الصِّراع الفكريّ بين النّبيّ شعيب وقومه

الصِّراع الفكريّ بين النّبيّ شعيب وقومه

تقدَّم الحديث عن حوار النّبيّ شُعيب(ع) مع قومه، باعتبار أنَّ النبيّ ـ أيّ نبيٍ كان ـ ينطلق في دعوته على أساس أن ينصحَ قومه ـ والنَّصيحة تُرادف المشورة ـ لكي يأخذوا بما يحقِّق لهم الخير والسَّعادة في الدّنيا والآخرة.

دعوة الأنبياء واحدة

ولعلَّ الحديث عن قصص الأنبياء في القرآن الكريم، يهدف إلى تعريف كلِّ الدّعاة إلى الله أسلوب الأنبياء في الدَّعوة، لأنَّ دعوة الأنبياء واحدة، باعتبار أنَّ الله أرسلهم من أجل الدَّعوة إلى توحيده، ورفض الوثنيَّة والصنميَّة.

وقد لاحظنا في حديث القرآن الكريم عن مسيرة الأنبياء، من خلال ما قاموا به وما واجهوه في مسألة التحدّي وردّ التحدّي، وفي مواجهة كلّ الضغوط الّتي كان الطّغاة من قومهم يضغطون عليهم بها بمختلف الأساليب وبكلّ وسائل التّهديد؛ لاحظنا أنَّ الله سبحانه وتعالى يقدّم مسيرة الأنبياء هذه إلى رسول الله(ص) ليثبّت بها فؤاده، بحيث إنَّ الله يجمع لرسوله كلّ مسيرة الأنبياء من قبله، وكلّ تفاصيل حركتهم في خطِّ الدّعوة وخطّ المواجهة وخطّ الصّبر والتحدّي وردّ التحدّي، ليستفيد(ص) من كلّ هذه التّجربة الرساليّة الطّويلة للأنبياء، وليأخذ من قوّة الأنبياء في مواقفهم قوّةً لموقفه، ومن صبرهم وسيلةً لصبره.

صراع شعيب السلميّ مع قومه

أمّا في قصَّة النّبيّ شعيب، فإنّه لم يرد الدّخول مع قومه في مواجهة الصّراع القائم من خلال إثارة العصبيّة العائليّة لدى رهطه وعشيرته في لعبة العصبيّات الّتي تتحرّك خارج الفكرة وداخل النّوازع الذاتيّة الضيّقة والأحقاد الخانقة، ليقفوا معه على أساس ذلك، وإنّما حاول أن يثير فيهم فكرة الانطلاق بالصّراع في خطواتٍ سلميّة، ليأخذ الفكر مجاله الطبيعي الهادئ بين المؤمنين وغير المؤمنين، إلى أن يحكم الله، {وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ}، لأنّ للصّراع الفكريّ فائدته العمليّة الثقافيّة لدى جميع الأطراف، وهو يهيِّئ لهم كثيراً من الفرص الجديدة للقاء على أرض مشتركة.

فماذا كان ردُّ قومه؟ {قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا}، فنحن لا طاقة لنا على تحمّل ما انطلقت به، ممّا يمثّل الرفض لفكر الآباء والأجداد، ولا نقبل بأن يتحرّك أيّ إنسانٍ في قريتنا ليخرجنا من عقائدنا وليسفِّه عبادتنا، وليوجِّهنا إلى الوجهة الّتي لا نرتضيها، والّتي تختلف عمّا كان عليه آباؤنا، {أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا}، بحيث ترجع ومن معك مواطنين كبقيّة المواطنين، تلتزمون الملّة الّتي كنتم عليها وترجعون إليها، لِيرجع السّلام الفكريّ إِلى القرية كلّها، فلا يكون هناك فكرٌ آخر غير الفكر الذي ورثناه عن آبائنا، ولا يكون هناك دينٌ آخر غير الدين الذي اخترناه من خلال أجدادنا.

{قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ * قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى اللّهِ تَوَكَّلْنَا}. عندها، توجَّه شُعيب إِلى الله، وابتعد عن قومه غير مبالٍ بمنطقهم ولا لتهديداتهم وإغراءاتهم، مقدِّماً حسابه أمام ربّه قائلاً: إنّني قد أدّيتُ الرسالة، ودعوتُ هؤلاء القوم، ولم يقبلوا ما دعوتهم إليه، {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ * وَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ}[1]؛ فقد استعملوا منطق التّحذير لإبعاد النّاس عن رسالة شعيب، على أساس أنَّ اتّباع شُعيب يؤدِّي بهم إلى الخسران، والنّاس لا تحبّ أن تخسر.

وهذه الآيات تشير إلى أنَّ القوم لم يدخلوا مع شعيب في حوارٍ، ولم ينفتحوا على روح النصيحة النبويّة، بل أطلقوا التّهديد باستعمال القوَّة ضدَّه وضدّ المؤمنين معه، إذا لم يتراجعوا عن هذه الدَّعوة التوحيديّة الإصلاحيّة ويعودوا إلى العقيدة الشركيّة الإفساديّة. وكان ردّ فعل النبيّ شعيب(ع) رفض التّهديد، وتأكيد مسألة الالتزام بالرّسالة، وعدم التراجع عن الدَّعوة، مهما كانت الضّغوط والتّهديدات كبيرة، لأنَّ القضيّة ليست قضيّة مزاجٍ شخصيّ أو حالة طارئة، بل هي قضيَّة الحقّ والباطل الّتي يرتبط بها موضوع المصير في الدّنيا والآخرة. فإذا كان الإنسان عالماً بأنّه يتخبَّط في الظلمات التي تؤدّي به إلى الهلاك، واستطاع النجاة من ذلك بطريقة خاصَّة، فكيف يعقل أن يعود إليها، إذا كان يملك بعضاً من حسٍّ أو عقل؟! ولذا، فإنّ الموضوع لا يقبل المساومة من قريبٍ أو من بعيد.

الثَّبات في الدّعوة

ورفض شعيب كلّ ما أثاروه من التّهديد بالقوّة، من دون أن يتعقَّد أو ينهار، وتحرّك بروحٍ رساليّةٍ تطلب من الله ـ في ضراعةٍ وابتهال ـ أن يفتح بينه وبين قومه بالحقّ؛ إنّه خير الفاتحين.

وهنا يُطرح سؤال؛ هل إنَّ شعيباً عندما قال له قومه: {لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا}[2]، فهل كان قبل أن يبعثه الله بالرّسالة، ملتزماً بملّتهم؟ وهل كان يوافق على ما كانوا يسيرون عليه من التّطفيف في المكيال والميزان؟ وكيف يتناسب ذلك مع اختيار الله له للنبوَّة الّتي لا بدَّ للنبيّ معها من أن يكون منفتحاً على الإيمان بالله، وعلى توحيده قبل أن يرسله الله، ليكون في موقع القابليّة للاصطفاء؟

والجواب هو أنَّ شعيباً كان يتحدّث بلسان الملتزمين معه، فهو(ع) لم يكن ملتزماً بالوثنيّة، ولكنّ قومه الّذين معه كانوا ملتزمين بها، وعندما جاءتهم رسالته آمنوا بها وتركوا الوثنيّة. وشعيب، ككلّ الأنبياء، كان مؤمناً قبل أن يبعثه الله بالرسالة، لأنّ الله لا يبعث أحداً بالرّسالة في الحالات التي يلتزم فيها خطّ الوثنيّة، لأنّه لن يكون قابلاً لتحمّل أعباء الرّسالة ومضمونها الفكريّ والروحيّ والعمليّ بالنّحو الّذي يتمكَّن معه من إخراج النّاس من الظّلمات إلى النّور كما أراد الله تعالى.

حرمة التَّطفيف

ويتحدَّث القرآن الكريم في موقعٍ آخر عن بعض التّفاصيل الَّتي أثارها قومه ضدّه في قوله تعالى: {قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ * قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ * وَيَا قَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَن يُصِيبَكُم مِّثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ * وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ * قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ * قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءكُمْ ظِهْرِيّاً إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ * وَيَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُواْ إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ}[3].

لقد أثاروا الحديث عن صلاته الَّتي تمثِّل روحانيّة العبادة في خشوعه أمام الله، في عمليّة احتقارٍ لها، ووفق منطق ساخرٍ بأنّها هي الَّتي توحي إليه بما يتحرّك به في خطِّ الدّعوة إلى الله، وفي تحديد حرّيتهم في التصرّف في أموالهم، مستغربين منه هذا الانحطاط الفكريّ، في الوقت الّذي كانوا يعتبرونه موصوفاً بالحلم والرّشد في خطّ التّوازن في المنطق، لأنّهم كانوا يرون قدسيّةً لما كان يعبده آباؤهم من الأوثان، ممّا لا يمكن التّنازل عنه، باعتبار أنَّ ذلك يسيء إلى انتمائهم إليهم، كما أنّهم كانوا يعتقدون اعتقاداً خاطئاً أنّهم يملكون حرّية التصرّف المطلق فيما يملكه الإنسان من مال، فليس لأيِّ تشريعٍ أن يقترب من هذه الحرّية بأيِّ نوعٍ من أنواع التّضييق والتّقييد، لأنَّ المسألة الأخلاقيّة لا علاقة لها بالخطِّ الاقتصاديّ الَّذي يفرض على صاحبه الحصول على الرّبح من أيِّ موقع كان.

هذا هو المنهج في الخطِّ الرّأسماليّ الذي يعتبر أنَّ الاقتصاد شيء والأخلاق شيءٌ آخر، لهذا هم يجيزون لأنفسهم أن يحرّكوا الاقتصاد في كلِّ ما يدمِّر الحياة ويدمّر الإنسان ويفسد البلاد والعباد. وهذا ما نلاحظه في أيّامنا، كيف أنَّ الدّول المستكبرة تصرف الأموال الطائلة في إنتاج الأسلحة المدمّرة التي تدمّر حياة الإنسان، سواء الأسلحة النوويّة أو الأسلحة الأخرى، وهم غير مستعدِّين للعمل على ملاحظة سلامة الأرض، وهذا ما لاحظناه أيضاً في الجدل القائم بين الولايات المتّحدة الأميركيَّة وعددٍ من الدّول حول ظاهرة الاحتباس الحراريّ، حيث لا توافق واشنطن على توقيع اتفاقيّةٍ تحدّ من خطر الاحتباس الحراريّ الّذي يهدِّد الإنسان كلَّه.

وقد كان شعيب منسجماً مع القاعدة الإلهيّة الَّتي لا تعترف بالحرّيّة إلا بالمقدار الَّذي يحقّق للإنسان مصلحته العامَّة، وللحياة توازنها الدّقيق؛ ولذا كان التّشريع يسعى إلى تحقيق هذا التّوازن عندما يقيّد أو يطلق أو يعطي الحرّيّة في ما يحلّل أو يحرّم.

وقد كان التّطفيف نوعاً من الاستغلال الخبيث، والتعدّي على حقوق النّاس، وسرقة أموالهم، ما يسبّب إخلالاً بالتّوازن الذي تريد الأديان إقامته في حياة الناس، لجهة العدالة في التّعامل الذي يجعل المتعاملين متساوين في الأخذ والعطاء. وعلى هذا الأساس، جاء تحريمه منعاً للفساد في الأرض.

الإصلاح هدف الرّسالة

وقد تحدَّث شعيب إلى قومه بقوّة النبوّة المؤمنة بالحجّة اليقينيّة التي أوحى الله بها إليه، في تأكيد موقعه الرساليّ ولطفه الواسع، وأكَّد لهم التزامه الصَّلب بالرّسالة التي أنزلها الله عليه، ورفضه لما يأخذون به من أسباب الفساد، على أساس أنّه يريد الإصلاح حسب إمكاناته العمليَّة، واثقاً بتوفيق الله له في مهمَّته. وقد حذَّرهم من عذاب الله الّذي أصاب الأمم السَّابقة التي كذّبت الأنبياء، وطلب منهم العودة إلى الله، والتّوبة من شركهم وتمرّدهم على الله.

أمَّا ردّ فعلهم، فكان الادّعاء بأنّهم لا يفهمون منطقه في بعده الرّوحيّ والثقافيّ، لذلك فهم لا يملكون الدّخول معه في أيِّ نقاشٍ أو جدالٍ، ويهدّدونه بالقتل لولا قوَّة عشيرته، لأنّه لا يملك في ذاته أيّ قوّة ذاتيّة يخافون من سطوتها... لقد أغلقوا باب الحوار.

