أصول الاجتهاد الكلاميّ

أصول الاجتهاد الكلاميّ

لا يمكن للإنسان البصير، وهو يرى العالم الإسلاميَّ يحترق ويلتهب، وينظر إلى الفتن تتنقل من بلدٍ إسلاميّ إلى آخر، ويرى المسلمين مشتّتين إلى مذاهب وأحزاب، يتناحرون ويتقاتلون ويتذابحون ويبيعون نساءهم وأولادهم... لا يستطيع هذا الإنسان أن يمنع قلبه من الاحتراق أسفاً وحزناً، ولا يملك إلا أن ينطلق لسانه بالتَّساؤل: لماذا؟ لماذا يختلف المسلمون؟ ولماذا يجعلهم الاختلاف يتقاتلون؟ لماذا لا تمنعهم عقيدتهم من المتاجرة بالنّساء والأطفال؟ لماذا لا يمنعهم توحيدهم من تفخيخ الأبرياء؟ لماذا لم يردعهم إيمانهم بالنبوَّة عن تفجير المساجد؟ لماذا لم ينذرهم اعتقادهم بالمعاد بأنَّ ما يفعلونه سيُحاسَبون عليه؟ لماذا تعطَّلت عقلوهم؟ لماذا ماتت قلوبهم؟ لماذا؟ لماذا؟

صحيح أنَّ ثمة مشكلةً كبيرةً ومأزقاً متفاقماً في إنسانيَّة الإنسان في العالم أجمع، ولكن لا يمكن أن نغضّ البصر، ونرفع المسؤوليَّة عن علم الكلام الإسلاميّ (علم العقيدة)، فهذا العلم الَّذي من وظيفته أن يصوِّب فكر الإنسان المسلم، وينير سلوكه، ويهدي دربه، ويضبط حركته في الحياة، هو الآن معطَّل، لم يعد يؤثّر، ولم يعد ينتج.

هذه العقيدة الّتي فتح بها المسلمون الأوائل كلَّ العالم، ووجد فيها الملايين من النّاس نور الحياة وأمل الإنسان، هي الآن غير صالحة لقيادة الحياة، هي الآن عاقر، لا تنجب. ما هو الحلّ؟ كيف يمكن إعادة إحيائها؟

الجواب هو عند العلامة الشّيخ حسين الخشن، والَّذي أجاب عن هذه المشكلة، واقترح حلًا عِلميَّا، ما إن يبدأ العمل به، حتى يُرخي ظلَّه على السّلوك العمليّ للمسلمين.

ما هو الحلّ؟ الحلّ عند العلاّمة الخشن هو إنشاء علم جديد؛ علمٍ يعيد دراسة أسس العقيدة، ويعيد بناءها على قواعد متينة؛ علمٍ يفتح باب الاجتهاد الكلاميّ، ليُعاد النَّظر في كلّ البناء العقائديّ الذي تمَّ بناؤه على مرّ الزّمن؛ علم جديد يسمح للعقل بأن يقوم من كبوته وسجنه، لينطلق حرًّا في فضاء الفكر، ويُسمَح له ليبحث ويناقش في كلِّ النّتائج التي توصَّل إليها علماء الكلام القدامى. تحتاج العقيدة إلى "إعادة النَّظر في نسق التفكير الكلاميّ الّذي أنتج هذه السّلبيّات، والانهماك في إعادة توظيف المقولات الكلاميّة في سياقها الطبيعيّ الّذي يعيد جسر التّواصل بين العقيدة والإيمان الفاعل"[1].

ومن هنا، قام سماحة الشَّيخ بهذه الخطوة السبّاقة والجريئة، وهي "دعوة إلى ضرورة إطلاق علمٍ رديفٍ لعلم الكلام، نصطلح على تسميته بـ "علم أصول الكلام". ومهمّة هذا العلم الّذي نقترحه، هي تأصيل قواعد الاستنباط الكلاميّ، فيما يتكفَّل "علم الكلام" بالنهوض بأعباء الممارسة الاجتهاديّة، لإثبات العقائد التفصيليّة طبقًا لتلك الأدلّة[2]".

الحلّ موجود في كتاب يقارب الخمسمائة صفحة، من الحجم الطّبيعيّ A4، مؤلَّف من بابين رئيسين، وكلّ بابٍ يحتوي على عدَّة فصول، وكلّ فصلٍ يحوي أبحاثًا شيِّقة ومثيرة. ومن المهمّ الإشارة إلى أنَّ هذا الكتاب، قُدِّم كرّسالة جامعيَّة نال الكاتب على أثرها الدّكتوراه بدرجة جيّد جدّاً.

جولة في الكتاب..

