دعا الأمة للصمود والوقوف مع المقاومة الوحدة والتقوى والوعي طريق الفلاح والنصر

دعا الأمة للصمود والوقوف مع المقاومة الوحدة والتقوى والوعي طريق الفلاح والنصر

دعا الأمة للصمود والوقوف مع المقاومة
الوحدة والتقوى والوعي طريق الفلاح والنصر


ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة ، ومما جاء في الخطبة الأولى :

يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حقّ تقاته ولا تموتنّ إلا وأنتم مسلمون". في هذا الفصل من سورة آل عمران يؤكد الله تعالى للمؤمنين على عدة نقاط تتصل بحياتهم الخاصة والعامة، في السير مع الخط الإسلامي الأصيل.
ففي هذه الآية الكريمة يخاطب الله تعالى المؤمنين ليكون إيمانهم حركة في عقولهم، وعاطفة في قلوبهم، وإنطلاقة في كل حياتهم، فالله تعالى يريد للمؤمن أن يراقبه في كل أموره، بحيث لا يفكّر إلا بما يتفق مع خط الله ومع توحيده، ولا يحرك عاطفته إلا في أن يوالي من أحبّه الله ويعادي من أبغضه الله، وعندما يريد التحرك في حياته فإن عليه أن لا يقدّم رجلاً ولا يؤخّر أخرى حتى يعلم أن في ذلك لله رضى، بحيث يكون الله في عقله وقلبه وكل حياته، وهذا ما رويّ عن عليّ (ع) عندما كان يقول: "ما رأيت شيئاً إلا ورأيت الله خلفه أو معه"، بحيث يعتبر أن الوجود كله في كل مظاهره هو صورة تدلّ على الله:
ففي كل شيء له آية تدل على أنه واحد
فالله تعالى يخاطب المؤمنين: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ـ كما ينبغي أن يُتقى ويُخاف ويُراقب ـ ولا تموتنّ إلا وأنتم مسلمون"، وعلى المسلم أن يحافظ على إيمانه وإسلامه أمام كل ما قد يواجهه من الشبهات والانحرافات والتعقيدات، لأن الإنسان لا يعرف كيف تتغيّر أفكاره عندما يدخل الشيطان فيها بوساوسه، وقد ينحرف عن الخط، فقد يُصبح الرجل مؤمناً ولكنه يُمسي كافراً من خلال ما يحيط به من وساوس الشيطان ونزغاته.
ولذلك، فإن الله تعالى يريد للإنسان المؤمن أن يبقى محافظاً على إيمانه، وواعياً لكل فكر يسمعه أو يقرأه أو يواجهه في الساحة العامة، من الأفكار التي ينشرها ويبثها المضللون، أن يبقى الإنسان في خط الإيمان الى أن ينتقل الى رحاب ربه، وهذا ما لاحظناه في دعاء النبي يوسف (ع) عندما استكمل كل قضيته وعندما التقى بأبيه وأصلح بينه وبين إخوته، عند ذلك وقف النبي يوسف (ع) بين يدي الله وقال له: "ربِّ قد آتيتني من الملك وعلّمتني من تأويل الأحاديث أنت وليّ في الدنيا والآخرة توفّني مسلماً وألحقني بالصالحين"، كانت كل أمنياته أن يتوفّاه الله تعالى وهو ثابت على إسلامه، وأن يلحقه بالصالحين من الأنبياء والشهداء والصدّيقين: "وحسن اولئك رفيقا".
وهذا ما نلاحظه فيما جاءنا من الأدعية المأثورة عن أئمة أهل البيت (ع)، فنقرأ في دعاء مكارم الأخلاق للإمام زين العابدين (ع): "وعمّرني ما دام عمري بذلة في طاعتك، فإذا كان عمري مرتعاً للشيطان فاقبضني إليك قبل أن يسبقك مقتك إليّ أو يستحكم غضبك عليّ"، ونقرأ في دعاء الثلاثاء: "واجعل الحياة زيادة لي في كل خير والوفاة راحة لي من كل شر"، ونقرأ في الدعاء: "اللهم اجعل مستقبل أمري خيراً من ماضيه، وخير أعمالي خواتيمها، وخير أيامي يوم ألقاك فيه". لذلك، إن على الإنسان المؤمن أن يكون واعياً للخط الإسلامي الأصيل بأن يبقى مسلماً حتى يلاقي الله تعالى بإسلامه.
ونقرأ قوله تعالى: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ـ والاعتصام بحبل الله هو التمسك به والثبات عليه والسير على حسب كل ما يوحي به للإنسان في عالم الفكر والالتزام العملي في كل مواقعه، وقد تحدث رسول الله (ص) عن حبل الله واعتبر ان القرآن الكريم هو حبل الله: "حبل ممدود من السماء الى الأرض"، فالقرآن هو الحبل الذي لا بد للناس أن يعتصموا به أمام كل التحديات والشبهات والهزائز التي تحيط بالإنسان، ليكون حبل الله هو قاعدة الوحدة الذي يتمسك به المؤمنون في أيّ زلزال وأية هزّة وفي أيّ موقع من مواقع التحدي ـ واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء ـ قبل أن تدخلوا في الإسلام وتلتزموا به وتتآخوا على أساسه ـ فألّف بين قلوبكم ـ والله تعالى قال للنبي (ص): "لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفّت بين قلوبهم لكن الله ألّف بينهم"، فالإسلام هو الذي ربط قلوب الناس ببعضها البعض وجعلهم إخوة، وجعلهم كالجسد الواحد "إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر" ـ فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها، كذلك يبيّن الله لكم آياته لعلم تهتدون".
ويتابع الله تعالى تأكيد هذه الوحدة بين المؤمنين: "ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون"، إنها المسؤولية الكبرى التي يحمّلها الله تعالى للمؤمنين في أن ينطلقوا في ساحة الواقع ليراقبوا كل المجتمع الإسلامي، ليأمروا بالمعروف ولينهوا عن المنكر وليدعوا الى الخير كله في كل مواقع الحياة، وهذا هو خط الفلاح في الدنيا والآخرة ـ ولا تكونوا كالذين تفرّقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البيّنات وأولئك لهم عذاب عظيم"، هؤلاء الذين فرقوا دينهم شيعاً ولم يثبتوا على الحقائق الأصيلة للإسلام، ولم يثبتوا على الحقائق الأصيلة للبيّنات التي تنفتح على توحيد الله وعلى كل ما يربط الناس بالله تعالى: "يوم تبيضّ وجوه وتسودّ وجوه، فأما الذين اسودّت وجوههم اكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون، وأما الذين ابيضّت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون، تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وما الله يريد ظلماً للعالمين".
وينطلق هذا الفصل من السورة الكريمة ليجمع للمؤمنين كل العناصر الأصيلة التي تجعلهم أمة واحدة مسؤولة منفتحة على الله تعالى، مخلصة له سبحانه في توحيده في الألوهية وفي العبادة وفي الطاعة، "وفي ذلك فليتنافس المتنافسون".

الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم


عباد الله.. اتقوا الله وواجهوا الموقف من قاعدة واحدة، وحاولوا أن تكونوا النموذج الذي تحدث الله تعالى عنه: "إن الله يحبّ الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص". وعلى ضوء هذا فلا بد لكم من أن تأخذوا بأسباب الوعي لكل ما يحيط بالإسلام والمسلمين، وان تأخذوا بأسباب القوة في مواجهة الكفر والكافرين والاستكبار والمستكبرين، حتى تستطيعوا أن تحققوا النصر الكبير من خلال وحدة الموقف والمواجهة والتحدي الكبير أمام العدوان، وأمام كل من يكيد للإسلام والمسلمين، فماذا هناك:
لا تزال أمريكا تخوض الحرب ضد لبنان عسكرياً من خلال الجيش الإسرائيلي الذي تتابع تزويده بالسلاح المتطوّر، والقنابل الذكية، لتقوية قصفه للمدنيين من أطفال ونساء وشيوخ، ولِتَهْدِم بيوتهم على رؤوسهم، ولتقتلهم في سياراتهم، ولتتابع النازحين في أماكن نزوحهم التي يعتبرونها آمنة فتدمِّر الأبنية التي ينزحون إليها، ولتلاحق جمعية الصليب الأحمر اللبناني والدولي بالتهديدات القاتلة لتمنعهم من إنقاذ الناس وتقديم المعونات الحياتية إليهم، وتحذّر المواطنين من مغبة البقاء في قراهم، فإذا غادروها اصطادتهم بالطرقات في سياراتهم وفي كل وسائل الهروب..