وكان منطق شعيب في الردِّ عليهم، أنَّ قوّة الله هي أعظم وأعزّ من قوّة عشيرته، فعليهم أن يخافوا منه، لأنَّ القوّة لله جميعاً. وإذا كانوا قد رفضوا الاستجابة لله في خطِّ الرّسالة، وجعلوه وراء ظهورهم، فإنَّ ذلك لن يضعف من موقفه، بل سوف يتابع عمله، وسوف يرون كيف يأتيهم العذاب الّذي يخزيهم.

نزول العذاب بالقوم

وجاءهم العذاب، كما في قوله تعالى: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ * الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَانُواْ هُمُ الْخَاسِرِينَ * فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ}[4].

وهكذا، توقَّف عن دعوتهم بعد هذا الجهد الكبير الّذي بذله في إبلاغهم الرّسالة والنّصيحة لهم ممّا لم يستجيبوا له في ذلك كلِّه، لأنّهم لم يحرّكوا عقولهم في الاستماع إليه والحوار معه.

إنّه ـ مع كلِّ عمقه الإنسانيّ ـ لم يأسف عليهم بعد إنزال العذاب بهم، لأنّهم لم يكونوا يستحقّون الأسف والحزن بعد تمرّدهم على الله في العقيدة والعمل، وقد كانوا ضدَّ إرادة الحياة التي هي من إرادة الله، ولأنهم لم يخلصوا لأنفسهم ولا للنّاس بعد أن رفضوا الإخلاص لله.

وهكذا، رأينا في هذه القصَّة كيف كان شعيب النبيّ النّاصح الَّذي يشير على قومه بما يحقّق لهم النّجاة، ويسير بهم في خطِّ الصّلاح والإصلاح، فلم يستجيبوا له. وتلك هي نهاية كلّ من يرفض الاسترشاد بالنّاصحين الَّذين يملكون الحقيقة، ويعبّرون عنها بمختلف الوسائل الَّتي تخاطب العقل والوجدان. والحمد لله ربِّ العالمين.

*ندوة الشّام الأسبوعيّة، فكر وثقافة


[1]  (الأعراف: 87 ـ 90).

[2]  (الأعراف: 88).

[3]  (هود: 87 ـ 93).

[4]  (الأعراف: 91 ـ 93).


تقدَّم الحديث عن حوار النّبيّ شُعيب(ع) مع قومه، باعتبار أنَّ النبيّ ـ أيّ نبيٍ كان ـ ينطلق في دعوته على أساس أن ينصحَ قومه ـ والنَّصيحة تُرادف المشورة ـ لكي يأخذوا بما يحقِّق لهم الخير والسَّعادة في الدّنيا والآخرة.

دعوة الأنبياء واحدة

ولعلَّ الحديث عن قصص الأنبياء في القرآن الكريم، يهدف إلى تعريف كلِّ الدّعاة إلى الله أسلوب الأنبياء في الدَّعوة، لأنَّ دعوة الأنبياء واحدة، باعتبار أنَّ الله أرسلهم من أجل الدَّعوة إلى توحيده، ورفض الوثنيَّة والصنميَّة.

وقد لاحظنا في حديث القرآن الكريم عن مسيرة الأنبياء، من خلال ما قاموا به وما واجهوه في مسألة التحدّي وردّ التحدّي، وفي مواجهة كلّ الضغوط الّتي كان الطّغاة من قومهم يضغطون عليهم بها بمختلف الأساليب وبكلّ وسائل التّهديد؛ لاحظنا أنَّ الله سبحانه وتعالى يقدّم مسيرة الأنبياء هذه إلى رسول الله(ص) ليثبّت بها فؤاده، بحيث إنَّ الله يجمع لرسوله كلّ مسيرة الأنبياء من قبله، وكلّ تفاصيل حركتهم في خطِّ الدّعوة وخطّ المواجهة وخطّ الصّبر والتحدّي وردّ التحدّي، ليستفيد(ص) من كلّ هذه التّجربة الرساليّة الطّويلة للأنبياء، وليأخذ من قوّة الأنبياء في مواقفهم قوّةً لموقفه، ومن صبرهم وسيلةً لصبره.

صراع شعيب السلميّ مع قومه

أمّا في قصَّة النّبيّ شعيب، فإنّه لم يرد الدّخول مع قومه في مواجهة الصّراع القائم من خلال إثارة العصبيّة العائليّة لدى رهطه وعشيرته في لعبة العصبيّات الّتي تتحرّك خارج الفكرة وداخل النّوازع الذاتيّة الضيّقة والأحقاد الخانقة، ليقفوا معه على أساس ذلك، وإنّما حاول أن يثير فيهم فكرة الانطلاق بالصّراع في خطواتٍ سلميّة، ليأخذ الفكر مجاله الطبيعي الهادئ بين المؤمنين وغير المؤمنين، إلى أن يحكم الله، {وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ}، لأنّ للصّراع الفكريّ فائدته العمليّة الثقافيّة لدى جميع الأطراف، وهو يهيِّئ لهم كثيراً من الفرص الجديدة للقاء على أرض مشتركة.

فماذا كان ردُّ قومه؟ {قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا}، فنحن لا طاقة لنا على تحمّل ما انطلقت به، ممّا يمثّل الرفض لفكر الآباء والأجداد، ولا نقبل بأن يتحرّك أيّ إنسانٍ في قريتنا ليخرجنا من عقائدنا وليسفِّه عبادتنا، وليوجِّهنا إلى الوجهة الّتي لا نرتضيها، والّتي تختلف عمّا كان عليه آباؤنا، {أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا}، بحيث ترجع ومن معك مواطنين كبقيّة المواطنين، تلتزمون الملّة الّتي كنتم عليها وترجعون إليها، لِيرجع السّلام الفكريّ إِلى القرية كلّها، فلا يكون هناك فكرٌ آخر غير الفكر الذي ورثناه عن آبائنا، ولا يكون هناك دينٌ آخر غير الدين الذي اخترناه من خلال أجدادنا.

{قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ * قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى اللّهِ تَوَكَّلْنَا}. عندها، توجَّه شُعيب إِلى الله، وابتعد عن قومه غير مبالٍ بمنطقهم ولا لتهديداتهم وإغراءاتهم، مقدِّماً حسابه أمام ربّه قائلاً: إنّني قد أدّيتُ الرسالة، ودعوتُ هؤلاء القوم، ولم يقبلوا ما دعوتهم إليه، {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ * وَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ}[1]؛ فقد استعملوا منطق التّحذير لإبعاد النّاس عن رسالة شعيب، على أساس أنَّ اتّباع شُعيب يؤدِّي بهم إلى الخسران، والنّاس لا تحبّ أن تخسر.

وهذه الآيات تشير إلى أنَّ القوم لم يدخلوا مع شعيب في حوارٍ، ولم ينفتحوا على روح النصيحة النبويّة، بل أطلقوا التّهديد باستعمال القوَّة ضدَّه وضدّ المؤمنين معه، إذا لم يتراجعوا عن هذه الدَّعوة التوحيديّة الإصلاحيّة ويعودوا إلى العقيدة الشركيّة الإفساديّة. وكان ردّ فعل النبيّ شعيب(ع) رفض التّهديد، وتأكيد مسألة الالتزام بالرّسالة، وعدم التراجع عن الدَّعوة، مهما كانت الضّغوط والتّهديدات كبيرة، لأنَّ القضيّة ليست قضيّة مزاجٍ شخصيّ أو حالة طارئة، بل هي قضيَّة الحقّ والباطل الّتي يرتبط بها موضوع المصير في الدّنيا والآخرة. فإذا كان الإنسان عالماً بأنّه يتخبَّط في الظلمات التي تؤدّي به إلى الهلاك، واستطاع النجاة من ذلك بطريقة خاصَّة، فكيف يعقل أن يعود إليها، إذا كان يملك بعضاً من حسٍّ أو عقل؟! ولذا، فإنّ الموضوع لا يقبل المساومة من قريبٍ أو من بعيد.

الثَّبات في الدّعوة

ورفض شعيب كلّ ما أثاروه من التّهديد بالقوّة، من دون أن يتعقَّد أو ينهار، وتحرّك بروحٍ رساليّةٍ تطلب من الله ـ في ضراعةٍ وابتهال ـ أن يفتح بينه وبين قومه بالحقّ؛ إنّه خير الفاتحين.

وهنا يُطرح سؤال؛ هل إنَّ شعيباً عندما قال له قومه: {لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا}[2]، فهل كان قبل أن يبعثه الله بالرّسالة، ملتزماً بملّتهم؟ وهل كان يوافق على ما كانوا يسيرون عليه من التّطفيف في المكيال والميزان؟ وكيف يتناسب ذلك مع اختيار الله له للنبوَّة الّتي لا بدَّ للنبيّ معها من أن يكون منفتحاً على الإيمان بالله، وعلى توحيده قبل أن يرسله الله، ليكون في موقع القابليّة للاصطفاء؟

والجواب هو أنَّ شعيباً كان يتحدّث بلسان الملتزمين معه، فهو(ع) لم يكن ملتزماً بالوثنيّة، ولكنّ قومه الّذين معه كانوا ملتزمين بها، وعندما جاءتهم رسالته آمنوا بها وتركوا الوثنيّة. وشعيب، ككلّ الأنبياء، كان مؤمناً قبل أن يبعثه الله بالرسالة، لأنّ الله لا يبعث أحداً بالرّسالة في الحالات التي يلتزم فيها خطّ الوثنيّة، لأنّه لن يكون قابلاً لتحمّل أعباء الرّسالة ومضمونها الفكريّ والروحيّ والعمليّ بالنّحو الّذي يتمكَّن معه من إخراج النّاس من الظّلمات إلى النّور كما أراد الله تعالى.

حرمة التَّطفيف

ويتحدَّث القرآن الكريم في موقعٍ آخر عن بعض التّفاصيل الَّتي أثارها قومه ضدّه في قوله تعالى: {قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ * قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ * وَيَا قَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَن يُصِيبَكُم مِّثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ * وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ * قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ * قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءكُمْ ظِهْرِيّاً إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ * وَيَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُواْ إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ}[3].

لقد أثاروا الحديث عن صلاته الَّتي تمثِّل روحانيّة العبادة في خشوعه أمام الله، في عمليّة احتقارٍ لها، ووفق منطق ساخرٍ بأنّها هي الَّتي توحي إليه بما يتحرّك به في خطِّ الدّعوة إلى الله، وفي تحديد حرّيتهم في التصرّف في أموالهم، مستغربين منه هذا الانحطاط الفكريّ، في الوقت الّذي كانوا يعتبرونه موصوفاً بالحلم والرّشد في خطّ التّوازن في المنطق، لأنّهم كانوا يرون قدسيّةً لما كان يعبده آباؤهم من الأوثان، ممّا لا يمكن التّنازل عنه، باعتبار أنَّ ذلك يسيء إلى انتمائهم إليهم، كما أنّهم كانوا يعتقدون اعتقاداً خاطئاً أنّهم يملكون حرّية التصرّف المطلق فيما يملكه الإنسان من مال، فليس لأيِّ تشريعٍ أن يقترب من هذه الحرّية بأيِّ نوعٍ من أنواع التّضييق والتّقييد، لأنَّ المسألة الأخلاقيّة لا علاقة لها بالخطِّ الاقتصاديّ الَّذي يفرض على صاحبه الحصول على الرّبح من أيِّ موقع كان.

هذا هو المنهج في الخطِّ الرّأسماليّ الذي يعتبر أنَّ الاقتصاد شيء والأخلاق شيءٌ آخر، لهذا هم يجيزون لأنفسهم أن يحرّكوا الاقتصاد في كلِّ ما يدمِّر الحياة ويدمّر الإنسان ويفسد البلاد والعباد. وهذا ما نلاحظه في أيّامنا، كيف أنَّ الدّول المستكبرة تصرف الأموال الطائلة في إنتاج الأسلحة المدمّرة التي تدمّر حياة الإنسان، سواء الأسلحة النوويّة أو الأسلحة الأخرى، وهم غير مستعدِّين للعمل على ملاحظة سلامة الأرض، وهذا ما لاحظناه أيضاً في الجدل القائم بين الولايات المتّحدة الأميركيَّة وعددٍ من الدّول حول ظاهرة الاحتباس الحراريّ، حيث لا توافق واشنطن على توقيع اتفاقيّةٍ تحدّ من خطر الاحتباس الحراريّ الّذي يهدِّد الإنسان كلَّه.

وقد كان شعيب منسجماً مع القاعدة الإلهيّة الَّتي لا تعترف بالحرّيّة إلا بالمقدار الَّذي يحقّق للإنسان مصلحته العامَّة، وللحياة توازنها الدّقيق؛ ولذا كان التّشريع يسعى إلى تحقيق هذا التّوازن عندما يقيّد أو يطلق أو يعطي الحرّيّة في ما يحلّل أو يحرّم.

وقد كان التّطفيف نوعاً من الاستغلال الخبيث، والتعدّي على حقوق النّاس، وسرقة أموالهم، ما يسبّب إخلالاً بالتّوازن الذي تريد الأديان إقامته في حياة الناس، لجهة العدالة في التّعامل الذي يجعل المتعاملين متساوين في الأخذ والعطاء. وعلى هذا الأساس، جاء تحريمه منعاً للفساد في الأرض.

الإصلاح هدف الرّسالة

وقد تحدَّث شعيب إلى قومه بقوّة النبوّة المؤمنة بالحجّة اليقينيّة التي أوحى الله بها إليه، في تأكيد موقعه الرساليّ ولطفه الواسع، وأكَّد لهم التزامه الصَّلب بالرّسالة التي أنزلها الله عليه، ورفضه لما يأخذون به من أسباب الفساد، على أساس أنّه يريد الإصلاح حسب إمكاناته العمليَّة، واثقاً بتوفيق الله له في مهمَّته. وقد حذَّرهم من عذاب الله الّذي أصاب الأمم السَّابقة التي كذّبت الأنبياء، وطلب منهم العودة إلى الله، والتّوبة من شركهم وتمرّدهم على الله.

أمَّا ردّ فعلهم، فكان الادّعاء بأنّهم لا يفهمون منطقه في بعده الرّوحيّ والثقافيّ، لذلك فهم لا يملكون الدّخول معه في أيِّ نقاشٍ أو جدالٍ، ويهدّدونه بالقتل لولا قوَّة عشيرته، لأنّه لا يملك في ذاته أيّ قوّة ذاتيّة يخافون من سطوتها... لقد أغلقوا باب الحوار.

وكان منطق شعيب في الردِّ عليهم، أنَّ قوّة الله هي أعظم وأعزّ من قوّة عشيرته، فعليهم أن يخافوا منه، لأنَّ القوّة لله جميعاً. وإذا كانوا قد رفضوا الاستجابة لله في خطِّ الرّسالة، وجعلوه وراء ظهورهم، فإنَّ ذلك لن يضعف من موقفه، بل سوف يتابع عمله، وسوف يرون كيف يأتيهم العذاب الّذي يخزيهم.

نزول العذاب بالقوم

وجاءهم العذاب، كما في قوله تعالى: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ * الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَانُواْ هُمُ الْخَاسِرِينَ * فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ}[4].

وهكذا، توقَّف عن دعوتهم بعد هذا الجهد الكبير الّذي بذله في إبلاغهم الرّسالة والنّصيحة لهم ممّا لم يستجيبوا له في ذلك كلِّه، لأنّهم لم يحرّكوا عقولهم في الاستماع إليه والحوار معه.

إنّه ـ مع كلِّ عمقه الإنسانيّ ـ لم يأسف عليهم بعد إنزال العذاب بهم، لأنّهم لم يكونوا يستحقّون الأسف والحزن بعد تمرّدهم على الله في العقيدة والعمل، وقد كانوا ضدَّ إرادة الحياة التي هي من إرادة الله، ولأنهم لم يخلصوا لأنفسهم ولا للنّاس بعد أن رفضوا الإخلاص لله.

وهكذا، رأينا في هذه القصَّة كيف كان شعيب النبيّ النّاصح الَّذي يشير على قومه بما يحقّق لهم النّجاة، ويسير بهم في خطِّ الصّلاح والإصلاح، فلم يستجيبوا له. وتلك هي نهاية كلّ من يرفض الاسترشاد بالنّاصحين الَّذين يملكون الحقيقة، ويعبّرون عنها بمختلف الوسائل الَّتي تخاطب العقل والوجدان. والحمد لله ربِّ العالمين.

*ندوة الشّام الأسبوعيّة، فكر وثقافة


[1]  (الأعراف: 87 ـ 90).

[2]  (الأعراف: 88).

[3]  (هود: 87 ـ 93).

[4]  (الأعراف: 91 ـ 93).

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية