{وَيا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً}، ولم يذكر القرآن لنا التفاصيل عن طبيعة المعجزة في هذه الناقة، ما جعل الروايات تختلف في تفسير ذلك اختلافاً يقترب بها من الأساطير، فلتراجع في مظانّها من كتب التفسير، لأننا لا نجد كبير فائدة في تناولها ما دام القرآن لا يريد أن يدخل في تفاصيلها، لأن دور القصص القرآني هو إعطاء الدرس من مجمل القصة، ولا يعطي للفكرة امتدادها الزمني، ما يجعل القصة ترتبط بالجوانب العامّة، لا بالجوانب الخاصة.
{فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِى أَرْضِ الله}، فلا يُتَعَرَّضُ لها في أيّ مكان أرادت أن ترعى من أرض الله، لأنّ الله جعل لها الحرية في ذلك بما أوحاه إليّ، {وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ}، لأن لها عند الله حرمةً كبيرةً، لكونها نموذج الآية المتحرّكة التي يرى الناس من خلال خصائصها الدّليل على عظمة الله من جهة، وصدق الرّسول من جهة أخرى، {فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ}، لأن معنى قتلها، هو إعلان الحرب على الله، والتمرّد على إنذاره، ومواجهة الموقف الإلهيّ بالتحدّي الذي يسخر من وعيد الرّسول لهم بعذاب الله، لإبطال مصداقيّة الرّسالة في حركة المجتمع، وتفرقة المؤمنين من حوله، فضلاً عن غير المؤمنين.
{فَعَقَرُوهَا}، فكمن لها شخص منهم، فضربها وقتلها، بعد الاتفاق مع القوم، فحمّلهم الله مسؤوليّة ذلك جميعاً، لأن عامل الرّضى يتساوى في النتيجة عند الله مع عامل المشاركة، {فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ}، لقد تحرّكت المسألة في خطّ القرار الحاسم الذي حدّد للعذاب موعداً، بعد ثلاثة أيّام، لأنّ العذاب سنّة الله في الأمم السّالفة، عندما ينزل آية على قوم فيجحدونها.
وربما اعتبر هؤلاء، أنّ هذا الإنذار ليس جدّياً، أو أنهم لم يثقوا بالموقع الذي يمثله صالح عند الله، فلم يكترثوا لذلك، وأصرّوا على ما عزموا عليه، فجاء العذاب: {فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا}، لأن الله كتب على نفسه الرّحمة بمن آمن به وعمل في سبيله، {وَمِنْ خِزْىِ يَوْمِئِذٍ}، بما يمثّله العذاب من عار وخزي عندما ينزله الله على أحد من عباده، كنتيجة لغضبه، {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِىُّ الْعَزِيزُ} الذي إذا أراد شيئاً فعله، ولا قوّة لأحد في الوقوف أمامه في ما يريد وفي ما يفعل، فليس لأحد إلا الخضوع أمام العزّة القويّة القادرة القاهرة المهيمنة على الأمر كلّه.
{وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ} التي رجفت لها قلوبهم، وارتعدت لها فرائصهم، لأنها كانت من الشدّة بالمستوى الذي يصعق له الإنسان، فلا يملك حراكاً {فَأَصْبَحُواْ فِى دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ} أي ساقطين على وجوههم، {كأن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ} أي لم يقيموا فيها، وهو كناية عن زوال أيّ أثر من آثار الوجود والحركة منها تماماً كما لو لم يكن فيها أحدٌ، وتلك هي العبرة الواعية لمن يريد أن يعتبر، بما تبيّنه من نتائج سلبيّة مدمّرة للتمرُّد على الله، {أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ} أي جحدوه، وهذا هو البيان الذي يقدّمه الله للناس، {أَلاَ بُعْدًا لِّثَمُودَ}، وهذه هي النتيجة الطبيعيّة لكفرهم، لأنّ الله يبعد الكافرين عن رحمته، فيعذّبهم في الدنيا والآخرة.
*من كتاب "تفسير من وحي القرآن".
