"تشومسكي" زاره في منـزله محذّراً من العقليّة الإسرائيليّة الجنونيّة فضل الله: هناك توازنٌ لا يسمح للمجنون بالقيام بحربٍ جديدة |
رأى العلامة المرجع، السيّد محمد حسين فضل الله، أنّ العقليّة الجنونيّة التي قد تتحكّم بقادة الكيان الصهيونيّ، لا يمكن أن تندفع إلى مستوى الانتحار، مشيراً إلى أنّ ميزان القوى لا يسمح للعدوّ بالقيام بمغامرةٍ جديدةٍ ضدّ لبنان.
من جهته، رأى المفكّر الأمريكيّ "نعوم تشومسكي"، أنّه لا يمكن التنبّؤ بما قد تقوم به إسرائيل، وأنّها قد تعمد إلى العدوان والحرب إذا شعرت بأنّها محاصرة، مستفيدةً من عقدة الاضطهاد الّتي تستخدمها في مواجهة إيران.
استقبل العلامة المرجع، السيّد محمد حسين فضل الله، في منـزله بحارة حريك، المفكّر الأمريكيّ "نعوم تشومسكي"، ودار حوارٌ حول قضايا المنطقة والصّراع مع الكيان الصّهيونيّ ومستقبل المنطقة على ضوء التطوّرات الأخيرة.
ورأى المفكّر "تشومسكي" أنّه لا يمكن التنبّؤ بما قد تقوم به إسرائيل، لأنها تمتلك عقليّةً خاصّةً تجاه الآخرين, فإذا شعرت بأنَّها قد حوصرت فعلاً، فقد تعمد إلى العدوان، وقد تلجأ مجدَّداً إلى الحرب، مشيراً إلى أنَّهم "في إسرائيل يعملون على عقدة الاضطهاد"، ليزعموا أنّ إيران ومن يسير في فلكها، يعملون على تدمير إسرائيل، وبالتّالي، فلا حلّ إلا بالحرب، ولا يمكن اللّجوء مجدّداً إلى هذا الخيار إلا من خلال عقليّة الجنون التي قد تتحكّم بالكثيرين في إسرائيل، ولذلك لا بدّ من التنبّه إلى ذلك.
وردّ سماحة السيّد فضل الله، مؤكّداً وجود هذه العقليّة العدوانيّة والجنونيّة في الكيان الصّهيونيّ، ولكنّه رأى أنّ "هذا الجنون لن يدفع كيان العدوّ إلى الانتحار"، مشيراً إلى أنّ بحوزة المقاومة من الخبرات والإمكانات والاستعداد الميدانيّ والخطط الاستراتيجيّة، ما قد يقلب الطّاولة على رأس هذا الكيان، وعلى الأقلّ، فإنّ المقاومة تستطيع إرباك الواقع الصّهيونيّ وخلق مشاكل كبرى له. ولذلك، فإنّني أعتقد أنّ ميزان القوى لا يسمح للعدوّ بالقيام بمغامرةٍ جديدةٍ في لبنان، بصرف النّصر عن النّتائج الّتي ستنعكس على هذه المسألة على مستوى المنطقة... إنّنا نعرف تماماً أنّ الحرب لن تحلّ مشكلة كيان العدوّ، ولن يأتي حساب النّتائج في نهاية المطاف لمصلحته...
وقال سماحته: من خلال متابعتي لشؤون المنطقة، أجد أنّ المشكلة الكبيرة التي نعيشها تتمثّل بالسّياسة الأمريكيّة، وبارتهانها للكيان الصّهيونيّ، لأنها سياسة بعيدة عن القيم، ولا تحترم إنسانيّة الإنسان، ولا تقيم وزناً لحقوق الشّعوب، ويبدو أنّ الرّهان على تغيير حقيقيّ في السّياسة الأمريكيّة مع هذه الإدارة هو رهانٌ خاسر، على الرّغم من كلّ الأجواء الإعلاميّة والاستعراضيّة الّتي رافقت فوز "أوباما"، الّذي أثبتت التّجارب أنّه مخلصٌ ووفيٌّ للمؤسّسة الأمريكيّة الماليّة والحزبيّة الّتي قدّمته إلى أعلى مراتب السّلطة.
وأكّد سماحته أنّنا ضدّ الصّهيونيّة، ولسنا ضدّ اليهود، لأنّ القرآن الكريم اعترف باليهوديّة كدينٍ وناقشها، ونحن مستعدّون للدّخول في حوارٍ منفتحٍ مع اليهود، ولكنّ المشكلة هي في تحوّل اليهوديّة إلى حالةٍ عنصريّةٍ تحاصر الآخر وتصادر إنسانيّته وترفض الانفتاح عليه.
أضاف: إنّنا ومن خلال ذلك كلّه، نؤمن بالإنسان، ونتطلّع إلى صداقة الشّعب الأمريكيّ الّذي نفرّق بينه وبين إدارته، ونريد للصّوت الإنسانيّ المثقّف الّذي ينطلق من داخل الولايات المتّحدة الأمريكيّة، كصوت المفكّر "نعوم تشومسكي"، أن يبرز أمام العالم كلّه، كما نريد له أن يواصل هذه الحركة الواعية الّتي تفضح الظّلم الّذي تنطلق به الإدارة الأمريكيّة والكيان الصّهيوني ضدّ الشّعب الفلسطيني.
ورأى سماحته أنّ ما يقدّمه تشومسكي" من رؤيةٍ تؤكّد بناء عالمٍ جديدٍ يحمل عمق القيم ويبتعد عن التوحّش والمنفعة، يمثّل الضّوء الّذي لا بدّ من أن يشرق في نهاية المطاف، ليس في منطقتنا فحسب، بل في قلب الولايات المتّحدة الأمريكيّة، لتخرج من العقليّة الظلاميّة الّتي تعيشها، والّتي تؤكّدها الشّركات الاحتكاريّة، إلى رحاب السّياسة الإنسانيّة المنفتحة على قضايا الشّعوب.
|