س: المفروض أن تكون العقوبة على قدر الجريمة، فهل ينسجم العدل الإلهيّ مع عقوبة الإنسان في خلوده في العذاب الأليم، مقابل معصية أو جريمة محدودة يرتكبها الإنسان في وقت محدود في هذه الحياة الدّنيا؟
وجواب..
من قال بأنَّ العقوبة لا بدّ أن تكون بحجم الجريمة إلزاماً؟ فالعقوبة تتحدَّد حسب تأثيرات الجريمة السلبيّة، وحجم الجريمة بطبيعة من تُمارَس الجريمة ضدّه. وهناك فرق بين أن تعصي إنساناً عاديّاً وبين أن تعصي الله سبحانه وتعالى، لذلك يقال لا تنظر إلى حجم جريمتك ومعصيتك، بل انظر إلى مَن عَصيت.
وهناك نقطة ثانية، فكمثلٍ تقريبي، لنفرض أنَّ شخصاً تمرّد على آخر أغرقه بنِعمه وألطافه وجميله في اللّيل والنّهار، وهو يزداد تمرّداً وبغضاً وحبّاً لأعدائه وبغضاً لأوليائه، ألا تُعتبر هذه الجريمة ذات دلالة أو دلالات نفسيّة لها مؤثّرات اجتماعيّة، ولها مؤثّرات إنسانيّة سلبية؟! لذلك فإنّ الله سبحانه وتعالى أحياناً يعتبر الجريمة أكبر من حجمها الواقعي، كما في قتل الإنسان {مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً}[المائدة: 32].
وقياساً على هذا الرأي، فلماذا يعاقَب مَن يرتكب جريمة في مدى لحظات، بالسّجن المؤبّد أو بخمس سنوات مثلاً؟! إذ يُفترض أن نحبسه دقيقة، لأنَّ الجريمة استغرقت دقيقة. ولذلك، يجب أن ندرس الجريمة وندرس دلالاتها وتأثيراتها الجانبيّة.
من هنا، فإنَّ القول بأنَّ العقوبة ينبغي أن تكون على قدر الجريمة بالمعنى المادّي والزمنيّ لا يقول به أحد.
* من كتاب "العقائد".