يبدأ الكاتب من نقطة الصّفر، ويضع يده على الجرح النَّازف، ليسلِّط الضَّوء على الجمود الّذي أصاب علم الكلام الإسلاميّ[3]، فإنَّ "الَّذي أعاق حركة الاجتهاد الكلاميّ، هو السَّبب عينه الَّذي أعاق حركة الاجتهاد والإبداع عمومًا، وليس ذلك إلا الشَّلل الّذي أصاب الأمَّة في عقلها وإرادتها.."[4]. ثم قام الكاتب بالدَّعوة إلى فتح باب الاجتهاد في علم الكلام؛ فالاجتهاد أمر لا بدَّ منه، ولا بدَّ من إزالة الهواجس والخوف من بعض المسلمين الَّذين يتهيَّبون الاجتهاد في العقيدة، لأنَّ "الدَّعوة إلى فتح باب الاجتهاد الكلاميّ مستنكَرة لدى البعض، لأنَّه ينافي ثباتها وديمومتها، والصَّحيح أنَّ الاجتهاد الكلاميَّ لا يتنافى والثّبات المفترض في العقائد".

ثم يأخذ الكاتب بيد القارئ ليريه عن قرب طغيان المنحى الفقهيّ، والقطيعة بين المذاهب على صعيد علم الكلام، ليصطدم القارئ بتقديس غير المقدَّس. نعم، "إنَّ حالة الركود الَّتي أنتجها مناخ التّقليد المذكور، كانت له تداعيات كبيرة وخطيرة، ليس على واقع الأمَّة التي أصابها التمزّق، وفتكت بها العصبيَّة المذهبيَّة فحسب، كما أسلفنا، بل على العقليَّة الإسلاميَّة أيضاً الّتي تمت محاصرتها، ووضع إطار مرجعيّ لها مستولد من عصر التّقليد المذكور، هذا العصر الَّذي جرى تقديسه بطريقةٍ منقطعة النّظير..."[5].

وتقديس غير المقدَّس له أسبابه العديدة، منها: ذهنيَّة القداسة، الركود والجهل العلميّ، التمسّك بالأفكار الّتي تقدِّس السَّلف، والأخطر، هو ما أفصح عنه الكاتب، معتبرًا السَّبب الَّذي "ساهم ويساهم في صناعة المقدَّس وتشكّله، هو انشداد الأمّة، ولا سيّما الأمّة المهزومة أو الضّعيفة، إلى الماضي وأمجاده، وهي حالة لا شعوريَّة تسيطر على المهزوم"[6].

ثم يذهب الكاتب بالقارئ إلى ساحة الحياة، ليؤكِّد حاجة الإنسان إلى العقيدة والإيمان، لأنّه "يجعل الله حاضرًا في عقل الإنسان وقلبه وروحه وكلِّ خطواته، والإيمان بهذا المعنى الرَّحب هو إيمان مثمر وفاعل، ومن الطّبيعيّ أن يمنح الإنسانيَّة الأمان والاطمئنان والاستقرار على شتّى المستويات"[7]، وتزداد أهميَّة إعادة تفعيل دور العقيدة بعد أن طغت صبغة الغيبيَّة والتّجريديَّة عليه، وكانت سببًا "في ابتعاد علم الكلام عن حياة الفرد المسلم وهمومه، وهو أنَّ هذا العلم بوضعيَّته التاريخيَّة الَّتي أقصت العقل عن دوره الفاعل والمحرّك والمنتج.."[8].

ولأنَّ الخطاب التَّبليغيّ الدّينيّ هو جزء مهمّ من تبيان العقيدة، وجَّه الكاتب القارئ إلى نبع الصّفاء وخلاصة الخطاب، إلى القرآن الكريم، ناقلًا بكلِّ أمانة وصيَّة الفخر الرّازي: "لقد اختبرت الطّرق الكلاميّة والمناهج الفلسفيّة، فلم أجدها تروي غليلًا، ولا تشفي عليلًا، ورأيت أقرب الطّرق طريقة القرآن"[9].

وبعد جولةٍ على خصائص الخطاب القرآني ومزاياه، مقارنةً بالخطاب الكلاميّ، يجد القارئ نفسه أمام عنوانٍ مثير لطالما شغل لبَّه وعقله، وهو العلاقة بين الدِّين والسِّياسة، تحت عنوان "فضّ الاشتباك بين العقديّ والسياسيّ"، وهكذا يكون الكاتب قد كشف عن مكمن الجرح الدّاخلي في جسم الأمّة، فـ"إنَّ تأثير السياسة ودورها بادٍ في الكثير من المفاهيم الاعتقاديَّة، من قبيل: عقيدة الجبر، وفكرة الإرجاء، ومفهوم الاعتزال، إلى غير ذلك"[10].

