الرّجعة ليست (عقيدة) بالمعنى المصطلح، بل هي فكرة وردت في عدد من الرّوايات، ومؤدّاها ما يلي: أنّه سيخرج قوم من قبورهم في آخر الزَّمان، منهم المؤمن ومنهم الكافر، وذلك في أجواء ظهور الإمام الحجّة المهدي (عج)، ويتقاتلون من جديد، وينتصر الإيمان وينهزم الباطل.
ونحن لا نوافق على هذه الرّوايات لجهة السّند ولجهة المضمون، ولا نعتقد بالرّجعة بالنحو الذي ذكر، وهي عقيدة لا يخرج عن الإسلام ولا عن التشيّع من لم يؤمن بها، وذلك رغم إيماننا بقدرة الله تعالى على إحياء الموتى بالنّحو الذي ورد في القرآن الكريم، فإنّ هذه الرّجعة هي أمر آخر.
فالرجعة ثابتة إجمالاً من خلال الأخبار المستفيضة، ولكن في تحديد المراد منها اضطراب في متن الروايات، ما لا يجعل وثوقاً بالنّسبة إلى معنى رجوع أشخاص معيَّنين. أمَّا معنى رجوع دولة الحقّ وحكمه فهو قريب، من خلال ظهور الإمام الحجّة (عج) بعد غيبته، وقيام القسط والعدل بعد الظّلم والجور.
ذلك أنّ الأخبار الواردة في الرّجعة، وأنها رجعة أشخاص، مضطربة، ما يجعل من الرّجعة أمراً ثابتاً بالإجمال، مع عدم استفادة رجعة الأشخاص على نحو التَّحديد، فيحتمل إرادة رجعة الحقّ ودولته.
والشريف المرتضى ذكر أنَّ من أصحابنا من تأوّل الرّجعة على أنّ معناها رجوع الدّولة والأمر والنّهي، من دون رجوع الأشخاص وإحياء الأموات، وهو وإن لم يوافق على هذا الرأي، لكنّه قال إنّ الرّجعة لم تثبت بظواهر الأخبار المنقولة.. وإنما المعوَّل في إثباتها على إجماع الإماميّة على معناها.. لكنّ هذا الإجماع يحتمل جدّاً كون المستند له الأخبار، فهو مدركي، فيرجع الكلام إلى نقاش الأخبار الواردة.
ومن الأخبار: عن الرّضا (ع)، قال رسول الله (ص): "إنّ الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً، فطوبى للغرباء". فقيل: يا رسول الله، ثم يكون ماذا؟ قال: "ثم يرجع الحقّ إلى أهله".
*المصدر: استفتاءات- عقائد.