استشارة..
ما رأيكم بمن يقول بأنّ تربية الأطفال والاهتمام بشؤون المنزل وتدبيره، يأتي في
صورة شرط يتضمّنه عقد الزواج، وأنّ حقّ الزوج على زوجته هو فقط في حقّه الجنسي
الخاصّ؟
وجواب..
ليس هذا شرطاً ضمنيّاً كما يؤكّد ذلك سيِّدنا السيِّد الخوئي (رحمه الله)، لأنَّ
العُرف العام هو أن تقوم المرأة بهذه الأعمال طواعيةً وتبرّعاً، فهي لا تشعر في
قيامها به كما يشعر العامل تجاه صاحب العمل، بمعنى الإلزام الذي ينبع من اشتراطه
عليه، بل بلحاظ الواقع العام الذي يجعل الزّوجة تخلص لزوجها فتخدمه وترعى شؤونه.
لذلك، فإنَّ العُرف العام هو أن تقوم الزّوجة بهذه الأمور من باب إخلاصها لزوجها
وبيتها، تماماً كما يقوم الزوج في ما لا يجب عليه من الرّعاية الخارجة عن الحدود
الإلزاميّة.
إلّا إذا كانت هناك قرائن خاصّة أو شروط أو أحاديث تسبق العقد، بحيث كان العقد
مبنيّاً على هذا في التفاهم بين الزّوجين، أو في عرف خاصّ من النَّاس، بحيثُ يفهَم
معنى الإلزام عندما تقول: «زوّجتك نفسي»، أو ينشئ الوكيل الزواج بأن يقول: «زوّجتك
موكلتي»، كما لو قال: «بشرط أن تكون ملتزمةً بكلِّ الأعمال التي تقوم بها الزوجة في
البيت».
ولعلّنا نستوحي من الآية القرآنية التي تتحدّث عن وجوب دفع الأب الثّمن للأمّ
المرضعة، وهي قوله تعالى: {فإنْ أرضعْنَ لكنَّ فآتوهنَّ أجورهنَّ وأْتمروا بينكم
بمعروف} (الطلاق: 6)، أنَّ الزواج في الإسلام لا يجعل الإرضاع شرطاً ضمنياً تلزم به
المرأة، وإلاَّ فلو كان الأمر كذلك، لما جاز للأمّ أن ترفض إرضاع ولدها، مع أنَّ
مسألة الإرضاع هي من المسائل العُرفية التاريخية في كلّ المجتمعات في علاقة الأمّ
برضيعها، لذلك نقول إنَّ هذا ليس شرطاً ضمنياً، لأنَّ في العقد الواقع الخارجي، ليس
أن تقوم المرأة بالعمل بذهنيّة الالتزام العقدي، بل بذهنية الالتزام الطوعي
الإنساني.
***
مرسل الاستشارة: ..................
نوعها: اجتماعيّة.
المجيب عنها: العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله (رض)، من كتاب "فقه الحياة".