ثمَّ ينهي الكاتب الفصل الأوَّل بالبحث عن حقيقة التَّقليد، وأنَّ الاعتقاد مسؤوليَّة شخصيَّة لا يجوز فيها التقليد؛ لذا قام بالدعوة إلى حركة تخصّصية واسعة في مجال العقيدة، لأنَّ هذه الحركة ستقود "إلى تشكيل مرجعيّات عقائديّة على غرار المرجعيّات الفقهيّة.. فإنَّ وجود مرجعية في كلّ حقل من الحقول العلميّة والمعرفيّة، إضافةً إلى أنّه يحدّ من ظاهرة الفوضى والتطفّل وانتحال الصّفة الّذي يصاحب الكثير من العلوم، ولا سيَّما العلوم الدينيّة، فإنّه قد يسهم، ليس في تنشيط عمليّة الاجتهاد العقائديّ وتأصيل قواعده فحسب، بل في رفد الحركة الاجتهاديّة ودعمها معنويًا وماديًا"[11].

 أمّا في الفصل الثّاني، فيبدأ الكاتب بالغوص شيئًا فشيئًا، مقترحًا منهجًا تكامليَّا تعدّديًّا مؤلّفًا من البرهان والبيان والعرفان، والكاتب ليس بدعًا من العلماء، بل إنَّ الطّرق الثّلاث مجتمعة كان يعتمدها كلّ من الملا صدرا الشّيرازي، والقاضي سعيد القمي، والآخوند الملا علي النوري، وغيرهم. ولكن للكاتب حبّه الخاصّ للعقل، تميّز به عن غيره، والذي تجلّى في جعل العقل المرجع في حال ظهر أيّ تعارض بين المناهج؛ لأنَّ "العقل عند عليّ(ع) هو ميزان القلب وإمامه، كما أنّه إمام في تفسير مطلق النّصّ، ومصفاة حقيقيَّة تتمّ في ضوئها غربلة تراثنا الحديثي تحديداً"[12].

ثمَّ يأخذ الكاتب بنَفَس القارئ، في جولةٍ عميقة تحت بحار العقيدة، ويريه معايير التصنيفات الشّائعة، من أصول وفروع، والفارق بين علمي العقيدة والفقه، والخلط الّذي حصل عبر التّاريخ، وصولًا إلى نشأة مفهوم الضّروريّ، وما تخبّط به بعض المسلمين في إطلاق ضرورات لا أصل لها!

أمّا وجوب الاعتقاد، وهل يكفي الاعتقاد الإجمالي أو لا بدَّ من أن يعتقد المسلم اعتقادًا تفصيليًّا؟ وما هي موارده؟ كلّ هذه الأسئلة يجيب عنها الكاتب بشكلٍ منهجيٍّ وعذب، لن يجد القارئ فيه غموضًا أو تشويشًا.

وبعد هذا الغوص في غمار العقيدة، يلفت الكاتب نظر القارئ إلى أمرٍ أساسيّ، وهو اليقين. فما هو دور اليقين؟ وما المراد منه؟ وكيف نحصِّله؟ وماذا عن الاطمئنان؟ وما هو حال الكفَّار المتيقّنين بكفرهم؟

والجواب عن هذه الأسئلة لا يقلّ أهميّة وتشويقًا عن الجواب عن أسئلة أخرى، وأعني بها السّؤال عن دور اللّغة في بناء العقيدة، فاللّغة واسعة، وتشمل التّأويل والباطن، ومبدأ الرمزيّة، ليأخذ الكاتب القارئ في جولة، يقحمه فيها في خنادق الباطن ومعانيها، والنظريات المطروحة فيها، لينكشف عند القارئ، بكلّ وضوح وصفاء، حقيقة معنى الباطن والتّأويل ومبدأ الرمزيّة.

هذا كلّه في الباب الأوّل، أمّا الباب الثّاني، فسيجد القارئ نفسه فيه واقفًا أمام أعمدة الفكر الّتي شُيِّد عليها علم الكلام والعقيدة الإسلاميَّة. وأوَّل ما يظهر للقارئ هو العقل؛ هذا الأساس الّذي يعتبره الكاتب من أهمّ الأسس التي تُبنى عليه العقيدة وأمتنها؛ فليس عجبًا أن يشعر القارئ بفروسيّة الكاتب في هذا الميدان، فهو ينطلق من موقعيّة العقل في التّجربة الدّينيّة، ليصل إلى دور العقل في إنتاج المعرفة الدينيَّة، مفنّدًا أحاديث تروى، كـ "دين الله لا يُصاب بالعقول"، وغيرها من أمثالها. وهكذا، وبخطواتٍ ثابتة، يثبت الكاتب حجّيّة العقل، ليجعل القارئ شاهدًا على التَّكامل بين النصّ والعقل.

وإلى الأساس الثّاني، يأخذ الكاتب بيد القارئ، ليجد نفسه في ساحة الوحي والقرآن والسنَّة الشّريفة، مسجِّلًا صرخةً مدويّةً تستغرب مما فعله البعض من تسامحٍ في أخبار العقائد، وذلك "عندما يتمّ الاستناد إلى روايات ضعيفة السّند أو مرسلة في إثبات بعض المطالب الاعتقاديّة.."[13]!! ولكنّ الكاتب لن يترك الاستغراب دون وضع النّقاط على الحروف، وتشييد المعايير المتينة في التّعامل مع الأخبار، لإثبات المسائل العقديّة. أمَّا الإجماع، وما أدراك ما الإجماع، فمقولة تبنّاها التّوظيف السياسيّ، لـ "استخدامها ذريعةً لتحقيق أغراضه السلطويّة، ووسيلةً لإضفاء نوع من الشرعيّة على حكمه"[14].

أمّا الفطرة الصّافية، فسيجدها القارئ بأبهى صورها وأجلى معانيها؛ لأنَّ الكاتب اعتبرها أساسًا من أسس الإدراك لبناء العقيدة الإسلاميّة السّليمة، لأنَّ "كلّ إنسانٍ لو تسنّى له أن ينظّف عقله، أو ينقّيه من المؤثّرات والملوّثات، ويتجرّد من التصوّرات المسبقة الدينيّة واللادينيّة، ويعود إلى نفسه، ويستمع إلى نداء الفطرة، بعيدًا من ضوضاء العقل الجمعيّ، ومؤثّرات المحيط الاجتماعيّ والتربويّ، فإنّه بالتّأكيد سيصل إلى الإيمان بالخالق، وسوف يدرك أنَّ قافلة الوجود تسير نحو هدف أسمى.."[15].، ثم يطلّ على مدرسة الكشف والشّهود لدى العرفاء، مسجّلاً رأياً نقديّاً، رافضاً اعتماد الكشف مصدراً من مصادر إنتاج المعرفة الدّينيَّة.

ولكنَّ عشق الكاتب للفطرة والوجدان النّقيّ، لم يثنه عن البحث في الإدراك الحسّيّ، وهو الأساس الرابع من أسس العقيدة، ليدخل الكاتب حَكَمًا بين العلم والدّين، ويقضي بـ "أنَّ فكّ الاشتباك بين العلميّ والديني، ينطلق في أوَّل خطوة له من نقطة منهجيّة جوهريّة، وهي ضرورة تحرير مصادر المعرفة من العشوائيّة والخلط الكبير الّذي أصابها"[16].

وفي نهاية المطاف، يصل الكاتب إلى مشكلة هذا العصر، وما أنتجته العولمة من شكوك وإشكاليّات جعلت الشّباب المسلم في حيرة وخوف من تهمة الشكّ؛ لأنَّ الشّكّ في العقيدة مرفوض عند الكثيرين، وهو خطّ أحمر ممنوع تجاوزه.. أمَّا الكاتب، فله رأيه المميّز، فالشّكّ عنده ليس مذمومًا على إطلاقه؛ لأنَّ المكلَّف "إذا كان شكّه ناتجًا من حالة القصور، أو كان المكلَّف لا يزال في مهلة النظر، ومرحلة بناء العقيدة، فهو معذور في شكّه بمقتضى عدل الله تعالى"[17].

في البداية، رأيت كتاب "أصول الاجتهاد الكلاميّ" مجموعة أوراق، مغلَّفًا كسائر الكتب، ولكن بعد القراءة، اكتشفت أنَّني أمام سفرٍ عظيم، يضمّ في طيَّاته كلَّ كلمات الثّورة وحروفها. نعم، هو ثورة؛ ثورة في الفكر، ثورة في المعرفة، ثورة في العقل، ثورة للإنسان الَّذي يأبى الفشل والانهزام، ثورة للإنسان الّذي يريد أن يكسر كلَّ الحواجز المذهبيَّة والتاريخيَّة والنفسيَّة الّتي منعت العقل من السّموّ في فضاء الفكر والمعرفة، مستهديًا بنور القرآن وضياء السنّة النبويّة.

تحميل الكتاب

*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنما عن وجهة نظر صاحبها.


[1]  الفصل الأوّل، العقائد والحياة، ص 43.

[2]  المقدّمة، ص 6.

[3]  إنّ علم الكلام هو أشمل من العقيدة الإسلاميّة.

[4]  الفصل الأوّل، الجمود الكلامي أسبابه وسلبياته، ص 15.

[5]  الفصل الأول، الجمود الكلامي أسبابه وسلبياته، ص 26.

[6]  الفصل نفسه، الصفحة نفسها.

[7]  الفصل نفسه، ص 48.

[8]  الفصل نفسه، ص 42.

[9]  الفصل نفسه، ص 50.

[10]  الفصل الأول، ص 63.

[11]  الفصل نفسه، ص81.

[12]  الفصل الثاني، ص 97.

[13]  الباب الثاني، الفصل الثاني، ص 342.

[14]  الباب نفسه، الفصل نفسه، ص 391.

[15]  الباب الثاني، الفصل الثالث، ص 407.

[16]  الباب نفسه، الفصل الرابع، ص 443.

[17]  الباب نفسه، الفصل الخامس، ص 468.

لا يمكن للإنسان البصير، وهو يرى العالم الإسلاميَّ يحترق ويلتهب، وينظر إلى الفتن تتنقل من بلدٍ إسلاميّ إلى آخر، ويرى المسلمين مشتّتين إلى مذاهب وأحزاب، يتناحرون ويتقاتلون ويتذابحون ويبيعون نساءهم وأولادهم... لا يستطيع هذا الإنسان أن يمنع قلبه من الاحتراق أسفاً وحزناً، ولا يملك إلا أن ينطلق لسانه بالتَّساؤل: لماذا؟ لماذا يختلف المسلمون؟ ولماذا يجعلهم الاختلاف يتقاتلون؟ لماذا لا تمنعهم عقيدتهم من المتاجرة بالنّساء والأطفال؟ لماذا لا يمنعهم توحيدهم من تفخيخ الأبرياء؟ لماذا لم يردعهم إيمانهم بالنبوَّة عن تفجير المساجد؟ لماذا لم ينذرهم اعتقادهم بالمعاد بأنَّ ما يفعلونه سيُحاسَبون عليه؟ لماذا تعطَّلت عقلوهم؟ لماذا ماتت قلوبهم؟ لماذا؟ لماذا؟

صحيح أنَّ ثمة مشكلةً كبيرةً ومأزقاً متفاقماً في إنسانيَّة الإنسان في العالم أجمع، ولكن لا يمكن أن نغضّ البصر، ونرفع المسؤوليَّة عن علم الكلام الإسلاميّ (علم العقيدة)، فهذا العلم الَّذي من وظيفته أن يصوِّب فكر الإنسان المسلم، وينير سلوكه، ويهدي دربه، ويضبط حركته في الحياة، هو الآن معطَّل، لم يعد يؤثّر، ولم يعد ينتج.

هذه العقيدة الّتي فتح بها المسلمون الأوائل كلَّ العالم، ووجد فيها الملايين من النّاس نور الحياة وأمل الإنسان، هي الآن غير صالحة لقيادة الحياة، هي الآن عاقر، لا تنجب. ما هو الحلّ؟ كيف يمكن إعادة إحيائها؟

الجواب هو عند العلامة الشّيخ حسين الخشن، والَّذي أجاب عن هذه المشكلة، واقترح حلًا عِلميَّا، ما إن يبدأ العمل به، حتى يُرخي ظلَّه على السّلوك العمليّ للمسلمين.

ما هو الحلّ؟ الحلّ عند العلاّمة الخشن هو إنشاء علم جديد؛ علمٍ يعيد دراسة أسس العقيدة، ويعيد بناءها على قواعد متينة؛ علمٍ يفتح باب الاجتهاد الكلاميّ، ليُعاد النَّظر في كلّ البناء العقائديّ الذي تمَّ بناؤه على مرّ الزّمن؛ علم جديد يسمح للعقل بأن يقوم من كبوته وسجنه، لينطلق حرًّا في فضاء الفكر، ويُسمَح له ليبحث ويناقش في كلِّ النّتائج التي توصَّل إليها علماء الكلام القدامى. تحتاج العقيدة إلى "إعادة النَّظر في نسق التفكير الكلاميّ الّذي أنتج هذه السّلبيّات، والانهماك في إعادة توظيف المقولات الكلاميّة في سياقها الطبيعيّ الّذي يعيد جسر التّواصل بين العقيدة والإيمان الفاعل"[1].

ومن هنا، قام سماحة الشَّيخ بهذه الخطوة السبّاقة والجريئة، وهي "دعوة إلى ضرورة إطلاق علمٍ رديفٍ لعلم الكلام، نصطلح على تسميته بـ "علم أصول الكلام". ومهمّة هذا العلم الّذي نقترحه، هي تأصيل قواعد الاستنباط الكلاميّ، فيما يتكفَّل "علم الكلام" بالنهوض بأعباء الممارسة الاجتهاديّة، لإثبات العقائد التفصيليّة طبقًا لتلك الأدلّة[2]".

الحلّ موجود في كتاب يقارب الخمسمائة صفحة، من الحجم الطّبيعيّ A4، مؤلَّف من بابين رئيسين، وكلّ بابٍ يحتوي على عدَّة فصول، وكلّ فصلٍ يحوي أبحاثًا شيِّقة ومثيرة. ومن المهمّ الإشارة إلى أنَّ هذا الكتاب، قُدِّم كرّسالة جامعيَّة نال الكاتب على أثرها الدّكتوراه بدرجة جيّد جدّاً.

جولة في الكتاب..

يبدأ الكاتب من نقطة الصّفر، ويضع يده على الجرح النَّازف، ليسلِّط الضَّوء على الجمود الّذي أصاب علم الكلام الإسلاميّ[3]، فإنَّ "الَّذي أعاق حركة الاجتهاد الكلاميّ، هو السَّبب عينه الَّذي أعاق حركة الاجتهاد والإبداع عمومًا، وليس ذلك إلا الشَّلل الّذي أصاب الأمَّة في عقلها وإرادتها.."[4]. ثم قام الكاتب بالدَّعوة إلى فتح باب الاجتهاد في علم الكلام؛ فالاجتهاد أمر لا بدَّ منه، ولا بدَّ من إزالة الهواجس والخوف من بعض المسلمين الَّذين يتهيَّبون الاجتهاد في العقيدة، لأنَّ "الدَّعوة إلى فتح باب الاجتهاد الكلاميّ مستنكَرة لدى البعض، لأنَّه ينافي ثباتها وديمومتها، والصَّحيح أنَّ الاجتهاد الكلاميَّ لا يتنافى والثّبات المفترض في العقائد".

ثم يأخذ الكاتب بيد القارئ ليريه عن قرب طغيان المنحى الفقهيّ، والقطيعة بين المذاهب على صعيد علم الكلام، ليصطدم القارئ بتقديس غير المقدَّس. نعم، "إنَّ حالة الركود الَّتي أنتجها مناخ التّقليد المذكور، كانت له تداعيات كبيرة وخطيرة، ليس على واقع الأمَّة التي أصابها التمزّق، وفتكت بها العصبيَّة المذهبيَّة فحسب، كما أسلفنا، بل على العقليَّة الإسلاميَّة أيضاً الّتي تمت محاصرتها، ووضع إطار مرجعيّ لها مستولد من عصر التّقليد المذكور، هذا العصر الَّذي جرى تقديسه بطريقةٍ منقطعة النّظير..."[5].

وتقديس غير المقدَّس له أسبابه العديدة، منها: ذهنيَّة القداسة، الركود والجهل العلميّ، التمسّك بالأفكار الّتي تقدِّس السَّلف، والأخطر، هو ما أفصح عنه الكاتب، معتبرًا السَّبب الَّذي "ساهم ويساهم في صناعة المقدَّس وتشكّله، هو انشداد الأمّة، ولا سيّما الأمّة المهزومة أو الضّعيفة، إلى الماضي وأمجاده، وهي حالة لا شعوريَّة تسيطر على المهزوم"[6].

ثم يذهب الكاتب بالقارئ إلى ساحة الحياة، ليؤكِّد حاجة الإنسان إلى العقيدة والإيمان، لأنّه "يجعل الله حاضرًا في عقل الإنسان وقلبه وروحه وكلِّ خطواته، والإيمان بهذا المعنى الرَّحب هو إيمان مثمر وفاعل، ومن الطّبيعيّ أن يمنح الإنسانيَّة الأمان والاطمئنان والاستقرار على شتّى المستويات"[7]، وتزداد أهميَّة إعادة تفعيل دور العقيدة بعد أن طغت صبغة الغيبيَّة والتّجريديَّة عليه، وكانت سببًا "في ابتعاد علم الكلام عن حياة الفرد المسلم وهمومه، وهو أنَّ هذا العلم بوضعيَّته التاريخيَّة الَّتي أقصت العقل عن دوره الفاعل والمحرّك والمنتج.."[8].

ولأنَّ الخطاب التَّبليغيّ الدّينيّ هو جزء مهمّ من تبيان العقيدة، وجَّه الكاتب القارئ إلى نبع الصّفاء وخلاصة الخطاب، إلى القرآن الكريم، ناقلًا بكلِّ أمانة وصيَّة الفخر الرّازي: "لقد اختبرت الطّرق الكلاميّة والمناهج الفلسفيّة، فلم أجدها تروي غليلًا، ولا تشفي عليلًا، ورأيت أقرب الطّرق طريقة القرآن"[9].

وبعد جولةٍ على خصائص الخطاب القرآني ومزاياه، مقارنةً بالخطاب الكلاميّ، يجد القارئ نفسه أمام عنوانٍ مثير لطالما شغل لبَّه وعقله، وهو العلاقة بين الدِّين والسِّياسة، تحت عنوان "فضّ الاشتباك بين العقديّ والسياسيّ"، وهكذا يكون الكاتب قد كشف عن مكمن الجرح الدّاخلي في جسم الأمّة، فـ"إنَّ تأثير السياسة ودورها بادٍ في الكثير من المفاهيم الاعتقاديَّة، من قبيل: عقيدة الجبر، وفكرة الإرجاء، ومفهوم الاعتزال، إلى غير ذلك"[10].

ثمَّ ينهي الكاتب الفصل الأوَّل بالبحث عن حقيقة التَّقليد، وأنَّ الاعتقاد مسؤوليَّة شخصيَّة لا يجوز فيها التقليد؛ لذا قام بالدعوة إلى حركة تخصّصية واسعة في مجال العقيدة، لأنَّ هذه الحركة ستقود "إلى تشكيل مرجعيّات عقائديّة على غرار المرجعيّات الفقهيّة.. فإنَّ وجود مرجعية في كلّ حقل من الحقول العلميّة والمعرفيّة، إضافةً إلى أنّه يحدّ من ظاهرة الفوضى والتطفّل وانتحال الصّفة الّذي يصاحب الكثير من العلوم، ولا سيَّما العلوم الدينيّة، فإنّه قد يسهم، ليس في تنشيط عمليّة الاجتهاد العقائديّ وتأصيل قواعده فحسب، بل في رفد الحركة الاجتهاديّة ودعمها معنويًا وماديًا"[11].

 أمّا في الفصل الثّاني، فيبدأ الكاتب بالغوص شيئًا فشيئًا، مقترحًا منهجًا تكامليَّا تعدّديًّا مؤلّفًا من البرهان والبيان والعرفان، والكاتب ليس بدعًا من العلماء، بل إنَّ الطّرق الثّلاث مجتمعة كان يعتمدها كلّ من الملا صدرا الشّيرازي، والقاضي سعيد القمي، والآخوند الملا علي النوري، وغيرهم. ولكن للكاتب حبّه الخاصّ للعقل، تميّز به عن غيره، والذي تجلّى في جعل العقل المرجع في حال ظهر أيّ تعارض بين المناهج؛ لأنَّ "العقل عند عليّ(ع) هو ميزان القلب وإمامه، كما أنّه إمام في تفسير مطلق النّصّ، ومصفاة حقيقيَّة تتمّ في ضوئها غربلة تراثنا الحديثي تحديداً"[12].

ثمَّ يأخذ الكاتب بنَفَس القارئ، في جولةٍ عميقة تحت بحار العقيدة، ويريه معايير التصنيفات الشّائعة، من أصول وفروع، والفارق بين علمي العقيدة والفقه، والخلط الّذي حصل عبر التّاريخ، وصولًا إلى نشأة مفهوم الضّروريّ، وما تخبّط به بعض المسلمين في إطلاق ضرورات لا أصل لها!

أمّا وجوب الاعتقاد، وهل يكفي الاعتقاد الإجمالي أو لا بدَّ من أن يعتقد المسلم اعتقادًا تفصيليًّا؟ وما هي موارده؟ كلّ هذه الأسئلة يجيب عنها الكاتب بشكلٍ منهجيٍّ وعذب، لن يجد القارئ فيه غموضًا أو تشويشًا.

وبعد هذا الغوص في غمار العقيدة، يلفت الكاتب نظر القارئ إلى أمرٍ أساسيّ، وهو اليقين. فما هو دور اليقين؟ وما المراد منه؟ وكيف نحصِّله؟ وماذا عن الاطمئنان؟ وما هو حال الكفَّار المتيقّنين بكفرهم؟

والجواب عن هذه الأسئلة لا يقلّ أهميّة وتشويقًا عن الجواب عن أسئلة أخرى، وأعني بها السّؤال عن دور اللّغة في بناء العقيدة، فاللّغة واسعة، وتشمل التّأويل والباطن، ومبدأ الرمزيّة، ليأخذ الكاتب القارئ في جولة، يقحمه فيها في خنادق الباطن ومعانيها، والنظريات المطروحة فيها، لينكشف عند القارئ، بكلّ وضوح وصفاء، حقيقة معنى الباطن والتّأويل ومبدأ الرمزيّة.

هذا كلّه في الباب الأوّل، أمّا الباب الثّاني، فسيجد القارئ نفسه فيه واقفًا أمام أعمدة الفكر الّتي شُيِّد عليها علم الكلام والعقيدة الإسلاميَّة. وأوَّل ما يظهر للقارئ هو العقل؛ هذا الأساس الّذي يعتبره الكاتب من أهمّ الأسس التي تُبنى عليه العقيدة وأمتنها؛ فليس عجبًا أن يشعر القارئ بفروسيّة الكاتب في هذا الميدان، فهو ينطلق من موقعيّة العقل في التّجربة الدّينيّة، ليصل إلى دور العقل في إنتاج المعرفة الدينيَّة، مفنّدًا أحاديث تروى، كـ "دين الله لا يُصاب بالعقول"، وغيرها من أمثالها. وهكذا، وبخطواتٍ ثابتة، يثبت الكاتب حجّيّة العقل، ليجعل القارئ شاهدًا على التَّكامل بين النصّ والعقل.

وإلى الأساس الثّاني، يأخذ الكاتب بيد القارئ، ليجد نفسه في ساحة الوحي والقرآن والسنَّة الشّريفة، مسجِّلًا صرخةً مدويّةً تستغرب مما فعله البعض من تسامحٍ في أخبار العقائد، وذلك "عندما يتمّ الاستناد إلى روايات ضعيفة السّند أو مرسلة في إثبات بعض المطالب الاعتقاديّة.."[13]!! ولكنّ الكاتب لن يترك الاستغراب دون وضع النّقاط على الحروف، وتشييد المعايير المتينة في التّعامل مع الأخبار، لإثبات المسائل العقديّة. أمَّا الإجماع، وما أدراك ما الإجماع، فمقولة تبنّاها التّوظيف السياسيّ، لـ "استخدامها ذريعةً لتحقيق أغراضه السلطويّة، ووسيلةً لإضفاء نوع من الشرعيّة على حكمه"[14].

أمّا الفطرة الصّافية، فسيجدها القارئ بأبهى صورها وأجلى معانيها؛ لأنَّ الكاتب اعتبرها أساسًا من أسس الإدراك لبناء العقيدة الإسلاميّة السّليمة، لأنَّ "كلّ إنسانٍ لو تسنّى له أن ينظّف عقله، أو ينقّيه من المؤثّرات والملوّثات، ويتجرّد من التصوّرات المسبقة الدينيّة واللادينيّة، ويعود إلى نفسه، ويستمع إلى نداء الفطرة، بعيدًا من ضوضاء العقل الجمعيّ، ومؤثّرات المحيط الاجتماعيّ والتربويّ، فإنّه بالتّأكيد سيصل إلى الإيمان بالخالق، وسوف يدرك أنَّ قافلة الوجود تسير نحو هدف أسمى.."[15].، ثم يطلّ على مدرسة الكشف والشّهود لدى العرفاء، مسجّلاً رأياً نقديّاً، رافضاً اعتماد الكشف مصدراً من مصادر إنتاج المعرفة الدّينيَّة.

ولكنَّ عشق الكاتب للفطرة والوجدان النّقيّ، لم يثنه عن البحث في الإدراك الحسّيّ، وهو الأساس الرابع من أسس العقيدة، ليدخل الكاتب حَكَمًا بين العلم والدّين، ويقضي بـ "أنَّ فكّ الاشتباك بين العلميّ والديني، ينطلق في أوَّل خطوة له من نقطة منهجيّة جوهريّة، وهي ضرورة تحرير مصادر المعرفة من العشوائيّة والخلط الكبير الّذي أصابها"[16].

وفي نهاية المطاف، يصل الكاتب إلى مشكلة هذا العصر، وما أنتجته العولمة من شكوك وإشكاليّات جعلت الشّباب المسلم في حيرة وخوف من تهمة الشكّ؛ لأنَّ الشّكّ في العقيدة مرفوض عند الكثيرين، وهو خطّ أحمر ممنوع تجاوزه.. أمَّا الكاتب، فله رأيه المميّز، فالشّكّ عنده ليس مذمومًا على إطلاقه؛ لأنَّ المكلَّف "إذا كان شكّه ناتجًا من حالة القصور، أو كان المكلَّف لا يزال في مهلة النظر، ومرحلة بناء العقيدة، فهو معذور في شكّه بمقتضى عدل الله تعالى"[17].

في البداية، رأيت كتاب "أصول الاجتهاد الكلاميّ" مجموعة أوراق، مغلَّفًا كسائر الكتب، ولكن بعد القراءة، اكتشفت أنَّني أمام سفرٍ عظيم، يضمّ في طيَّاته كلَّ كلمات الثّورة وحروفها. نعم، هو ثورة؛ ثورة في الفكر، ثورة في المعرفة، ثورة في العقل، ثورة للإنسان الَّذي يأبى الفشل والانهزام، ثورة للإنسان الّذي يريد أن يكسر كلَّ الحواجز المذهبيَّة والتاريخيَّة والنفسيَّة الّتي منعت العقل من السّموّ في فضاء الفكر والمعرفة، مستهديًا بنور القرآن وضياء السنّة النبويّة.

تحميل الكتاب

*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنما عن وجهة نظر صاحبها.


[1]  الفصل الأوّل، العقائد والحياة، ص 43.

[2]  المقدّمة، ص 6.

[3]  إنّ علم الكلام هو أشمل من العقيدة الإسلاميّة.

[4]  الفصل الأوّل، الجمود الكلامي أسبابه وسلبياته، ص 15.

[5]  الفصل الأول، الجمود الكلامي أسبابه وسلبياته، ص 26.

[6]  الفصل نفسه، الصفحة نفسها.

[7]  الفصل نفسه، ص 48.

[8]  الفصل نفسه، ص 42.

[9]  الفصل نفسه، ص 50.

[10]  الفصل الأول، ص 63.

[11]  الفصل نفسه، ص81.

[12]  الفصل الثاني، ص 97.

[13]  الباب الثاني، الفصل الثاني، ص 342.

[14]  الباب نفسه، الفصل نفسه، ص 391.

[15]  الباب الثاني، الفصل الثالث، ص 407.

[16]  الباب نفسه، الفصل الرابع، ص 443.

[17]  الباب نفسه، الفصل الخامس، ص 468.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية