في ذكرى المرجع السيّد فضل الله: شغف الواقع لحكمته

في ذكرى المرجع السيّد فضل الله: شغف الواقع لحكمته
عندما يرتحل الكبار، يتركون جروحاً عميقة لا تندمل في ذاكرة الفرد والجماعة، الّتي تفتقد اليوم رموزاً من أوزان قويّة، تعيد ضبطها، وتثبّت حركتها، في ظلّ أوضاع معقّدة، عنوانها الفوضى في الشّعارات والعناوين، واغتراب يعيشه الواقع بعيداً عن روح مفاهيمه الأصيلة.

في وقت تكثر الخطابات، وما أكثرها من هنا وهناك! بات المرء في حيرة من أمره إزاءها. والرموز الكبيرة الدينية والفكرية، من العوامل الأساسية المحفّزة لهذه الذاكرة، والمنشّطة لها بخطابها وأسلوبها وسيرتها التي تجسّدت واقعاً حيّاً. من هذه الرموز، المرجع الراحل السيّد محمد حسين فضل الله، الّذي كان بعلمه واجتهاده وحركته وسلوكه وعطاءاته المتنوّعة، من المصلحين الواعين بدقّة لما يريده المجتمع، وما هي حاجاته، فانطلق من فهمه المبدع للدّين على أساس أنّ "الدّين مفتاح الواقع"، بمعنى أن لا فصل بين الدّين والواقع، فكلّما كنت أكثر وعياً وحكمةً في تنظيم علاقاتك مع الحياة والإنسان، على قاعدة التّسامح وفهم الآخر وتقبّله، كنت ديّناً.

وفي مجتمع كالّذي نعيش فيه، أتقن السيّد فضل الله قراءته بكلّ خطواته ومكوّناته، وقدّم توضيحاً دقيقاً للأمور، ولم يكن طرفاً في هذه الخطوط. فهو بمقدرته، استطاع الخروج فعلياً عن دائرة التعبير عن التوصيف الطائفي المذهبي الضيّق والمختنق (كمرجع إسلامي شيعيّ)، بل أبت إبداعاته إلا أن تحلّق في فضاء الهوية الإسلامية الجامعة والمبدعة، التي لا تعرف حقداً ولا تحاملاً ولا حدوداً مذهبيّة قاتلة لروح الإسلام، بل صدقاً وشفافية في تلمّس غايات الدين الإنسانية والروحية والاجتماعية، كصورة تعكس التعبير الأعلى عن الكرامة لجهة العقل المبدع الثائر على صناديق المذهبية المقفلة، في سعيه للإنتاج وتفسير كتاب الدين والحياة.

ولا يتأتّى لأيّ أحد الانطلاق بجرأة وشجاعة في هذا الفضاء إذا لم يكن محلّقاً، لا يتقيّد بما تفرضه إغراءات الواقع وتحدّياته. إنَّه الإنسان المحلّق الّذي لا يشدّه العقل الجمعي المريض، فذلك ما يتعارض مع كرامته العليا، أي العقل. فعقل السيد فضل الله حاول وضع العقل الجمعي أمام ما وصل إليه جهده واجتهاده، ليمسك هذا العقل زمام المبادرة، وينطلق في مسيرة الترميم والإصلاح، وهذه وظيفة الكبار من المبدعين، عندما يصبرون ويضحّون من أجل الناس، كلّ الناس، حتى لو كانوا أعداءهم، ومن أجل الحياة، بإغنائها في كلّ المجالات بلا حسابات هنا أو هناك.

في ذكرى رحيل السيد فضل الله، كم نحن بحاجة إلى حضوره في خطابه الدّافئ والثائر، وكم تحتاج ذاكرتنا الجمعيّة إلى حوافز ومنشّطات من إيحاءاته وإشراقاته الروحيّة والفكريّة والبعيدة والمستشرفة. فعندما يرحل الكبار، لا بدّ لكلامهم وآثارهم من أن تحفظ، بالانفتاح عليها والتفاعل معها، وإلا نكون الخائنين لأنفسنا وواقعنا، عندما نمرّ مرور الكرام على ما أنتجه هؤلاء الكبار، فهم ذاكرة الأمّة النظيفة، والأمّة اليوم تحتاج إلى نظافة العقل، ونظافة الفكر، ونظافة الشّعور على الصّعد كافّة.

عندما يرتحل الكبار، يتركون جروحاً عميقة لا تندمل في ذاكرة الفرد والجماعة، الّتي تفتقد اليوم رموزاً من أوزان قويّة، تعيد ضبطها، وتثبّت حركتها، في ظلّ أوضاع معقّدة، عنوانها الفوضى في الشّعارات والعناوين، واغتراب يعيشه الواقع بعيداً عن روح مفاهيمه الأصيلة.

في وقت تكثر الخطابات، وما أكثرها من هنا وهناك! بات المرء في حيرة من أمره إزاءها. والرموز الكبيرة الدينية والفكرية، من العوامل الأساسية المحفّزة لهذه الذاكرة، والمنشّطة لها بخطابها وأسلوبها وسيرتها التي تجسّدت واقعاً حيّاً. من هذه الرموز، المرجع الراحل السيّد محمد حسين فضل الله، الّذي كان بعلمه واجتهاده وحركته وسلوكه وعطاءاته المتنوّعة، من المصلحين الواعين بدقّة لما يريده المجتمع، وما هي حاجاته، فانطلق من فهمه المبدع للدّين على أساس أنّ "الدّين مفتاح الواقع"، بمعنى أن لا فصل بين الدّين والواقع، فكلّما كنت أكثر وعياً وحكمةً في تنظيم علاقاتك مع الحياة والإنسان، على قاعدة التّسامح وفهم الآخر وتقبّله، كنت ديّناً.

وفي مجتمع كالّذي نعيش فيه، أتقن السيّد فضل الله قراءته بكلّ خطواته ومكوّناته، وقدّم توضيحاً دقيقاً للأمور، ولم يكن طرفاً في هذه الخطوط. فهو بمقدرته، استطاع الخروج فعلياً عن دائرة التعبير عن التوصيف الطائفي المذهبي الضيّق والمختنق (كمرجع إسلامي شيعيّ)، بل أبت إبداعاته إلا أن تحلّق في فضاء الهوية الإسلامية الجامعة والمبدعة، التي لا تعرف حقداً ولا تحاملاً ولا حدوداً مذهبيّة قاتلة لروح الإسلام، بل صدقاً وشفافية في تلمّس غايات الدين الإنسانية والروحية والاجتماعية، كصورة تعكس التعبير الأعلى عن الكرامة لجهة العقل المبدع الثائر على صناديق المذهبية المقفلة، في سعيه للإنتاج وتفسير كتاب الدين والحياة.

ولا يتأتّى لأيّ أحد الانطلاق بجرأة وشجاعة في هذا الفضاء إذا لم يكن محلّقاً، لا يتقيّد بما تفرضه إغراءات الواقع وتحدّياته. إنَّه الإنسان المحلّق الّذي لا يشدّه العقل الجمعي المريض، فذلك ما يتعارض مع كرامته العليا، أي العقل. فعقل السيد فضل الله حاول وضع العقل الجمعي أمام ما وصل إليه جهده واجتهاده، ليمسك هذا العقل زمام المبادرة، وينطلق في مسيرة الترميم والإصلاح، وهذه وظيفة الكبار من المبدعين، عندما يصبرون ويضحّون من أجل الناس، كلّ الناس، حتى لو كانوا أعداءهم، ومن أجل الحياة، بإغنائها في كلّ المجالات بلا حسابات هنا أو هناك.

في ذكرى رحيل السيد فضل الله، كم نحن بحاجة إلى حضوره في خطابه الدّافئ والثائر، وكم تحتاج ذاكرتنا الجمعيّة إلى حوافز ومنشّطات من إيحاءاته وإشراقاته الروحيّة والفكريّة والبعيدة والمستشرفة. فعندما يرحل الكبار، لا بدّ لكلامهم وآثارهم من أن تحفظ، بالانفتاح عليها والتفاعل معها، وإلا نكون الخائنين لأنفسنا وواقعنا، عندما نمرّ مرور الكرام على ما أنتجه هؤلاء الكبار، فهم ذاكرة الأمّة النظيفة، والأمّة اليوم تحتاج إلى نظافة العقل، ونظافة الفكر، ونظافة الشّعور على الصّعد كافّة.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية