فضل الله رعى الحفل السنوي لإفطار جمعية التعليم الديني:
فقدنا رحابة الإسلام ودخلنا في زوايا العصبية
رعى سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، إفطار جمعية التعليم الديني في مدرسة البتول ـ طريق المطار، حيث أقيم حفل إفطارها السنوي بحضور نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، وممثل مفتي الجمهورية، وممثل نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، والوزير محمد فنيش ممثلاً رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، وسفير إيران في لبنان مسعود إدريسي، والنائب الدكتور حسين الحاج حسن، وممثل قائد الجيش العميد تيسير خير الدين، وممثل المدير العام للأمن العام الرائد طلال وهبي، ورئيس المجلس السياسي لحزب الله السيد إبراهيم الأمين، وحشد من الفعاليات الاجتماعية والتربوية والسياسية ولفيف من العلماء.
بعد تلاوة للقرآن الكريم، ألقى مدير عام جمعية التعليم الديني الإسلامي، الشيخ علي سنان، كلمة تحدث فيها عن إنجازات الجمعية والمدارس خلال العام الفائت، مشيراً إلى خطة النهوض التربوي والديني التي تعتمدها.. ثم ألقى سماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله، كلمة جاء فيها:
"إنّ المشكلة في التعليم المذهبي، أننا نعلِّم الناس المذهب في مفرداته ولا نعلّمهم المذهب في ثقافاته، وإننا نحدّثهم عن المذهب ولا نحدّثهم عن الإسلام في عمقه وفي حركته، ونحدّثهم عن المذهب وعن الدوائر الضيّقة التي تحصُر الإنسان في نطاقٍ ضيقٍ محدود، ومن هنا فقدنا هذه الرحابة الإسلامية في انتمائنا الإسلامي المذهبي ودخلنا في رؤيا العصبية.
وأضاف سماحته: إنّ الإسلام يُعلِّم المسلمين كلهم أن الإيمان يرتبط بالحبّ، حبّ المؤمن للمؤمن، وحبّ المؤمن للإنسان أخيه من خلال إنسانيته، لكننا حاولنا فصل المؤمن القرآني عن المسلم الذي يعيش الإسلام، فأنكرنا على المسلم الذي يتمذهب بمذهبٍ آخر في حالةٍ عقيدية أن يكون مؤمناً، وأنكرنا عليه أخوّته الإيمانية.
كما أن عيشنا لضبابية المفاهيم قد أدّى بنا إلى تضليل وتكفير كلّ من يختلف معنا في الفكر والرأي من دون أن يفسح المجال لحوارٍ عقلانيّ موضوعيّ، لأننا في واقعنا الديني ـ وبشكل عام ـ نرفض الموضوعية، ولعلّ من المؤسف أن نذكر أنّنا تعلّمنا الشتائم الثقافية والدينية من خلال الاختلاف الذي لا يقوم على الحوار والموضوعية والمعرفة. لهذا فإن القضية لم تكن فكراً نختلف فيه، وإنما هي عصبية نستهلكها، وليست محبةً يفرضها العلم ولكنّه حقدٌ يفرضه التنوّع...
وأردف: لقد أصبحنا نخاف على مجتمعاتنا أمنياً وسياسياً واجتماعياً من الدين، لا الدِّين في صفائه ونقائه، ولكن الدين الذي عبّأناه بالحقد والعداوة والبغضاء، والدّين الذي لا ينفتح فيه الإنسان على أخيه الآخر... إننا مشغولون بالمسألة السياسية وهي تمثِّل المصير، أو المسألة الأمنية التي تجتاح بلداننا، ولكن في هذا الخطّ تنطلق المسألة الثقافية، سواءٌ في تشويه صورة الإسلام في العالم، ليضعوا الحواجز أمام الدّعاة الإسلاميين في حركتهم لامتداد الدعوة الإسلامية للشعوب الأخرى، سواءٌ بالهجمة الثقافية في الغرب على الإسلام ورسوله تحت ذريعة حرية الفكر والرأي، وهو ما نراه في الصحافة ونقرأه في وسائل الإعلام، حيث باتت حرية الفكر جسراً يعبرون عليه لمهاجمة الإسلام في رسوله، والتخطيط لإسقاط الواقع الإسلامي تحت عنوان محاربة الإرهاب...
وقال سماحته: إن هذه مشكلة تهزّ الحاضر الإسلامي في سياسته واقتصاده وأمنه وثقافته، وهي تمثل الزلزال للأمة كلها على جميع المستويات. فكيف نستعد لذلك ونحافظ على استقلال اقتصادنا وسياستنا وأمننا.. في وقتٍ لا تقبل فيه أمريكا أن تناقش مفهوم الإرهاب مع أحد، حيث نشهد حملةً أمريكية على العالم الثالث والمستضعف بالذات في ما تريد أمريكا فرضه من فوضى وهيمنة تحت عنوان الديمقراطية.
وختم قائلاً: نحن مسؤولون عن الإسلام كلّه في العالم، على مستوى الدعوة والتربية والتعليم والحرب والسلم وحركة الصراع. لذلك علينا الانفتاح على الإسلام في كلّ مسؤولياته لأنه أمانة الله، وعلينا تحمّل مسؤولية الأجيال التي نريد لها التحرّك ليكون الإسلام قاعدة للفكر والعاطفة والحياة.
مكتب سماحة المرجع آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
بيروت 12 رمضان 1426هـ الموافق 15 تشرين الأول - أكتوبر 2005م
فضل الله رعى الحفل السنوي لإفطار جمعية التعليم الديني:
فقدنا رحابة الإسلام ودخلنا في زوايا العصبية
رعى سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، إفطار جمعية التعليم الديني في مدرسة البتول ـ طريق المطار، حيث أقيم حفل إفطارها السنوي بحضور نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، وممثل مفتي الجمهورية، وممثل نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، والوزير محمد فنيش ممثلاً رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، وسفير إيران في لبنان مسعود إدريسي، والنائب الدكتور حسين الحاج حسن، وممثل قائد الجيش العميد تيسير خير الدين، وممثل المدير العام للأمن العام الرائد طلال وهبي، ورئيس المجلس السياسي لحزب الله السيد إبراهيم الأمين، وحشد من الفعاليات الاجتماعية والتربوية والسياسية ولفيف من العلماء.
بعد تلاوة للقرآن الكريم، ألقى مدير عام جمعية التعليم الديني الإسلامي، الشيخ علي سنان، كلمة تحدث فيها عن إنجازات الجمعية والمدارس خلال العام الفائت، مشيراً إلى خطة النهوض التربوي والديني التي تعتمدها.. ثم ألقى سماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله، كلمة جاء فيها:
"إنّ المشكلة في التعليم المذهبي، أننا نعلِّم الناس المذهب في مفرداته ولا نعلّمهم المذهب في ثقافاته، وإننا نحدّثهم عن المذهب ولا نحدّثهم عن الإسلام في عمقه وفي حركته، ونحدّثهم عن المذهب وعن الدوائر الضيّقة التي تحصُر الإنسان في نطاقٍ ضيقٍ محدود، ومن هنا فقدنا هذه الرحابة الإسلامية في انتمائنا الإسلامي المذهبي ودخلنا في رؤيا العصبية.
وأضاف سماحته: إنّ الإسلام يُعلِّم المسلمين كلهم أن الإيمان يرتبط بالحبّ، حبّ المؤمن للمؤمن، وحبّ المؤمن للإنسان أخيه من خلال إنسانيته، لكننا حاولنا فصل المؤمن القرآني عن المسلم الذي يعيش الإسلام، فأنكرنا على المسلم الذي يتمذهب بمذهبٍ آخر في حالةٍ عقيدية أن يكون مؤمناً، وأنكرنا عليه أخوّته الإيمانية.
كما أن عيشنا لضبابية المفاهيم قد أدّى بنا إلى تضليل وتكفير كلّ من يختلف معنا في الفكر والرأي من دون أن يفسح المجال لحوارٍ عقلانيّ موضوعيّ، لأننا في واقعنا الديني ـ وبشكل عام ـ نرفض الموضوعية، ولعلّ من المؤسف أن نذكر أنّنا تعلّمنا الشتائم الثقافية والدينية من خلال الاختلاف الذي لا يقوم على الحوار والموضوعية والمعرفة. لهذا فإن القضية لم تكن فكراً نختلف فيه، وإنما هي عصبية نستهلكها، وليست محبةً يفرضها العلم ولكنّه حقدٌ يفرضه التنوّع...
وأردف: لقد أصبحنا نخاف على مجتمعاتنا أمنياً وسياسياً واجتماعياً من الدين، لا الدِّين في صفائه ونقائه، ولكن الدين الذي عبّأناه بالحقد والعداوة والبغضاء، والدّين الذي لا ينفتح فيه الإنسان على أخيه الآخر... إننا مشغولون بالمسألة السياسية وهي تمثِّل المصير، أو المسألة الأمنية التي تجتاح بلداننا، ولكن في هذا الخطّ تنطلق المسألة الثقافية، سواءٌ في تشويه صورة الإسلام في العالم، ليضعوا الحواجز أمام الدّعاة الإسلاميين في حركتهم لامتداد الدعوة الإسلامية للشعوب الأخرى، سواءٌ بالهجمة الثقافية في الغرب على الإسلام ورسوله تحت ذريعة حرية الفكر والرأي، وهو ما نراه في الصحافة ونقرأه في وسائل الإعلام، حيث باتت حرية الفكر جسراً يعبرون عليه لمهاجمة الإسلام في رسوله، والتخطيط لإسقاط الواقع الإسلامي تحت عنوان محاربة الإرهاب...
وقال سماحته: إن هذه مشكلة تهزّ الحاضر الإسلامي في سياسته واقتصاده وأمنه وثقافته، وهي تمثل الزلزال للأمة كلها على جميع المستويات. فكيف نستعد لذلك ونحافظ على استقلال اقتصادنا وسياستنا وأمننا.. في وقتٍ لا تقبل فيه أمريكا أن تناقش مفهوم الإرهاب مع أحد، حيث نشهد حملةً أمريكية على العالم الثالث والمستضعف بالذات في ما تريد أمريكا فرضه من فوضى وهيمنة تحت عنوان الديمقراطية.
وختم قائلاً: نحن مسؤولون عن الإسلام كلّه في العالم، على مستوى الدعوة والتربية والتعليم والحرب والسلم وحركة الصراع. لذلك علينا الانفتاح على الإسلام في كلّ مسؤولياته لأنه أمانة الله، وعلينا تحمّل مسؤولية الأجيال التي نريد لها التحرّك ليكون الإسلام قاعدة للفكر والعاطفة والحياة.
مكتب سماحة المرجع آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
بيروت 12 رمضان 1426هـ الموافق 15 تشرين الأول - أكتوبر 2005م