استقبال وفد جمعية "عطاء بلا حدود" فضل الله: نحن في أمسّ الحاجة إلى مَن يعمل لإنتاج الإنسان الطيّب في مواجهة من يزرع الفتن بخطابه المتحجّر وكلماته القاسية |
استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، وفداً من جمعية "عطاء بلا حدود" برئاسة الدكتور طلال حمود، وحضور عدد من الأطباء والعاملين والعاملات في الجمعية.
ووضع حمود سماحته في أجواء عمل الجمعية الذي انطلق من خلال الشعور بالمسؤولية تجاه أبناء مجتمعنا ومحيطهم، وخصوصاً الذين يعانون الإهمال المزمن في شتى شؤون حياتهم المعيشية والاجتماعية والصحية والتربوية والاقتصادية والثقافية والبيئية وغيرها.
وأكد حمود أن الجمعية تعمل لخدمة اللبنانيين جميعاً بعيداً من كل الحسابات الطائفية أو المذهبية، مشيراً إلى تعاون العاملين فيهم، وهم من كل الطوائف، على رفع الحيف والإهمال ومعالجة مشاكل الناس جميعاً في حدود إمكانات الجمعية.
وتحدّث سماحة السيد فضل الله في الوفد، مثمّراً جهود الجمعية، وقال: إن من الأهمية في مكان أن تنطلق جمعية خيرية في لبنان باندفاعةٍ إنسانية كبرى لتخدم الإنسان اللبناني، بعيداً من كل الحسابات والتساؤلات التي تتداولها الأوساط السياسية في هذه الأيام حول هويّة هذا أو ذاك... لأننا نريد للعطاء أن يتحرك في كل الاتجاهات وأن يكون كالمطر الذي يتساقط في كل مكان.
أضاف: إننا نلاحظ أن هناك في الوسط السياسي اللبناني من يبني سوراً يسجن في داخله طائفته وحزبه وجماعته ليمنعهم من الانفتاح على الآخر، ولينصب الحواجز بينهم وبين الآخرين، وليدفع بالبلد أكثر نحو العصبية التي تمثل داءً عضالاً يفتك بالبقية الباقية من إنسانه الطيب والطاهر ومن أجياله التي يراد لها أن تسلك طرق العصبية المغلقة بدلاً من أن تنفتح على أبناء الوطن كلهم.
وتابع مخاطباً وفد الجمعية: ستواجهون في عملكم هذا، الذي لا يعرف الحواجز ولا يتوقف عند الحسابات الضيقة، حصاراً من أولئك الذين يتحركون طائفياً ومذهبياً وحزبياً، لأن هؤلاء لا يريدون لأحد أن ينفتح على هذه الجهة التي يحاصرونها أو تلك... ولكنني أقول لكم تابعوا عملكم رغم قساوة الظروف وصعوبة الأوضاع، لأن الصدمات التي تواجهكم ستزيدكم صلابة، ولأن التحديات التي تعترضكم سوف تغني تجربتكم وتثري خط العطاء في مسيرتكم.
أضاف: إن عليكم أن تنطلقوا إلى الإنسان المتعب والمجهد والمكدود والمحاصر والمكلوم والمعذب من كل الطوائف لتكونوا إلى جانبه، لتمسحوا الدمعة عن وجنته، ولتفتحوا مسيرته على الصحة والخير، ولتزرعوا البسمة في الأرض التي يراد لها أن تكون مزروعة بالألغام والأحقاد والضغائن، انطلقوا إلى المرضى هنا وهناك وكونوا إلى جانبهم، واعلموا أن الله معكم لأن الله يحب النفّاعين وأحبّ الناس إليه أنفعهم لعياله، و"من أدخل على أهل بيتٍ سروراً"، ولا تستمعوا إلى كل كلمات المعاتبة أو الساخطة أو الشاتمة التي تنطلق من هذا الفريق المعقّد أو ذاك الشخص المتمرّد.. تطلعوا فقط إلى ما يحبه الله وإلى خدمة الإنسان.
وختم سماحته مؤكداً: إننا في لبنان في أمسّ الحاجة إلى من يعيد إنتاج الإنسان المحبّ والمخلص، وإلى كل من يجمع ويوحّد في مواجهة الذين يزرعون الفتن ويعملون لتعقيد حياة الناس عبر زرع الأحقاد في نفوسهم من خلال الخطاب المتحجّر والكلمات القاسية والمواقف المتشنّجة. |