{وَيا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً}، ولم يذكر القرآن لنا التفاصيل عن طبيعة المعجزة في هذه الناقة، ما جعل الروايات تختلف في تفسير ذلك اختلافاً يقترب بها من الأساطير، فلتراجع في مظانّها من كتب التفسير، لأننا لا نجد كبير فائدة في تناولها ما دام القرآن لا يريد أن يدخل في تفاصيلها، لأن دور القصص القرآني هو إعطاء الدرس من مجمل القصة، ولا يعطي للفكرة امتدادها الزمني، ما يجعل القصة ترتبط بالجوانب العامّة، لا بالجوانب الخاصة.
{فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِى أَرْضِ الله}، فلا يُتَعَرَّضُ لها في أيّ مكان أرادت أن ترعى من أرض الله، لأنّ الله جعل لها الحرية في ذلك بما أوحاه إليّ، {وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ}، لأن لها عند الله حرمةً كبيرةً، لكونها نموذج الآية المتحرّكة التي يرى الناس من خلال خصائصها الدّليل على عظمة الله من جهة، وصدق الرّسول من جهة أخرى، {فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ}، لأن معنى قتلها، هو إعلان الحرب على الله، والتمرّد على إنذاره، ومواجهة الموقف الإلهيّ بالتحدّي الذي يسخر من وعيد الرّسول لهم بعذاب الله، لإبطال مصداقيّة الرّسالة في حركة المجتمع، وتفرقة المؤمنين من حوله، فضلاً عن غير المؤمنين.
{فَعَقَرُوهَا}، فكمن لها شخص منهم، فضربها وقتلها، بعد الاتفاق مع القوم، فحمّلهم الله مسؤوليّة ذلك جميعاً، لأن عامل الرّضى يتساوى في النتيجة عند الله مع عامل المشاركة، {فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ}، لقد تحرّكت المسألة في خطّ القرار الحاسم الذي حدّد للعذاب موعداً، بعد ثلاثة أيّام، لأنّ العذاب سنّة الله في الأمم السّالفة، عندما ينزل آية على قوم فيجحدونها.
وربما اعتبر هؤلاء، أنّ هذا الإنذار ليس جدّياً، أو أنهم لم يثقوا بالموقع الذي يمثله صالح عند الله، فلم يكترثوا لذلك، وأصرّوا على ما عزموا عليه، فجاء العذاب: {فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا}، لأن الله كتب على نفسه الرّحمة بمن آمن به وعمل في سبيله، {وَمِنْ خِزْىِ يَوْمِئِذٍ}، بما يمثّله العذاب من عار وخزي عندما ينزله الله على أحد من عباده، كنتيجة لغضبه، {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِىُّ الْعَزِيزُ} الذي إذا أراد شيئاً فعله، ولا قوّة لأحد في الوقوف أمامه في ما يريد وفي ما يفعل، فليس لأحد إلا الخضوع أمام العزّة القويّة القادرة القاهرة المهيمنة على الأمر كلّه.
{وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ} التي رجفت لها قلوبهم، وارتعدت لها فرائصهم، لأنها كانت من الشدّة بالمستوى الذي يصعق له الإنسان، فلا يملك حراكاً {فَأَصْبَحُواْ فِى دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ} أي ساقطين على وجوههم، {كأن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ} أي لم يقيموا فيها، وهو كناية عن زوال أيّ أثر من آثار الوجود والحركة منها تماماً كما لو لم يكن فيها أحدٌ، وتلك هي العبرة الواعية لمن يريد أن يعتبر، بما تبيّنه من نتائج سلبيّة مدمّرة للتمرُّد على الله، {أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ} أي جحدوه، وهذا هو البيان الذي يقدّمه الله للناس، {أَلاَ بُعْدًا لِّثَمُودَ}، وهذه هي النتيجة الطبيعيّة لكفرهم، لأنّ الله يبعد الكافرين عن رحمته، فيعذّبهم في الدنيا والآخرة.
*من كتاب "تفسير من وحي القرآن".