[إذا كان من يسأل أين نحن في هذا العالم؟] فأنا لا أخاف من أيّ تطوّر في
الثّقافة والفكر أو في نهج الحياة، ولا أشعر بالإحباط أمام تيارات جريئة تواجه ما
لدينا من قيم وخطوط فكريّة ومنهج حياة، لأنّ أيّ صاحب فكر، عندما يدخل ساحة الصّراع،
لا بدّ من أن يكون مستعداً للتسلّح بالسّلاح الثّقافي العقلانيّ الموضوعيّ في ما
يملك من فكرٍ وخطّ ومنهجٍ، بحيث يعيد النّظر حتى في مسلّماته، ليكتشف نقاط الضّعف
فيها كما نقاط القوّة، لأنّ كثيراً مما يُعتبر في الفكر عامّة ـ ومنه الفكر الدّيني
ـ من المسلّمات، قد لا يكون ممثّلاً للبديهيات، بل ربّما تنطلق صفة المسلّمات من
خلال هذا النوع من أنواع السير التاريخي الذي يُقلِّد فيه جيلٌ جيلاً آخر، حتى يكاد
يتصوّر أنّ هذا هو الحقيقة! وكم من مسلّمات كانت تؤمن بها المجتمعات التاريخية
أصبحت أخطاءً!
لذلك، علينا ألّا نُصاب بالإحباط، بل أن نعيد النظر في ما عندنا لنوثّقه ونؤكّده،
ولنصلِّب مواقفنا من خلال الالتزام به، مع إعطاء أنفسنا فرصةً لأن نستمع إلى الآخر،
فربّما نكتشف أنّ هذا التطوّر في الجانب الثّقافي أو المنهج، يمثّل حقيقةً أخطأنا
فهمها، وربما أيضاً نكتشف الكثير من نقاط الضّعف.
إنّنا نعتبر أنفسنا في كل مراحل الواقع المثقل بالأفكار وبالثّقافات وخطوط الحياة،
جزءاً من هذا الصّراع، وقد كنت أتحدّث أنّ على الإنسان الذي يدخل في ساحة الصّراع
أن يعيش حسّ المعاصرة، بمعنى أن يفهم العصر في كلّ تقلّباته وتطوّراته وغير ذلك.
ونحن نستوحي هذا من الحديث الشريف عن الرسول (ص): "إنَّا معاشر الأنبياء أُمِرنا أن
نكلِّم النّاس على قدر عقولهم"، أن نكتشف عقول الآخرين، ونحاول أن ندخل إلى هذا
العقل لنعرف أبعاده وعمقه، ونوجّه أفكار ما نحمل من عقلٍ إلى العقل الآخر، المهمّ
ألّا نسقط أمام الضَّعف الذي قد يحكم الآليّات والوسائل التي يمكن أن تخدم هذا
الفكر أو ذاك.
إني لا أخشى من أيّ تطوّر، بل أعتبر أنَّ التطوّر الثقافي يفتح لي، حتّى في ثقافتي
الخاصّة وفي انتمائي، يفتح آفاقاً أخرى يمكن أن أطلق فيها التفكير في توسعة ما أؤمن
به وأفكّر فيه، بطريقة قد أغتني بها في الفكر الآخر...
*من كتاب "عن سنوات ومواقف وشخصيّات".
[إذا كان من يسأل أين نحن في هذا العالم؟] فأنا لا أخاف من أيّ تطوّر في
الثّقافة والفكر أو في نهج الحياة، ولا أشعر بالإحباط أمام تيارات جريئة تواجه ما
لدينا من قيم وخطوط فكريّة ومنهج حياة، لأنّ أيّ صاحب فكر، عندما يدخل ساحة الصّراع،
لا بدّ من أن يكون مستعداً للتسلّح بالسّلاح الثّقافي العقلانيّ الموضوعيّ في ما
يملك من فكرٍ وخطّ ومنهجٍ، بحيث يعيد النّظر حتى في مسلّماته، ليكتشف نقاط الضّعف
فيها كما نقاط القوّة، لأنّ كثيراً مما يُعتبر في الفكر عامّة ـ ومنه الفكر الدّيني
ـ من المسلّمات، قد لا يكون ممثّلاً للبديهيات، بل ربّما تنطلق صفة المسلّمات من
خلال هذا النوع من أنواع السير التاريخي الذي يُقلِّد فيه جيلٌ جيلاً آخر، حتى يكاد
يتصوّر أنّ هذا هو الحقيقة! وكم من مسلّمات كانت تؤمن بها المجتمعات التاريخية
أصبحت أخطاءً!
لذلك، علينا ألّا نُصاب بالإحباط، بل أن نعيد النظر في ما عندنا لنوثّقه ونؤكّده،
ولنصلِّب مواقفنا من خلال الالتزام به، مع إعطاء أنفسنا فرصةً لأن نستمع إلى الآخر،
فربّما نكتشف أنّ هذا التطوّر في الجانب الثّقافي أو المنهج، يمثّل حقيقةً أخطأنا
فهمها، وربما أيضاً نكتشف الكثير من نقاط الضّعف.
إنّنا نعتبر أنفسنا في كل مراحل الواقع المثقل بالأفكار وبالثّقافات وخطوط الحياة،
جزءاً من هذا الصّراع، وقد كنت أتحدّث أنّ على الإنسان الذي يدخل في ساحة الصّراع
أن يعيش حسّ المعاصرة، بمعنى أن يفهم العصر في كلّ تقلّباته وتطوّراته وغير ذلك.
ونحن نستوحي هذا من الحديث الشريف عن الرسول (ص): "إنَّا معاشر الأنبياء أُمِرنا أن
نكلِّم النّاس على قدر عقولهم"، أن نكتشف عقول الآخرين، ونحاول أن ندخل إلى هذا
العقل لنعرف أبعاده وعمقه، ونوجّه أفكار ما نحمل من عقلٍ إلى العقل الآخر، المهمّ
ألّا نسقط أمام الضَّعف الذي قد يحكم الآليّات والوسائل التي يمكن أن تخدم هذا
الفكر أو ذاك.
إني لا أخشى من أيّ تطوّر، بل أعتبر أنَّ التطوّر الثقافي يفتح لي، حتّى في ثقافتي
الخاصّة وفي انتمائي، يفتح آفاقاً أخرى يمكن أن أطلق فيها التفكير في توسعة ما أؤمن
به وأفكّر فيه، بطريقة قد أغتني بها في الفكر الآخر...
*من كتاب "عن سنوات ومواقف وشخصيّات".