في موضوع رضا الوالدين، هناك ضابط يتعلَّق بالله: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق". {وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا...}[العنكبوت: 8]، وضابط آخر يتعلّق بالولد نفسه، كما هو الحال عندما يطلب الوالدان من ابنهما أمراً ليس محرَّماً، ولكنّه على خلاف رغبته أو مصلحته، كأنْ تطلب الأُمّ من ولدها تطليق زوجته، أو أنْ يتزوّج ابنة أخيها أو ابنة أختها، أو أن يطلب الأب من ولده أنْ يتخصَّص في الطبّ، وكانت مصلحة الولد تقتضي أن يتخصَّص في الهندسة، وأصرَّ كلٌّ منهما على تنفيذ طلبه، فهذه أمور مباحة وليست محرَّمة، وليس في عملها أيّ معصية لله، مع ذلك، ليس من واجب الابن إطاعة والديه فيها..
فلو أنّا غرسنا في نفس الولد أنَّ عليه أن يرضي والديه فيما يريدانه منه، وأن يحقّق رغباتهما الشخصيَّة حتّى لو كانت غير مناسبة له، ما دامت مباحة، فإنَّ الولد في مثل هذه الحالة قد يعيش اضطراباً بين تلبية رغباته الخاصَّة وتحقيق مصالحه وبين تلبية رغبة والديه.
لكنّنا إذا قلنا: إنّ المراد هو الإحسان إلى الوالدين، أي مراعاتهما سلوكاً وشعوراً، فإنَّ الأمر يختلف تماماً. فالقيمة الإسلاميَّة تكمن في رعاية الوالدين، حيث يكون من واجب الولد حفظ كرامتهما واحترام مشاعرهما، وليس جعلهما مصدراً تشريعيّاً يفترض به طاعتهما كما يفترض به طاعة الله ورسوله.
إنَّ علاقة الوالدين بالولد يجب أن تبتعد عن الطَّاعة الشخصيَّة، فليس للأب أو الأمّ موقع تشريعيّ يمثِّل عدم الانسجام مع أيٍّ منهما معصيةً لله، إنَّ الجانب القاسي في هذه المسألة هو العقوق، والعقوق هو عبارة عن إيذاء الوالدين من جهة إحساسهما بالوالدية خصوصاً، وهذا ما يعبّر عنه "بالأوامر الإشفاقية"، كما هو الحال بالنّسبة إلى الأب والأُمّ عندما يمنعان ولدهما من موقع خوف الأبوَّة والأمومة على حياته من الذَّهاب إلى الأماكن الخطرة.
أمّا الأوامر التنظيريّة التي تتَّصل بعلاقة الابن بالناس وبحياته وبرغباته الخاصَّة، فلا علاقة للأب والأُمّ بها.
بعبارةٍ أخرى ومختصرة: إنَّ علاقة الولد بالأبوين مسألة تتَّصل بالأبوين لا بالولد، ففي الوقت الَّذي يقال للولد اِرعهما، حافظ عليهما، اخفض لهما جناح الذلّ من الرَّحمة، برَّ بهما، أحسن إليهما... لا يفترض أن نقول له: تنكَّر لكلِّ أحلامك ولكلِّ رغباتك ولكلِّ تخطيطاتك في المستقبل لمصلحتهما، بل نقول له: إذا بدأت بالتّفكير استشر أبويك، وإذا طلبا منك شيئاً تشعر بأنْ لا مصلحة لك فيه، حاورهما وناقشهما. وفي المقابل، نقول للآباء والأُمّهات: ناقشوا أولادكم، أقنعوهم.
*من كتاب "دنيا الطّفل".
في موضوع رضا الوالدين، هناك ضابط يتعلَّق بالله: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق". {وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا...}[العنكبوت: 8]، وضابط آخر يتعلّق بالولد نفسه، كما هو الحال عندما يطلب الوالدان من ابنهما أمراً ليس محرَّماً، ولكنّه على خلاف رغبته أو مصلحته، كأنْ تطلب الأُمّ من ولدها تطليق زوجته، أو أنْ يتزوّج ابنة أخيها أو ابنة أختها، أو أن يطلب الأب من ولده أنْ يتخصَّص في الطبّ، وكانت مصلحة الولد تقتضي أن يتخصَّص في الهندسة، وأصرَّ كلٌّ منهما على تنفيذ طلبه، فهذه أمور مباحة وليست محرَّمة، وليس في عملها أيّ معصية لله، مع ذلك، ليس من واجب الابن إطاعة والديه فيها..
فلو أنّا غرسنا في نفس الولد أنَّ عليه أن يرضي والديه فيما يريدانه منه، وأن يحقّق رغباتهما الشخصيَّة حتّى لو كانت غير مناسبة له، ما دامت مباحة، فإنَّ الولد في مثل هذه الحالة قد يعيش اضطراباً بين تلبية رغباته الخاصَّة وتحقيق مصالحه وبين تلبية رغبة والديه.
لكنّنا إذا قلنا: إنّ المراد هو الإحسان إلى الوالدين، أي مراعاتهما سلوكاً وشعوراً، فإنَّ الأمر يختلف تماماً. فالقيمة الإسلاميَّة تكمن في رعاية الوالدين، حيث يكون من واجب الولد حفظ كرامتهما واحترام مشاعرهما، وليس جعلهما مصدراً تشريعيّاً يفترض به طاعتهما كما يفترض به طاعة الله ورسوله.
إنَّ علاقة الوالدين بالولد يجب أن تبتعد عن الطَّاعة الشخصيَّة، فليس للأب أو الأمّ موقع تشريعيّ يمثِّل عدم الانسجام مع أيٍّ منهما معصيةً لله، إنَّ الجانب القاسي في هذه المسألة هو العقوق، والعقوق هو عبارة عن إيذاء الوالدين من جهة إحساسهما بالوالدية خصوصاً، وهذا ما يعبّر عنه "بالأوامر الإشفاقية"، كما هو الحال بالنّسبة إلى الأب والأُمّ عندما يمنعان ولدهما من موقع خوف الأبوَّة والأمومة على حياته من الذَّهاب إلى الأماكن الخطرة.
أمّا الأوامر التنظيريّة التي تتَّصل بعلاقة الابن بالناس وبحياته وبرغباته الخاصَّة، فلا علاقة للأب والأُمّ بها.
بعبارةٍ أخرى ومختصرة: إنَّ علاقة الولد بالأبوين مسألة تتَّصل بالأبوين لا بالولد، ففي الوقت الَّذي يقال للولد اِرعهما، حافظ عليهما، اخفض لهما جناح الذلّ من الرَّحمة، برَّ بهما، أحسن إليهما... لا يفترض أن نقول له: تنكَّر لكلِّ أحلامك ولكلِّ رغباتك ولكلِّ تخطيطاتك في المستقبل لمصلحتهما، بل نقول له: إذا بدأت بالتّفكير استشر أبويك، وإذا طلبا منك شيئاً تشعر بأنْ لا مصلحة لك فيه، حاورهما وناقشهما. وفي المقابل، نقول للآباء والأُمّهات: ناقشوا أولادكم، أقنعوهم.
*من كتاب "دنيا الطّفل".