العلم والعقل.. والشَّهوات

العلم والعقل.. والشَّهوات

إنّ العلم يتقدّم بنا خطوات وخطوات إلى الأمام، ونرى في المقابل أنَّ جنوح النّفس نحو الشَّهوات في عصور الاستغراق بالمظاهر المادّية، يستعر، فينجرف الإنسان إلى مستنقعات السّقوط، ففي الوقت الَّذي ما انفكّ العلم والعقل يدفعان الإنسان نحو الرقيّ والكمال، ويدعوانه إلى الانفتاح الحيّ على كلّ التّجارب والدروس التي تساعده على إكمال مسيرته بنجاح، لا تزال الطّبيعة الماديّة البشريّة تشدّ الإنسان إلى منطقها.. إنّها قضيّة صراع طويل بين العقل في سعيه للكمال، والشّهوة في إسقاطها للإنسان بكلّه.

ولا تبرح هذه الشّهوة تزيّن كلّ الطّرق للنفس في محاولة لجذبها، وإماتة سبيل التعقّل فيها، وجعل هذا السّبيل وسيلة لخدمة أنانياتها ومطامعها الدّنيئة في الحصول على جاهٍ أو منصب أو لذّة محرّمة أو مالٍ مغصوب أو التعدّي على الحقوق والكرامات، وهذا ما نراه في واقعنا، إذ تسيطر الشَّهوات على نفوس كثيرين، وتجعل من عقولهم أداةً لابتكار الوسائل الّتي يحصلون من خلالها على ما يشبع لذّاتهم، بدل أن تكون هذه العقول وسائل لرفع الغبن عن الواقع وإصلاحه والسَّير به نحو الرّقيّ والكمال.

وبدل أن نتساوق مع حركة العصر في تقدّمه، في كبح جماح الشّهوات، والإنصات إلى صوت العقل، بات كثيرون يسعون إلى قتل العقل ومحاصرته، وإلحاق الأذى بمن يحاول الاستماع إلى العقل، ومواجهة المصلحين بكلِّ الوسائل، ويثورون على كلّ محاولة لتأسيس الوعي والتقدّم، بدل الثّورة على الانحراف والرجعيّة.

هنا يأتي دور الإنسان الحقيقيّ والواعي في التنبّه إلى ما يحيط به من إغراءات، والإنصات إلى صوت العقل، وقيادة الحياة بطريقةٍ واعية مسؤولة، فلا يكون من جنود الشَّهوات، أو يشكّل عبئاً إضافياً على واقعه ومحيطه، بل يكون عاملاً يسعى إلى إراحة نفسه والآخرين والحياة.

فالواعون هم من يعرفون قيادة أمورهم وتسييرها وإيصالها إلى برّ الأمان، بما يليق مع دور الإنسان ووظيفته في خدمة مسيرته الإنسانيَّة والحضاريَّة، والغافلون المتخلّفون هم من ينصتون إلى شهواتهم، ويفقدون زمام قيادة أمورهم، فيسيئون إلى أنفسهم والحياة من حولهم.

وحول ما تقدَّم، يقول الشَّهيد الأستاذ مرتضى مطهّري: "في الوقت الّذي يكون العلم في تقدّم، لا تقف الطَّبيعة المتمرّدة للبشر مكتوفة اليدين، فالعلم والعقل يدفعان بالإنسان نحو الكمال، والطبيعة الإنسانيّة المتمرّدة تجرّه نحو الفساد والانحراف، إذ إنَّ شهوات الإنسان الطبيعيَّة تسعى إلى أن تجعل من العلم أداةً بيدها لخدمة الشّهوة والرغبات الحيوانيّة.. ففي الوقت الَّذي يستوعب العصر التقدّم والتّكامل، يستوعب الفساد والانحراف أيضاً.. لذا، يجب أن نتقدَّم مع تقدّم العصر ونكافح فساده وانحرافه.

إنّ المصلح والرجعيّ كليهما ثائران على العصر، مع فارق أنَّ المصلح ثائر ضدّ الانحراف، والرجعيّ ثائر ضدّ التقدّم.. إنّ الإنسان الّذي امتطى مركب العصر وهو في حركة مستمرّة، يجب أن لا يغفل لحظة عن قيادة هذا المركب، أما الّذين يتحدّثون عن تغييرات العصر بينما هم غافلون عن قيادته، فقد نسوا دور الإنسان الفعّال في ذلك، وهم كالفارس الَّذي توجّهه فرسه حيث تشاء".[كتاب "حقوق المرأة في النظام الإسلاميّ"].

فلننتبه إلى أهميَّة دورنا في أن نكرّس جهودنا وطاقاتنا في سبيل أن نكون من الواعين والنّاجين والمفيدين لحركة الإصلاح والتّغيير في الحياة، لا أن نكون من الجاهلين المتخلّفين المستغرقين في مستنقعات الشَّهوة واللّذّة والأنانيّات.

*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.

إنّ العلم يتقدّم بنا خطوات وخطوات إلى الأمام، ونرى في المقابل أنَّ جنوح النّفس نحو الشَّهوات في عصور الاستغراق بالمظاهر المادّية، يستعر، فينجرف الإنسان إلى مستنقعات السّقوط، ففي الوقت الَّذي ما انفكّ العلم والعقل يدفعان الإنسان نحو الرقيّ والكمال، ويدعوانه إلى الانفتاح الحيّ على كلّ التّجارب والدروس التي تساعده على إكمال مسيرته بنجاح، لا تزال الطّبيعة الماديّة البشريّة تشدّ الإنسان إلى منطقها.. إنّها قضيّة صراع طويل بين العقل في سعيه للكمال، والشّهوة في إسقاطها للإنسان بكلّه.

ولا تبرح هذه الشّهوة تزيّن كلّ الطّرق للنفس في محاولة لجذبها، وإماتة سبيل التعقّل فيها، وجعل هذا السّبيل وسيلة لخدمة أنانياتها ومطامعها الدّنيئة في الحصول على جاهٍ أو منصب أو لذّة محرّمة أو مالٍ مغصوب أو التعدّي على الحقوق والكرامات، وهذا ما نراه في واقعنا، إذ تسيطر الشَّهوات على نفوس كثيرين، وتجعل من عقولهم أداةً لابتكار الوسائل الّتي يحصلون من خلالها على ما يشبع لذّاتهم، بدل أن تكون هذه العقول وسائل لرفع الغبن عن الواقع وإصلاحه والسَّير به نحو الرّقيّ والكمال.

وبدل أن نتساوق مع حركة العصر في تقدّمه، في كبح جماح الشّهوات، والإنصات إلى صوت العقل، بات كثيرون يسعون إلى قتل العقل ومحاصرته، وإلحاق الأذى بمن يحاول الاستماع إلى العقل، ومواجهة المصلحين بكلِّ الوسائل، ويثورون على كلّ محاولة لتأسيس الوعي والتقدّم، بدل الثّورة على الانحراف والرجعيّة.

هنا يأتي دور الإنسان الحقيقيّ والواعي في التنبّه إلى ما يحيط به من إغراءات، والإنصات إلى صوت العقل، وقيادة الحياة بطريقةٍ واعية مسؤولة، فلا يكون من جنود الشَّهوات، أو يشكّل عبئاً إضافياً على واقعه ومحيطه، بل يكون عاملاً يسعى إلى إراحة نفسه والآخرين والحياة.

فالواعون هم من يعرفون قيادة أمورهم وتسييرها وإيصالها إلى برّ الأمان، بما يليق مع دور الإنسان ووظيفته في خدمة مسيرته الإنسانيَّة والحضاريَّة، والغافلون المتخلّفون هم من ينصتون إلى شهواتهم، ويفقدون زمام قيادة أمورهم، فيسيئون إلى أنفسهم والحياة من حولهم.

وحول ما تقدَّم، يقول الشَّهيد الأستاذ مرتضى مطهّري: "في الوقت الّذي يكون العلم في تقدّم، لا تقف الطَّبيعة المتمرّدة للبشر مكتوفة اليدين، فالعلم والعقل يدفعان بالإنسان نحو الكمال، والطبيعة الإنسانيّة المتمرّدة تجرّه نحو الفساد والانحراف، إذ إنَّ شهوات الإنسان الطبيعيَّة تسعى إلى أن تجعل من العلم أداةً بيدها لخدمة الشّهوة والرغبات الحيوانيّة.. ففي الوقت الَّذي يستوعب العصر التقدّم والتّكامل، يستوعب الفساد والانحراف أيضاً.. لذا، يجب أن نتقدَّم مع تقدّم العصر ونكافح فساده وانحرافه.

إنّ المصلح والرجعيّ كليهما ثائران على العصر، مع فارق أنَّ المصلح ثائر ضدّ الانحراف، والرجعيّ ثائر ضدّ التقدّم.. إنّ الإنسان الّذي امتطى مركب العصر وهو في حركة مستمرّة، يجب أن لا يغفل لحظة عن قيادة هذا المركب، أما الّذين يتحدّثون عن تغييرات العصر بينما هم غافلون عن قيادته، فقد نسوا دور الإنسان الفعّال في ذلك، وهم كالفارس الَّذي توجّهه فرسه حيث تشاء".[كتاب "حقوق المرأة في النظام الإسلاميّ"].

فلننتبه إلى أهميَّة دورنا في أن نكرّس جهودنا وطاقاتنا في سبيل أن نكون من الواعين والنّاجين والمفيدين لحركة الإصلاح والتّغيير في الحياة، لا أن نكون من الجاهلين المتخلّفين المستغرقين في مستنقعات الشَّهوة واللّذّة والأنانيّات.

*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية