استقبل وفد الرابطة الإسلامية السنية في لبنان ودعا إلى التصدّي للخطاب الديني والسياسي المتشنّج الذي يستحضر مفردات تاريخية لها حساسيتها فضل الله: مطمئن لعدم وجود أرضية لفتنة سنية شيعية في لبنان |
استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، وفد الرابطة الإسلامية السنية في لبنان، برئاسة الأستاذ حسان القطب، الذي تحدّث في البداية شاكراً السيد فضل الله على مواقفه الوحدوية، داعياً إياه بحكم تأثيره الكبير على الساحتين السنية والشيعية، إلى التدخل لوقف الخطاب المتشنّج الذي يؤجّج المشاعر، والذي يوجه العامة غرائزياً ويستهدف رموزاً ويدفع نحو الفتنة من خلال توجيه الاتهامات لطائفة هنا أو رمز هناك، ولفت في هذا الإطار إلى المساعي التي تبذلها الرابطة من خلال الزيارات واللقاءات الهادفة إلى تعميق الحوار ورفض الفتنة.
رحّب سماحته بالخطوات التي تقوم بها الرابطة لرصّ الصف الإسلامي، مشدداً على أن قوة المسلمين تكمن في وحدتهم وانفتاحهم على الآخرين من موقع الوحدة التي تؤصّل العلاقات الداخلية وتحمي الآخرين وترفض أية إساءة توجه لهم.
أضاف: إننا نواجه حرباً متعددة الخطوط، متنوعة الأبعاد والأهداف، تستهدف الإسلام في بنيانه الفكري والثقافي وفي كيانه الاجتماعي العام. وقد بدأت هذه الحرب تتحوّل إلى مشروع متكامل له مرتكزاته التي تؤسّس لها مراكز دراسات، وتشترك الدول في إداراتها، كما تنخرط فيها مؤسسات لها علاقة بالصهيونية العالمية والاستكبار الأمريكي الساعي لتدمير الإسلام كعقيدة وشريعة وكمنهج حياة من دون التمييز بين السنة والشيعة، لأن الهدف هو رأس الإسلام وليس المسمّيات المذهبية المتعددة.
وأكد سماحته: ذلك يحمّلنا جميعاً المسؤولية في أن نتصدّى للهجمة السياسية والاقتصادية التي تستهدف الإسلام وبلاد المسلمين، والتي تحوّلت إلى هجمة أمنية تمثّلت في الاحتلالات المباشرة لأكثر من بلد عربي ومسلم والاحتلالات غير المباشرة أو الاحتلالات السياسية التي هدفت إلى انتزاع قرار الأمة ومصادرته.
إننا نرى أن الهدف الأساسي من وراء ذلك كله يتمثّل في السعي لمنع العالم الإسلامي من النمو ومن سلوك طريق العلم، وقد أضيفت المسألة المذهبية كوسيلة أساسية من وسائل تقويض العالم العربي والإسلامي من الداخل، ومنعه من أن تقوم له قيامة. وللأسف فإننا نرى نماذج في السلك الديني الرسمي وغير الرسمي تنخرط في هذه المسألة من حيث أنها لم تتثقف بالإسلام جيداً، أو من حيث أنها لم ترصد حركة الهجمة الخارجية لعدم امتلاكها للحسّ السياسي الواعي، وربما لابتعاد الكثير من هؤلاء عن خط التقوى الشرعية والسياسية وما إلى ذلك...
وتابع: إنني أريد لأهلنا في لبنان ولكل من ينطلق في الخط السياسي الإسلامي أن يعي جيداً أن الدول الغربية والمحاور الخارجية لا تعمل لحساب فريق هنا وفريق هناك، لأن شغلها الشاغل هو تركيز مصالحها الاستراتيجية في بلادنا. ولذلك فإنني أعتقد بأنه ليس هنالك من أحد في بلادنا محلّ احترام حقيقي من الجهات المستكبرة، لأن هذه الجهات لا تتطلع إلا إلى مصالحها وهي حاضرة للتخلي عن هذا أو ذاك عندما تشعر بأن مصالحها تتطلب ذلك.
وأكد سماحته أنّه مطمئن إلى أنه "لا توجد أرضية لخلق فتنة سنية ـ شيعية في لبنان وإلى فشل من يسعون لذلك"... ولكن علينا، في المقابل، ألاّ ننام على حرير وألا نسمح لكل أولئك الذين يلبسون القضايا السياسية لبوساً مذهبياً، وأن نتصدى للخطاب الديني والسياسي المتشنّج والذي يدخل فيه السباب والشتائم لأن يتسلل إلى واقعنا الديني، وأن نرفض في الوقت عينه الإساءات التي تنطلق من هنا وهناك، والتي تدخل الرموز كمادة أساسية من مواد التشنّج والإثارة، لأن ذلك لا يمثل إساءة للأشخاص فحسب، بل إساءة لواقعنا، وخصوصاً أننا نلمح استخداماً للمفردات ذات الحساسية التاريخية في اللغة السياسية المستخدمة.
ورأى سماحته أن ثمة مسؤولية كبرى تقع على عاتق وسائل الإعلام التي ينبغي أن يبتعد عن سلوك الطريق الذي يؤدي إلى إثارة المزيد من العصبيات، حتى وإن اقتضى الأمر أن يتمّ التجاوز عن كثير من الخطابات التي تنطلق من خلال هذا المنبر الديني أو ذاك المنبر السياسي، لأن مصلحة البلد والناس والأمة أكبر من مصالح الأفراد والأشخاص. |