كتابات
29/11/2021

الحمد تعبير عن معرفة الله وشكره

الحمد تعبير عن معرفة الله وشكره
[يقول الإمام زين العابدين (ع) في دعائه إذا ابتدأ بالدّعاء بالتَّحميد لله عزَّ وجلَّ:]

"والحَمْدُ لله الَّذي لَوْ حَبَسَ عَنْ عبادِهِ مَعْرِفَةَ حَمْدِهِ علَى ما أبْلاهُم مِنْ مِنَنِهِ المُتَتابِعَةِ، وأسْبَغَ علَيْهِمْ مِنْ نِعَمِهِ المُتَظاهِرَةِ، لتَصَرَّفُوا في مِنَنِهِ فَلَمْ يَحْمَدُوهُ، وتوسَّعُوا في رِزْقِهِ فلَمْ يَشْكُروهُ، ولَوْ كانُوا كذَلِكَ، لخَرَجُوا مِنْ حُدُودِ الإنْسانِيَّةِ إلى حدِّ البَهِيمَيَّةِ، فكانُوا كَمَا وصَفَ في مُحْكَمِ كتابه: {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً}"[الفرقان: 44].

للوعي الإنسانيّ وللحمد في وجدان الإنسان، معنى انفتاح الإنسانيّة، في عقلها وروحها وحركتها، على الله الخالق الرّحيم القدير في نعمه الَّتي أنعم بها على عباده، وفي مننه الَّتي منَّ بها عليهم في وجودهم بعد العدم، وفي رعايته للإنسان في كلِّ خصوصيَّاته الصَّغيرة والكبيرة، بما يغني تجربته، ويرفع قدره، ويسهِّل له سبيل الحياة، ويسير به إلى ما فيه هُداه، بحيث تنطلق حركته في الاتجاه الَّذي يتطلَّع فيه دائماً إلى مصدر النِّعمة وصاحب المنَّة، في إحساسٍ بالمحبَّة، وشعورٍ بالامتنان، وتعظيمٍ للمقام، وانفعالٍ متنوّعٍ بكلِّ مواقع الحمد في فيوضاته وعطاءاته في خطِّ النعمة والرّحمة، فيكون الحمد خفقة قلب، ونبضة إحساس، والتفاتة وجدان، وتعبير شكر يرفع الإنسان في مستوى إنسانيّته التي تتأثّر إيجاباً بكلّ وجودها بالخير الَّذي يقدَّم إليها، وبالرَّحمة التي تفيض عليها، وبكلِّ يدٍ للعطاء تمتدُّ إليها برفقٍ ومحبّةٍ وحنان.

إنَّ الإنسانيّة حالة وعي في الوجود، والوعي حركة في ساحة الاعتراف بالواقع الَّذي يفرض تحريكه نحو الأفق الَّذي يعيش الغنى في الرّوح، والانفتاح في الوجدان.

وهو هبةٌ من الله، فلولا إرادته في إعطاء الإنسان عقلاً وروحاً وإحساساً بالوجود من حوله، وبالأهميَّة في سرّها، لما استطاع أن يتفاعل مع الكون والحياة، أو ينفتح على الله في نعمه ومننه، ولعاشَ في عزلةٍ خانقةٍ في داخل الذّات، مفصولةٍ عن العالم في كلّ قضاياه المتّصلة به وبالآخرين.

ومن خلال ذلك، عرف الله في آلائه ونعمه ومننه وحمده، فكان الحمد تعبيراً عن معرفة الله وشكره، وكان الشّكر اعترافاً بالجميل، وامتناناً لنعمه عليه، ولولا ذلك، لما كان لديه وعي الحمد، وشعور الشّكر، فيتقلّب في نعم الله من دون حمدٍ ولا شكرٍ، ما يجعله بعيداً من عمق الإحساس بالإنسانيّة التي تفرض على الإنسان أن يحمد ربّه بما يستحقّه من الحمد، وأن يشكره على ما أولاه من النعم التي تستحقّ الشّكر، وقريباً من البهيميّة التي لا تتفاعل مع الأجواء المحيطة بها في الوعي المنفتح على المعاني الكبيرة، بل ربما كان أضلّ منها، لأنّها تتحرك بغريزتها في إدراكاتها الجزئية، فلا تملك عقلاً تتفاعل به مع الآخرين، بينما يملك الإنسان العقل الذي يعرّفه طبيعة علاقاته بالخالق والمخلوق، فإذا لم ينطلق مع خطِّ المعرفة، كان أضلّ من البهائم في طبيعة الفعل وردّ الفعل.

*من كتاب "آفاق الرّوح"، ج 1.

[يقول الإمام زين العابدين (ع) في دعائه إذا ابتدأ بالدّعاء بالتَّحميد لله عزَّ وجلَّ:]

"والحَمْدُ لله الَّذي لَوْ حَبَسَ عَنْ عبادِهِ مَعْرِفَةَ حَمْدِهِ علَى ما أبْلاهُم مِنْ مِنَنِهِ المُتَتابِعَةِ، وأسْبَغَ علَيْهِمْ مِنْ نِعَمِهِ المُتَظاهِرَةِ، لتَصَرَّفُوا في مِنَنِهِ فَلَمْ يَحْمَدُوهُ، وتوسَّعُوا في رِزْقِهِ فلَمْ يَشْكُروهُ، ولَوْ كانُوا كذَلِكَ، لخَرَجُوا مِنْ حُدُودِ الإنْسانِيَّةِ إلى حدِّ البَهِيمَيَّةِ، فكانُوا كَمَا وصَفَ في مُحْكَمِ كتابه: {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً}"[الفرقان: 44].

للوعي الإنسانيّ وللحمد في وجدان الإنسان، معنى انفتاح الإنسانيّة، في عقلها وروحها وحركتها، على الله الخالق الرّحيم القدير في نعمه الَّتي أنعم بها على عباده، وفي مننه الَّتي منَّ بها عليهم في وجودهم بعد العدم، وفي رعايته للإنسان في كلِّ خصوصيَّاته الصَّغيرة والكبيرة، بما يغني تجربته، ويرفع قدره، ويسهِّل له سبيل الحياة، ويسير به إلى ما فيه هُداه، بحيث تنطلق حركته في الاتجاه الَّذي يتطلَّع فيه دائماً إلى مصدر النِّعمة وصاحب المنَّة، في إحساسٍ بالمحبَّة، وشعورٍ بالامتنان، وتعظيمٍ للمقام، وانفعالٍ متنوّعٍ بكلِّ مواقع الحمد في فيوضاته وعطاءاته في خطِّ النعمة والرّحمة، فيكون الحمد خفقة قلب، ونبضة إحساس، والتفاتة وجدان، وتعبير شكر يرفع الإنسان في مستوى إنسانيّته التي تتأثّر إيجاباً بكلّ وجودها بالخير الَّذي يقدَّم إليها، وبالرَّحمة التي تفيض عليها، وبكلِّ يدٍ للعطاء تمتدُّ إليها برفقٍ ومحبّةٍ وحنان.

إنَّ الإنسانيّة حالة وعي في الوجود، والوعي حركة في ساحة الاعتراف بالواقع الَّذي يفرض تحريكه نحو الأفق الَّذي يعيش الغنى في الرّوح، والانفتاح في الوجدان.

وهو هبةٌ من الله، فلولا إرادته في إعطاء الإنسان عقلاً وروحاً وإحساساً بالوجود من حوله، وبالأهميَّة في سرّها، لما استطاع أن يتفاعل مع الكون والحياة، أو ينفتح على الله في نعمه ومننه، ولعاشَ في عزلةٍ خانقةٍ في داخل الذّات، مفصولةٍ عن العالم في كلّ قضاياه المتّصلة به وبالآخرين.

ومن خلال ذلك، عرف الله في آلائه ونعمه ومننه وحمده، فكان الحمد تعبيراً عن معرفة الله وشكره، وكان الشّكر اعترافاً بالجميل، وامتناناً لنعمه عليه، ولولا ذلك، لما كان لديه وعي الحمد، وشعور الشّكر، فيتقلّب في نعم الله من دون حمدٍ ولا شكرٍ، ما يجعله بعيداً من عمق الإحساس بالإنسانيّة التي تفرض على الإنسان أن يحمد ربّه بما يستحقّه من الحمد، وأن يشكره على ما أولاه من النعم التي تستحقّ الشّكر، وقريباً من البهيميّة التي لا تتفاعل مع الأجواء المحيطة بها في الوعي المنفتح على المعاني الكبيرة، بل ربما كان أضلّ منها، لأنّها تتحرك بغريزتها في إدراكاتها الجزئية، فلا تملك عقلاً تتفاعل به مع الآخرين، بينما يملك الإنسان العقل الذي يعرّفه طبيعة علاقاته بالخالق والمخلوق، فإذا لم ينطلق مع خطِّ المعرفة، كان أضلّ من البهائم في طبيعة الفعل وردّ الفعل.

*من كتاب "آفاق الرّوح"، ج 1.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية