عندما ندرس شخصيّة إبراهيم (ع) منذ بداية نشأته، فإنّنا نجد فيه شخصيّة الإنسان المنفتح على الله من خلال انفتاحه على كلّ الحقيقة في حياته. وعندما نريد أن ندرس القرآن الكريم من خلال أسلوبه، نجد أنّ إبراهيم كان الإنسان الذي يتحدّى الأفكار المنحرفة، سواء كانت كافرة أو مشركة، من خلال إثارة قلق المعرفة في وعي الناس من حوله، كما لو كان يعيش القلق في نفسه. وهذا ما لاحظناه في مناجاته الفكريّة عندما كان يحاول أن يتقمَّص شخصيّة الذين يعبدون الكواكب، أو يعبدون القمر، أو يعبدون الشّمس، ليثير الدّهشة أمام الكوكب والقمر والشّمس في عظمتها، ثم يناقش الفكرة ليؤكّد أنّ هذه لا يمكن أن تكون آلهة، لأنّ الإله يمثّل الحضور الشّامل للحياة كلّها.
وهكذا، رأينا أنّه كان الإنسان الذي يعمل على أساس أن يقود المجتمع إلى الإيمان، بحيث يطرح الصّدمة في واقع المجتمع، كما في طريقته التي كسَّر فيها الأصنام واتّهم فيها كبيرهم، على أساس أنّه يريد أن يثير اعترافهم بأنّها لا تنطق {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاء يَنطِقُونَ}[الأنبياء: 65]، ويتحرّك من خلال ذلك لمناقشتهم في الفكرة وتبيان أنّها خاطئة. وكذلك في وقوفه أمام أبيه متحدّياً بالأسلوب الّذي يرقّ تارّة، ويشتدّ أخرى.
وهكذا في مواجهته لطاغية زمانه، عندما قال أنا أحيي وأُميت {إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ}[البقرة: 258].
إنّنا نلاحظ ـــ من كلّ ذلك ـــ الحالة التي تجعل من إبراهيم (ع) إنسان الله الذي يشعر بمسؤوليّته في أن يعيش لله بعيداً من كلّ الظروف، ومن كلّ العلاقات، ومن كلّ الصّعوبات، ليجد نفسه عبداً لله، بحيث يشعر بأنَّ عليه أن يجعل الحياة كلّها لله. وهذا ما يجعلنا نستوحي من قوله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً}[سورة النساء: 125]، فإنّ صداقة الله لإبراهيم هي من صداقة إبراهيم لله، على طريقة {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}[المائدة: 54]، في جوٍّ تتحرّك فيه المحبّة مِنْ قِبَل الله لعبده ومن قِبَل العبد له. وهذه أقصى درجات العلاقة بين الإنسان وربّه، وهي درجة العبوديّة التي تنفتح فتتحوَّل إلى صداقة...
*من كتاب "دنيا الشّباب".
عندما ندرس شخصيّة إبراهيم (ع) منذ بداية نشأته، فإنّنا نجد فيه شخصيّة الإنسان المنفتح على الله من خلال انفتاحه على كلّ الحقيقة في حياته. وعندما نريد أن ندرس القرآن الكريم من خلال أسلوبه، نجد أنّ إبراهيم كان الإنسان الذي يتحدّى الأفكار المنحرفة، سواء كانت كافرة أو مشركة، من خلال إثارة قلق المعرفة في وعي الناس من حوله، كما لو كان يعيش القلق في نفسه. وهذا ما لاحظناه في مناجاته الفكريّة عندما كان يحاول أن يتقمَّص شخصيّة الذين يعبدون الكواكب، أو يعبدون القمر، أو يعبدون الشّمس، ليثير الدّهشة أمام الكوكب والقمر والشّمس في عظمتها، ثم يناقش الفكرة ليؤكّد أنّ هذه لا يمكن أن تكون آلهة، لأنّ الإله يمثّل الحضور الشّامل للحياة كلّها.
وهكذا، رأينا أنّه كان الإنسان الذي يعمل على أساس أن يقود المجتمع إلى الإيمان، بحيث يطرح الصّدمة في واقع المجتمع، كما في طريقته التي كسَّر فيها الأصنام واتّهم فيها كبيرهم، على أساس أنّه يريد أن يثير اعترافهم بأنّها لا تنطق {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاء يَنطِقُونَ}[الأنبياء: 65]، ويتحرّك من خلال ذلك لمناقشتهم في الفكرة وتبيان أنّها خاطئة. وكذلك في وقوفه أمام أبيه متحدّياً بالأسلوب الّذي يرقّ تارّة، ويشتدّ أخرى.
وهكذا في مواجهته لطاغية زمانه، عندما قال أنا أحيي وأُميت {إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ}[البقرة: 258].
إنّنا نلاحظ ـــ من كلّ ذلك ـــ الحالة التي تجعل من إبراهيم (ع) إنسان الله الذي يشعر بمسؤوليّته في أن يعيش لله بعيداً من كلّ الظروف، ومن كلّ العلاقات، ومن كلّ الصّعوبات، ليجد نفسه عبداً لله، بحيث يشعر بأنَّ عليه أن يجعل الحياة كلّها لله. وهذا ما يجعلنا نستوحي من قوله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً}[سورة النساء: 125]، فإنّ صداقة الله لإبراهيم هي من صداقة إبراهيم لله، على طريقة {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}[المائدة: 54]، في جوٍّ تتحرّك فيه المحبّة مِنْ قِبَل الله لعبده ومن قِبَل العبد له. وهذه أقصى درجات العلاقة بين الإنسان وربّه، وهي درجة العبوديّة التي تنفتح فتتحوَّل إلى صداقة...
*من كتاب "دنيا الشّباب".