التَّوبة إلى الله كلُّ الخلاص

التَّوبة إلى الله كلُّ الخلاص

نبقى مع معين أدعية الصَّحيفة السّجاديّة للإمام عليّ بن الحسين زين العابدين(ع)، التي تعلّم الإنسان مفردات الارتباط بالله، والدّعاء إليه بالرّحمة والمغفرة والرضا، وتسلّط الضَّوء على كثيرٍ من التّعقيدات الروحيَّة والنّفسيَّة والبلاءات الأخلاقيَّة التي على الإنسان أن يحيد عنها.

يقول(ع): "وَالْحَمْدُ للهِ الَّذِي دَلَّنَا عَلَى التَّوْبَةِ الَّتِي لَمْ نُفِدْهَا إلاّ مِنْ فَضْلِهِ، فَلَوْ لَمْ نَعْتَدِدْ مِنْ فَضْلِهِ إلا بِهَا لَقَدْ حَسُنَ بَلاؤُهُ عِنْدَنَا، وَجَلَّ إحْسَانُهُ إلَيْنَا، وَجَسُمَ فَضْلُهُ عَلَيْنَا، فَمَا هكذا كَانَتْ سُنَّتُهُ فِي التَّوْبَةِ لِمَنْ كَانَ قَبْلَنَا. لَقَدْ وَضَعَ عَنَّا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ، وَلَمْ يُكَلِّفْنَا إلاّ وُسْعاً، وَلَمْ يُجَشِّمْنَا إلاّ يُسْراً، وَلَمْ يَدَعْ لأحَـدٍ مِنَّا حُجَّةً وَلاَ عُذْراً، فَالْهَالِكُ مِنَّا مَنْ هَلَكَ عَلَيْهِ، والسَّعيد مِنَّا مَنْ رَغِبَ إلَيْهِ".

يتحدَّث الإمام زين العابدين(ع) في هذا الدّعاء عن قيمة التّوبة وأهميّتها، كوسيلةٍ جعلها الله تعالى رحمةً لعباده المذنبين العاصين، وطريقاً كي يرجع العباد إلى ربّهم بعد أن حاصرتهم الخطايا، ووقعوا في مطبَّاتها، كما أنَّ التَّوبة طريق خلاصنا من عقدة الذّنوب والمعاصي، كي نعود عباداً صالحين مهتدين إلى الخير والفلاح.

والله تعالى برحمته ترك خطَّ التّوبة والإنابة إليه مفتوحاً في أيِّ وقت، فضلاً منه وتكرّماً على عباده، كي يتعرَّفوا إلى مواطن رحمة الله الّتي لا حدَّ لها حتى مع العاصين والمعتدين على حدوده، فالحمد له أن أوضح لنا الطّريق، ودلَّنا على معرفة التّوبة سبيلاً لرحمته، وعوداً إلى الاستقامة على شرعته.

وينتقل الإمام(ع) في هذا الدّعاء إلى الكلام عن تمام النِّعمة الربّانيّة على عباده، حيث لم يثقل عليهم، ولم يكلِّفهم ما لا يستطيعون، وجعل التَّكاليف متحركةً في دائرة اليسر والسّعة والسّهولة.

فالله تعالى لم يشُق علينا بالأفعال والطّاعات إلا في حدود قدراتنا الطبيعيَّة التي وهبها لنا، ومن يسلك طريق الله ويمشِ في طاعته، يعرف كم هي اللذّة الروحيّة والراحة النفسيّة والانبساط الشّعوريّ الرّائع، والمرونة العقليّة المنفتحة التي يحصِّلها، جرّاء ما دعانا الله إليه من الذّكر والخشوع والتأمّل والعبادة الخالصة لله وحده.

وفي تناوله لهذا الدّعاء، يقول سماحة العلامة المرجع السيِّد محمد حسين فضل الله(رض): "... فتح لنا الله باب التوبة، ودلّنا عليها، وعرّفنا طبيعتها ووسيلتها ونتيجتها النَّفسيَّة والعمليَّة، وقال لنا: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ}[الشّورى: 25]، وقال لنا: إنّه {يُحِبُّ التَّوَّابِينَ}[البقرة: 222].. وهكذا كانت التَّوبة سبيلاً لتصحيح المسار وإصلاح الذَّات وتقويم الانحراف، للعودة إلى خطّ الاستقامة، ولولا دلالة الله لنا عليها، وقبوله لنا، وغفرانه لذنوبنا من خلالها، وإبعادنا عن اليأس من رحمته، لكنَّا من الهالكين المتخبِّطين دائماً في وحول الخطيئة وفقدان الرّوح وقسوة اليأس، وتلك هي النّعمة الكبرى الَّتي لا بدَّ لنا من أن نحمد الله عليها، ونقدّم إليه الشّكر عليها.. ووضع عنّا ما لا طاقة لنا به، ولم يكلّفنا إلا ما تتَّسع له قدراتنا العاديّة، ولم يجشّمنا إلا ما كان يسراً من الأعمال والمواقف، وهذا ما أشار إليه قوله تعالى: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}[الأعراف: 157].. ولهذا لم يبقَ لأحدٍ من المسلمين من أتباع النبيّ محمّد(ص) حجّة ولا عذر في الابتعاد عن الطّاعة، من خلال طبيعة التّكاليف المتحركة في دائرة اليسر والسّعة والسّهولة". [كتاب آفاق الرّوح، ج 1، ص 49، 50].

وما دامت التّوبة فرصةً أمامنا للعودة الحقيقيَّة إلى الله، فلنبادر إليها بكلِّ وعيٍ وقوَّةٍ وشجاعةٍ ومسؤوليَّة، كي نعيد تصويب حركتنا ومواقفنا وسلوكيَّاتنا على أساس رضا الله ومحبّته.. إنَّ التّوبة بابٌ مفتوحٌ على رحمة الله، فلنستثمر طاقاتنا في ولوج هذا الباب، ففيه كلّ الخير والسَّلامة والسَّعادة والفلاح في الدّنيا وفي الآخرة.

إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.

نبقى مع معين أدعية الصَّحيفة السّجاديّة للإمام عليّ بن الحسين زين العابدين(ع)، التي تعلّم الإنسان مفردات الارتباط بالله، والدّعاء إليه بالرّحمة والمغفرة والرضا، وتسلّط الضَّوء على كثيرٍ من التّعقيدات الروحيَّة والنّفسيَّة والبلاءات الأخلاقيَّة التي على الإنسان أن يحيد عنها.

يقول(ع): "وَالْحَمْدُ للهِ الَّذِي دَلَّنَا عَلَى التَّوْبَةِ الَّتِي لَمْ نُفِدْهَا إلاّ مِنْ فَضْلِهِ، فَلَوْ لَمْ نَعْتَدِدْ مِنْ فَضْلِهِ إلا بِهَا لَقَدْ حَسُنَ بَلاؤُهُ عِنْدَنَا، وَجَلَّ إحْسَانُهُ إلَيْنَا، وَجَسُمَ فَضْلُهُ عَلَيْنَا، فَمَا هكذا كَانَتْ سُنَّتُهُ فِي التَّوْبَةِ لِمَنْ كَانَ قَبْلَنَا. لَقَدْ وَضَعَ عَنَّا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ، وَلَمْ يُكَلِّفْنَا إلاّ وُسْعاً، وَلَمْ يُجَشِّمْنَا إلاّ يُسْراً، وَلَمْ يَدَعْ لأحَـدٍ مِنَّا حُجَّةً وَلاَ عُذْراً، فَالْهَالِكُ مِنَّا مَنْ هَلَكَ عَلَيْهِ، والسَّعيد مِنَّا مَنْ رَغِبَ إلَيْهِ".

يتحدَّث الإمام زين العابدين(ع) في هذا الدّعاء عن قيمة التّوبة وأهميّتها، كوسيلةٍ جعلها الله تعالى رحمةً لعباده المذنبين العاصين، وطريقاً كي يرجع العباد إلى ربّهم بعد أن حاصرتهم الخطايا، ووقعوا في مطبَّاتها، كما أنَّ التَّوبة طريق خلاصنا من عقدة الذّنوب والمعاصي، كي نعود عباداً صالحين مهتدين إلى الخير والفلاح.

والله تعالى برحمته ترك خطَّ التّوبة والإنابة إليه مفتوحاً في أيِّ وقت، فضلاً منه وتكرّماً على عباده، كي يتعرَّفوا إلى مواطن رحمة الله الّتي لا حدَّ لها حتى مع العاصين والمعتدين على حدوده، فالحمد له أن أوضح لنا الطّريق، ودلَّنا على معرفة التّوبة سبيلاً لرحمته، وعوداً إلى الاستقامة على شرعته.

وينتقل الإمام(ع) في هذا الدّعاء إلى الكلام عن تمام النِّعمة الربّانيّة على عباده، حيث لم يثقل عليهم، ولم يكلِّفهم ما لا يستطيعون، وجعل التَّكاليف متحركةً في دائرة اليسر والسّعة والسّهولة.

فالله تعالى لم يشُق علينا بالأفعال والطّاعات إلا في حدود قدراتنا الطبيعيَّة التي وهبها لنا، ومن يسلك طريق الله ويمشِ في طاعته، يعرف كم هي اللذّة الروحيّة والراحة النفسيّة والانبساط الشّعوريّ الرّائع، والمرونة العقليّة المنفتحة التي يحصِّلها، جرّاء ما دعانا الله إليه من الذّكر والخشوع والتأمّل والعبادة الخالصة لله وحده.

وفي تناوله لهذا الدّعاء، يقول سماحة العلامة المرجع السيِّد محمد حسين فضل الله(رض): "... فتح لنا الله باب التوبة، ودلّنا عليها، وعرّفنا طبيعتها ووسيلتها ونتيجتها النَّفسيَّة والعمليَّة، وقال لنا: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ}[الشّورى: 25]، وقال لنا: إنّه {يُحِبُّ التَّوَّابِينَ}[البقرة: 222].. وهكذا كانت التَّوبة سبيلاً لتصحيح المسار وإصلاح الذَّات وتقويم الانحراف، للعودة إلى خطّ الاستقامة، ولولا دلالة الله لنا عليها، وقبوله لنا، وغفرانه لذنوبنا من خلالها، وإبعادنا عن اليأس من رحمته، لكنَّا من الهالكين المتخبِّطين دائماً في وحول الخطيئة وفقدان الرّوح وقسوة اليأس، وتلك هي النّعمة الكبرى الَّتي لا بدَّ لنا من أن نحمد الله عليها، ونقدّم إليه الشّكر عليها.. ووضع عنّا ما لا طاقة لنا به، ولم يكلّفنا إلا ما تتَّسع له قدراتنا العاديّة، ولم يجشّمنا إلا ما كان يسراً من الأعمال والمواقف، وهذا ما أشار إليه قوله تعالى: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}[الأعراف: 157].. ولهذا لم يبقَ لأحدٍ من المسلمين من أتباع النبيّ محمّد(ص) حجّة ولا عذر في الابتعاد عن الطّاعة، من خلال طبيعة التّكاليف المتحركة في دائرة اليسر والسّعة والسّهولة". [كتاب آفاق الرّوح، ج 1، ص 49، 50].

وما دامت التّوبة فرصةً أمامنا للعودة الحقيقيَّة إلى الله، فلنبادر إليها بكلِّ وعيٍ وقوَّةٍ وشجاعةٍ ومسؤوليَّة، كي نعيد تصويب حركتنا ومواقفنا وسلوكيَّاتنا على أساس رضا الله ومحبّته.. إنَّ التّوبة بابٌ مفتوحٌ على رحمة الله، فلنستثمر طاقاتنا في ولوج هذا الباب، ففيه كلّ الخير والسَّلامة والسَّعادة والفلاح في الدّنيا وفي الآخرة.

إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية