تجربة النبيّ نوح المريرة مع قومه

تجربة النبيّ نوح المريرة مع قومه

لا يزال الحديث عن نبيّ الله نوح(ع)، الَّذي يتميَّز عن غيره من الأنبياء ببعض الخصائص الَّتي تحدَّث عنها الله تعالى في كتابه الكريم،كما تحدَّث عن بعض تفاصيل تجربته مع قومه في السّورة الّتي سمّيت باسمه، وهو ما نحاول التعرّض له بشيءٍ من التَّفصيل في ما يلي.

التَّحذير من العذاب

يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[1]. لقد كانت مهمَّته أن يحذِّرهم من عذابِ الله سبحانه وتعالى إذا استمرّوا على وثنيَّتهم وإنكارهم للتَّوحيد، وعلى تمرّدهم على الرِّسالة أو الرِّسالات بشكلٍ عام، باعتبار أنَّ تاريخ المجتمعات الّتي سبقت نوحاً(ع)، كان تاريخاً وثنيّاً لا تعيش مجتمعاته الإيمان بالله الواحد، بل كانت تؤمن بالأصنام الَّتي ورثوها عن آبائهم، أو الّتي صنعوها بأنفسهم، كما سيأتي في آخر السّورة.

وكان الخطاب الإلهيّ لنوح(ع) بأن يكون خطابه لقومه تحذيريّاً وإنذاريّاً، باعتبار أنَّ مسألة الإنذار في منطق الرِّسالات السَّماويَّة تلتقي بالفطرة الإنسانيَّة، فالإنسان ـ بحسب فطرته ـ يحذر مما يخيفه ويؤدِّي به إِلى العذاب والهلاك، لأنَّ الإنسان بحسب تركيبته النَّفسيَّة، يحبّ الخير لنفسه ولا يقبل الشّرَّ لها، مهما كانت الظّروف. ولذلك، أرادت الرِّسالات ـ في ما أوحى الله به إلى رسله وكلَّف أنبياءه تبليغه ـ أن تمثِّل الصَّدمة لمشاعرهم وأحاسيسهم، ولما يشعرون به من الأمان والاسترخاء في كلِّ أوضاعهم.

ولذلك، كان العنوان الكبير الّذي أوحى به الله سبحانه وتعالى إلى نوح(ع)، أن يبدأ حديثه مع قومه بالقول: {قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ}[2]، فأنا من موقع اهتمامي بسلامتكم، وحرصي على مستقبلكم، أنذركم لتفكِّروا في مضمون هذا الإنذار؛ فهذا الإنذار هو إنذار إلهيّ، وليس إنذاراً شخصيّاً حتى تستهينوا به، باعتبار أنّي شخص مثلكم لا أملك قوّةً أكثر مما تملكون، ولكنَّني أنذركم من عقاب الله سبحانه وتعالى الّذي ينـزله على الجاحدين بربوبيَّته وتوحيده، والمنحرفين عن عبادته، بعد قيام الحجَّة الواضحة الَّتي لا غموض فيها ولا ضعف في دليلها.

عناوين الرِّسالة

ثم طرح عليهم ثلاثة عناوين رساليَّة:

العنوان الأوَّل: {أَنِ اعْبُدُوا اللهَ}[3]، فهو يدعوهم إلى أن يتركوا عبادة الأوثان، لأنَّ الأوثان لا تمثِّل أيّ معنىً يجعلها في مواقع العبادة، وليس فيها أيّ سرٍّ إلهيٍّ يجعلها ترتفع إِلى مستوى الألوهيَّة، أو إِلى مستوى القرب من الألوهيَّة بحسب عقيدة المشركين، ممّا بيَّنه قوله تعالى: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}[4]، فهو يدعوهم إلى العبادة الخالصة لله، بما تمثِّله العبادة من الخضوع المطلق له، بحيث يكونون بكلِّ وجودهم العمليّ، خاضعين له، ممتثلين لإرادته، وأن يعيشوا معنى العبوديَّة في عقولهم وقلوبهم وفي كلِّ حياتهم، بحيث يختزنون في أنفسهم معنى الألوهيَّة والربوبيَّة، لأنَّ ذلك يؤكِّد معنى التّوحيد في العبادة، والَّذي ينطلق من التَّوحيد في الربوبيَّة.

العنوان الثّاني: {وَاتَّقُوهُ}[5]؛ والتّقوى في مضمونها الفكريّ والعمليّ، هي عبارة عن الحالة العقليَّة العمليَّة الشّعوريّة الّتي تراقب الله كحقيقةٍ تفرض نفسها على الجانب العقليّ للإنسان، فيعيش في عقله عظمة الله الّتي تتحوَّل إلى أداةٍ للمراقبة الذاتيَّة، باعتبار أنَّ ذلك يكون أساساً للمراقبة المسؤولة الّتي تقود إلى السّلوك المستقيم، أو باعتبار ما تثيره من حالة شعوريّة إنسانيّة تزحف إلى وجدانِ الإنسان، فتهزّ فيه الإحساس بالخوف الشّعوريّ من عقاب الله، حتّى يتحوَّل ذلك إلى موقفٍ للطّاعة في حركته بالاتجاه العمليّ.

العنوان الثّالث: {وَأَطِيعُونِ}[6]، ولكن ليس من موقع العلاقة الذاتيَّة به، فتكون المسألة من قبيل إطاعة الإنسان لإنسانٍ آخر يحترمه أو يعظِّمه، بل أن يطيعوه باعتبار أنّه الرّسول القائد الّذي يقود خطاهم في الخطِّ المستقيم، في ما يمكن أن يبلّغه من الأوامر والنّواهي التي أراد الله له أن يبلّغها، على أساس قوله تعالى: {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ}[7]؛ لأنَّ الرسول لا ينطق من خلال ذاتيّاته، ولكنّه ينطق من خلال وحي الله له وتكليفه له، وبذلك، فإن الدعوة الثالثة هي أن يطيعوه في ما يوحي الله به إليه، وفي ما يحمِّلهم الله من المسؤوليّات، وفي ما يدرّبهم عليه من وسائل الطاعة.

وهذه الدَّعوة بعناوينها الثّلاثة، هي دعوة كلِّ نبيّ، فالأنبياء جميعاً يدعون أممهم إلى عبادة الله الواحد الّتي تختزن التَّوحيد في الربوبيَّة، وإلى التّقوى، وإلى طاعة الرّسول في الالتزام بالأوامر والنّواهي الّتي يبلّغهم إيّاها من خلال وحي الله له.

جزاء الالتزام بالدَّعوة

ثمّ يبيِّن لهم نوح(ع) نتائج التزامهم بما دعاهم إليه بقوله تعالى: {يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ}[8]، فالله لم يُغلق على النّاس باب المغفرة، ولم يبعد أيَّ إنسانٍ عن مواقع القرب إليه، حتّى لو كان كافراً ثمّ تراجع عن كفره إلى خطِّ الإيمان، لأنَّ الإيمان في خطِّ العمل، يهيِّئ للغفران الإلهيّ الّذي يناله المؤمنون بالله والعاملون في خطِّ طاعته، فلا يبقى للماضي الأسود أيّ تأثيرٍ في مصيرهم المستقبليّ في رحمة الله.

ومن هنا، كانت القاعدة الإسلاميَّة للَّذين كانوا كفرةً ومشركين، ومارسوا الكثير من الأعمال الّتي يبغضها الله، بأنَّ "الإسْلامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَه"، فلا يحاسَب الإنسانُ بعد أن ينتقل من الكفر إلى الإسلام على ما أسلف من المعاصي والسّيِّئات، {وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى}، فهو لا يُلغي وجودكم، بل يمهلكم إلى الأجل الطّبيعيّ الّذي جعله الله سبحانه وتعالى للإنسان، {إِنَّ أَجَلَ اللهِ إِذَا جَاء لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}[9]؛ لأنَّ الله فرض للإنسان أجلاً مسمَّى. وربما يحصل هناك الهلاك قبل الأجل المسمَّى الّذي يمثِّل العمر الّذي فرضه الله سبحانه وتعالى في طبيعة الوجود الإنسانيّ، والمتعلِّق بقابليَّة الجسد للحياة لمدَّة معيَّنة.

وقد ورد أنَّ هناك نوعين من الأجل: الأجل المحتوم، والأجل المخروم، وهو الأجل الّذي يأتي معه الموت من خلال بعض الأحداث الَّتي تحدث للإنسان، بحيث تكون طبيعة الجسد قابلةً لأن يعيش الإنسان عمراً أطول، ولكنَّ هذا الحادث الذي قد يتمثَّل بالقيام ببعض الأعمال السيِّئة التي ورد أنّها تقصِّر العمر، كقطيعة الرّحم، تؤدِّي إلى انخرام هذا الأجل.

هذه هي العناوين الّتي بلّغها نوح لقومه وأراد لهم أن يطبِّقوها، لأنّ نوحاً، كأنبياء الله الآخرين، عندما كانوا يبلّغون النّاس، كانوا يحاولون إقناعهم بالحجَّة والبرهان الّذي يدخل إلى العقل وينفتح على القلب.

التّجربة المريرة

ثم تبدأ السّورة بعد ذلك في التّقرير الّذي قدَّمه نوح(ع) إلى ربّه، في تجربته المريرة الطّويلة معهم، والّتي عاش معها الآلام النفسيّة تجاه مواقفهم: {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً}[10]، فلم تشغلني مشاغل النّهار ولا اللّيل عن الدَّعوة إليك، لأنني أعتبر مسألة الرّسالة مسألةً حيويَّةً تفرض على الرّسول أن يبلّغها ويحرّكها في حياة النّاس لحظةً بلحظة، من خلال مراقبته للأوضاع الّتي يعيشونها، في نقاط ضعفهم وقوّتهم، ليستفيد من أيّة حالةٍ عميقة أو طارئة في استجابتهم أو في عدم استجابتهم، في سبيل الوصول إلى قناعات النَّاس الفكريّة والروحيّة الّتي تتغيَّر وتتبدَّل تبعاً لما يحيط بها من أوضاع، ولما تحفل به حياتهم من متغيّرات، لأنَّ الإنسان قد يكون مؤمناً صباحاً ويمسي كافراً، أو العكس، فالله سبحانه وتعالى خلقه شخصيّةً متحرِّكةً، تتأثَّر بالكلمة وبالحركة، وقد تتأثَّر باللّمسة، وقد تتأثَّر بالبلاء، وقد تتأثّر بالرّخاء.

لذلك، كان من مهمَّة الدّاعية أن يلاحق أوضاع النّاس، وأن يتعرّف لماذا قبلوا أو رفضوا، أو لماذا قبل البعض ورفض البعض الآخر، وهل إنّ أسلوبه في إبلاغهم كان هو الأسلوب الأفضل الّذي يُدخل الفكرة إلى عقولهم، أو أنَّ هناك قصوراً في الأسلوب. وهكذا، لا بدَّ للرّسول أو الدّاعية من أن يعيش حال ملاحقة دائمة ورصدٍ دقيق لحركة النّاس اليوميّة، فلعلّ ذلك الإصرار الصّادر عن نوح(ع) على التّبليغ ليلاً ونهاراً يحقِّق شيئاً من التقدّم في قناعاتهم. وقد شاع في هذا المجال المثل المعروف: "من طرق الباب ولجَّ ولج"، لأنَّ الإلحاح في طرق الباب لا بدَّ من أن يؤدّي إلى فتحه في نهاية المطاف.

ولكنَّ قوم نوح كانوا بعيدين عن ذلك، لأنهم قرَّروا الرّفض الحاسم للرّسالة والرسول، فأغلقوا آذانهم عن السّماع، وعقولهم عن التّفكير، وألسنتهم عن الحوار، وهذا ما عبَّر عنه نوح: {فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَاراً}[11]، فبالرّغم من دعوتي المستمرّة لهم ليلاً ونهاراً، إلاّ أنّهم لم يقتربوا مني ولا من رسالتي.

سبب هروب القوم من نوح

ونحن هنا نريد أن نفهم لماذا كان كلّ هذا الفرار وهذا الهروب من دعوة نوح(ع)؟

ربّما يفسَّر موقفهم بأنّهم كانوا يخافون من أن تدخل رسالته في عقولهم، فيضطرّون إِلى الإيمانِ بها؛ وذلك لأنَّ الحجَّة البالغة تفرض نفسها على التّفكير، وتأخذ بمجامع الشّعور والوجدان، فلا يصمد الإنسان إذا سمعها إلاّ أن يصدّق بها، في الوقت الّذي يُبعده عدم الاستماع إليه عن السّقوط تحت تأثير قوّة الفكرة وحلاوة الأسلوب.

وربّما كان الفرار كنايةً عن الابتعاد عنه، بحيث لا يجتمعون حوله، ولا يريدون أن يسمعوا منه، على طريقة ما كان يصنعه مشركو قريش مع النبيّ(ص)، ممّا قصّه القرآن في قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ}[12]، فعندما كان النّبيّ(ص) يأتي ليبلِّغهم القرآن، كان الواحد منهم يوصي الآخرين بأن لا يستمعوا إلى هذا القرآن وأن يغلقوا آذانهم عنه، وأن يرفعوا أصواتهم حتى لا يسمعوا شيئاً منه، وأن يلغوا فيه. فربّما كان هؤلاء لا يريدون أن يواجهوا نوحاً(ع) بالطّريقة الإنسانيّة الّتي تلتقي مع الإنسان الآخر الذي يملك فكراً ويملك دعوة.

{وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ}، أي للأخذ بالرّسالة والإيمان بها، {جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ}، حتّى لا يسمعوا دعوتي ولا يؤمنوا برسالتي ولا بما أقدِّمه لهم من حجج وبراهين، {وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ}، أي غطّوا وجوههم بثيابهم، ليتفادوا رؤية الرّسول الذي يمثِّل الخطر القادم على أفكارهم، وعلى كلِّ الواقع الّذي يحرسونه، {وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً}[13]، باعتبار أنَّ الكثير من حالات الكفر والإصرار على الرأي المضادّ، تنطلق من الاستكبار الَّذي يمنع الإنسان من أن يخضع للحقّ.

وقد لا يكون الكثير من حالات الكفر ناشئاً من وجود شبهةٍ عند الكافر، أو نتيجة اعتقاده بفكرة مضادّة، بل قد يكون ذلك من خلال حال الكبرياء الّتي تعيش في كيانه، فيرفض أن يتخلّى عن تفكيره لشخصٍ آخر، لأنّه يعتبر ذلك تنازلاً. وقد قال تعالى في آيةٍ أخرى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً}[14]، بحيث كانوا مقتنعين بما يقدَّم إليهم من الآيات والدّلائل والبراهين، ولكنَّهم كفروا وجحدوا انطلاقاً من التّعقيدات التي يعيشونها، من خلال ظلمهم واستكبارهم وعتوّهم.

فقد كان قوم نوحٍ يعيشون الاستكبار في أنفسهم، والَّذي يمنعهم من الاستجابة لدعوة نوح(ع)، ولا سيَّما أنّ هؤلاء كانوا يعيّرون نوحاً(ع) بأتباعه الضّعفاء الّذين لا يملكون مالاً ولا موقعاً اجتماعيّاً، في الوقت الّذي يملك هؤلاء المستكبرون الغنى والموقع، وهذا ما يوحي به قوله تعالى: {وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ}[15]؛ لأنَّ الحالة النفسيَّة قد تترك تأثيراتها الضَّاغطة في واقع النّاس الفكريّ والعمليّ، باعتبار أنَّ الإنسان يخضع في نشاطاته الداخليَّة والخارجيَّة للعوامل النّفسيّة المعاصرة.

{ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً}[16]، فقد وقفت في السَّاحات، وأطلقت دعوتي، وبيّنت رسالتي أمام النَّاس، وأقمت البراهين والحجج. {ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ}، بالطَّريقة العلنيَّة الَّتي تملك الوضوح في الحياة العامَّة، {وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً}[17]، لأنَّ بعضهم ربّما يتعقَّد من الحضور في المواقع العلنيَّة مع النّاس، ويعتبر أنَّ موقعه يفرض الحديث معه في شكلٍ خاصّ.

وللحديث تتمّة نكملها في الأسبوع القادم، إن شاء الله، والحمد لله ربِّ العالمين.

*ندوة الشَّام الأسبوعيَّة، فكر وثقافة


[1]  [نوح: 1].

[2]  [نوح: 2].

[3]  [نوح: 3].

[4]  [الزمر: 3].

[5]  [نوح: 3].

[6]  [نوح: 3].

[7]  [النساء: 80].

[8]  [نوح: 4].

[9]  [نوح: 4].

[10]  [نوح: 5].

[11]  [نوح: 6].

[12]  [فصلت: 26].

[13]  [نوح: 7].

[14]  [النمل: 14].

[15]  [هود: 27].

[16]  [نوح: 8].

[17]  [نوح: 9].


لا يزال الحديث عن نبيّ الله نوح(ع)، الَّذي يتميَّز عن غيره من الأنبياء ببعض الخصائص الَّتي تحدَّث عنها الله تعالى في كتابه الكريم،كما تحدَّث عن بعض تفاصيل تجربته مع قومه في السّورة الّتي سمّيت باسمه، وهو ما نحاول التعرّض له بشيءٍ من التَّفصيل في ما يلي.

التَّحذير من العذاب

يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[1]. لقد كانت مهمَّته أن يحذِّرهم من عذابِ الله سبحانه وتعالى إذا استمرّوا على وثنيَّتهم وإنكارهم للتَّوحيد، وعلى تمرّدهم على الرِّسالة أو الرِّسالات بشكلٍ عام، باعتبار أنَّ تاريخ المجتمعات الّتي سبقت نوحاً(ع)، كان تاريخاً وثنيّاً لا تعيش مجتمعاته الإيمان بالله الواحد، بل كانت تؤمن بالأصنام الَّتي ورثوها عن آبائهم، أو الّتي صنعوها بأنفسهم، كما سيأتي في آخر السّورة.

وكان الخطاب الإلهيّ لنوح(ع) بأن يكون خطابه لقومه تحذيريّاً وإنذاريّاً، باعتبار أنَّ مسألة الإنذار في منطق الرِّسالات السَّماويَّة تلتقي بالفطرة الإنسانيَّة، فالإنسان ـ بحسب فطرته ـ يحذر مما يخيفه ويؤدِّي به إِلى العذاب والهلاك، لأنَّ الإنسان بحسب تركيبته النَّفسيَّة، يحبّ الخير لنفسه ولا يقبل الشّرَّ لها، مهما كانت الظّروف. ولذلك، أرادت الرِّسالات ـ في ما أوحى الله به إلى رسله وكلَّف أنبياءه تبليغه ـ أن تمثِّل الصَّدمة لمشاعرهم وأحاسيسهم، ولما يشعرون به من الأمان والاسترخاء في كلِّ أوضاعهم.

ولذلك، كان العنوان الكبير الّذي أوحى به الله سبحانه وتعالى إلى نوح(ع)، أن يبدأ حديثه مع قومه بالقول: {قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ}[2]، فأنا من موقع اهتمامي بسلامتكم، وحرصي على مستقبلكم، أنذركم لتفكِّروا في مضمون هذا الإنذار؛ فهذا الإنذار هو إنذار إلهيّ، وليس إنذاراً شخصيّاً حتى تستهينوا به، باعتبار أنّي شخص مثلكم لا أملك قوّةً أكثر مما تملكون، ولكنَّني أنذركم من عقاب الله سبحانه وتعالى الّذي ينـزله على الجاحدين بربوبيَّته وتوحيده، والمنحرفين عن عبادته، بعد قيام الحجَّة الواضحة الَّتي لا غموض فيها ولا ضعف في دليلها.

عناوين الرِّسالة

ثم طرح عليهم ثلاثة عناوين رساليَّة:

العنوان الأوَّل: {أَنِ اعْبُدُوا اللهَ}[3]، فهو يدعوهم إلى أن يتركوا عبادة الأوثان، لأنَّ الأوثان لا تمثِّل أيّ معنىً يجعلها في مواقع العبادة، وليس فيها أيّ سرٍّ إلهيٍّ يجعلها ترتفع إِلى مستوى الألوهيَّة، أو إِلى مستوى القرب من الألوهيَّة بحسب عقيدة المشركين، ممّا بيَّنه قوله تعالى: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}[4]، فهو يدعوهم إلى العبادة الخالصة لله، بما تمثِّله العبادة من الخضوع المطلق له، بحيث يكونون بكلِّ وجودهم العمليّ، خاضعين له، ممتثلين لإرادته، وأن يعيشوا معنى العبوديَّة في عقولهم وقلوبهم وفي كلِّ حياتهم، بحيث يختزنون في أنفسهم معنى الألوهيَّة والربوبيَّة، لأنَّ ذلك يؤكِّد معنى التّوحيد في العبادة، والَّذي ينطلق من التَّوحيد في الربوبيَّة.

العنوان الثّاني: {وَاتَّقُوهُ}[5]؛ والتّقوى في مضمونها الفكريّ والعمليّ، هي عبارة عن الحالة العقليَّة العمليَّة الشّعوريّة الّتي تراقب الله كحقيقةٍ تفرض نفسها على الجانب العقليّ للإنسان، فيعيش في عقله عظمة الله الّتي تتحوَّل إلى أداةٍ للمراقبة الذاتيَّة، باعتبار أنَّ ذلك يكون أساساً للمراقبة المسؤولة الّتي تقود إلى السّلوك المستقيم، أو باعتبار ما تثيره من حالة شعوريّة إنسانيّة تزحف إلى وجدانِ الإنسان، فتهزّ فيه الإحساس بالخوف الشّعوريّ من عقاب الله، حتّى يتحوَّل ذلك إلى موقفٍ للطّاعة في حركته بالاتجاه العمليّ.

العنوان الثّالث: {وَأَطِيعُونِ}[6]، ولكن ليس من موقع العلاقة الذاتيَّة به، فتكون المسألة من قبيل إطاعة الإنسان لإنسانٍ آخر يحترمه أو يعظِّمه، بل أن يطيعوه باعتبار أنّه الرّسول القائد الّذي يقود خطاهم في الخطِّ المستقيم، في ما يمكن أن يبلّغه من الأوامر والنّواهي التي أراد الله له أن يبلّغها، على أساس قوله تعالى: {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ}[7]؛ لأنَّ الرسول لا ينطق من خلال ذاتيّاته، ولكنّه ينطق من خلال وحي الله له وتكليفه له، وبذلك، فإن الدعوة الثالثة هي أن يطيعوه في ما يوحي الله به إليه، وفي ما يحمِّلهم الله من المسؤوليّات، وفي ما يدرّبهم عليه من وسائل الطاعة.

وهذه الدَّعوة بعناوينها الثّلاثة، هي دعوة كلِّ نبيّ، فالأنبياء جميعاً يدعون أممهم إلى عبادة الله الواحد الّتي تختزن التَّوحيد في الربوبيَّة، وإلى التّقوى، وإلى طاعة الرّسول في الالتزام بالأوامر والنّواهي الّتي يبلّغهم إيّاها من خلال وحي الله له.

جزاء الالتزام بالدَّعوة

ثمّ يبيِّن لهم نوح(ع) نتائج التزامهم بما دعاهم إليه بقوله تعالى: {يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ}[8]، فالله لم يُغلق على النّاس باب المغفرة، ولم يبعد أيَّ إنسانٍ عن مواقع القرب إليه، حتّى لو كان كافراً ثمّ تراجع عن كفره إلى خطِّ الإيمان، لأنَّ الإيمان في خطِّ العمل، يهيِّئ للغفران الإلهيّ الّذي يناله المؤمنون بالله والعاملون في خطِّ طاعته، فلا يبقى للماضي الأسود أيّ تأثيرٍ في مصيرهم المستقبليّ في رحمة الله.

ومن هنا، كانت القاعدة الإسلاميَّة للَّذين كانوا كفرةً ومشركين، ومارسوا الكثير من الأعمال الّتي يبغضها الله، بأنَّ "الإسْلامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَه"، فلا يحاسَب الإنسانُ بعد أن ينتقل من الكفر إلى الإسلام على ما أسلف من المعاصي والسّيِّئات، {وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى}، فهو لا يُلغي وجودكم، بل يمهلكم إلى الأجل الطّبيعيّ الّذي جعله الله سبحانه وتعالى للإنسان، {إِنَّ أَجَلَ اللهِ إِذَا جَاء لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}[9]؛ لأنَّ الله فرض للإنسان أجلاً مسمَّى. وربما يحصل هناك الهلاك قبل الأجل المسمَّى الّذي يمثِّل العمر الّذي فرضه الله سبحانه وتعالى في طبيعة الوجود الإنسانيّ، والمتعلِّق بقابليَّة الجسد للحياة لمدَّة معيَّنة.

وقد ورد أنَّ هناك نوعين من الأجل: الأجل المحتوم، والأجل المخروم، وهو الأجل الّذي يأتي معه الموت من خلال بعض الأحداث الَّتي تحدث للإنسان، بحيث تكون طبيعة الجسد قابلةً لأن يعيش الإنسان عمراً أطول، ولكنَّ هذا الحادث الذي قد يتمثَّل بالقيام ببعض الأعمال السيِّئة التي ورد أنّها تقصِّر العمر، كقطيعة الرّحم، تؤدِّي إلى انخرام هذا الأجل.

هذه هي العناوين الّتي بلّغها نوح لقومه وأراد لهم أن يطبِّقوها، لأنّ نوحاً، كأنبياء الله الآخرين، عندما كانوا يبلّغون النّاس، كانوا يحاولون إقناعهم بالحجَّة والبرهان الّذي يدخل إلى العقل وينفتح على القلب.

التّجربة المريرة

ثم تبدأ السّورة بعد ذلك في التّقرير الّذي قدَّمه نوح(ع) إلى ربّه، في تجربته المريرة الطّويلة معهم، والّتي عاش معها الآلام النفسيّة تجاه مواقفهم: {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً}[10]، فلم تشغلني مشاغل النّهار ولا اللّيل عن الدَّعوة إليك، لأنني أعتبر مسألة الرّسالة مسألةً حيويَّةً تفرض على الرّسول أن يبلّغها ويحرّكها في حياة النّاس لحظةً بلحظة، من خلال مراقبته للأوضاع الّتي يعيشونها، في نقاط ضعفهم وقوّتهم، ليستفيد من أيّة حالةٍ عميقة أو طارئة في استجابتهم أو في عدم استجابتهم، في سبيل الوصول إلى قناعات النَّاس الفكريّة والروحيّة الّتي تتغيَّر وتتبدَّل تبعاً لما يحيط بها من أوضاع، ولما تحفل به حياتهم من متغيّرات، لأنَّ الإنسان قد يكون مؤمناً صباحاً ويمسي كافراً، أو العكس، فالله سبحانه وتعالى خلقه شخصيّةً متحرِّكةً، تتأثَّر بالكلمة وبالحركة، وقد تتأثَّر باللّمسة، وقد تتأثَّر بالبلاء، وقد تتأثّر بالرّخاء.

لذلك، كان من مهمَّة الدّاعية أن يلاحق أوضاع النّاس، وأن يتعرّف لماذا قبلوا أو رفضوا، أو لماذا قبل البعض ورفض البعض الآخر، وهل إنّ أسلوبه في إبلاغهم كان هو الأسلوب الأفضل الّذي يُدخل الفكرة إلى عقولهم، أو أنَّ هناك قصوراً في الأسلوب. وهكذا، لا بدَّ للرّسول أو الدّاعية من أن يعيش حال ملاحقة دائمة ورصدٍ دقيق لحركة النّاس اليوميّة، فلعلّ ذلك الإصرار الصّادر عن نوح(ع) على التّبليغ ليلاً ونهاراً يحقِّق شيئاً من التقدّم في قناعاتهم. وقد شاع في هذا المجال المثل المعروف: "من طرق الباب ولجَّ ولج"، لأنَّ الإلحاح في طرق الباب لا بدَّ من أن يؤدّي إلى فتحه في نهاية المطاف.

ولكنَّ قوم نوح كانوا بعيدين عن ذلك، لأنهم قرَّروا الرّفض الحاسم للرّسالة والرسول، فأغلقوا آذانهم عن السّماع، وعقولهم عن التّفكير، وألسنتهم عن الحوار، وهذا ما عبَّر عنه نوح: {فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَاراً}[11]، فبالرّغم من دعوتي المستمرّة لهم ليلاً ونهاراً، إلاّ أنّهم لم يقتربوا مني ولا من رسالتي.

سبب هروب القوم من نوح

ونحن هنا نريد أن نفهم لماذا كان كلّ هذا الفرار وهذا الهروب من دعوة نوح(ع)؟

ربّما يفسَّر موقفهم بأنّهم كانوا يخافون من أن تدخل رسالته في عقولهم، فيضطرّون إِلى الإيمانِ بها؛ وذلك لأنَّ الحجَّة البالغة تفرض نفسها على التّفكير، وتأخذ بمجامع الشّعور والوجدان، فلا يصمد الإنسان إذا سمعها إلاّ أن يصدّق بها، في الوقت الّذي يُبعده عدم الاستماع إليه عن السّقوط تحت تأثير قوّة الفكرة وحلاوة الأسلوب.

وربّما كان الفرار كنايةً عن الابتعاد عنه، بحيث لا يجتمعون حوله، ولا يريدون أن يسمعوا منه، على طريقة ما كان يصنعه مشركو قريش مع النبيّ(ص)، ممّا قصّه القرآن في قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ}[12]، فعندما كان النّبيّ(ص) يأتي ليبلِّغهم القرآن، كان الواحد منهم يوصي الآخرين بأن لا يستمعوا إلى هذا القرآن وأن يغلقوا آذانهم عنه، وأن يرفعوا أصواتهم حتى لا يسمعوا شيئاً منه، وأن يلغوا فيه. فربّما كان هؤلاء لا يريدون أن يواجهوا نوحاً(ع) بالطّريقة الإنسانيّة الّتي تلتقي مع الإنسان الآخر الذي يملك فكراً ويملك دعوة.

{وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ}، أي للأخذ بالرّسالة والإيمان بها، {جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ}، حتّى لا يسمعوا دعوتي ولا يؤمنوا برسالتي ولا بما أقدِّمه لهم من حجج وبراهين، {وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ}، أي غطّوا وجوههم بثيابهم، ليتفادوا رؤية الرّسول الذي يمثِّل الخطر القادم على أفكارهم، وعلى كلِّ الواقع الّذي يحرسونه، {وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً}[13]، باعتبار أنَّ الكثير من حالات الكفر والإصرار على الرأي المضادّ، تنطلق من الاستكبار الَّذي يمنع الإنسان من أن يخضع للحقّ.

وقد لا يكون الكثير من حالات الكفر ناشئاً من وجود شبهةٍ عند الكافر، أو نتيجة اعتقاده بفكرة مضادّة، بل قد يكون ذلك من خلال حال الكبرياء الّتي تعيش في كيانه، فيرفض أن يتخلّى عن تفكيره لشخصٍ آخر، لأنّه يعتبر ذلك تنازلاً. وقد قال تعالى في آيةٍ أخرى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً}[14]، بحيث كانوا مقتنعين بما يقدَّم إليهم من الآيات والدّلائل والبراهين، ولكنَّهم كفروا وجحدوا انطلاقاً من التّعقيدات التي يعيشونها، من خلال ظلمهم واستكبارهم وعتوّهم.

فقد كان قوم نوحٍ يعيشون الاستكبار في أنفسهم، والَّذي يمنعهم من الاستجابة لدعوة نوح(ع)، ولا سيَّما أنّ هؤلاء كانوا يعيّرون نوحاً(ع) بأتباعه الضّعفاء الّذين لا يملكون مالاً ولا موقعاً اجتماعيّاً، في الوقت الّذي يملك هؤلاء المستكبرون الغنى والموقع، وهذا ما يوحي به قوله تعالى: {وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ}[15]؛ لأنَّ الحالة النفسيَّة قد تترك تأثيراتها الضَّاغطة في واقع النّاس الفكريّ والعمليّ، باعتبار أنَّ الإنسان يخضع في نشاطاته الداخليَّة والخارجيَّة للعوامل النّفسيّة المعاصرة.

{ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً}[16]، فقد وقفت في السَّاحات، وأطلقت دعوتي، وبيّنت رسالتي أمام النَّاس، وأقمت البراهين والحجج. {ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ}، بالطَّريقة العلنيَّة الَّتي تملك الوضوح في الحياة العامَّة، {وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً}[17]، لأنَّ بعضهم ربّما يتعقَّد من الحضور في المواقع العلنيَّة مع النّاس، ويعتبر أنَّ موقعه يفرض الحديث معه في شكلٍ خاصّ.

وللحديث تتمّة نكملها في الأسبوع القادم، إن شاء الله، والحمد لله ربِّ العالمين.

*ندوة الشَّام الأسبوعيَّة، فكر وثقافة


[1]  [نوح: 1].

[2]  [نوح: 2].

[3]  [نوح: 3].

[4]  [الزمر: 3].

[5]  [نوح: 3].

[6]  [نوح: 3].

[7]  [النساء: 80].

[8]  [نوح: 4].

[9]  [نوح: 4].

[10]  [نوح: 5].

[11]  [نوح: 6].

[12]  [فصلت: 26].

[13]  [نوح: 7].

[14]  [النمل: 14].

[15]  [هود: 27].

[16]  [نوح: 8].

[17]  [نوح: 9].

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية