّم الناس وليس بحاجة إلى أن يتعلّم. ولذلك، تجد بعض الناس يقول إنّ عقلي يتوزع على كلِّ الناس ولا أحتاج إلى عقل أحد. هذا الإنسان يبدأ بالانحدار، لأنَّ الإنسان إذا لم يؤمن بأن للناس عقلاً يختلف عن عقله، وأنَّ للناس طاقة تختلف عن طاقته، فإنَّه يظلّ يعيش وهو يجترّ ذاته، ولا يأخذ طعاماً من الخارج، ولذلك سوف يتحلَّل كلّ ما في ذاته، ويعيش في الفراغ.

ونخلص من كلّ ما تقدّم، إلى أنَّ الإنسان الذي يدخل في مسؤوليَّة ويريد أنْ يقود الناس سياسياً أو ثقافياً أو اجتماعياً أو علمياً، لا بدَّ له أن يملك ثقافة معرفة الناس، وهذا أمرٌ يحتاج إلى جهد طويل، وإلى أنْ يكون واعياً في كلِّ مواقعه الاجتماعية ليفهم هذا أو ذاك. هذا هو الخطُّ الذي يمكن أن يأخذ به الإنسان لينجح في دعوته أو ينجح في برنامجه السياسي أو الاجتماعي..

* من كتاب "النَّدوة"، ج13.

إنَّ على كلِّ الدّعاة إلى الله، من علماء ومن مثقَّفين ومفكّرين وعاملين في سبيل الله، أن يدرسوا المجتمعات التي يعيشون فيها، وما هي التأثيرات السلبيَّة والإيجابيَّة التي اكتسبتها من التاريخ، أو التي اكتسبتها من خلال أفكارها وتجاربها، وما هي الظروف الضاغطة على هذا المجتمع التي قد تغلق عقله وقد تفتحه.

إنَّ الأزمات عندما تحيط بأيِّ مجتمع، فإنها تعزله عن خطّ الفكر، وعن خطّ الحوار، وعن خطّ التأمّل والوعي والاستماع إلى الموعظة الحسنة، لذلك نقول دائماً بأنَّ الداعي إلى الله عليه أنْ يقرأ في الكتب بنسبة 25 %، ويقرأ في كتاب الحياة بنسبة 75 %، لأنّ الذين كتبوا الكتب كتبوها من خلال تجربتهم، وربّما كانت تجربتهم محدودة بحدودهم الخاصَّة، والحياة تتطوَّر والظروف تتنوَّع، والمؤثّرات أيضاً تتحرّك في إطار سلبي أو إيجابي.

لذلك، فإن مسألة الدعوة إلى الله سبحانه هي من أكثر المسائل تعقيداً، ولعلّ الكثيرين من الناس الذين يقومون من ناحية رسميَّة بمهمَّة التبليغ والدعوة، يحاولون دائماَ أن يلوموا الناس بأنهم لا يريدون الدين، ولا يريدون أن يتعلَّموا أو أن يفهموا، وهم غير مستعدّين لأن يلوموا أنفسهم، لأنهم لم يفهّموا النَّاس، ولم يعرفوا ما هي تطلّعات الناس، وما هي حاجاتهم، وما هي نقاط ضعفهم، وما هي نقاط قوتهم.

ولذلك كنّا نقول إنَّ على الداعي في هذا العصر الذي يتطوَّر يومياً، أن ينفتح على عصره، وأن يعيش حسَّ المعاصرة، لأنَّ مشكلة الناس ممن يقرأون في الكتب القديمة، أنهم يحدّثون النَّاس الذين يعيشون في هذه الألفية الثالثة، بلغة من كان يعيشون في الألفيَّة الأولى بطريقة أو أخرى، فلذلك لا يفهمون على الناس ولا يفهم الناس عليهم.

لهذا، لا بدَّ للإنسان أن لا يكتفي بما قرأ، بل يحاول أن يتابع الواقع.. اقرأ الناس، واقرأ كلّ إنسان، حتى تعرف ما هي النَّتائج التي يمكن أن تطلَّ منها على شخصيَّته هنا وهناك. وقد قيل لبعض الشخصيَّات المثقَّفة التي لم تتعلم في جامعة، ولكنها تتحدَّث مع الجامعيين كأفضل ما يتحدّث به الجامعي، قيل له إنَّك لا تقرأ، لأنَّ وقتك مشغول مع الناس، فكيف حصلت على هذه الثقافة، قال: أنا أقرأ في اليوم أكثر من 800 صفحة، قيل له: كيف ولم نرك تفتح كتاباً؟ قال لهم: عندما ألتقي بأيِّ شخص فإني أدرسه، أدرس فكره وتجربته وأسلوبه في الإقناع عندما يريد أن يقنعني بأيِّ شيء، أدرس ظروفه عندما يحدّثني عن ظروفه، وأدرس تطلّعاته وحاجاته، فأنا أدرس هذا الشخص وأحصل على دراسة ميدانيَّة لشخص في المجتمع، فإنني أغتني ثقافياً بما يملكه هذا الشخص من ثقافة، وأستطيع أن أكلِّمه من خلال ما كشفه لي من ذلك كلّه. كان يقول: أنا أتعلَّم من كلِّ شخص أستمع إليه، لأنّ لكلّ شخص تجربته التي تختلف عن تجربة الآخر.

ولعلَّ مشكلة بعض النَّاس أنه إذا قرأ، فإنه يرى نفسه أنه الشخص الذي يعلّم الناس وليس بحاجة إلى أن يتعلّم. ولذلك، تجد بعض الناس يقول إنّ عقلي يتوزع على كلِّ الناس ولا أحتاج إلى عقل أحد. هذا الإنسان يبدأ بالانحدار، لأنَّ الإنسان إذا لم يؤمن بأن للناس عقلاً يختلف عن عقله، وأنَّ للناس طاقة تختلف عن طاقته، فإنَّه يظلّ يعيش وهو يجترّ ذاته، ولا يأخذ طعاماً من الخارج، ولذلك سوف يتحلَّل كلّ ما في ذاته، ويعيش في الفراغ.

ونخلص من كلّ ما تقدّم، إلى أنَّ الإنسان الذي يدخل في مسؤوليَّة ويريد أنْ يقود الناس سياسياً أو ثقافياً أو اجتماعياً أو علمياً، لا بدَّ له أن يملك ثقافة معرفة الناس، وهذا أمرٌ يحتاج إلى جهد طويل، وإلى أنْ يكون واعياً في كلِّ مواقعه الاجتماعية ليفهم هذا أو ذاك. هذا هو الخطُّ الذي يمكن أن يأخذ به الإنسان لينجح في دعوته أو ينجح في برنامجه السياسي أو الاجتماعي..

* من كتاب "النَّدوة"، ج13.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية