أكّد سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، في تصريحٍ له، أنّ الحكومة البريطانية تواصل حركتها السياسية بالطريقة التي تجعلها تخسر ما تبقّى من رصيدها في المنطقة العربية والإسلامية، إذا كان لها من رصيد باقٍ في المجتمعات العربية والإسلامية.
وأشار سماحته إلى أن الموقع الذي تحرّك فيه رئيس هذه الحكومة، طوني بلير، والذي جعل السياسة البريطانية خاضعة للإدارة الأمريكية وعاملة وفق توجهاتها وخياراتها في الشرق الأوسط على وجه التحديد، أفقد بريطانيا دوراً كان من الممكن أن تتحرك فيه بكثير من الاستقلالية من خلال حضورها الذي كان من المفترض أن يكون مميزاً في الاتحاد الأوروبي. ولكن الذي حدث هو العكس، حيث أن التبعية البريطانية للإدارة الأمريكية ساهمت أكثر في تهميش دور الاتحاد الأوروبي في القضايا العالمية الأساسية وخصوصاً العلاقة بين الغرب والعالم الإسلامي والقضية الفلسطينية والاحتلال الأمريكي للعراق وأفغانستان وغير ذلك من القضايا.
أضاف سماحته: إن "بلير" نسّق مع الرئيس الأمريكي، بوش، في مسألة الحرب الإسرائيلية على لبنان، الأمر الذي وضع بريطانيا في موقع الشريك المساهم في هذه الحرب، وخصوصاً من خلال تسهيل مرور القنابل الأمريكية إلى إسرائيل والتي قتلت أطفال لبنان ونساءه وشبابه وشيوخه ودمرت بنيته التحتية، إضافة إلى أنها أظهرت رئيس الحكومة البريطانية كشخصية فاقدة لاستقلالها أمام ما يريده الرئيس الأمريكي وما يحقق مصالح إسرائيل وأهدافها. وقد برز ذلك في شكل واضح في المؤتمر الصحافي لبوش وبلير خلال الحرب، حيث كان الموقف واحداً في رفض التوصل إلى وقف إطلاق النار أو الوصول إلى أي حالة من حالات الهدنة التي كان من شأنها أن توقف آلة الموت الإسرائيلية في قتلها للمدنيين والأبرياء.
أضاف سماحته: لقد كنا نؤكّد دائماً أننا لا نشعر بأية عقدة حيال الشعب البريطاني الذي لا نحمّل أجياله الحاضرة المسؤولية حيال الدور الذي لعبته بريطانيا في فلسطين لجهة تمكين اليهود من السيطرة على فلسطين وطرد أهلها منها بعد المجازر الفظيعة التي ارتكبت بحقهم، ولكن أمام بريطانيا الآن في طلائعها الواعية وأقلامها الحرة وشخصياتها المستقلّة فرصة حقيقية للقيام بحركة ذات وزن من شأنها أن تعيد لبريطانيا توازنها واستقلاليتها وتقنع شعوبنا العربية والإسلامية بأن ثمّة انعطافة حقيقية في السياسة الخارجية البريطانية تأخذ في الاعتبار احترام قواعد القانون الدولي وحقوق الإنسان، سواء أكان هذا الإنسان عربياً أو مسلماً أو غربياً أو يهودياً أو مسيحياً وما إلى ذلك.
وعلّق سماحته على تصريح وزيرة الخارجية البريطانية حول حقوق الإنسان وتسجيلها على حزب الله بأنه قام بجريمة حرب بقصفه للمستوطنات الشمالية في فلسطين المحتلة من دون أن تشير إلى المجازر التي ارتكبتها إسرائيل بحقّ المئات من المدنيين اللبنانيين، فقال:
ما يُضحك الثكلى أنّ هذه الوزيرة برّرت عدم تعليقها على المجازر الإسرائيلية بضيق الوقت، وهو الأمر الذي يبعث على التساؤل عن المستوى الذي تختزنه من الاهتمام حيال إنساننا العربي أو المسلم، فضلاً عن انحيازها غير المبرّر لإسرائيل مع معرفتها المسبقة بأن المقاومة قامت بعملية ردّ فعل على المجازر الإسرائيلية وكانت في موقع الدفاع عن نفسها وعن أهلها ووطنها.
أضاف: إننا نشعر بوجود حالة من التمييز تختزنها ذهنيات هؤلاء المسؤولين ونرجو ألا تكون بعض المواقف التي انطلقت في بريطانيا مؤخراً حيال المطالبة بمراقبة الطلاب المسلمين في الجامعات من خلال أساتذتهم متماشية مع هذه الذهنيات، لأن ذلك يمثل استهدافاً مباشراً لفئة أصيلة في المجتمع البريطاني، الأمر الذي يطرح علامات استفهام كبيرة حول القانون البريطاني نفسه.