يحدِّثونك عن علاقة الدّين بالسياسة، وعن ضرورة فصل الدّين عن السياسة..
إنَّنا لا نستطيع أن نفصل السياسة عن الصَّلاة، لأنّها تفرضُ علينا سياسة
إنسانيّتنا وحريّتنا، وحتى الصّوم، نحن نصوم في مفردات الصّوم، لنعرف كيف نصوم عن
كلّ بضائع المستكبرين والصهاينة، ونعرف كيف نصوم عن حاجاتنا الّتي يستغلّها
المستكبرون من أجل أن يفرضوها علينا..
والسياسة ليست هي هذا الاستهلاك الَّذي نعيشه، هذا ليس سياسةً، هذه لعبة، فرقٌ بين
أنْ تلعب وبين أن تسوس؛ أن تسوس النّاس، أنْ تسوس الحياة، أن تتطلَّع إلى كلّ
قضاياها لتعرف كيف تنظِّمها، وكيف ترتِّبها، وكيف تنطلقُ بها من أجل أن تقف في
المواقع التي تُغني الحياة وتغني الإنسانيّة. هذا الَّذي يستعمله النَّاس ليس سياسة،
هذه لعبة سياسيَّة، وليست سياسة وطنيّة أو قوميّة أو إسلاميّة.. هناك فرقٌ بين أن
تلعب، وبين أن تتحرّك في القضايا الكبرى.
لذلك، نحن لا نفصل الدين عن السياسة، أتدرون لماذا؟ لأنَّ السياسة تنطلق من العدل،
والدّين كلّه حركة عدل، ليس في الدّين شيءٌ إلَّا العدل؛ عدلٌ مع الله، عدلٌ مع
النَّفس، وعدلٌ مع الإنسان، وعدلٌ مع الحياة، أتريدون شاهداً من كتاب الله؟ {لَقَدْ
أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ
وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}[الحديد: 25]، كلّ الرسالات، كلّ
الرسل، كلّ الكتب، كلّ البيّنات، هي قضيّة أن يقوم الناس بالقسط، وأن يقوموا بالعدل.
لذلك، نحن مع الإنسان كلّه، حتّى الذي نختلفُ معه في فكرنا، نحن نحمي حريّة الفكر
الآخر، لأنَّ ذلك هو الشّرط لحماية حريّتنا.. لسنا ضدَّ حريّة الآخر.. لذلك، عندما
تكون المسألة مسألة صراع فكريّ، أو مسألة حوار حضاريّ، أو عندما تكون المسألة مسألة
يمكن للإنسان أن يمارس فيها إنسانيَّته، فنحن مع الإنسان كلّه، وربّما نتجاوز كلمة
الاستيعاب إلى كلمة الاحتضان، نحن نحتضن الفكر الآخر والإحساس الآخر، ونحتضن الواقع
الآخر، عندما يحتضنك الآخرون أو تحتضنهم في حركة الواقع وفي حركة الفكر، لكن عندما
يصدمك الآخرون، وعندما يقتلك الآخرون، ويحاصرُك الآخرون، عند ذلك، تحتاجُ المسألة
إلى عمليّة جراحيّة، والعنف هو العمليّة الجراحيّة الّتي لا نلجأ إليها إلَّا إذا
انطلق المرض ليقتل الحياة.
نحن نحبّ الحياة، ولذلك نحن نعمل ضدّ الّذي يقتل الحياة، نحن نحبّ الإنسان، ولذلك
فنحن ضدّ مَنْ يضطهد الإنسان ومَنْ يصادر حريّته، ولذلك نحن ضدّ هذا الواقع الذي
نعيشه في منطقتنا، لأنّه واقع لا مكان للإنسان فيه، ولا حركة لعظمة الحياة فيه،
إنّه الواقع الذي يريد أن يحدِّثنا عن سياسة الأمر الواقع، ونحن نريد أن نحدِّثه عن
حركة الواقع في تغيير الواقع، الأمر الَّذي لا يُسقطنا لأنَّنا نغيِّره، وإنْ لم
نستطع أن نغيّره الآن، فسنغيّره غداً {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ
الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}[آل
عمران: 140]، {إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا
تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ مَا لاَ يَرْجُونَ}[النّساء: 104].
وأخيراً {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ
فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ
الْوَكِيلُ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ
تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}[آل عمران: 173 – 174]. سياسةُ
الخوف من النّاس، سياسة شيطانيّة، وسياسةُ القوّة هي سياسة رحمانيّة، أنا لا أقول
لا تحذروا، ولكن أقول لا تخافوا، الخوف يُسقط إنسانيَّتكم، والحذر يُغني واقعيَّتكم
لتعرفوا كيف تتحرَّكون في الطَّريق.
*من كتاب "للإنسان والحياة".
يحدِّثونك عن علاقة الدّين بالسياسة، وعن ضرورة فصل الدّين عن السياسة..
إنَّنا لا نستطيع أن نفصل السياسة عن الصَّلاة، لأنّها تفرضُ علينا سياسة
إنسانيّتنا وحريّتنا، وحتى الصّوم، نحن نصوم في مفردات الصّوم، لنعرف كيف نصوم عن
كلّ بضائع المستكبرين والصهاينة، ونعرف كيف نصوم عن حاجاتنا الّتي يستغلّها
المستكبرون من أجل أن يفرضوها علينا..
والسياسة ليست هي هذا الاستهلاك الَّذي نعيشه، هذا ليس سياسةً، هذه لعبة، فرقٌ بين
أنْ تلعب وبين أن تسوس؛ أن تسوس النّاس، أنْ تسوس الحياة، أن تتطلَّع إلى كلّ
قضاياها لتعرف كيف تنظِّمها، وكيف ترتِّبها، وكيف تنطلقُ بها من أجل أن تقف في
المواقع التي تُغني الحياة وتغني الإنسانيّة. هذا الَّذي يستعمله النَّاس ليس سياسة،
هذه لعبة سياسيَّة، وليست سياسة وطنيّة أو قوميّة أو إسلاميّة.. هناك فرقٌ بين أن
تلعب، وبين أن تتحرّك في القضايا الكبرى.
لذلك، نحن لا نفصل الدين عن السياسة، أتدرون لماذا؟ لأنَّ السياسة تنطلق من العدل،
والدّين كلّه حركة عدل، ليس في الدّين شيءٌ إلَّا العدل؛ عدلٌ مع الله، عدلٌ مع
النَّفس، وعدلٌ مع الإنسان، وعدلٌ مع الحياة، أتريدون شاهداً من كتاب الله؟ {لَقَدْ
أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ
وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}[الحديد: 25]، كلّ الرسالات، كلّ
الرسل، كلّ الكتب، كلّ البيّنات، هي قضيّة أن يقوم الناس بالقسط، وأن يقوموا بالعدل.
لذلك، نحن مع الإنسان كلّه، حتّى الذي نختلفُ معه في فكرنا، نحن نحمي حريّة الفكر
الآخر، لأنَّ ذلك هو الشّرط لحماية حريّتنا.. لسنا ضدَّ حريّة الآخر.. لذلك، عندما
تكون المسألة مسألة صراع فكريّ، أو مسألة حوار حضاريّ، أو عندما تكون المسألة مسألة
يمكن للإنسان أن يمارس فيها إنسانيَّته، فنحن مع الإنسان كلّه، وربّما نتجاوز كلمة
الاستيعاب إلى كلمة الاحتضان، نحن نحتضن الفكر الآخر والإحساس الآخر، ونحتضن الواقع
الآخر، عندما يحتضنك الآخرون أو تحتضنهم في حركة الواقع وفي حركة الفكر، لكن عندما
يصدمك الآخرون، وعندما يقتلك الآخرون، ويحاصرُك الآخرون، عند ذلك، تحتاجُ المسألة
إلى عمليّة جراحيّة، والعنف هو العمليّة الجراحيّة الّتي لا نلجأ إليها إلَّا إذا
انطلق المرض ليقتل الحياة.
نحن نحبّ الحياة، ولذلك نحن نعمل ضدّ الّذي يقتل الحياة، نحن نحبّ الإنسان، ولذلك
فنحن ضدّ مَنْ يضطهد الإنسان ومَنْ يصادر حريّته، ولذلك نحن ضدّ هذا الواقع الذي
نعيشه في منطقتنا، لأنّه واقع لا مكان للإنسان فيه، ولا حركة لعظمة الحياة فيه،
إنّه الواقع الذي يريد أن يحدِّثنا عن سياسة الأمر الواقع، ونحن نريد أن نحدِّثه عن
حركة الواقع في تغيير الواقع، الأمر الَّذي لا يُسقطنا لأنَّنا نغيِّره، وإنْ لم
نستطع أن نغيّره الآن، فسنغيّره غداً {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ
الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}[آل
عمران: 140]، {إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا
تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ مَا لاَ يَرْجُونَ}[النّساء: 104].
وأخيراً {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ
فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ
الْوَكِيلُ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ
تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}[آل عمران: 173 – 174]. سياسةُ
الخوف من النّاس، سياسة شيطانيّة، وسياسةُ القوّة هي سياسة رحمانيّة، أنا لا أقول
لا تحذروا، ولكن أقول لا تخافوا، الخوف يُسقط إنسانيَّتكم، والحذر يُغني واقعيَّتكم
لتعرفوا كيف تتحرَّكون في الطَّريق.
*من كتاب "للإنسان والحياة".