ونريد به بيان أحكام ما لو صدر الطلاق من الزوج مرة بعد مرة حتى بلغ ثلاثاً أو تسعاً، وذلك في مسائل:
ـ لا يتحقّق الطلاق مرة بعد مرة بمجرد التلفظ بالرقم، بل لا بد من صدوره مرة واحدة على نحو الحقيقة والواقع، وذلك بصدور صيغة الطلاق مستكملة لشروطها ثم إِعادتها إلى زوجيته مرة ثانية بالمراجعة في العدة أو بالعقد عليها في العدة أو بعدها ثم طلاقها مرة ثانية، وهكذا؛ فلو قال من يتبع مذهبنا: «زوجتي طالق ثلاثاً»، أو: «زوجتي طالق، زوجتي طالق، زوجتي طالق» لم يقع به إلا طلاق واحد، ووقع الزائد لغواً، أما لو قالها غيره من أتباع المذاهب الإسلامية الذين يرون صحتَها ووقوعَ الطلاق بها ثلاث مرات فعلاً وتحقّقَ البينونة التامة ما لم تتزوج غيره، فإننا ـ إلزاماً لهم بما التزموا به ـ نرتب الأثر على طلاقهم هذا، ونعامل المرأة المطلقة بهذا النحو معاملة المرأة البائنة. (
أنظر المسألة: 930).
ـ إ
ذا طلق الرجل زوجته ثم راجعها مرة بعد مرة حتى بلغ الثلاث، كان أمره على أنحاء:
الأول: أن يطلقها طلاقاً رجعياً جامعاً للشروط، ثم يراجعها في العدة فيواقعها قبلاً أو دبراً، فتمضي الأيام عليها هكذا حتى يعزم على طلاقها، فيطلقها مرة ثانية ثم يراجعها بنفس النحو، وتمضي عليهما الأيام، فإذا طلقها مرة ثالثة وقع الطلاق بائناً وحرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره، فإذا طلقها زوجها الثاني حلت لزوجها الأول إذا رغب بها وعقد عليها. وهذا النحو من الطلاق هو الذي اصطلح الفقهاء على تسميته بــ (الطلاق العِدِّي)، نسبة إلى (العِدَّة) لتميزه بمراجعة الزوجة وهي ما تزال في عدة الطلاق الرجعي.
الثاني: أن يطلقها رجعياً، ثم يراجعها في عدتها فلا يواقعها، ثم يطلقها كذلك مرة ثانية، فيراجعها في عدتها فلا يواقعها، فإذا طلقها مرة ثالثة وقع الطلاق بائناً وحرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره، على ما في النحو الأول؛ بدون فرق في ذلك بين ما لو تكرر منه الطلاقان الأخيران في نفس طهر الطلاق الأول وبين ما لو وقع كل طلاق في طهر غير طهر الآخر. وهذا النحو قد اصطلح عليه الفقهاء بــ (الطلاق السُّنِّي)، وذلك في قبال (الطلاق العِدِّي) الذي ذكرناه في النحو الأول. وهو مأخوذ من (السُنَّة): أي: سُنة النبي(ص)، ربما تأكيداً على كونه موافقاً للشريعة المطهرة.
الثالث: أن يطلقها رجعياً ويدع مراجعتها حتى تنقضي عدتها فيتزوجها بعقد جديد، يفعل ذلك مرة بعد مرة، فإذا طلقها مرة ثالثة بانت منه حتى تنكح زوجاً غيره. وهذا النحو قد اصطلح عليه بــ (الطلاق السني بالمعنى الأخص)، وذلك في قبال ما اصطلحوا عليه بــ (السني بالمعنى الأعم)، والذي أرادوا به كل طلاق موافق للشروط الشرعية، والذي يقابله (الطلاق البِدْعِي) الذي أرادوا به كل طلاق غير موافق للشروط الشرعية، وهو مأخوذ من (البدْعة). هذا، ولا يختص هذا النحو الثالث بما لو كان الطلاق رجعياً، بل يشمل ما لو كان الطلاق بائناً، بحيث طلقها ثم عقد عليها ثم طلقها ثم عقد عليها ثم طلقها، فإنها تحرم عليه حتى تنكح غيره.
وخلاصة ما تقدم في هذه المسألة هو: كلما طلق الرجل زوجته طلاقاً رجعياً أو بائناً ثم أعادها إلى عصمته ثم طلقها، بانت منه في الطلاق الثالث، ولم يكن له أن يتزوجها إلا بعد أن تتزوج رجلاً غيره، وذلك بدون فرق بين ما لو كان حين راجعها قد راجعها في العدة وواقعها، أو راجعها في العدة وطلقها ثانية دون أن يواقعها، أو ترك مراجعتها حتى انقضت عدتها فعقد عليها ثم طلقها ثانية، ففي جميع ذلك لا تحل له بعد الطلاق الثالث إلا بعد أن يتزوجها شخص آخر بكيفية معينة سيأتي بيانها ثم يطلقها وتنقضي عدتها، فيحل له حينذاك أن يعقد عليها إن رضيت به.
ـ يعتبر في النكاح المُحَلِّل أن يكون الزواج دائماً والعقد صحيحاً، وأن يتحقّق الدخول بها في الفرج لا في الدبر؛ نعم لا يعتبر فيه أن يكون الزوج بالغاً فيكتفى بزواج المراهق إذا كان بإذن وليه وتحقّق منه الدخول، كما لا يعتبر ـ إضافة إلى الدخول ـ تحقّق القذف المعبر عنه بالإنزال، وإن كان الأحوط استحباباً كون الزوج بالغاً، واقتران الدخول بالإنزال. فإذا تحقّق هذا الزواج ثم فارقها زوجها بموت أو طلاق، وانقضت عدتها منه، حَلَّ لزوجها الأول أن يتزوجها ثانية.
ـ إذا تزوجت المطلَّقة غير زوجها ـ بعد طلاقها الأول أو الثاني من زوجها ـ بذلك النحو من الزواج المذكور في المسألة السابقة لم يؤثر هذا الزواج في هدم ما سبقه من الطلاق، فلو فارقها ذلك الزوج وعاد إليها زوجها الأول فطلقها مرة أو مرتين، بحيث صار مجموع طلاقها اللاحق والسابق ثلاث طلقات، حرمت على زوجها الأول ولم تَحُلَّ له إلا إذا تزوجت زواجاً ثالثاً، سواءً من زوجها الثاني أو من غيره.
ـ لا يضر بالجماع الذي يتحقّق به التحليل ما لو كان مُحرَّماً على الزوج بسبب طارىء، كأن يقاربها في الحيض، أو حال الإحرام، أو أثناء النهار من الصوم الواجب، أو نحو ذلك، فإنه رغم كونه حراماً يُكتفى به في تحقّق الدخول المعتبر في حصول التحليل.
ـ إذا كان الزوج مِطْلاَقاً، أي: كثير الطلاق لزوجته، فإن كان ـ بعد أن طلقها ثلاثاً على مقتضى النحو الأول السالف الذكر، وهو الذي يسمى بــ (الطلاق العِدِّي)، ونكحها شخص آخر ثم فارقها بموت أو طـلاق ـ قد عاد إليها (أي: زوجها الأول) فتزوجها ثم طلقها بنفس النحو ثلاث طلقات، فنكحها غيره نكاح تحليل، ثم فارقها فتزوجها زوجها الأول، فطلقها بنفس النحو ثلاث طلقات، فتم له بذلك تسع طلاقات مترتبة على النحو التالي: طلاقان رجعيان ثم طلاق بائن ثم زواج من شخص آخر، ثم طلاقان رجعيان ثم طلاق بائن ثم زواج من شخص آخر، ثم طلاقان رجعيان ثم طلاق بائن، وهو الطلاق التاسع، إذا حَدَثَ ذلك حرمت عليه مؤبداً فلم تحل له بعد ذلك. هذا إذا طلقها بما يوافق النحو الأول، أما إذا طلقها بأحد النحوين الآخرين، أي طلقها وراجعها في العدة وترك مواقعتها، ثم طلقها بهذا النحو مراراً وتكراراً، وكان يتزوجها شخص آخر بعد كل ثلاثٍ للتحليل؛ أو أنه طلقها ثم ترك مراجعتها حتى انقضت عدتها فتزوجها بعقد جديد، ثم طلقها بنفس النحو مراراً وتكراراً بعد أن كان يتزوجها شخص آخر بعد كل ثلاثٍ، أما إذا طلقها بأحد هذين النحوين مئة مرة فإنها لا تحرم عليه مؤبداً، وإن كان الأحوط استحباباً له ترك التزوج منها بعد التسع.
ـ إذا طلقها ثلاثاً فبانت منه وتفارقا، وبعد مضي مدة رغب في تزوجها، فادّعت أنها كانت ـ خلال تلك المدة ـ قد تزوجت من غيره وطلقها أو مات عنها وانقضت عدتها منه، فإن كانت المدة المنقضية من الطول بحيث يمكن حدوث ذلك فيها، وكانت المرأة غير متهمة في صدقها، جاز لزوجها الأول ترتيب الأثر على خبرها والتزوج منها بغير فحص عن حالها؛ وأما إذا كانت متهمة في ما تدعي فالأحوط وجوباً ترك التزوج بها قبل التثبت من صدقها.
ـ إذا خلا المُحلِّل بزوجته المطلقة ثلاثاً من زوجها السابق، ومضت الأيام فطلقها واعتدت منه، فلما رغب بها زوجها الأول وسألها عن حالها معه، ليرى إن كانت قد تحللت له بذلك الزواج أَوْ لاَ، ادّعت دخولَه بها، فإن صدَّقَها الزوج الثاني حلت للأول، وإن كذبها لم يكن لزوجها الأول أن يتزوجها ما لم يحصل له الاطمئنان بصدقها رغم تكذيب الثاني لها. وإذا ادعت الدخول، ثم رجعت عن ادعائها وأكدت عدم الدخول، فإن كان الرجوع قبل أن يعقد عليها زوجها الأول لم تحل له، وإن كان بعد أن عقد عليها لم يكن لرجوعها أثر واستمر الزواج صحيحاً.
ـ إذا طلق غير الإمامي من المسلمين من أتباع المذاهب الإسلامية زوجته ثلاث طلاقات في مجلس واحد، وحيث إنه يرى حرمتها حتى تنكح زوجاً غيره، يحكم بعدم صحة رجوعه إليها قبل التحليل ما دام ملتزماً برأي مذهبه في هذا المورد، وذلك إلزاماً له بما التزم به، كما وأنه يجوز للإمامي عدم الاعتداد برجوعه هذا فيصح منه التزوج من زوجته هذه بعد انقضاء عدتها، كما يجوز لمطلقته الإمامية أن ترفض الرجوع إليه وتتزوج بغيره بعد انقضاء عدتها.
نعم إذا عدل عن مذهبه إلى مذهبنا في جميع أموره أو في هذا المورد بخاصة لزمه ـ حينئذ ـ ترتيب آثار طلاق واحد مع توفر سائر الشروط الأخرى المعتبرة عندنا، من الشهود وعدم كونها في الحيض وغيرهما، فلا يحتاج في رجوعه إليها إلى محلل، ووجب على الإمامي أخذ ذلك بنظر الاعتبار.
ونريد به بيان أحكام ما لو صدر الطلاق من الزوج مرة بعد مرة حتى بلغ ثلاثاً أو تسعاً، وذلك في مسائل:
ـ لا يتحقّق الطلاق مرة بعد مرة بمجرد التلفظ بالرقم، بل لا بد من صدوره مرة واحدة على نحو الحقيقة والواقع، وذلك بصدور صيغة الطلاق مستكملة لشروطها ثم إِعادتها إلى زوجيته مرة ثانية بالمراجعة في العدة أو بالعقد عليها في العدة أو بعدها ثم طلاقها مرة ثانية، وهكذا؛ فلو قال من يتبع مذهبنا: «زوجتي طالق ثلاثاً»، أو: «زوجتي طالق، زوجتي طالق، زوجتي طالق» لم يقع به إلا طلاق واحد، ووقع الزائد لغواً، أما لو قالها غيره من أتباع المذاهب الإسلامية الذين يرون صحتَها ووقوعَ الطلاق بها ثلاث مرات فعلاً وتحقّقَ البينونة التامة ما لم تتزوج غيره، فإننا ـ إلزاماً لهم بما التزموا به ـ نرتب الأثر على طلاقهم هذا، ونعامل المرأة المطلقة بهذا النحو معاملة المرأة البائنة. (
أنظر المسألة: 930).
ـ إ
ذا طلق الرجل زوجته ثم راجعها مرة بعد مرة حتى بلغ الثلاث، كان أمره على أنحاء:
الأول: أن يطلقها طلاقاً رجعياً جامعاً للشروط، ثم يراجعها في العدة فيواقعها قبلاً أو دبراً، فتمضي الأيام عليها هكذا حتى يعزم على طلاقها، فيطلقها مرة ثانية ثم يراجعها بنفس النحو، وتمضي عليهما الأيام، فإذا طلقها مرة ثالثة وقع الطلاق بائناً وحرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره، فإذا طلقها زوجها الثاني حلت لزوجها الأول إذا رغب بها وعقد عليها. وهذا النحو من الطلاق هو الذي اصطلح الفقهاء على تسميته بــ (الطلاق العِدِّي)، نسبة إلى (العِدَّة) لتميزه بمراجعة الزوجة وهي ما تزال في عدة الطلاق الرجعي.
الثاني: أن يطلقها رجعياً، ثم يراجعها في عدتها فلا يواقعها، ثم يطلقها كذلك مرة ثانية، فيراجعها في عدتها فلا يواقعها، فإذا طلقها مرة ثالثة وقع الطلاق بائناً وحرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره، على ما في النحو الأول؛ بدون فرق في ذلك بين ما لو تكرر منه الطلاقان الأخيران في نفس طهر الطلاق الأول وبين ما لو وقع كل طلاق في طهر غير طهر الآخر. وهذا النحو قد اصطلح عليه الفقهاء بــ (الطلاق السُّنِّي)، وذلك في قبال (الطلاق العِدِّي) الذي ذكرناه في النحو الأول. وهو مأخوذ من (السُنَّة): أي: سُنة النبي(ص)، ربما تأكيداً على كونه موافقاً للشريعة المطهرة.
الثالث: أن يطلقها رجعياً ويدع مراجعتها حتى تنقضي عدتها فيتزوجها بعقد جديد، يفعل ذلك مرة بعد مرة، فإذا طلقها مرة ثالثة بانت منه حتى تنكح زوجاً غيره. وهذا النحو قد اصطلح عليه بــ (الطلاق السني بالمعنى الأخص)، وذلك في قبال ما اصطلحوا عليه بــ (السني بالمعنى الأعم)، والذي أرادوا به كل طلاق موافق للشروط الشرعية، والذي يقابله (الطلاق البِدْعِي) الذي أرادوا به كل طلاق غير موافق للشروط الشرعية، وهو مأخوذ من (البدْعة). هذا، ولا يختص هذا النحو الثالث بما لو كان الطلاق رجعياً، بل يشمل ما لو كان الطلاق بائناً، بحيث طلقها ثم عقد عليها ثم طلقها ثم عقد عليها ثم طلقها، فإنها تحرم عليه حتى تنكح غيره.
وخلاصة ما تقدم في هذه المسألة هو: كلما طلق الرجل زوجته طلاقاً رجعياً أو بائناً ثم أعادها إلى عصمته ثم طلقها، بانت منه في الطلاق الثالث، ولم يكن له أن يتزوجها إلا بعد أن تتزوج رجلاً غيره، وذلك بدون فرق بين ما لو كان حين راجعها قد راجعها في العدة وواقعها، أو راجعها في العدة وطلقها ثانية دون أن يواقعها، أو ترك مراجعتها حتى انقضت عدتها فعقد عليها ثم طلقها ثانية، ففي جميع ذلك لا تحل له بعد الطلاق الثالث إلا بعد أن يتزوجها شخص آخر بكيفية معينة سيأتي بيانها ثم يطلقها وتنقضي عدتها، فيحل له حينذاك أن يعقد عليها إن رضيت به.
ـ يعتبر في النكاح المُحَلِّل أن يكون الزواج دائماً والعقد صحيحاً، وأن يتحقّق الدخول بها في الفرج لا في الدبر؛ نعم لا يعتبر فيه أن يكون الزوج بالغاً فيكتفى بزواج المراهق إذا كان بإذن وليه وتحقّق منه الدخول، كما لا يعتبر ـ إضافة إلى الدخول ـ تحقّق القذف المعبر عنه بالإنزال، وإن كان الأحوط استحباباً كون الزوج بالغاً، واقتران الدخول بالإنزال. فإذا تحقّق هذا الزواج ثم فارقها زوجها بموت أو طلاق، وانقضت عدتها منه، حَلَّ لزوجها الأول أن يتزوجها ثانية.
ـ إذا تزوجت المطلَّقة غير زوجها ـ بعد طلاقها الأول أو الثاني من زوجها ـ بذلك النحو من الزواج المذكور في المسألة السابقة لم يؤثر هذا الزواج في هدم ما سبقه من الطلاق، فلو فارقها ذلك الزوج وعاد إليها زوجها الأول فطلقها مرة أو مرتين، بحيث صار مجموع طلاقها اللاحق والسابق ثلاث طلقات، حرمت على زوجها الأول ولم تَحُلَّ له إلا إذا تزوجت زواجاً ثالثاً، سواءً من زوجها الثاني أو من غيره.
ـ لا يضر بالجماع الذي يتحقّق به التحليل ما لو كان مُحرَّماً على الزوج بسبب طارىء، كأن يقاربها في الحيض، أو حال الإحرام، أو أثناء النهار من الصوم الواجب، أو نحو ذلك، فإنه رغم كونه حراماً يُكتفى به في تحقّق الدخول المعتبر في حصول التحليل.
ـ إذا كان الزوج مِطْلاَقاً، أي: كثير الطلاق لزوجته، فإن كان ـ بعد أن طلقها ثلاثاً على مقتضى النحو الأول السالف الذكر، وهو الذي يسمى بــ (الطلاق العِدِّي)، ونكحها شخص آخر ثم فارقها بموت أو طـلاق ـ قد عاد إليها (أي: زوجها الأول) فتزوجها ثم طلقها بنفس النحو ثلاث طلقات، فنكحها غيره نكاح تحليل، ثم فارقها فتزوجها زوجها الأول، فطلقها بنفس النحو ثلاث طلقات، فتم له بذلك تسع طلاقات مترتبة على النحو التالي: طلاقان رجعيان ثم طلاق بائن ثم زواج من شخص آخر، ثم طلاقان رجعيان ثم طلاق بائن ثم زواج من شخص آخر، ثم طلاقان رجعيان ثم طلاق بائن، وهو الطلاق التاسع، إذا حَدَثَ ذلك حرمت عليه مؤبداً فلم تحل له بعد ذلك. هذا إذا طلقها بما يوافق النحو الأول، أما إذا طلقها بأحد النحوين الآخرين، أي طلقها وراجعها في العدة وترك مواقعتها، ثم طلقها بهذا النحو مراراً وتكراراً، وكان يتزوجها شخص آخر بعد كل ثلاثٍ للتحليل؛ أو أنه طلقها ثم ترك مراجعتها حتى انقضت عدتها فتزوجها بعقد جديد، ثم طلقها بنفس النحو مراراً وتكراراً بعد أن كان يتزوجها شخص آخر بعد كل ثلاثٍ، أما إذا طلقها بأحد هذين النحوين مئة مرة فإنها لا تحرم عليه مؤبداً، وإن كان الأحوط استحباباً له ترك التزوج منها بعد التسع.
ـ إذا طلقها ثلاثاً فبانت منه وتفارقا، وبعد مضي مدة رغب في تزوجها، فادّعت أنها كانت ـ خلال تلك المدة ـ قد تزوجت من غيره وطلقها أو مات عنها وانقضت عدتها منه، فإن كانت المدة المنقضية من الطول بحيث يمكن حدوث ذلك فيها، وكانت المرأة غير متهمة في صدقها، جاز لزوجها الأول ترتيب الأثر على خبرها والتزوج منها بغير فحص عن حالها؛ وأما إذا كانت متهمة في ما تدعي فالأحوط وجوباً ترك التزوج بها قبل التثبت من صدقها.
ـ إذا خلا المُحلِّل بزوجته المطلقة ثلاثاً من زوجها السابق، ومضت الأيام فطلقها واعتدت منه، فلما رغب بها زوجها الأول وسألها عن حالها معه، ليرى إن كانت قد تحللت له بذلك الزواج أَوْ لاَ، ادّعت دخولَه بها، فإن صدَّقَها الزوج الثاني حلت للأول، وإن كذبها لم يكن لزوجها الأول أن يتزوجها ما لم يحصل له الاطمئنان بصدقها رغم تكذيب الثاني لها. وإذا ادعت الدخول، ثم رجعت عن ادعائها وأكدت عدم الدخول، فإن كان الرجوع قبل أن يعقد عليها زوجها الأول لم تحل له، وإن كان بعد أن عقد عليها لم يكن لرجوعها أثر واستمر الزواج صحيحاً.
ـ إذا طلق غير الإمامي من المسلمين من أتباع المذاهب الإسلامية زوجته ثلاث طلاقات في مجلس واحد، وحيث إنه يرى حرمتها حتى تنكح زوجاً غيره، يحكم بعدم صحة رجوعه إليها قبل التحليل ما دام ملتزماً برأي مذهبه في هذا المورد، وذلك إلزاماً له بما التزم به، كما وأنه يجوز للإمامي عدم الاعتداد برجوعه هذا فيصح منه التزوج من زوجته هذه بعد انقضاء عدتها، كما يجوز لمطلقته الإمامية أن ترفض الرجوع إليه وتتزوج بغيره بعد انقضاء عدتها.
نعم إذا عدل عن مذهبه إلى مذهبنا في جميع أموره أو في هذا المورد بخاصة لزمه ـ حينئذ ـ ترتيب آثار طلاق واحد مع توفر سائر الشروط الأخرى المعتبرة عندنا، من الشهود وعدم كونها في الحيض وغيرهما، فلا يحتاج في رجوعه إليها إلى محلل، ووجب على الإمامي أخذ ذلك بنظر الاعتبار.