ويبقى الرئيس الأمريكي وإدارته يتابعون المشهد اللبناني المأساوي في معاناة اللبنانيين بكل مشاعر الفرح بهذا "النصر" الإسرائيلي على البنية التحتية اللبنانية، وتقطيع أوصال لبنان، مع وعد أمريكي مستقبلي لهذا الوطن ـ شعباً وحكومة ـ بالمستقبل الديمقراطي الذي لا لا يملك فيه الشعب أية قوة ذاتية تستطيع الدفاع عنه في مواجهة العدوان الأمريكي ـ الإسرائيلي، في مقاومة صلبة شجاعة استطاعت إسقاط العنفوان الإسرائيلي الذي لم يتماسك جيشه أمام ضربات المجاهدين، لأن الأساس لدى أمريكا ـ ومعها إسرائيل ـ أن لا يملك لبنان أية قوة في مواجهة القوة الإسرائيلية، حتى أن أمريكا ليست مستعدة لتقوية الجيش اللبناني بِعُشْر ما تمنحه للعدو من الآليات العسكرية، بالرغم من حديثها المتكرر عن ذلك، وذلك حذراً من مواجهته لأيّ عدوان إسرائيلي أو اختراق لحدوده في المستقبل..
إن الرئيس بوش يحاول استغباء المجتمع الدولي الذي يقوده ويسيطر عليه، بالحديث عن أن هذه الحرب كانت بسبب خطف الجنديين الإسرائيليين الذي كان محصوراً بإمكانية إجراء عملية تبادل، كسابقاته من هذه العمليات التي كانت تستهدف التبادل بالأسرى اللبنانيين وغيرهم، في الوقت الذي يؤكد فيه كل الذين يعرفون الخطط السياسية أن مثل هذه الحروب تخضع لخطة سياسية تتصل برفض أية قوة للممانعة في العالم العربي للسياسة الأمريكية ـ الإسرائيلية، لتبقى الساحة خالية للتحرك الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط الجديد الذي أعلنت عنه وزيرة الخارجية الأمريكية، ليعبث بالعالم العربي في ثرواته وسياساته وأمنه، ولا سيما أن أمريكا لا تزال تعاني من فشلها العسكري والسياسي في احتلالها للعراق وغرقها في رماله المتحركة، وتخبّطها في بعض محاور المنطقة، بالرغم من الأنظمة الحاكمة المهيمنة على الشعوب العربية الموظّفة من قِبَل مخابراته وإداراته، لتحويل كل بلد الى سجن كبير، والى موقع لتحريك خططه في اجتياح الواقع العربي كله من أجل تنفيذ استراتيجيته المتحالفة مع الاستراتيجية الصهيونية على صعيد الجيش والمخابرات والمصالح الاقتصادية.
إن الرئيس الأمريكي وإدارته المؤلفة من الجماعات اليهودية، ومن المحافظين الجدد، ومن المسيحية المتصهيّنة في أمريكا ممن يملكون إدارة الشركات الاحتكارية المسيطرة على مقدّرات العالم العربي وثرواته، لا سيما الثروات البترولية.. إن هؤلاء يعملون على إسقاط كل موقعِ قوةٍ للعروبة والإسلام، ليبقى العالم العربي والإسلامي ساحة لمصالحهم، وليصادروا كل أوضاعه لحساباتهم وحسابات إسرائيل.. وهذا هو ما يتمثّل بعملية الإبادة الإنسانية والاقتصادية في لبنان وفلسطين والعراق بكل الوسائل الوحشية التي تواجهها شعوبنا المستضعفة.. إنها حرب أمريكا ضد لبنان وفلسطين والعراق، وليس هناك إلا المقاومة البطلة التي تواجه هذه الحرب بكل شجاعة وأصالة وقوة وثبات.
ولا تزال أمريكا تخوض الحرب الدبلوماسية السياسية ضد لبنان في مجلس الأمن، من خلال مشروع قرارها الذي هو مشروع إسرائيلي كما سمعناه من الرئيس الصهيوني وإدارته، وكما تحدّث به المندوب الأمريكي في الأمم المتحدة الذي ينطق بمنطق المندوب الصهيوني.. ومن المؤسف أن مشروع القرار الذي اتفقت عليه فرنسا مع أمريكا قد دخل في حالة تكامل بينهما، مما أساء الى الوضع اللبناني كله، لأنه يعطى إسرائيل في السلم ما لم تستطع الحصول عليه في الحرب..
ولكن أمريكا ـ مع حلفائها ـ لا تزال تحارب لمصلحة مشروعها ومشروع إسرائيل بالرغم من تقديم لبنان مشروعه الوطني الذي أجمع عليه اللبنانيون، وأيّدته الجامعة العربية من خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب في بيروت، كما أيّدته منظمة المؤتمر الإسلامي، واقتربت منه فرنسا، ولكن الجميع لا يملكون أمام أمريكا شيئاً في إصرارها على تقديم مشروعها الى مجلس الأمن للتصويت عليه من قِبَل الذين يخضعون لها سياسياً..
وربما كانت أمريكا تلعب على عنصر الزمن الذي تراهن عليه إسرائيل لتنفيذ بعض خططها العسكرية في الهجوم البرّي، من أجل تسجيل نصر ـ أيّ نصر ـ لم تستطع الحصول عليه في الميدان، لأن أمريكا التي لم توافق على وقف إطلاق النار إلا بشروطها الخاصة لا مشكلة عندها بسفك دماء اطفال لبنان وتدميره بكل مفاصله إذا كان ثمن ذلك انتصار إسرائيل وحصولها على بعض خططها في لبنان والمنطقة.. وإننا نريد للدولة ـ بكل مواقعها ـ أن تثبت في مواقع التحدي، لأن ذلك هو الذي يمنحها موقع القوة واحترام الشعب والعالم.
أما الدول العربية والإسلامية، فقد تحدثنا أكثر من مرة أنه ليس المطلوب منهم الدخول في حرب مع إسرائيل، ليتحدثوا عن حالة العجز التي تطبق على أوضاعهم، وعن النتائج السلبية لاقتصادهم في الحرب، بل المطلوب منهم القيام ببعض الضغوط الاقتصادية والسياسية التي تجعل الأمريكيين يشعرون ببعض التعقيدات في علاقاتهم بالعالم العربي والإسلامي، وليثبتوا أنهم في موقع احترام أمتهم التي تواجه حالة الإبادة في لبنان وفلسطين..
إن الشعوب تراقب حركة وفد الجامعة العربية في مجلس الأمن، وتخشى أن لا يرجع بأيّ مكسب سياسي حتى على مستوى التعديلات البسيطة للمشروع الأمريكي ـ الفرنسي لمصلحة لبنان، ليكون الموقف على مستوى النتائج موقف الهزيمة الدبلوماسية ومظهر العجز العربي الذي يُسقط الواقع كله.. إن لبنان ينتظر، والسؤال: الى متى يطول هذا الانتظار الحائر بين اليأس والأمل؟
وأخيراً، إننا نقول لشعبنا الصامد الصابر المنفتح في وعيه للمرحلة للواقع السياسي وللسياسة الأمريكية ـ الإسرائيلية: لقد أثبتَّ للعالم أنك في موقع المسؤولية الكبرى للشعب السيد الحر المستقل، الذي لم يضعف ولم يحزن ولم يهن، بل وقف بكل شموخ في موقف العنفوان الإيماني والإنساني، ولا يزال علينا ـ جميعاً ـ أن نتابع هذا الموقف في الوعي والصبر والصمود، ولنتذكّر قول الله تعالى: (إن يمسسكم قرح فقد مسّ القوم قرح مثله، وتلك الأيّام نداولها بين الناس)، (إن تكونوا تألمون فإنّهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون).
ومن جانب آخر، فإننا نقدّر لكل أطياف الشعب اللبناني وطوائفه، في صيدا وبيروت والجبل والشمال، التي استقبلت النازحين بكل سماحة وانفتاح ومحبة وكرم، مما يدل على أن اللبنانيين يعيشون القيم الروحية الإسلامية والمسيحية في علاقتهم ببعضهم البعض، الأمر الذي يوحي بأن المأساة استطاعت أن تؤكد بأن الوحدة الوطنية لا تزال واقعاً حيّاً في العقول والمشاعر والممارسات الإنسانية، ونأمل أن تمثّل هذه الوحدة الإنسانية انطلاقة في الوحدة السياسية من خلال الحوار الموضوعي العقلاني الخالي من كل التعقيدات الطائفية والمذهبية والحزبية، لأن لبنان الجديد بحاجة الى كل أبنائه، حتى مع اختلاف وجهات النظر التي تتحرك في خدمة الوطن كله بعيداً عن الزوايا الضيّقة، والزنازين المغلقة.
إن المسألة هي أن يكون لبنان وطناً للجميع، لا وطناً لأي محور إقليمي أو دولي، وأن تكون علاقتنا بالآخرين قائمة على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والسيادة والحرية والاستقلال.
وختاماً، إن على الجميع في لبنان والعالم العربي والإسلامي الوقوف مع المقاومة البطلة التي هي ـ وحدها ـ القوة الكبرى التي أعطت للبنان كرامته، وللعروبة مضمونها، وللإسلام روحيته، واستطاعت أن تعاقب العدو لأول مرة في تاريخه على جرائمه.

دعا الأمة للصمود والوقوف مع المقاومة
الوحدة والتقوى والوعي طريق الفلاح والنصر


ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة ، ومما جاء في الخطبة الأولى :

يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حقّ تقاته ولا تموتنّ إلا وأنتم مسلمون". في هذا الفصل من سورة آل عمران يؤكد الله تعالى للمؤمنين على عدة نقاط تتصل بحياتهم الخاصة والعامة، في السير مع الخط الإسلامي الأصيل.
ففي هذه الآية الكريمة يخاطب الله تعالى المؤمنين ليكون إيمانهم حركة في عقولهم، وعاطفة في قلوبهم، وإنطلاقة في كل حياتهم، فالله تعالى يريد للمؤمن أن يراقبه في كل أموره، بحيث لا يفكّر إلا بما يتفق مع خط الله ومع توحيده، ولا يحرك عاطفته إلا في أن يوالي من أحبّه الله ويعادي من أبغضه الله، وعندما يريد التحرك في حياته فإن عليه أن لا يقدّم رجلاً ولا يؤخّر أخرى حتى يعلم أن في ذلك لله رضى، بحيث يكون الله في عقله وقلبه وكل حياته، وهذا ما رويّ عن عليّ (ع) عندما كان يقول: "ما رأيت شيئاً إلا ورأيت الله خلفه أو معه"، بحيث يعتبر أن الوجود كله في كل مظاهره هو صورة تدلّ على الله:
ففي كل شيء له آية تدل على أنه واحد
فالله تعالى يخاطب المؤمنين: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ـ كما ينبغي أن يُتقى ويُخاف ويُراقب ـ ولا تموتنّ إلا وأنتم مسلمون"، وعلى المسلم أن يحافظ على إيمانه وإسلامه أمام كل ما قد يواجهه من الشبهات والانحرافات والتعقيدات، لأن الإنسان لا يعرف كيف تتغيّر أفكاره عندما يدخل الشيطان فيها بوساوسه، وقد ينحرف عن الخط، فقد يُصبح الرجل مؤمناً ولكنه يُمسي كافراً من خلال ما يحيط به من وساوس الشيطان ونزغاته.
ولذلك، فإن الله تعالى يريد للإنسان المؤمن أن يبقى محافظاً على إيمانه، وواعياً لكل فكر يسمعه أو يقرأه أو يواجهه في الساحة العامة، من الأفكار التي ينشرها ويبثها المضللون، أن يبقى الإنسان في خط الإيمان الى أن ينتقل الى رحاب ربه، وهذا ما لاحظناه في دعاء النبي يوسف (ع) عندما استكمل كل قضيته وعندما التقى بأبيه وأصلح بينه وبين إخوته، عند ذلك وقف النبي يوسف (ع) بين يدي الله وقال له: "ربِّ قد آتيتني من الملك وعلّمتني من تأويل الأحاديث أنت وليّ في الدنيا والآخرة توفّني مسلماً وألحقني بالصالحين"، كانت كل أمنياته أن يتوفّاه الله تعالى وهو ثابت على إسلامه، وأن يلحقه بالصالحين من الأنبياء والشهداء والصدّيقين: "وحسن اولئك رفيقا".
وهذا ما نلاحظه فيما جاءنا من الأدعية المأثورة عن أئمة أهل البيت (ع)، فنقرأ في دعاء مكارم الأخلاق للإمام زين العابدين (ع): "وعمّرني ما دام عمري بذلة في طاعتك، فإذا كان عمري مرتعاً للشيطان فاقبضني إليك قبل أن يسبقك مقتك إليّ أو يستحكم غضبك عليّ"، ونقرأ في دعاء الثلاثاء: "واجعل الحياة زيادة لي في كل خير والوفاة راحة لي من كل شر"، ونقرأ في الدعاء: "اللهم اجعل مستقبل أمري خيراً من ماضيه، وخير أعمالي خواتيمها، وخير أيامي يوم ألقاك فيه". لذلك، إن على الإنسان المؤمن أن يكون واعياً للخط الإسلامي الأصيل بأن يبقى مسلماً حتى يلاقي الله تعالى بإسلامه.
ونقرأ قوله تعالى: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ـ والاعتصام بحبل الله هو التمسك به والثبات عليه والسير على حسب كل ما يوحي به للإنسان في عالم الفكر والالتزام العملي في كل مواقعه، وقد تحدث رسول الله (ص) عن حبل الله واعتبر ان القرآن الكريم هو حبل الله: "حبل ممدود من السماء الى الأرض"، فالقرآن هو الحبل الذي لا بد للناس أن يعتصموا به أمام كل التحديات والشبهات والهزائز التي تحيط بالإنسان، ليكون حبل الله هو قاعدة الوحدة الذي يتمسك به المؤمنون في أيّ زلزال وأية هزّة وفي أيّ موقع من مواقع التحدي ـ واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء ـ قبل أن تدخلوا في الإسلام وتلتزموا به وتتآخوا على أساسه ـ فألّف بين قلوبكم ـ والله تعالى قال للنبي (ص): "لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفّت بين قلوبهم لكن الله ألّف بينهم"، فالإسلام هو الذي ربط قلوب الناس ببعضها البعض وجعلهم إخوة، وجعلهم كالجسد الواحد "إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر" ـ فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها، كذلك يبيّن الله لكم آياته لعلم تهتدون".
ويتابع الله تعالى تأكيد هذه الوحدة بين المؤمنين: "ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون"، إنها المسؤولية الكبرى التي يحمّلها الله تعالى للمؤمنين في أن ينطلقوا في ساحة الواقع ليراقبوا كل المجتمع الإسلامي، ليأمروا بالمعروف ولينهوا عن المنكر وليدعوا الى الخير كله في كل مواقع الحياة، وهذا هو خط الفلاح في الدنيا والآخرة ـ ولا تكونوا كالذين تفرّقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البيّنات وأولئك لهم عذاب عظيم"، هؤلاء الذين فرقوا دينهم شيعاً ولم يثبتوا على الحقائق الأصيلة للإسلام، ولم يثبتوا على الحقائق الأصيلة للبيّنات التي تنفتح على توحيد الله وعلى كل ما يربط الناس بالله تعالى: "يوم تبيضّ وجوه وتسودّ وجوه، فأما الذين اسودّت وجوههم اكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون، وأما الذين ابيضّت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون، تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وما الله يريد ظلماً للعالمين".
وينطلق هذا الفصل من السورة الكريمة ليجمع للمؤمنين كل العناصر الأصيلة التي تجعلهم أمة واحدة مسؤولة منفتحة على الله تعالى، مخلصة له سبحانه في توحيده في الألوهية وفي العبادة وفي الطاعة، "وفي ذلك فليتنافس المتنافسون".

الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم


عباد الله.. اتقوا الله وواجهوا الموقف من قاعدة واحدة، وحاولوا أن تكونوا النموذج الذي تحدث الله تعالى عنه: "إن الله يحبّ الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص". وعلى ضوء هذا فلا بد لكم من أن تأخذوا بأسباب الوعي لكل ما يحيط بالإسلام والمسلمين، وان تأخذوا بأسباب القوة في مواجهة الكفر والكافرين والاستكبار والمستكبرين، حتى تستطيعوا أن تحققوا النصر الكبير من خلال وحدة الموقف والمواجهة والتحدي الكبير أمام العدوان، وأمام كل من يكيد للإسلام والمسلمين، فماذا هناك:
لا تزال أمريكا تخوض الحرب ضد لبنان عسكرياً من خلال الجيش الإسرائيلي الذي تتابع تزويده بالسلاح المتطوّر، والقنابل الذكية، لتقوية قصفه للمدنيين من أطفال ونساء وشيوخ، ولِتَهْدِم بيوتهم على رؤوسهم، ولتقتلهم في سياراتهم، ولتتابع النازحين في أماكن نزوحهم التي يعتبرونها آمنة فتدمِّر الأبنية التي ينزحون إليها، ولتلاحق جمعية الصليب الأحمر اللبناني والدولي بالتهديدات القاتلة لتمنعهم من إنقاذ الناس وتقديم المعونات الحياتية إليهم، وتحذّر المواطنين من مغبة البقاء في قراهم، فإذا غادروها اصطادتهم بالطرقات في سياراتهم وفي كل وسائل الهروب..
ويبقى الرئيس الأمريكي وإدارته يتابعون المشهد اللبناني المأساوي في معاناة اللبنانيين بكل مشاعر الفرح بهذا "النصر" الإسرائيلي على البنية التحتية اللبنانية، وتقطيع أوصال لبنان، مع وعد أمريكي مستقبلي لهذا الوطن ـ شعباً وحكومة ـ بالمستقبل الديمقراطي الذي لا لا يملك فيه الشعب أية قوة ذاتية تستطيع الدفاع عنه في مواجهة العدوان الأمريكي ـ الإسرائيلي، في مقاومة صلبة شجاعة استطاعت إسقاط العنفوان الإسرائيلي الذي لم يتماسك جيشه أمام ضربات المجاهدين، لأن الأساس لدى أمريكا ـ ومعها إسرائيل ـ أن لا يملك لبنان أية قوة في مواجهة القوة الإسرائيلية، حتى أن أمريكا ليست مستعدة لتقوية الجيش اللبناني بِعُشْر ما تمنحه للعدو من الآليات العسكرية، بالرغم من حديثها المتكرر عن ذلك، وذلك حذراً من مواجهته لأيّ عدوان إسرائيلي أو اختراق لحدوده في المستقبل..
إن الرئيس بوش يحاول استغباء المجتمع الدولي الذي يقوده ويسيطر عليه، بالحديث عن أن هذه الحرب كانت بسبب خطف الجنديين الإسرائيليين الذي كان محصوراً بإمكانية إجراء عملية تبادل، كسابقاته من هذه العمليات التي كانت تستهدف التبادل بالأسرى اللبنانيين وغيرهم، في الوقت الذي يؤكد فيه كل الذين يعرفون الخطط السياسية أن مثل هذه الحروب تخضع لخطة سياسية تتصل برفض أية قوة للممانعة في العالم العربي للسياسة الأمريكية ـ الإسرائيلية، لتبقى الساحة خالية للتحرك الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط الجديد الذي أعلنت عنه وزيرة الخارجية الأمريكية، ليعبث بالعالم العربي في ثرواته وسياساته وأمنه، ولا سيما أن أمريكا لا تزال تعاني من فشلها العسكري والسياسي في احتلالها للعراق وغرقها في رماله المتحركة، وتخبّطها في بعض محاور المنطقة، بالرغم من الأنظمة الحاكمة المهيمنة على الشعوب العربية الموظّفة من قِبَل مخابراته وإداراته، لتحويل كل بلد الى سجن كبير، والى موقع لتحريك خططه في اجتياح الواقع العربي كله من أجل تنفيذ استراتيجيته المتحالفة مع الاستراتيجية الصهيونية على صعيد الجيش والمخابرات والمصالح الاقتصادية.
إن الرئيس الأمريكي وإدارته المؤلفة من الجماعات اليهودية، ومن المحافظين الجدد، ومن المسيحية المتصهيّنة في أمريكا ممن يملكون إدارة الشركات الاحتكارية المسيطرة على مقدّرات العالم العربي وثرواته، لا سيما الثروات البترولية.. إن هؤلاء يعملون على إسقاط كل موقعِ قوةٍ للعروبة والإسلام، ليبقى العالم العربي والإسلامي ساحة لمصالحهم، وليصادروا كل أوضاعه لحساباتهم وحسابات إسرائيل.. وهذا هو ما يتمثّل بعملية الإبادة الإنسانية والاقتصادية في لبنان وفلسطين والعراق بكل الوسائل الوحشية التي تواجهها شعوبنا المستضعفة.. إنها حرب أمريكا ضد لبنان وفلسطين والعراق، وليس هناك إلا المقاومة البطلة التي تواجه هذه الحرب بكل شجاعة وأصالة وقوة وثبات.
ولا تزال أمريكا تخوض الحرب الدبلوماسية السياسية ضد لبنان في مجلس الأمن، من خلال مشروع قرارها الذي هو مشروع إسرائيلي كما سمعناه من الرئيس الصهيوني وإدارته، وكما تحدّث به المندوب الأمريكي في الأمم المتحدة الذي ينطق بمنطق المندوب الصهيوني.. ومن المؤسف أن مشروع القرار الذي اتفقت عليه فرنسا مع أمريكا قد دخل في حالة تكامل بينهما، مما أساء الى الوضع اللبناني كله، لأنه يعطى إسرائيل في السلم ما لم تستطع الحصول عليه في الحرب..
ولكن أمريكا ـ مع حلفائها ـ لا تزال تحارب لمصلحة مشروعها ومشروع إسرائيل بالرغم من تقديم لبنان مشروعه الوطني الذي أجمع عليه اللبنانيون، وأيّدته الجامعة العربية من خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب في بيروت، كما أيّدته منظمة المؤتمر الإسلامي، واقتربت منه فرنسا، ولكن الجميع لا يملكون أمام أمريكا شيئاً في إصرارها على تقديم مشروعها الى مجلس الأمن للتصويت عليه من قِبَل الذين يخضعون لها سياسياً..
وربما كانت أمريكا تلعب على عنصر الزمن الذي تراهن عليه إسرائيل لتنفيذ بعض خططها العسكرية في الهجوم البرّي، من أجل تسجيل نصر ـ أيّ نصر ـ لم تستطع الحصول عليه في الميدان، لأن أمريكا التي لم توافق على وقف إطلاق النار إلا بشروطها الخاصة لا مشكلة عندها بسفك دماء اطفال لبنان وتدميره بكل مفاصله إذا كان ثمن ذلك انتصار إسرائيل وحصولها على بعض خططها في لبنان والمنطقة.. وإننا نريد للدولة ـ بكل مواقعها ـ أن تثبت في مواقع التحدي، لأن ذلك هو الذي يمنحها موقع القوة واحترام الشعب والعالم.
أما الدول العربية والإسلامية، فقد تحدثنا أكثر من مرة أنه ليس المطلوب منهم الدخول في حرب مع إسرائيل، ليتحدثوا عن حالة العجز التي تطبق على أوضاعهم، وعن النتائج السلبية لاقتصادهم في الحرب، بل المطلوب منهم القيام ببعض الضغوط الاقتصادية والسياسية التي تجعل الأمريكيين يشعرون ببعض التعقيدات في علاقاتهم بالعالم العربي والإسلامي، وليثبتوا أنهم في موقع احترام أمتهم التي تواجه حالة الإبادة في لبنان وفلسطين..
إن الشعوب تراقب حركة وفد الجامعة العربية في مجلس الأمن، وتخشى أن لا يرجع بأيّ مكسب سياسي حتى على مستوى التعديلات البسيطة للمشروع الأمريكي ـ الفرنسي لمصلحة لبنان، ليكون الموقف على مستوى النتائج موقف الهزيمة الدبلوماسية ومظهر العجز العربي الذي يُسقط الواقع كله.. إن لبنان ينتظر، والسؤال: الى متى يطول هذا الانتظار الحائر بين اليأس والأمل؟
وأخيراً، إننا نقول لشعبنا الصامد الصابر المنفتح في وعيه للمرحلة للواقع السياسي وللسياسة الأمريكية ـ الإسرائيلية: لقد أثبتَّ للعالم أنك في موقع المسؤولية الكبرى للشعب السيد الحر المستقل، الذي لم يضعف ولم يحزن ولم يهن، بل وقف بكل شموخ في موقف العنفوان الإيماني والإنساني، ولا يزال علينا ـ جميعاً ـ أن نتابع هذا الموقف في الوعي والصبر والصمود، ولنتذكّر قول الله تعالى: (إن يمسسكم قرح فقد مسّ القوم قرح مثله، وتلك الأيّام نداولها بين الناس)، (إن تكونوا تألمون فإنّهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون).
ومن جانب آخر، فإننا نقدّر لكل أطياف الشعب اللبناني وطوائفه، في صيدا وبيروت والجبل والشمال، التي استقبلت النازحين بكل سماحة وانفتاح ومحبة وكرم، مما يدل على أن اللبنانيين يعيشون القيم الروحية الإسلامية والمسيحية في علاقتهم ببعضهم البعض، الأمر الذي يوحي بأن المأساة استطاعت أن تؤكد بأن الوحدة الوطنية لا تزال واقعاً حيّاً في العقول والمشاعر والممارسات الإنسانية، ونأمل أن تمثّل هذه الوحدة الإنسانية انطلاقة في الوحدة السياسية من خلال الحوار الموضوعي العقلاني الخالي من كل التعقيدات الطائفية والمذهبية والحزبية، لأن لبنان الجديد بحاجة الى كل أبنائه، حتى مع اختلاف وجهات النظر التي تتحرك في خدمة الوطن كله بعيداً عن الزوايا الضيّقة، والزنازين المغلقة.
إن المسألة هي أن يكون لبنان وطناً للجميع، لا وطناً لأي محور إقليمي أو دولي، وأن تكون علاقتنا بالآخرين قائمة على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والسيادة والحرية والاستقلال.
وختاماً، إن على الجميع في لبنان والعالم العربي والإسلامي الوقوف مع المقاومة البطلة التي هي ـ وحدها ـ القوة الكبرى التي أعطت للبنان كرامته، وللعروبة مضمونها، وللإسلام روحيته، واستطاعت أن تعاقب العدو لأول مرة في تاريخه على جرائمه.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية